في عيد الشغل.. أمين عام حزب سياسي يتهم نقابات بالبيع والشراء مع الحكومة    صادرات الفوسفاط بقيمة 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025    تنفيذ قانون المالية لسنة 2025.. فائض خزينة بقيمة 5,9 مليار درهم عند متم مارس    "كان" الشباب: المنتخب المغربي ينتصر على كينيا ويشارك الصدارة مع نيجيريا قبل المباراة المرتقبة بينهما    أمطار طوفانية تغمر زاكورة.. وسيول كادت تودي بأرواح لولا تدخل المواطنين    الشرطة الإسبانية تعتقل زوجين بسبب احتجاز أطفالهما في المنزل ومنعهم من الدراسة    كلية الناظور تحتضن ندوة وطنية حول موضوع الصحة النفسية لدى الشباب    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فرنسا.. ضبط 9 أطنان من الحشيش بعد سطو مسلح على شاحنة مغربية قرب ليون (فيديو)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    نشرة إنذارية: زخات رعدية وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    كرة القدم.. برشلونة يعلن غياب مدافعه كوندي بسبب الإصابة    الكاتب الأول إدريس لشكر في تظاهرة فاتح ماي بالدارالبيضاء : البلاد «سخفانة» سياسيا ولا بد لها من ملتمس رقابة لإنعاشها    لماذا أصبحت BYD حديث كل المغاربة؟    توقيف لص من ذوي السوابق لانتشاله القبعات بشوارع طنجة    ملعب "الحسن الثاني".. تفاصيل إطلاق "الأشغال الكبرى" ب3 مليارات درهم    اجتماع كبار ممثلي الأمن في دول "بريكس" بالبرازيل    عمر هلال يبرز بمانيلا المبادرات الملكية الاستراتيجية لفائدة البلدان النامية    موخاريق: الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار .. ونرفض "قانون الإضراب"    علم إسرائيل يغضب نقابة بالمحمدية    المركزيات النقابية تحتفي بعيد الشغل    رحيل أكبر معمرة في العالم.. الراهبة البرازيلية إينا كانابارو لوكاس توفيت عن 116 عاما    اتحاد إنجلترا يبعد "التحول الجنسي" عن كرة القدم النسائية    "تكريم لامرأة شجاعة".. ماحي بينبين يروي المسار الاستثنائي لوالدته في روايته الأخيرة    حضور قوي للقضية الفلسطينية في احتجاجات فاتح ماي والنقابات تجدد التنديد بالإبادة والمطالبة بإسقاط التطبيع    باحثة إسرائيلية تكتب: لايجب أن نلوم الألمان على صمتهم على الهلوكوست.. نحن أيضا نقف متفرجين على الإبادة في غزة    المغرب يجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 9.16 مليار درهم في ثلاثة أشهر    تقرير: المغرب بين ثلاثي الصدارة الإفريقية في مكافحة التهريب.. ورتبته 53 عالميا    الحكومة تطلق خطة وطنية لمحاربة تلف الخضر والفواكه بعد الجني    تراجع طفيف تشهده أسعار المحروقات بالمغرب    أمل تيزنيت يرد على اتهامات الرشاد البرنوصي: "بلاغات مشبوهة وسيناريوهات خيالية"    المملكة المتحدة.. الإشادة بالتزام المغرب لفائدة الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل خلال نقاش بتشاتام هاوس    معرض باريس.. تدشين جناح المغرب، ضيف شرف دورة 2025    عادل سايح: روح الفريق هل التي حسمت النتيجة في النهاية    العثور على جثة مهاجر جزائري قضى غرقاً أثناء محاولته العبور إلى سبتة    تسارع نمو القروض البنكية ب3,9 في المائة في مارس وفق نشرة الإحصائيات النقدية لبنك المغرب    الإسباني لوبيتيغي يدرب منتخب قطر    السكوري بمناسبة فاتح ماي: الحكومة ملتزمة بصرف الشطر الثاني من الزيادة في الأجور    أغاثا كريستي تعود للحياة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي    