مجلس حقوق الإنسان .. أربعون دولة تجدد تأكيد دعمها للسيادة التامة والكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية    ترامب يقول إنه يريد "نهاية فعلية" للنزاع بين إسرائيل وإيران "وليس وقف إطلاق نار"    40 دولة تجدد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء في مجلس حقوق الإنسان    سعر النفط يواصل الصعود وسط مخاوف من امتداد الصراع في الشرق الأوسط    المغرب في معرض لوبورجيه بحثا عن شراكات لمواكبة دينامية تحديث قطاعه الجوي (قيوح)    مزور: الحكومة انتقت أزيد من 1800 مشروع لتعزيز السيادة الصناعية وخلق قرابة 180 ألف منصب شغل    أخنوش والسعدي يعطيان انطلاقة المناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ببن جرير        المغرب يرسخ ريادته الدولية في مكافحة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش        رسميا.. العصبة الاحترافية تكشف عن موعد انطلاق الموسم الكروي المقبل    سجن وتغريم 4 أشخاص بسبب الإساءة العنصرية لفينيسيوس    اللجنة المركزية للاستئناف تحسم رسمياً في صعود شباب الريف الحسيمي إلى القسم الأول هواة    نشرة إنذارية…زخات رعدية بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    سطات تطلق مشروعا لإنشاء 30 محطة لتحلية المياه لمواجهة الإجهاد المائي    محكمة الاستئناف تحدد موعد النطق بالحكم في قضية الصحفي حميد المهدوي    موازين 2025… أزمة توزيع المنصات تثير استياء الجمهور    تحذيرات من الداخلية لرؤساء الجماعات بسبب تعثر مصالح المواطنين    الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    افتتاح القنصلية العامة للمغرب بميامي    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    برشلونة يعزز تصنيفه الائتماني ويترقب زيادة إيراداته بعد العودة إلى كامب نو    توقيف فرنسيان حاولا تهريب 79 كيلوغراما من الحشيش عبر باب سبتة            مايس... الرابور الفرنسي يُشعل المنصات برسالة قوية دفاعًا عن مغربية الصحراء    مجموعة السبع تؤكد على"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتعارض امتلاك إيران لسلاح نووي    ليس بينها المغرب.. 20 دولة عربية وإسلامية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران وتحذر من التصعيد    د محمد صبري : الصيدلة دعامة أساسية في الرعاية الصحية القريبة من المواطن..    وليد الركراكي.. بين فورة الغضب ومتطلبات البناء الوطني    احتجاجات مرتقبة لموظفي التعليم العالي بسبب تعثر المصادقة على النظام الأساسي    تطوان تحتفي بعبق الموسيقى التراثية في أول ملتقى جهوي يحتفي بعبد الصادق شقارة    إيران والجزائر... محور الاضطراب الذي يؤجج بؤر التوتر في العالمين العربي والإفريقي    أعمدة كهربائية تُشوّه جمالية شوارع مدينة الجديدة: محمد الرافعي وإبراهيم الروداني في الواجهة .    "نقاش الأحرار".. برادة يكشف جهود الحكومة لرفع أعداد "مدارس الريادة" والحد من الهدر المدرسي    ثنائية فلامنغو تهزم الترجي التونسي    طنجة.. الإطاحة بلص خطير متورط في 16 سرقة قرب الكورنيش    ترامب يضع إيران أمام خيارين أحلاهما مرّ    حزب الله يدين استهداف إعلام إيران    قائمة شركات طيران علقت رحلاتها جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران    السينما والتاريخ شعار الدورة الثانية لأيام وزان السينمائية    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوادر الممارسة الصحافية في ظل الحرب الأهلية
نشر في المساء يوم 15 - 02 - 2008

بلال الحسن صحافي ومناضل فلسطيني، عائلته وسيرة حياته فصل هام في كتاب الحركة الوطنية الفلسطينية. أخوه خالد من كبار قادة الثورة ومنظري فتح، وأخوه الثاني هاني الحسن كان من أكثر الناس قربا من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وظل إلى جانبه إلى أن مات أو قتل.. وبلال قلم صحافي أسس السفير، وأطلق اليوم السابع، ومازال يكتب ليذكر بفلسطين ويتذكر رموزها.. علاقة عائلة الحسن بالمغرب علاقة خاصة.. وهنا يروي بلال أحد جوانبها غير المعروفة.. لنتابع...
