تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    ترامب ينفتح على وساطة بوتين    مقتل رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني    الوداد يضم مدافعا برازيليا ويلتقي سفير المغرب بأمريكا    نجلاء موزي تمثل المغرب في بكين بعد فوزها بالنسخة ال24 لمسابقة "جسر اللغة الصينية"    نسبة نجاح قياسية بجهة الشرق.. 87,60% من التلاميذ تفوقوا وهذا أعلى معدل    أفعى تلدغ شابا بالحسيمة.. حالته خطيرة ونقل على عجل إلى فاس    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تطلق خرائط يومية لتحديد مناطق خطر حرائق الغابات    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    المغرب يحتفي بيوم إفريقيا في لاس بالماس على خلفية التعريف بالتراث    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقط برد.. الأرصاد تحذر من طقس غير مستقر بعدد من أقاليم المملكة    مسافرون يتفاجؤون بفرض 10 كلغ كحد أقصى لحقيبتين يدويتين بمطار العروي    إسرائيل: 10 قتلى وأزيد من 200 جريحا جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية    "العدالة والتنمية" يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم المديونية ويحذر من اختلالات جديدة في إعادة تشكيل القطيع    انتخاب سعاد لبراهمة رئيسة جديدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. وهذه لائحة المكتب المركزي    عزيزة داودة يكتب: موريتانيا في مواجهة التحديات الأمنية والدبلوماسية وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الساحل    هزيمة جمال بن صديق امام جزائري في نزال "كلوري 100"    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    البوجدايني: الداخلة تكرس نفسها كوجهة سينمائية واعدة في القارة الإفريقية    "أرباب كريمات" ينادون بالتصدي لأعطاب قطاع سيارات الأجرة في المغرب    تسريب بيانات حساسة يفتح عين "دركي البورصة" على اختلالات خطيرة    المغاربة على موعد مع حر شديد .. والأرصاد الجوية تبسط الأسباب والتدابير    برادة يكشف نتائج "الكفاءة المهنية"    انطلاق كأس العالم للأندية في نسختها الجديدة مواجهة نارية تجمع الأهلي بانتر ميامي    التعادل مع إنتر ميامي يحزن الأهلي    إيران تعلن اعتقال "عميلين للموساد"    مقتل 7 أشخاص بتحطم مروحية هندية في الهملايا    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    "أزطا أمازيغ" تطالب بترسيم فعلي للأمازيغية ووقف التمييز    المغرب وكأس إفريقيا: ما الذي ينقص المنتخب الوطني ليحسم اللقب القاري؟    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    الرئيس الصيني يعيد نسج خيوط طريق الحرير: دينامية صينية جديدة في قلب آسيا الوسطى    الدار البيضاء.. توقيف شخص متورط في سرقة بالعنف باستخدام دراجة نارية    المؤتمر الجهوي للاتحاد العام للفلاحين لجهة الدار البيضاء سطات بالجديدة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    الأهلي يتعادل مع إنتر ميامي (0-0) في افتتاح الموندياليتو    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    ما الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل في أي تصعيد؟    الصين تطلق قمرا صناعيا لرصد الكوارث الطبيعية    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    فريدة خينتي تطالب وزير الداخلية بإحداث سوق عصري نموذجي بجماعة بني أنصار    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    بنهاشم يثمن تحضيرات نادي الوداد    من حكيمي إلى بونو .. 31 أسداً مغربياً يشعلون ملاعب مونديال الأندية    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض    اجتماع وزاري لتفعيل التوجيهات الملكية حول إعادة تكوين القطيع الوطني للماشية    مهنيو و فعاليات الصيد البحري بالجديدة يعترضون على مقترحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تطور غير مسبوق.. تونس تفتح مدرجات جامعاتها لِترويج الطرح الانفصالي في المغرب
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. المغرب الكبير
في تطور غير مسبوق.. تونس تفتح مدرجات جامعاتها لِترويج الطرح الانفصالي في المغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 30 نونبر 2024 - 22:11
فتحت الجامعات التونسية مدرجاتها للخطاب الانفصالي الذي يستهدف الوحدة الترابية للمغرب، وهو التطور "غير المسبوق" في تاريخ علاقة الرباط بتونس، خصوصاً أن السياسة الخارجية التونسية عُرفت تاريخياً ب"نهجها الحيادي"، وهو ما تغير في السنوات القليلة الماضية، بعد استقبال الرئيس التونسي قيس سعيّد، بشكل رسمي، زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية شهر غشت من سنة 2022 بمطار قرطاج الدولي، وخصه بلقاء مطول، وهو ما اعتبر حدثا استثنائيا لم يقدم عليه أي رئيس تونسي من قبل.