دول ترسل طائرات إطفاء إلى إسرائيل    الإعلان في "ميتا" يحقق نتائج أرباح ربعية فوق التوقعات    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدعو الحكومة إلى تحسين الأجور بما يتناسب والارتفاع المضطرد للأسعار    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    أكاديمية المملكة تشيد بريادة الملك محمد السادس في الدفاع عن القدس    الدار البيضاء ترحب بشعراء 4 قارات    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مدينة بيس»..تبذير للمال العام وأزمة النقل الحضري متواصلة
مواطنون نددوا ب«طوبيسات الإهانة» ومنتخبون رددوا «لا يمكن مساعدة الشركة بأموال دافعي الضرائب»
نشر في المساء يوم 11 - 08 - 2012

هل يتعلق الأمر بأزمة فشل تهدد شركة النقل الحضري في الدار البيضاء «مدينة بيس» حتى تستحق مبلغ 30 مليار سنتيم
من الدولة المغربية لتجنيبها «السكتة القلبية»، بعدما أصبحت «عاجزة» عن ضمان استمرار تقديم هذه الخدمة، حسب ما قاله محمد ساجد، عمدة مجلس الدار البيضاء، والذي أضاف أن «المبلغ الذي سيُضَخّ حاليا في ميزانية شركة حافلات المدينة مهمّ جدا، وهو دعم كبير لوسائل النقل العمومية، من أجل استمرارية هذا المرفق، خاصة أن الشركة أصبحت عاجزة على استمرارية هذه الخدمة».. فقطاع النقل في العاصمة أصبح أشبهَ بكابوس يوميّ لا بد منه بالنسبة إلى حوالي أربعة ملايين من سكان الدار البيضاء، حيث أصبح التنقل بالنسبة إليهم، خاصة بالنسبة إلى الموظفين، «حربا باردة يومية» و«صدفة»، فقد يبتسم لك حظك كل صباح فتصل إلى مقر عملك في الوقت المحدد، وربما قد تنتظر لمدة طويلة قد تقارب الساعتين دون أن تستجيب لطلبك أي وسيلة نقل، بما في ذلك الحافلات التي تكون «مكتظة إلى حد الانفجار» والنتيجة.. طرد من العمل، وفي أحسن الأحوال، مراكمة قرارات إنذار من الإدارة، قد تنتهي، حتماً، إلى الفصل.
في قرار «فاجأ» الجميع، ضخّت الدولة، ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الداخلية، 30 مليار سنتيم في ميزانية شركة «مدينة بيس»، المفوض لها تدبير قطاع النقل الحضري في المدينة من أجل تحسين وضعية النقل الحضري في ظل الصعوبات التي أصبحت تواجهها هذه الشركة من أجل تأمين استمرارية وجودة خدمات النقل الحضري في الدار البيضاء بغاية تحسين وضعية النقل الحضري في المدينة وتأمين استمراريته في أحسن الظروف، حيث تم صباح الجمعة الماضي في ولاية الدار البيضاء التوقيع على مذكرة تفاهم تجمع، من جهة، الشركة المفوضة بتدبير النقل الحضري، ومن جهة أخرى، الدولة، ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية، وزارة الداخلية، الإدارة العامة للجماعات المحلية وولاية جهة الدار البيضاء الكبرى والسلطات المفوضة لخدمة النقل الحضري. وتهدف هذه الاتفاقية٬ إضافة إلى تجويد شروط استغلال النقل الحضري٬ إلى وضع شبكة مهيكلة من أجل تكامل خطوط الحافلات والطرامواي. كما تم تخصيص غلاف مالي بقيمة 50 مليون درهم لتمويل اقتناء نظام جديد مهيكل للتذاكر يسمح باستعمالها حسب خط الرحلة، سواء كانت حافلة أو طرامواي.
كما خصص مبلغ 200 مليون درهم لإعادة التوازن المالي للشركة المفوضة (مدينة بيس) فيما رُصِد مبلغ 60 مليون درهم لتمويل مخطط المغادرة الطوعية. وحسب مقتضيات هذا الاتفاق٬ فإن الشركة المستفيدة تتعهد بالاستثمار في تأهيل حظيرة الحافلات وتصفية وضعيتها الضريبية وترشيد تكاليف الاستغلال وتحسين صورة النقل الحضري.
