بمجرد ما تستتب الأوضاع للقادة السياسيين، يشرعون في التخلص من خصومهم الداخليين. في كل حزب مغربي، على ما يبدو، هناك «بيريا»(Lavrentiï Beria) واقف خلف الزعيم، متأبطا قوائم الأعضاء الذين ينبغي إبعادهم أو إقصاؤهم. «بيريا» كان اليد الخشنة لستالين في هدر دم كل من يشك في ولائه داخل الحزب. وفي العادة، لا يحتاج «بيريا»، في أي حزب، سوى إلى تغذية وساوس الزعيم. في ما مضى، كانت هذه الأعمال تقاد بشكل مباشر وبعنف كبير. جرى التخلص من المعارضين للقادة بواسطة طلب قوات الشرطة، كما حدث في الاتحاد الاشتراكي الذي تخفف ممن سيصبحون لاحقا مؤسسين لحزب الطليعة، أو باستعمال قبضة اليد كما كان يفعل حزب الاستقلال في عهد حميد شباط. لكن، رغم كل شيء، تطورت الأحزاب، واختلقت موقفا يلائم مزاجا أخلاقيا متنورا، حيث يصبح التخلص من المعارضين من أعمال الضرورة فحسب. تخلص حزب الاستقلال من وزيره في التربية الوطنيةبسبب معارضته قرار التخلي عن المشاركة في الحكومة. بعده، وللأسبابنفسها، طرد حزب التقدم والاشتراكية وزيره في الصحة. كان هذا الوزير يخطط لزرع حركة تصحيحية في حزبه. وأسوأ ما يحدث للمعارضين هو أن يقودوا الحركات التصحيحية، فمثل ما يحدث في الانقلابات، إذا نجحوا يتحولون إلى قادة، كما حدث لصلاح الدين مزوار عام 2010 في حزب التجمع الوطني للأحرار، وإذا فشلوا، فإنهم يتعرضون للزوال. كان عبد الرحيم بوعيدة رئيس جهة، وعضوا بارزا في «الأحرار»، ثم قرر أن يواجه رئيس حزبه وشكل لجنة للإصلاح، ولسوفيطرده مسؤول صغير دون أي ترتيبات شكلية لائقة. بعيدا، وفي الحزب الاشتراكي الموحد، يشعر عمر بلافريج، وهو نجم هذا الحزب في البرلمان، بالمرارة وقد أُبعد بشكل تام. ينظر بلافريج إلى نفسه مطرودا. ليس هناك مجال للتنافس في النجومية بعد الآن في ذلك الحزب.على العكس منه، قررت اعتماد الزاهيدي أن تملأ الصحف صخبا حول علاقتها المضطربة برئيس جماعة. قرر الحزب تجميد عضويتها، وهي ردت باستقالة نهائية. نتيجة حتمية للعبة مكشوفة. تنشئ الأحزاب محاكمها الخاصة، لكنها تستخدمها، في الغالب، لمحاكمة أولئك الذين يزعجون القيادة. جيش من السياسيين يقبع في السجن بتهم الفساد، أو أدينوا به وهم لايزالون طلقاء، لكنهم محظوظون لأن أحزابهم أغفلت إدانتهم أيضا. السبب: إنهم قابلون للتدوير.