- وما هي قصة انتقالك إلى جريدة «الحرية»، وهي الجريدة الرسمية الناطقة باسم حركة القوميين العرب؟
< انتقالي إلى هذه الجريدة تزامن مع وجود جدل داخل هذه الحركة بين تيارين: تيار تقدمي وتيار قومي. هذا الجدل عكس صفحات جريدة «الحرية». بمعنى أن الإرهاصات الأولى لهذا الانشقاق داخل الحركة كان صداه يبدو في ما ينشر داخل الجريدة الحرية. وتم تتويج هذه الإرهاصات بتأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكنت واحدا من الذين قادوا الانشقاق وأصبحت عضوا بالمكتب السياسي للجبهة. وفي سنة 1969، التحقت الجبهة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبموجب ذلك سأصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة ممثلا للجبهة. وبعد مدة، اضطررت إلى أن أستقيل من هذه المهام سواء داخل اللجنة التنفيذية للمنظمة أو داخل الجبهة، لأنتقل إلى العمل في مركز الأبحاث الفلسطينية. وبعد سنتين من الأشغال في هذا المركز، تأسست جريدة «السفير»، وكان واحد من مؤسسيها طلال سلمان الذي اشتغلت إلى جانبه في جريدة «الحرية». وطبعا، اتصل بي طلال سلمان واقترح علي العمل معه، فوافقت بدون تردد لأني أحب العمل الصحفي وأكره العمل المتعلق بالبحث (يضحك...)، وإلى الآن أكتب أبحاثا وأنا كاره لها. وكثيرا ما يسألونني عندما أحل ضيفا على برنامج تلفزيوني: «ما هي الصفة التي تحب أن نقدمك بها إلى الجمهور؟»، فيكون جوابي دائما: «أنا صحافي وبس»، لأن هذه الصفة هي الأهم بالنسبة إلي. وأحيانا يقال لي لا بد أن نضيف شيئا إلى صفتك الصحفية، فأقول لهم مازحا: «أنا صحافي، وإذا أردتم أن تضيفوا صفة أخرى، فلا بأس أن تقولوا: «نستضيف الصحافي أهم مفكر عربي»، (يضحك...). ولهذا أنا أعتبر صفة صحافي صفة مشرفة كثيرا وتغني عن أي صفة أخرى، وليس ضروريا أن نقرنها بصفات أخرى، كأن نقول الدكتور الصحافي والمحلل السياسي.
- كم قضيت من سنة في جريدة «السفير»؟
< قضيت في هذه الجريدة 9 سنوات، من سنة 1974 إلى 1982، فقد اشتغلت فيها قبل صدورها لأن طلال سلمان أوكل إلي في هذه الفترة ما قبل الصدور مهمة تأسيس هيكل الجريدة والإطار التي ستشغل فيه.
- بمعنى أنك عشت في جريدة «السفير» أحداثا كبرى شهدتها الساحة اللبنانية كالحرب الأهلية وحصار بيروت. فما الذي تحتفظ به ذاكرتك من هذه الأحداث؟
< هناك أحداث في تاريخ لبنان لم تكتب عنها الصحافة اللبنانية أي شيء. ومن هذه الأشياء التي لم تكتب إلى حد الآن: كيف تعاملت الصحف اللبنانية مع الحرب، لأن الحرب ليست فقط إطلاق نار، بل ينجم عنها انقطاع الماء والكهرباء والبنزين. ومرت علينا لحظات في جريدة «السفير» لم نكن نملك فيها سوى 20 لترا من البنزين، وفي الوقت نفسه كنا مطالبين بإنجاز مهام صحفية، وهذا كان يطرح صعوبات جمة: فهذا صحافي يريد 5 لترات من البنزين للذهاب إلى البرلمان وآخر يريد أن يذهب إلى نقطة أخرى وهو في حاجة إلى 5 لترات أخرى من البنزين..
