العصبة الاحترافية تعلن تغيير موعد مباراة الوداد واتحاد طنجة    برلماني: بعض المطاحن تطحن "الورق" مع الدقيق ليأكله المغاربة.. ولا مراقبة على 16 مليار درهم المخصصة للدعم    "أمازون" تستغني عن خدمات 14 ألف موظف وتتجه إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    مجلس الأمن.. إجماع دولي تاريخي يكرّس مغربية الصحراء ويفرض عزلة على خصوم المملكة    القضاء الفرنسي يحاكم 10 أشخاص ادعوا أن بريجيت ماكرون كانت رجلاً    ريال مدريد يعلن خضوع كارفخال لعملية جراحية ناجحة    إغلاق نهائي لسجن عين برجة بسبب تدهور بنيانه وخطورته على النزلاء    الإعصار "ميليسا" يهدد حياة 1.6 مليون طفل في منطقة البحر الكاريبي    شوكي: المعارضة تائهة سياسيا وتعيش على الأكاذيب وتزييف الحقائق لمهاجمة الحكومة    الاتحاد الإفريقي يدين "فظائع الفاشر"    11 قتيلا في تحطم طائرة صغيرة بكينيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    مايكروسوفت: المغرب ثالث أكثر الدول الإفريقية تعرضا للهجمات السيبرانية    الدار البيضاء تحتضن تتويج ثلاث سنوات من الشراكة الإحصائية بين إفريقيا وأوروبا    السياقة الاستعراضية والاعتداء على شرطي يوقف متهورين بالدار البيضاء    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية:أضواء على صفحات منسية من تاريخ الحركة الأدبية بالمغرب، من خلال سيرة الشاعر أحمد الزعيمي وديوانه المحقق..    صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (8)    عبد الإله المجدوبي.. العرائشي الذي أعاد للذاكرة دفئها وللمكان روحه    تنزيل خطة العمل الوطنية للحكومة المنفتحة 2024-2027    الأداء الإيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    قيوح: نعمل على اقتناء 168 قطارا جديدا بينها 18 قطارًا فائق السرعة    مكناس.. تحسيس النساء القرويات بفوائد الرضاعة الطبيعية    تفاصيل البرنامج الوطني لتكوين 30 ألف شاب في الحرف التقليدية    فضيحة تحكيمية تهز كرة القدم التركية    لحظة الحسم في الصحراء.. من احتكار الدولة إلى التشاور الوطني    إنجازات كرة القدم المغربية تلهم مصر    بورصة الدار البيضاء تستعيد التوازن    تعديل الكربون.. آلية أوروبية تضع الشراكة مع المغرب في اختبار صعب    ولد الرشيد يتباحث مع سفراء بلدان آسيا-المحيط الهادي المعتمدين بالمغرب    تنفيذا لما جاء في مشروع مالية 2026.. الحكومة تكثف جهودها لإدماج الشباب والنساء في سوق الشغل    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن الدول ال 30 الأفضل سمعة في العالم    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    صلاح وحكيمي ضمن ترشيحات "فيفبرو"    بدوان تحمل العلم الوطني في المرحلة 11 "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء"    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    بريطانيا تجدد التأكيد على دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    إقبال متزايد على برنامج دعم السكن..    المغرب يتوفر على إمكانات "مهمة" للنهوض بفلاحة مستدامة (ممثل الفاو)    طنجة وتطوان تدخلان عصر النقل الذكي بعد استقبال 56 حافلة عصرية ضمن المرحلة الأولى    تقرير أممي يتهم أكثر من 60 دولة بينها المغرب بالمشاركة أو التواطؤ في إبادة غزة    المغرب وإسبانيا يعززان تعاونهما لمواجهة آثار التغير المناخي    أمن طنجة يوقف سائق عربة لنقل العمال دهس سائق دراجة نارية ولاذ بالفرار    الكاتب المغربي سعيد بوكرامي مرشحا لنيل جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة 2025    المدافع باعوف ضمن اللائحة الأولية لأسود الأطلس    في قلب بنسليمان..مهرجان عيطة الشاوية يرى النور في مدينة المونديال    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    يضم نقوشا صخرية وقبورا جنائزية.. مطالب بحماية موقع أثري بكلميم من التخريب    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    فاطمة عاطف.. تكريم بطعم المواويل    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في عقيدة لزمن الشؤم.. العروي بين “التقليدانية” و”التاريخانية”!
نشر في اليوم 24 يوم 07 - 05 - 2019

لماذا اختار العروي، بعد مسار عمري طويل، أن تكون وصيته الفكرية التي يتوج بها إنتاجه الفكري والمعرفي الغزير، عبارة عن تأملات في الكتاب العزيز؟ ما دلالة ذلك عند مفكر كبير ظل وفيا لشعاره الخالد «التاريخانية»، باعتبارها مفتاح تحررنا من التأخر التاريخي، والتحاقنا بركب التقدم الحضاري والرقي الإنساني، الذي ليس شيئا، سوى تحقيق الغرب في ديارنا؟
وماهي المسوغات التاريخية والقيمية التي تجعل العروي يعتبر الإسلام الأول هو مهد هذا الغرب والحضارة الغربية المعاصرة؟ ولماذا اختار العروي أسلوب الرسالة لبث بنود وصيته هذه، التي وسمها ب»عقيدة لزمن الشؤم»؟ ولماذا اختار النطق على لسان امرأة؟ هل لأن المرأة ، بحكم ما تكابده من أشكال المنع والميز، في عالمنا، أقرب إلى الحقيقة كما يعتقد؟ هذه وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي سنحاول إثارتها ونحن نتأمل في «عقيدة» العروي التي استخلصها من معايشته للقرآن الكريم.
