أخنوش: التنظيم المشترك لمونديال 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    ميناء الحسيمة : انخفاض طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من العام الجاري    انطلاق الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط عقب فترة راحة بيولوجية    التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب (أخنوش)    "مرحبا 2025".. 14 يوليوز سجل ذروة عودة المغاربة المقيمين بالخارج بعبور 68 ألفا و976 فردا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    العثور على جثة طبيبة شابة بضواحي تازة والزوج في دائرة الاتهام    390 محكوما ب"الإرهاب" بالمغرب يستفيدون من برنامج "مصالحة"    بأمر من المحكمة الجنائية الدولية.. ألمانيا تعتقل ليبيا متهما بارتكاب جرائم حرب وتعذيب جنسي    نادي الهلال السعودي يجدد عقد ياسين بونو حتى 2028    فيلدا : كل التركيز منصب على الفوز ومالي تطورت كثيرا    اتحاديو فرنسا يرفضون إعادة إنتاج "الأزمة" داخل الاتحاد الاشتراكي    حرارة الصيف تشعل أسعار الدجاج وتحذيرات من الأسوأ    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    البيت الأبيض يكشف: ترامب مصاب بمرض مزمن في الأوردة الدموية    سقوط من أعلى طابق ينهي حياة شاب في طنجة    هولندا.. مصرع امرأة بعد اعتداء داخل منزلها وتوقيف شريكها للتحقيق    كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الكتاب والأدباء والإعلاميين وصناع المحتوى..    حزمة عقوبات أوروبية تستهدف روسيا        حرب خفية على المنتجات المغربية داخل أوروبا.. والطماطم في قلب العاصفة    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    إحباط تهريب الشيرا ضواحي الجديدة    قاضي التحقيق يودع ثلاثة موظفين سجن عكاشة بملف سمسرة قضائية    ترامب يهدد صحيفة أمريكية بالقضاء    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بلاغ صحفي تمديد استثنائي لآجال التصريح والأداء عبر بوابة "ضمانكم" برسم شهر يونيو 2025    جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    بورصة البيضاء .. أداء سلبي في تداولات الافتتاح    مجلس النواب ينتظر صدور قرار المحكمة الدستورية بشأن دستورية قانون المسطرة المدنية    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        لوفيغارو الفرنسية: المغرب وجهة مثالية لقضاء عطلة صيفية جيدة        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب بالناظور، وسليمان أزواغ رئيسا للمجلس الإقليمي    مغني الراب سنوب دوغ يدخل عالم الاستثمار الكروي عبر بوابة سوانسي سيتي الانجليزي    الرابطة المغربية تنظم لقاء دوليا بمالقا لمواجهة تصاعد خطابات الكراهية ضد المهاجرين    البنك الدولي: 64% من المغاربة تعرضوا لكوارث طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبيل يعيد إحياء العملة المغربية على مدارات تاريخية قديمة
فنان عصامي يرسم بالنقود
نشر في المساء يوم 22 - 07 - 2009

منذ عرضه في إطار جماعي سنة 2001 إلى آخر عروضه الفردية في شهر مارس المنصرم بدار الفنون بالبيضاء، عرفت أبحاث جبيل الفنية تطورا ملحوظا على مستوى مضامين لوحاته، حيث يقدم هذه المرة تصورا رمزيا شديد الارتباط بالاهتمامات الحالية عوض الطقوس الصوفية التي ظلت تشكل أساس اهتماماته سابقا.
هو الآن يرسم النقود المغربية العتيقة استعدادا لمعرضه المقبل الذي سيرى النور في بداية الموسم الثقافي،وفي هذه الأعمال يمزج جبيل بين الألوان المضيئة واللمسات الضبابية والانطباعية كخلفية تزيينية تظهر بجلاء القطع النقدية في مركز اللوحة وكأنها منبثقة من متحف مختص في عرض النقود المنقرضة لإبرازه لخاصيات القدَم على مستوى الشكل والمضمون.
اكتشف جبيل الشكل الدائري بالصدفة في لوحاته المتسمة بالطابع الصوفي، الذي أوحى إليه بالشكل الدائري للقطع النقدية، وهو ما حفزه لتناول هذا الموضوع الذي أسنده بدعامات مستديرة أيضا، ليحصل على تناغم فني بين الإطار ومضمونه.
القطع النقدية بشتى إشكالها تحكى لنا التاريخ بطريقتها الخاصة، بل هي شاهد أساسي على عصرها. فالعملة صورة مركزة حول السلطة، ومعبر رئيسي عن قوتها الرمزية وعن مجدها في مرحلة من مراحل التاريخ.
