ليبيريا تجدد تأكيد دعمها للسيادة والوحدة الترابية للمغرب    افتتاح أشغال الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا بالرباط    بايتاس…الحكومة تعمل على مضاعفة استيراد أضاحي العيد قياسا بالعام الماضي    كأس أمم إفريقيا للفوتسال .. المغرب يواجه ليبيا وعينه على الاقتراب من لقبه القاري الثالث    توقيف ثلاثة أشخاص لتورطهم في الاتجار في المخدرات والإعتداء على شرطي    الحكومة ترفض التعليق على تعثر استكمال هياكل مجلس النواب    هل تغير أميركا موقفها بشأن عضوية فلسطين بالأمم المتحدة؟    منافس بركة على الأمانة العامة للاستقلال يدعو إلى مناظرة إعلامية    هاته هي الأسماء التي تم تعيينها اليوم في مناصب عليا بالمجلس الحكومي    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    العربية للطيران المغرب تدشن قاعدتها الجوية الجديدة بتطوان    تفويت مستشفيات عمومية بالشمال للخواص يجر وزير الصحة للمساءلة البرلمانية    تعزيز النظم الزراعية والغذائية محور مباحثات بين صديقي والمدير العام لمنظمة الفاو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    سفيان رحيمي يعتلي صدارة هدافي دوري أبطال آسيا    لماذا رفض لاعبان من ريال مدريد تسديد الركلات الترجيحية ضد مانشستر سيتي؟    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار        هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    سفيرة المغرب بإسبانيا تعلن عن التزام الرباط بإعادة فتح المعابر التجارية مع مليلية وسبتة رغم التأخيرات    اليوم العالمي للتراث .. مناسبة لإبراز غنى الموروث الثقافي الوطني المادي واللامادي    نهضة بركان يشد اليوم الرحال إلى الجزائر لمواجهة اتحاد العاصمة في كأس "الكاف"    الدار البيضاء.. افتتاح معرض تشكيلي جماعي بعنوان : «التنوع المختزل في الريشة الإبداعية»    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بعد أمطار غير مسبوقة    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    البنك الدولي .. التوترات والمديونية تزيد ضبابية مستقبل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    إحباط محاولة تهريب 116 ألفا و605 أقراص مهلوسة إلى داخل التراب الوطني    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    أما ‬حان ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬أن ‬ينهي ‬هذا ‬المسلسل ‬؟    الحكومة ‬المغربية ‬تؤكد مآل ‬تجديد ‬اتفاقية ‬الصيد ‬البحري    استطلاع: الأسرة المغربية غير قادرة على حماية أطفالها من مخاطر "التواصل الاجتماعي"    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    ما العلاقة التي تربط المغربية كريمة غيث بنجم الزمالك المصري؟    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة    موهبة كروية جديدة تُشغل الصراع بين المغرب والجزائر    تحداو ظروف الحرب وخرجو يبدلو الجو.. مئات الفلسطنيين قصدو البحر فغزة باش يستمتعو بالما والشمش (فيديو)        لماذا أصدرت شركة أبل تحديثاً لهواتفها يعالج الرمز التعبيري للعلم الفلسطيني؟    حماس: لن نسلم الأسرى الإسرائيليين إلا بصفقة حقيقية    نشرة الأخبار: رقم قياسي في الملل    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    أرقام رسمية.. 3000 مغربي مصاب بمرض "الهيموفيليا" الوراثي وها شنو موجدة وزارة الصحة لهاد النزيف الدموي    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسماعيل حمودي يكتب: التكنوقراط مرة أخرى
نشر في اليوم 24 يوم 15 - 05 - 2020

في زحمة مواجهة كورونا، بما تتطلبه من إجماع وتعالٍ عن الجزئيات، اختار البعض هذه الأيام إحياء النقاش حول جدلية التكنوقراطي والسياسي، من خلال التنويه بفعالية الأول في مواجهة الفيروس، والتنقيص من دور الثاني وكفاءته، بل وربط اسمه بما هو سلبي، والمثال الذي يقدمونه هو عثرة وزير العدل مع قانون تكميم الأفواه، والخروج الإعلامي الأخير لرئيس الحكومة.
إلى حد الآن، لم يكشف الذين بعثوا هذا النقاش من مرقده في زحمة كورونا خلفياتهم، ماذا يريدون بالضبط؟ لكن ربط بعض المقالات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي بعضها ببعض، يوحي بأن هذا البعض يريد أن يجعل من لحظة مواجهة كورونا، لحظة لتصفية الحسابات مع السياسة كذلك. إنهم يريدون التكنوقراط ليس للإسهام في تدبير الجائحة فقط، بل لكونهم جوابا محتملا عن الفترة اللاحقة عليها كذلك، خصوصا أن انتخابات 2021 على الأبواب.