وفي الحرب الأهلية ينقطع الكهرباء، فنضطر إلى كتابة مقالاتنا على ضوء الشموع، وبانقطاع الكهرباء تتعطل قنوات التواصل مع العالم الخارجي، فتجد نفسك والحالة هذه صحافيا لكن بدون أخبار. وهكذا، اضطررنا إلى الاشتغال بأجهزة لاسلكية، فأخذنا نلتقط أخبار الفصائل المتناحرة بهذه الأجهزة اللاسلكية حتى قبل أن تصدر في بيانات رسمية عنها، وكنا نعرف عدد القتلى التي تم الإعلان عنهم وعدد الذين لم يعلن عنهم، وكنا نفاجئ هذه الفصائل بهذه الحقائق دون أن تدرك أننا كنا نلتقط ما يدور بين أفرادها من تبادل للمعلومات والأخبار عبر الاتصالات اللاسلكية. وأتمنى أن يعود غيري إلى كتابة مجريات أحداث هذه الحقبة من تاريخ الصحافة في لبنان، لأن مثل هذه القضايا المنسية في ثنايا الماضي قد تنفع حاضر ومستقبل الصحافة اللبنانية.
فأن تشتغل في صحيفة تعتمد أجهزة اللاسلكي في الحصول على الأخبار، أمر مذهل جدا، لماذا؟ لأننا كنا نعرف قبل قرابة نصف ساعة أو ساعة أن فصيلا معينا سينفذ هجوما ضد خصمه في نقطة ما. وكنا نعرف أنه بعد ساعتين سيبدأ القصف على منطقة معينة. فهذه كانت تجربة نادرة عشناها في جريدة «السفير»، قد لا تتكرر في أية مؤسسة إعلامية. وكانت أحيانا تحدث أشياء طريفة جدا ونحن نتواصل بهذه الأجهزة اللاسلكية. وأذكر في هذا المنحى أنه حدث مع كميل شمعون، وهو زعيم لبناني معروف وكان وقتها وزير دفاع، أن حوصر قصره الموجود على الطريق الرابطة بين بيروت وصيدا من طرف مقاتلي دروز جنبلاط. وأمام هذا المأزق، أراد شمعون إرسال قوات عسكرية بدبابات لفك الحصار عن قصره. وفي الطريق إلى القصر عند منطقة تسمى «الأوزاع»، تعرضت دبابة عسكرية إلى عطب اضطرت معه كل القافلة العسكرية إلى التوقف، حينها سمعنا صوتا عبر جهاز اللاسلكي يسأل قائد القافلة العسكرية «ماذا حصل؟». وطبعا استطعنا أن نعرف أن صاحب هذا الصوت هو وزير الدفاع كميل شمعون لأننا كنا نتوفر على شريط له.
وعندما أخبر قائد القافلة العسكرية شمعون بأن سبب توقف القافلة ناتج عن عطب في دبابة عسكرية، فإن الأخير، أي كميل شمعون، طلب منه أن يصلح العطب بسرعة لتنفيذ المهمة، وهي رفع الحصار عن القصر. وكان قائد القافلة العسكرية يقول له، بين الفينة والأخرى، إنه وجد صعوبة في إصلاح العطب، فيما كان شمعون يرد عليه بصرامة: «لازم تتحرك بسرعة، ليس لدينا وقت». وهذا أمر مهم جدا أن تلتقط مباشرة صوت وزير دفاع وهو يصرخ بأعلى صوته ويدعو جنوده إلى التحرك والسرعة، لكن مع ذلك لم يفلح قائد الرتل العسكري، وهو ضابط مسيحي، في إصلاح الدبابة، رغم عدة محاولات قام بها جندي موجود مع الرتل مكلف بمثل هذه المهام. فغضب شمعون وقال لقائد الرتل: «ليش مبتصلحش الدبابة؟»، فقال له القائد: «قلت لك يا سيدي اصبر علي». وهذه واحدة من الطرائف التي كانت تحدث من حين إلى آخر عندما كنا نشتغل بنظام اللاسلكي في جريدة «السفير». ولا أدري ما إذا كان هذا الشريط المتضمن لهذا الحوار الدائر بين شمعون وواحد من جنوده مازال في أرشيف الجريدة أم لا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.