صورة «قاتمة» لقطاع حساس
صرّح مواطنون ل»المساء» بأن شركة «مدينة بيس» تعاني من «إفلاس معنوي» وليس «مادي»، لأن مُستعمْليها يُؤدّون مقابلا ماديا للخدمات «اللا إنسانية» التي تُقدَّم بهم من قِبَل هذه الشركة، فهي خدمات «متواضعة جدا»، وكان الأحرى فسخ العقدة معها عوض ضخ هذا المبلغ الكبير في حسابها نظرا إلى طبيعة الخدمات المقدمة، حيث إن أغلب الحافلات في وضعية «جد مهترئة»، وهي لا تصون كرامة المواطن.. يقول عبد الإله (مستخدم في إحدى الشركات): «نحن نمتطي هذه الحافلات كرها ولو كانت لي شخصيا الإمكانيات أقسم إنّ قدماي لن تطآها، لأنها تلتهم من وقتي ومن راحتي حتى إنني أصل إلى العمل أو إلى المنزل أشبه ب»جثة»، بسبب الاكتظاظ، حيث إن الحافلة الواحدة قد تقل أزيد من 50 شخصا، حتى ينقطع بها الأوكسجين.. فأين هي كرامة المواطن هنا؟».. ففي حافلات هذه الشركة، يضيف المصدر نفسه، «تتلاشى آدميتنا ونصبح أشبهَ بالقطيع الذي يُنقَل إلى الأسواق الشعبية، والفرق بيننا أنها تنقل في شاحنات ونحن على متن «أشباه حافلات».. ووصف عبد الإله حافلات نقل المدينة بأنها مجرد «خردة» قادمة من باريس..
الاكتظاظ، طول الانتظار، حافلات مهترئة، الازدحام، عدم الالتزام بالتوقف في جميع المحطات الخاصة.. كلها تجليات لطبيعة الخدمات التي تقدمها شركة نقل المدينة لسكان العاصمة الاقتصادية، الذين يعد قطاع النقل بالنسبة إليهم «مشكلا حقيقيا يستنزف من وقتهم الكثير»، خاصة في ظل أشغال الترامواي التي تسببت في إغلاق عدد كبير من الشوارع الرئيسية، وأهمها شارع محمد الخامس.
انتظار يومي«مهين»
تحكي سعيدة، في تفاصيل ما أسمته «يوميات حزينة مع شركة نقل المدينة»، أنها تضطر خلال هذا الشهر الكريم، وهي التي تتحمل مسؤولية طفلين، إلى الاستئذان والتوسل من رب عملها، حيث تعمل في محل للتجارة لمغادرة العمل في الرابعة النصف عصرا، لأنها تعلم أنها لن تصل مبكرا إلى منزلها، الكائن بتراب عمالة سيدي عثمان. تقول: «تستغرق الحافلة حوالي الساعة، وفي أحيان كثيرة الساعتين بسبب الازدحام والمشادات، التي تحصل، أحيانا، بين الركاب وأحيانا أخرى بين المراقبين وبعض الركاب الذين يرفضون أداء قيمة تذكرة الحافلة، إذ تصل أحيانا الأمور إلى مداها عندما يمنع المراقبون الحافلة من المغادرة إلى أن تتم تسوية الأمر مع الركاب». قالت سعيدة إنها قد تنتظر قدوم الحافلة ، أحيانا، لمدة ساعة أو أكثر.. علما أنه بسبب اكتظاظ أغلب المحطات خلال وقت الذروة، حيث اقتراب موعد الإفطار، تصبح المحطات مكتظة «بشكل لا يمكن تصوره» وأن الراغب في ركوب الحافلة -إن هي توقفت في المحطة- مُطالَب ببذل مجهود عضلي لركوب الحافلة بسبب قوة الازدحام.. فالمرضى أو العجزة مثلا لا نصيب لهم في استعمال هذه الوسيلة خلال أوقات الذروة، لذلك يتوجهون نحو سيارات الأجرة الكبيرة أو الصغيرة، والتي لا تخلو، بدورها، من مشاكل، تضيف سعيدة، إذ إن أغلب سائقيها يحددون آخر نقطة سيصلون إليها مسبقا، علما أنهم ينقلون الركاب إليها في الأوقات العادية.. «يعاني قطاع النقل في الدار البيضاء صراحة من الفوضى»، تختم سعيدة.