واحتضنت مدينة الحمامات التونسية هذا الأسبوع، ملتقىَ علمياً حمل عنوان "المقاومة والصمود.. مقاربات متعددة"، نظمه مركز بحث جزائري متخصص في الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية والإنسانية، بشراكة مع جامعة المنستير التونسية، إذ جمع الملتقى باحثين وأكاديميين من دول المغرب الكبير بما في ذلك الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا باستثناء المغرب، فيما حضر ممثلين عن ما يُعرف ب"جامعة تفاريتي"، التي تتخذ من مخيمات تندوف مقرًا لها وتعتبرها الجبهة الانفصالية مؤسسة للتعليم العالي خاصة بها، حيث استمرت أشغال الملتقى على مدى ثلاثة أيام، وركزت بالأساس على قضايا المقاومة الفلسطينية، مع تسليط الضوء على الأحداث الأخيرة التي شهدتها غزة في السابع من أكتوبر 2023.
وما أثار جدلاً واسعاً في هذا اللقاء الذي انعقد داخل الحرم الجامعي التونسي، هو تخصيص جلسات لطرح مواضيع تتعلق بالصحراء المغربية، من بينها مداخلة بعنوان "مقاومة الاستعمار في الصحراء الغربية: قراءة تاريخية"، قدمها المدعو حمة المهدي من "جامعة تفاريتي"، وأخرى حول "الشعر الشعبي في الصحراء الغربية: ذاكرة الصمود والمقاومة"، ألقاها المدعو محمد عالي من نفس الجامعة المزعومة، فيما تعتبر هذه الواقعة سابقة في تاريخ الجامعات التونسية، وفقاً لشهادات عدد من الأكاديميين الذين تواصلت معهم "الصحيفة"، مؤكدين استغرابهم من هذا المنحى الجديد وغير المسبوق في طبيعة الأنشطة الأكاديمية التي تحتضنها المؤسسات الجامعية التونسية.
وفي هذا الإطار، قال أستاذ للعلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة قرطاج، رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع، ل "الصحيفة"، إن "احتضان إحدى الجامعات التونسية لأنشطة تروّج لأطروحات تمس بسيادة دولة شقيقة مثل المغرب، يُعدّ تحولاً غير مسبوق ومثيراً للقلق في العقيدة الدبلوماسية لتونس التي طالما استندت إلى مبادئ الحياد واحترام السيادة وحسن الجوار، فيما الجامعات، بوصفها فضاءات للعلم والحوار البناء، يجب أن تظل بعيدة عن استغلالها لتصفية الحسابات السياسية أو الترويج لمواقف تعمّق من أزمات دبلوماسية لا طائل منه."
واعتبر المصدر ذاته، الذي اختار الإدلاء بتصريح ل "الصحيفة" أن ما يثير الاستغراب أكثر هو أن هذا التوجه يأتي في إطار قرارات سياسية باتت تتسم بالارتجال والضبابية، صادرة عن الرئيس وتنطوي على ضرر بالغ لعلاقات تونس الخارجية ومكانتها الإقليمية، موردا: "ما نشهده اليوم من تحولات في السياسات العامة للدولة التونسية، بما في ذلك احتضان أنشطة أكاديمية تُروّج لأطروحات تمس بسيادة دولة شقيقة كالمغرب، يمثل خروجاً غير مسبوق عن النهج الدبلوماسي المتزن الذي ميّز تونس لعقود طويلة".
وأكد الخبير في العلاقات الدولية، أن هذه الأنشطة، التي باتت تحمل طابعاً سياسياً واضحاً، تُظهر محاولة واضحة من قِبل القيادة الحالية في تونس، ممثلة بالرئيس قيس سعيّد، لإرضاء الجزائر بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب مبادئ الحياد واحترام السيادة وحسن الجوار التي لطالما اعتُبرت من ثوابت السياسة الخارجية لتونس، مضيفا: "تاريخياً، عُرفت تونس بدبلوماسيتها المتزنة والقائمة على التوازن بين الأطراف الإقليمية، حيث كانت تُعلي من قيمة الحوار وتجنّب التحيز لصالح أي طرف على حساب آخر، لكن اليوم، يبدو أن هذا التوازن قد اختلّ بشكل غير عقلاني، فالقرارات السياسية المتخذة في هذا السياق لا يمكن فصلها عن التقارب المتزايد بين قيس سعيّد والجزائر، حيث بات واضحاً أن هذا التقارب يتجاوز حدود التعاون الطبيعي ليصل إلى مستوى من التبعية السياسية التي تتعارض مع مصالح تونس الاستراتيجية".
