بينما تشتد درجات الحرارة في مناطق الشمال خلال أشهر الصيف، يتحول حوض اللوكوس المائي، وغيره من السدود والأنهار، إلى ملاذ غير رسمي للعشرات من الشباب الباحثين عن بعض الانتعاش، غير مدركين أن متعتهم العابرة قد تنتهي بمأساة. فمع كل موسم صيف، يتجدد هاجس الغرق الذي يتربص بالمغامرين الذين يسبحون في مياه غير مخصصة لهذا الغرض، دون وجود حواجز أو إشارات تحذيرية أو وسائل للإنقاذ. وتشكل هذه الظاهرة مصدر قلق للسلطات المحلية ووكالات الأحواض المائية، التي تطلق كل سنة حملات توعية تدعو فيها إلى تفادي السباحة في الأحواض والسدود. لكن على الأرض، لا شيء يمنع المراهقين من القفز من على الصخور أو الغطس في زوايا منعزلة من بحيرات لا يُعرف عمقها، وغالبًا ما تتسم بتيارات خفية ومياه موحلة يصعب الإفلات منها في حال الانجراف. في حوض اللوكوس، الذي يمتد على مساحة شاسعة بين العرائش والقصر الكبير، تزداد خطورة الوضع بفعل تداخله مع مجارٍ مائية صغيرة وقنوات تصريف، بعضها يستخدم في أغراض فلاحية. ورغم تحذيرات متكررة من إدارة الحوض المائي، إلا أن مشاهد الأطفال وهم يسبحون بلا أي إشراف أو حماية تظل جزءًا مألوفًا من صيف المناطق القروية والمحيطة بالضفاف. ويقول مصدر من جماعة الساحل، فضل عدم كشف اسمه، إن "العطش إلى المتنفسات الترفيهية هو ما يدفع هؤلاء الأطفال إلى ركوب الخطر"، مشيرا إلى أن أغلبهم ينحدرون من أوساط فقيرة ولا يملكون ترف الذهاب إلى الشواطئ أو المسابح المؤدى عنها. وفي كثير من الحالات، لا تصل أخبار الغرقى إلى الإعلام إلا بعد تدخل الدرك الملكي أو عناصر الوقاية المدنية، وغالبًا ما تكون الاستجابة متأخرة بسبب بعد المسافة أو صعوبة الوصول إلى مكان الحادث. وتكشف إحصائيات غير رسمية عن تسجيل عشرات حالات الغرق سنويًا في مناطق مثل حوض اللوكوس، سد واد المخازن، ووادي ورغة، ومعظم الضحايا يكونون من القاصرين. وكانت وكالة الحوض المائي للوكوس قد أطلقت، رفقة عدد من الشركاء، حملات توعية تستهدف الساكنة المجاورة للسدود، داعية إلى عدم السباحة في هذه المواقع، التي تُعد في الأصل بنى تحتية تقنية مخصصة لتخزين المياه وتوليد الطاقة أو سقي الأراضي، لا فضاءات ترفيهية. ورغم أهمية هذه الحملات، إلا أن غياب بدائل حقيقية للترفيه، خاصة في المناطق القروية، يجعلها محدودة الأثر. كما أن غياب المراقبة الدائمة وافتقار هذه الأحواض لأي بنية أمنية أو إسعافية يضاعف من هشاشة الوضع، ويحوّل السباحة في مياهها إلى مغامرة قد لا تنتهي بالنجاة. وفي انتظار بلورة سياسة تروم خلق فضاءات آمنة ومجانية للترفيه المائي في المناطق الداخلية، سيبقى الغرق هاجسًا صيفيًا قاتمًا يطارد أحلام البسطاء ممن لا يجدون غير مياه السدود والأنهار مكانًا للفرار من لهيب الشمس.