أكدت رجاء (موظفة قاطنة بسيدي البرنوصي) أنها تنتظر الحافلة لمدة ساعة تقريبا، نظرا إلى النقص الحاصل في أعدادها على مستوى منطقة سيدي مومن، وعند قدومها فهي «تنام وتستيقظ» خلال الرحلة وهي مازالت في الطريق.. بسبب الازدحام طبعا، إن أسعفها الحظ وتمكنت من «انتزاع» مقعد بالقوة وإلا فإنها ستصل «منهكة تماما إلى منزل أسرتها»، بسبب قوة التدافع والازدحام «المُهين»، وتضيف: «نحس في الحافلة وكأننا قطيع من المواشي أو الأبقار ولسنا آدميين، ونتحمل روائح كريهة وسماع ألفاظ نابية أحيانا، ومع ذلك لا نصل إلى عملنا في الوقت المناسب، ونعود إلى منازلنا في وقت متأخر.. البيضاويون يعانون كثيرا مع النقل. وأرى شخصيا أن قرار تفويض قطاع النقل لشركة واحدة غير مناسِب في الدار البيضاء، بل من الأفضل أن يتم البحث عن حلول أخرى، فحتى الترامواي لا أظن أن أزمة النقل ستنتهي مع انطلاقه، والسبب ضيق الشوارع، التي لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة للسيارات والشاحنات».
وصرح نبيل (موظف في مؤسسة عمومية) بأنه يفضل استعمال سيارات الأجرة الكبيرة عوض «الطوبيس»، لأنه يعاني من اضطرابات في التنفس، كما أنه لا يحتمل الازدحام، إضافة إلى وضعية الحافلات العامة، التي وصفها ب»الكارثية»، والتي «تسيء إلى المواطن وتحُطّ من كرامته، إذ إن عدد الركاب يتجاوز الطاقة الاستيعابية لهذه الحافلات بالضعف أو أكثر، حتى إن أبوابَها تظل مشرعة في الغالب، مما يهدد سلامة الركاب، وأظن أنه سبق أن سُجِّلت حوادث سقوط ركاب من بعض أبواب هذه الحافلات.. والسؤال المطروح هنا هو: هل هذا ما يستحقه المواطن المغربي؟.. إننا نريد قطاع نقل عمومي بميزات وجودة عالية وليس «طوبيسات الخردة والإهانة».. شخصيا يستحيل ان أركب الحافلة حتى ولو تطلب الأمر استعمال سيارة أجرة صغيرة بسعر كبير، حفاظا على سلامتي وراحتي فأنا أضطر أجحيانا إلى ركوب سيارة أجرة صغيرة أؤدي خلالها حوالي 50 درهما في اليوم، وهو مبلغ ليس بمقدوري تحمّلُه بصراحة ولكنّ الأمر ضروري».