سيكون من الشجاعة أن يمضي أصحاب هذا المنطق إلى نهايته، ويدفعوا بالتكنوقراطيين المفضلين لدهم، وهم وزير الداخلية السيد عبد الوافي الفتيت، ووزير الاقتصاد والمالية السيد محمد بنشعبون، وزير التجارة والصناعة السيد حفيظ العلمي، نحو تأسيس حزب سياسي يليق بهؤلاء التكنوقراط. إن المنطق والوضوح السياسي يقتضيان من الجهات التي تريد السيطرة على السياسة باستخدام التكنوقراط، المضي إلى النهاية، ولا أعتقد أن هناك ما يمنعهم من ذلك، حتى يكون النقاش حول كفاءة التكنوقراطي وضعف السياسي متوفرا على الحد الأدنى من المعقولية والجدية.
بل إن الحاجة إلى التوازن السياسي في المرحلة المقبلة ربما تقتضي خوض مثل هذه المبادرة، لسببين على الأقل؛ الأول، استمرار حزب العدالة والتنمية قوة سياسية وتنظيمية دون منافس حقيقي، ما يؤهله للفوز في الانتخابات المقبلة بسهولة، وهو ما يزعج هذه الجهات بالضبط التي تطبّل لأداء التكنوقراط وتنقّص من أداء السياسي؛ وثانيا، بسبب سحب الرهان على السيد عزيز أخنوش لأسباب غير مفهومة حتى الآن من لدن هذه الجهات أو من غيرها.
لكن، يبدو أن هؤلاء ليست لديهم الجرأة الكافية لخوض هذه المغامرة، أي دفع التكنوقراط المبجلين لديهم هذه الأيام إلى تأسيس حزب سياسي يملأ الفراغ السياسي كما يتصورونه. لماذا؟ لأنهم يدركون، جيدا، أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستأتي على المستقبل السياسي لهؤلاء التكنوقراط. والدليل على ذلك، أنه سبق «صبغ» بعضهم بألوان أحزاب سياسية عشية تشكيل الحكومة الحالية أو سابقاتها، للاستوزار باسمها، منهم، على سبيل المثال، وزير المالية والاقتصاد الحالي، ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي الحالي، وهي ممارسة جرت مع وزراء سابقين أيضا، بينهم وزير داخلية سابق، لكن، لا يبدو أن التحاق هؤلاء التكنوقراط بالأحزاب التي انتموا إليها خلف أثرا سياسيا يستحق أن تفتخر به تلك الجهات التي تطبّل للتكنوقراط اليوم. وإذا كان أثر هؤلاء التكنوقراط على أحزابهم لا يكاد يذكر، فكيف يمكنهم خوض تجربة سياسية حزبية من الصفر وينجحوا فيها؟
لهذا، يبدو لي أن إثارة النقاش حول التكنوقراطي والسياسي في الظرفية الحالية ليست من الحكمة في شيء، ومن يسعى إلى ذلك، إنما يريد كسر الإجماع الوطني بشأن مواجهة فيروس كورونا، لأنني أتوقع أن الكثير من قيادات الأحزاب السياسية تلزم الصمت حاليا لإحساسها بالمسؤولية تجاه الظرفية التي يمر بها الوطن فقط، وإلا فإن ضربة واحدة نحو «التلاعبات» في موضوع الكمامات، والتي لا بد أن تنفجر في يوم ما، والاعتقالات المبالغ فيها للمواطنين في ظل العجز عن توصيل الدعم المالي لكل من يستحقه، كافية لكي تعيد كل التراشق السياسي السابق على كورونا إلى الواجهة من جديد.
لدي فرضيتان إزاء هذا النقاش؛ الأولى أن النقاش المتكرر حول التكنوقراطي والسياسي مرتبط بطبيعة نظامنا السياسي، القائم في جوهره على المزاوجة بين الشرعية التقليدية والشرعية الانتخابية، ما يسمح ببروز عصبة التكنوقراطيين فاعلا يستثمر هذه الازدواجية لصالحه، من خلال تعزيز الطرف الأقوى، أي الشرعية التقليدية، وهو منطق «برغماتي» -حتى لا أقول إنه انتهازي- يناقض طبيعة التكنوقراط كونهم خريجي المدارس التقنية الحديثة. الفرضية الثانية، وهي سليلة الفرضية الأولى، تؤكد أن التوفر على حكومة منبثقة من الشعب وتمتلك كل السلطة التنفيذية، سيجعل التكنوقراط ملزمين، في حال رغبتهم في القيام بأي دور سياسي، بالمرور حتما عبر حزب سياسي قائم أو تأسيسه. وفي انتظار ذلك، سيظل النقاش حول «كفاءة التكنوقراط»، مع تبخيس كفاءة السياسي، مجرد نقاش، الغرض منه تدوير الكلام لإخفاء النقاش الحقيقي، أي الطريق نحو دمقرطة القرار السياسي والاقتصادي والاستراتيجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.