وما يثير القلق، حسب المتحدث، هو أن هذا التقارب يأتي على حساب علاقات تونس التاريخية مع المغرب، الذي كان دائماً شريكاً استراتيجياً وحليفاً موثوقاً، تربطه بتونس أواصر تاريخية وثقافية متينة، من خلال السماح لجامعات تونسية بالانخراط في أنشطة تروج لأطروحات انفصالية تتعلق بالصحراء المغربية، وبذلك توجِه تونس رسالة خاطئة تماماً، لا تعكس فقط انحرافاً عن مسار دبلوماسي حكيم، بل تكرّس أيضاً لسياسات ارتجالية تسعى فيها القيادة الحالية إلى كسب رضا الجزائر دون اعتبار للضرر الذي تلحقه بمصداقية تونس الدولية، مع العلم أن القرارات المتخذة مؤخراً، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، تشير إلى نهج أحادي يفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية ويُدار بمنطق ردود الأفعال.
وشدّد الخبير في التصريح ذاته ل "الصحيفة"، على أن هذا النهج "يسيء ليس فقط إلى العلاقات مع المغرب، بل أيضاً إلى سمعة تونس كفاعل مسؤول ومعتدل في المنطقة. السياسات التي تُبنى على إرضاء طرف إقليمي واحد دون اعتبار لتوازن المصالح وعلاقات حسن الجوار، تُضعف مكانة تونس وتُعرضها لفقدان شركاء استراتيجيين كانوا دائماً سنداً لها في مواجهة تحدياتها الإقليمية والدولية."
وجاء سَماح الحكومة التونسية، لجامعات البلاد باحتضان أنشطة تروّج لأطروحات انفصالية تمس بالسيادة المغربية، ليعيد العلاقات المغربية-التونسية إلى مربع الشكوك والتساؤلات، بعد أن بدت بوادر التقارب تلوح في الأفق، فهذه الخطوة غير المسبوقة، التي جاءت بإيعاز جزائري بحسب ما يُستشف من سياقها السياسي، وضعت حداً للتفاؤل الذي كان قد أبداه البعض عقب مؤشرات حملها محللون على أنها قد تمهد لعودة العلاقات إلى طبيعتها بعد أكثر من سنتين من التوتر الدبلوماسي الذي أحدثه استقبال قيس سعيّد لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي.
من أبرز هذه المؤشرات، لقاء وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيره التونسي محمد علي النفطي في العاصمة الصينية بكين على هامش اجتماع "فوكاك" في شتنبر الماضي، والذي أرفقته وزارة الخارجية التونسية بنشر صورة ودية جمعت الوزيرين على منصتها في "إكس"، مؤكدةً أن اللقاء تطرّق إلى علاقات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها.
كما شهدت الفترة ذاتها أول اتصال رسمي بين الرباط وتونس تمثل في تهنئة بوريطة لنظيره التونسي الجديد بمناسبة توليه منصبه، حيث عبّر الجانبان عن "حرص مشترك على دعم أواصر التعاون بين البلدين". ولم يكن هذا اللقاء الوحيد، بل سبقه لقاء آخر في غشت جمع بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ووزير الخارجية التونسي السابق نبيل عمار، في فرنسا، في إطار مناقشات لتعزيز التعاون الثنائي، وهو اللقاء الذي وصفته الصحافة التونسية ب"الهام"، مشيرة إلى أنه يعكس رغبة مشتركة في إنهاء الأزمة الدبلوماسية.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، فإن خطوة احتضان الجامعات التونسية لأنشطة تدعم الانفصال في الصحراء المغربية جاءت لتعيد طرح تساؤلات عميقة حول مسار العلاقات بين البلدين، عقب تصريحات سابقة لوزير الخارجية التونسي السابق نبيل عمار، الذي أبدى رغبة واضحة في حلحلة الأزمة، عززت التفاؤل، إلا أن رحيله ضمن تعديل وزاري واسع أجراه الرئيس قيس سعيّد أثار الشكوك مجدداً بشأن نوايا تونس الحقيقية.
والوزير الحالي، محمد علي النفطي، الذي يُعرف بسيرته المهنية المنفتحة، يحمل تطلعات لتعزيز التعاون الإقليمي، ولكن السماح لمؤسسات تعليمية تونسية بالترويج لأجندات سياسية موجهة من الجزائر قد يضع قيوداً على جهود إعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، ويعكس ازدواجية في النهج التونسي إزاء المغرب.
يُذكر أن وزارة الخارجية التونسية أكدت في وقت سابق ل "الصحيفة" أن العلاقات بين البلدين "مستقرة"، إلا أن غياب خطوات عملية لعودة السفيرين إلى منصبيهما يظل مؤشراً على استمرار الأزمة، التي قد تتعمق أكثر في ظل السياسات غير المفهومة التي يتبعها قيس سعيّد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.