مستخدمون «مضطهدون»
استهلت نقابات عمال ومستخدمي شركة «نقل «المدينة» في الدار البيضاء هذا العام بإضراب عام لمدة 24 ساعة، في الأسبوع الأول من يناير الماضي، وما زالت الاحتجاجات تنظم بين الفينة والأخرى احتجاجا على أوضاع العمال المتعاقدين في بعض المراكز مثل بنمسيك والبرنوصي والقدس والمعاريف. كما أن قرار الإضراب جاء لمطالبة الإدارة بالزيادة في الأجور وتوفير بطاقات الركوب العائلية واحترام ساعات العمل المنصوص عليها في مدونة الشغل والتعويض القانوني عن الساعات الإضافية والإجازة المرضية والتصريح بحوادث الشغل وتوحيد عقد الشغل.. في ظل شروط الاستغلال المفرط المفروضة على العمال. وصرّح نقابيون ل»المساء» بأن إدارة شركة نقل المدينة أقدمت على توقيف وطرد مجموعة من العمال والتضييق على الحريات النقابية منذ توليها تسيير هذا القطاع. كما نددوا بما وصفوه ب»الاستغلال البشع للعمال من خلال تشغيلهم لساعات طويلة والإجهاز على مجموعة من المُكتسَبات مقابل أجور «جد هزيلة» لا تكفيهم لسد ضروريات الحياة»، حسب المصادر ذاتها. كما ندد بعض العمال بما وصفوه ب«عدم احترام ساعات العمل كما تنص على ذلك المادة ال184 من قانون الشغل، أي 44 ساعة في الأسبوع، ورفض التعويض عن الساعات الإضافية طبقا لقانون الشغل، والتعويض عن الأعياد الدينية والوطنية بنسبة 25 في المائة فقط، وعقد المجالس التأديبية المفبركة للتخلص من العمال، حتى دون تطبيق المادة ال62 من قانون الشغل، التي تقضي بتمكين العامل من الدفاع عن نفسه وعدم احترام جدولة العطلة السنوية». كما أضافوا أنهم «يُجبَرون» على «الاشتغال في حافلات تفتقر إلى الظروف الملائمة للعمل، مما يُشكّل خطرا على العامل و المواطن (زجاج مكسور، فرامل ضعيفة، حالة ميكانيكية سيئة».. مؤكدين أنه «يتم إهدار كرامة العامل وتحديدا الجباة والسائقون (التوقيف، الإمضاء على محاضر بيضاء).. كما طالبوا الجهات العليا المسؤولة بفتح تحقيق في هذه الاختلالات وفي غيرها وبضمان حقوقهم كاملة وصون كرامتهم وآدميتهم.
احتجاج ضد منحة 30 مليار سنتيم
اعتبرت بعض المصادر المطلعة أن «الدعم المخصص لهذه الشركة هو محاولة لإنقاذها من الفشل»، وأضافت أن «هذه الطريقة تدل على فشل التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري». من جهة أخرى، اعتبر مصدر آخر أن «هذه الخطوة جاءت بسبب عدم الاضطرار إلى الرفع من ثمن التذاكر وكذا لتحسين ظروف النقل الحضري على مستوى المدينة». وانتفض بعض المُنتخَبين في المدينة ضد هذه المنحة «السخيّة» لشركة «مدينة بيس»، مؤكدين أنه لا يعقل أن تُضخّ أموال إضافية في ميزانية شركة تدبر أمور قطاع النقل الحضري في الدار البيضاء.
وقال مصدر مطلع إنه «من غير المعقول منح ما يزيد على 30 مليار سنتيم لشركة خاصة تدبر أمور النقل الحضري»، مؤكدا أنه «لا يمكن مساعدة الشركة بأموال دافعي الضرائب». فيما أكد مصدر آخر ل«المساء» أنه ليس عاديا أن تقرر الدولة منح دعم مالي لشركة «مدينة بيس»، معتبرا أنه كان حريا التفكير الجدي في الأسباب التي جعلت هذه الشركة تصل إلى هذه الدرجة التي صارت فيها محتاجة إلى تدخل الدولة»، وتابع قائلا: «لقد حان الوقت من أجل صياغة إستراتيجة للنقل الحضري في المدينة عوض اللجوء في كل مرة إلى منطق تقديم الدعم، فهذا أمر غير معقول».
ومن المتوقع أن تثير مسألة المصادقة على مذكرة منح 30 مليارا لشركة «مدينة بيس» نقاشا واسعا في الدورة المقبلة لمجلس مدينة الدار البيضاء، حيث سيكون المستشارون مدعوّين إلى المصادقة على هذه الاتفاقية، وهو الأمر الذي لا يستسيغه العديد من المُنتخَبين، وقال أحدهم ل«المساء»: «من المفروض قبْل التوقيع على الاتفاقيات أن يصادق المجلس عليها، ولكن العكس هو الذي يحصل في مجلس المدينة، ففي كل مرة يجد المستشارون أنفسهم مدعوين إلى المصادقة على بعض الاتفاقيات التي وُقِّعت سلفا».
وفي هذا السياق، أكد العمدة محمد ساجد، خلال مراسم توقيع اتفاقية منح 30 مليار سنتيم لشركة «مدينة بيس»، أن الاتفاقية تتضمن شرط مصادقة المجلس عليها.