جبيل واع بذلك، عند اختياره لهذا الموضوع، ويفكر، حسب تصريحه ل«المساء» في الاشتغال مستقبلا على جميع أنواع العملات المغربية على مدار التاريخ المغربي القديم والحديث، حيث يعمل في هذا السياق على جمع ما أمكن من العملات قبل أن يتجه نحو المتاحف. والمتأمل في طريقة اشتغال هذا الفنان على مواد كيماوية مع اعتماده النار في تذويب الألوان وصهرها فوق القماش وفق درجات حرارة متنوعة للحصول على مبتغاه، ينتابه الانطباع بأن جبيل مختص»في ضرب العملة»، وفي نفس الآن باعث لمرحلة خلت من ماضينا التاريخي (العشرينيات، الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي).
قطع نقدية يعيد إليها لمعانها الفضي أو الذهبي محافظا بذلك على أشكالها الماضية وبما رسخ فيها من بصمات الدهر ومن تقادم. قطع ليست فقط محط اهتمام الهواة بل ترتبط بالتراث الوطني وتحدتنا عن حنين إلى فترات وقيم ولت بدون رجعة. رغم ذلك فهي تؤرخ بشكل من الأشكال لسلالة ملوك حكموا المغرب.
المقاصد التشكيلية التي وردت في عمل جبيل تلمح إلى جوانب عاطفية مشرقة، تنتج قيمة فنية، وتعيد للناس نقاشا حميميا حول أثر هذه القطع في حياتهم الاجتماعية والتجارية، وفرص هاربة وأخرى منجزة، وتحولات مستوى العيش...
قطع جبيل النقدية يمكن اعتبارها أيضا ذات طابع تبريري بامتياز، خصوصا وأن الموضوع المتطرق إليه وإن كان ذا طابع رسمي، فنادرا ما استثمره المبدعون. وفي هذا الإطار يعمل الفنان وفق أحجام كبرى متبنيا تصورا ارتساميا وتمثيليا يصل مداه وجماله إلى عين القلب مباشرة.
من ناحية أخرى فهي مقاربة وثائقية موثوق في تفاصيلها، وفي هذه الأعمال لم يبرح جبيل كفنان عصامي تقنيته المعهودة في مزج الملموس المادي بالمتخيل الزاخر. فهو يلجأ دائما إلى تلك الألوان سواء ذات الاتجاه القاتم أو البياض الخافت ذي الأشكال المعدنية الصلبة والخفيفة في نفس الوقت، ويتعامل مع اللوحة بتقنيات عصرية (صقل، فرك، توليف.. إلخ).
حساسيته للتفاصيل الهندسية والأشكال المعبرة، تعطى انطباعا ممتعا للعين شافيا للغليل. فأعماله تتميز دوما بأشكالها الهوياتية، متعديا بذلك الإطار الفطري. يصاحبها بحث حقيقي عن الهوية، عن الذات، عن معنى الحياة وإن كان ذلك البحث لا يخلو من قلق في التصور.
فإذا كانت النقود تحمل بنيات فيزيائية، فإنها تحيل على بنيات اجتماعية، اقتصادية، فكرية، محكومة بالتحول والتطور والموت، تحيل على تاريخ من الصفقات والمعاملات والتبادل التجاري والسلعي وفق مقارنة وقياس، وتمثلات نفسية وفكرية تعكس التحولات المجتمعية والتاريخية، تلك هي النقود، نتداولها كل يوم وكل وقت، نشترى ونبيع، نحسب بها مقدار الربح أو الخسارة، نخاف عليها ونوفرها.. ونحتاج إليها فنُنْفق منها.. ولم يكن هذا التطور أيضا مفصولا عن شكلها الفني وجماليتها الصناعية، من هنا تأتي أهمية اشتغال اليزيد على هذا المجال الرمزي.
وباختياره لمجال رمزي متجذر في التاريخ يعطى جبيل اليزيد دفعة قوية لفنه المشرف والذي يعد بالكثير، خاصة وأنه من النوع الذي يصر على العمل على مدار الأسبوع بمعدل ثمان ساعات إلى تسع، تقوده عصاميته وخبرته العملية كصانع إطارات تعامل مع أكبر الفنانين المغاربة، ليجد نفسه في مرحلة معينة منجذبا إلى الصباغة يعيد خربشات الطفولة، ورسومات تلميذ في القسم لم يكن يحسن إلا هذا الفعل، ليغادر المدرسة وهو لا يعرف فك الحروف. وإلى حد الساعة، وإن كان يتقن الرسم الحروفي، عربيا وفرنسيا، اعتمادا على المشاهدة، فقد وجد نفسه في يوم من الأيام يرسم لأبنائه ما كان يرسمه في الصغر، وتبعا لمهنته سيلج مجال التشكيل ليطور تجربته محاولة تلو محاولة. وبفضل الاحتكاك بتجارب الآخرين بلور اليزيد أسلوبه الخاص، ليقدم مجموعة من الأعمال ضمن معارض جماعية وفردية أثارت الانتباه وحظيت بالاعتراف، وهو ما شكل له دعامة معنوية أثرت عطاءه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.