يعتبر العروي نفسه فيلسوفا، ولا متكلما، ولا حتى مؤرخا “همه الوحيد استحضار الواقعة كما وقعت في زمن معين وفي مكان معين” (السنة والإصلاح ص 6). لكن إذا لم يكن أي واحد من هؤلاء، أي لم يرفع يوما لا راية الفلسفة، ولا راية الدين، ولا راية التاريخ، فما عساه أن يكون؟
والجواب هو أن العروي ظل وفيا لشعاره الأثير، “التاريخانية”، في وقت، لم يعد فيه أحد يقبل أحد إضافة اسمه إلى هذه النزعة الفكرية، من شدة ما تعرضت له من تفنيد وتسفيه من طرف خصومها الشرسين. وقد طرحت صحيفة “la revue economia” سؤالا يتعلق بهذه المسألة، في حوار لها مع عبدالله العروي، أجرته سنه 2008، قامت جريدة المساء بترجمته، فكان جوابه عبارة عن سؤال استنكاري، عبر عنه كما يلي:
«وما الذي أتت به اللاتاريخانية؟»؛ ليجيب مباشرة بعد ذلك جازما أن ما يسميه ب”اللاتاريخانية” لم تفدنا في شيء؛ سوى أنها هيأت “سرير التقليدانية في معناها القح وصيغتها الصلبة”. إذ نشهد عودة قوية للمجتمعات الغربية، وفي مقدمتها بلد فولتير، فرنسا، إلى اكتشاف أنها مجتمعات دينية؛ وصرنا، يضيف قائلا، نسمع يساريين سابقين ينتقدون غياب التعالي والمقدس، ولا يكف فلاسفة عن “الحديث عن وجود بنية ضمنية” ويقصدون بها فكرة “الانسجام الإلهي”.
هل معنى هذا أن العروي يقف موقفا معارضا لكل قول ثيولوجي؟ الجواب طبعا لا، فهو يعترف، في حواره المشار إليه أعلاه، أنه يقضي وقتا طويلا في دراسة التيولوجيا والاستفادة منها، لكنها، وبتعبيره الخاص، “ثيولوجيا متبناة”، وليست “ثيوصوفية مخجلة أو مهربة”.
وهو حينما يرفض اعتبار نفسه فيلسوفا، أو متكلما،أو ثيولوجيا، أومؤرخا حقيقيا، فذلك من باب التواضع عنده، وعدم ادعاء القدرة على إلزام “الحقيقة المطلقة الانكشاف أمامه مهما ملك من وسيلة في سبيل ذلك”. فما يمكن أن ينكشف أمام المفكر، الباحث، المدقق، “ما هو إلا حقيقة نسبية، مشتركة، مقتسمة”. وهذه الحقيقة هي التي يسِمها العروي ب”الحقيقة الموضوعية” التي هي نتيجة مواضعة واتفاق أو “صفقة، تسمح لنا بالتعايش في الحياة”.
يرفض العروي الفلسفة التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، يرفض الوثوقية والدوغمائية، وهو بذلك يتبنى فلسفة نقدية، منفتحة على النسبية والاختلاف والتعددية، فلسفة تواجه الواقع، ولا تتعالى عليه، ولا تفر من أسئلته، كما أن العروي لا يرفض الكلام في العقيدة، أي الثيولوجيا، ولكنها ثيولوجية جديدية، أو علم كلام جديد، لا يقوم على منطق “الفرقة الناجية”، ولا ينتصر إلا للحقيقة في نسبيتها وتعدديتها واختلافها، وفي هذا الصدد تجدر الإشارة، إلى أن العروي غالبا ما يستعمل لفظة الفلسفة بمعنى الميتافيزيقا، وهو يعلن عن هذا صراحة، حيث كتب في أحد هوامش كتاب السنة والإصلاح، قائلا: “نعني هنا وفي كل ما يلي بلفظ فلسفة الميتافيزيقا، وبعلم الكلام المجادلة في ذات الله حسب قواعد المنطق. لا نعني البتة فلسفة الدين”.
وهذا يعني أن العروي يعطي مكانة معينة لفلسفة الدين، بل إن الغرض الأساسي والمعلن من طرفه، والذي دفعه إلى تعريب موعظة الجبل في كتاب “دين الفطرة” هو وضع اللبنات الأساسية لفلسفة الدين في مجتمعنا العلمي العربي – الإسلامي.
وإذن، انطلاقا من هذه الرؤية الفلسفية النقدية والمنفتحة، حاول العروي أن يبني تصورا عقديا خاصا به، وسمه ب”عقيدة لزمن الشؤم”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.