التدبير المفوض
دخلت الدار البيضاء، منذ سنة 2004، تجربة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري، في محاولة لحل مشكلة النقل في المدينة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا، بسبب عدم قدرة شركة «مدينة بيس» على حل هذه المعضلة، وهو الأمر الذي جعل مجموعة من المستشارين يؤكدون خلال دورات عديدة للمجلس على مراجعة العقد الموقع مع هذه الشركة أو فسخه بصفة كلية، لأنها، كما يقولون، «لا تحترم دفتر التحملات الموقع بينها وبين السلطة المفوضة». فمنذ توقيع مجلس المدينة على عقد التدبير المفوض، والشروع في العمل ابتداء من فاتح نونبر 2004، حيث حصلت مؤسسة نقل المدينة على الترخيص لتسيير قطاع النقل الحضري لمدة 15 سنة، استبشر المواطنون خيرا إلا أنه مع مرور الوقت تبيّنَ أن مشاكل النقل مشاكل النقل في الدار البيضاء ما زالت مستمرة (الاكتظاظ، وعدم احترام الأوقات، غياب النظافة داخل الحافلات، زجاج مكسور، كراس متهالكة تلحق الأضرار بالركاب). وقال أحد المنتخبين في مجلس المدينة إن «شركة مدينة بيس التي عهد إليها تسيير قطاع النقل العمومي لم تحترم العديد من الالتزامات، حيث التزمت الشركة بتعزيز النقل العمومي في المدينة بحوالي 171 حافلة خلال السنة الأولى وب126حافلة خلال السنة الثانية، وهو ما لم تف به الشركة، حيث لم تتم تغطية سوى 50 في المائة من أصل 146خطا متفقا عليها».


مسؤولون يبررون المنحة
قال امحند العنصر، وزير الداخلية، الذي حضر مراسيم توقيع الاتفاقية الخاصة بمنح 30 مليار لشركة «مدينة بيس»، يوم الجمعة الماضي، إنه «لا بد من التفكير في تحسين النقل بدون وقوع هفوات»، وأضاف أن «المهم لا يتجلى في ضخ هذا المبلغ، ولكنْ في الانكباب حول الطرق الكفيلة لتحسين أداء وسائل النقل ضمن منظومة شمولية تستحضر كل وسائل النقل في المدينة».
كما اعتبر العمدة محمد ساجد أنه «لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي تلعبه الحافلات في منظومة النقل على مستوى الدار البيضاء، وقال «رغم المشاريع التي تتم حاليا في الدار البيضاء بخصوص شبكة النقل الحضري، فإن للحافلات دورا كبيرا وتعتبر العمود الفقري في هذه الشبكة، على اعتبار أن عدد مستعملي هذه الحافلات يفوق 250 ألف راكب يوميا، كما أن حافلات المدينة توظف 4500 مستخدم».
واعترف محمد ساجد بوجود مشاكل على مستوى حافلات المدينة، وأوضح أن السلطات العمومية قدمت، في 2010، دعما لفائدة هذه الشركة لشراء حافلات جديدة وتمويل الشق الاجتماعي الخاص بفئة المُستخدَمين، وقال إن «المبلغ الذي سيضخ حاليا في ميزانية شركة حافلات المدينة مهمّ جدا، وهو دعم كبير لوسائل النقل العمومية، من أجل استمرارية هذا المرفق، خاصة أن الشركة أصبحت عاجزة على استمرارية هذه الخدمة».
من جهته، ذكر والي جهة الدار البيضاء الكبرى، محمد بوسعيد، أن إعادة هيكلة النقل العمومي كانت تمثل انشغالا مستمرا ويوميا بالنسبة إلى السلطات والمُنتخَبين والمواطنين. وأضاف الوالي أن حاجيات التنقل في الدار البيضاء ما تنفك تتزايد، خصوصا مع توسع المدينة والدينامية الاقتصادية التي تعرفها، مبرزا أن هذا الاتفاق يأتي قبل أشهر من انطلاق الترامواي الذي سيخفف ويطور النقل الحضري في الدار البيضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.