1. الرئيسية 2. اقتصاد إيرباص تنهي صفقة الاستحواذ على مصنع لصناعة مكونات الطائرات في الدارالبيضاء الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 28 أبريل 2025 - 12:05 في خطوة جديدة تعزز من تموقع المغرب على خريطة الصناعات الجوية العالمية، أعلنت شركة "إيرباص" الأوروبية، واحدة من أكبر مصنعي الطائرات في العالم، استحواذها على عدة مواقع تابعة لشركة "سبيريت إيروسييستمز" الأمريكية، من بينها المصنع الكائن بمدينة الدارالبيضاء، الذي يلعب دورا محوريا في إنتاج مكونات لطائرتي A321 وA220. ويأتي هذا الاستحواذ ضمن صفقة عالمية أعلنت عنها إيرباص في فاتح يوليوز المنصرم، بهدف ضمان استقرار سلاسل الإمداد الحيوية لبرامجها التجارية، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه صناعة الطيران، وقد استطاعت الشركة الأوروبية إنهاء الصفقة قبل شهر من الموعد المحدد، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه العملية بالنسبة لها. وشملت عملية الاستحواذ مواقع متعددة أبرزها، موقع كينستون في كارولاينا الشمالية (الولاياتالمتحدة)، وسان نازير بفرنسا، المختصان في تصنيع أجزاء من هيكل طائرةA350، ثم مصنع الدارالبيضاء في المغرب، الذي يصنع مكونات رئيسية لطرازي A321 وA220، وموقع ويتشيتا بولاية كنساس في الولاياتالمتحدة، المكلف بإنتاج قوائم المحركات لطائرةA220، إضافة إلى مصنع بلفاست بأيرلندا الشمالية الذي يصنع أجنحة طائرةA220، وموقع بريستويك في إسكتلندا، الذي ينتج مكونات أجنحة لطرازات A320 وA350. وتمثل عملية الاستحواذ على مصنع الدارالبيضاء تتويجا لجهود المغرب في تطوير منظومة صناعات الطيران، التي شهدت نمواً كبيراً خلال العقدين الأخيرين بفضل شراكات دولية مع كبريات الشركات العالمية. من جهة ثانية وفي مفارقة لافتة، فإن عملية الاستحواذ لم تكلف إيرباص أي مقابل مالي بل على العكس، ستحصل على تعويض بقيمة 439 مليون دولار، بالنظر إلى الوضعية المالية الصعبة التي تمر بها "سبيريت إيروسييستمز"، إضافة إلى ذلك، التزمت إيرباص بتقديم خطوط ائتمان بدون فوائد بقيمة 200 مليون دولار لدعم برامج الشركة الأمريكية. وتعزز هذه الخطوة استراتيجية إيرباص لضمان أمن إمداداتها، لاسيما مع تزايد الطلب العالمي على الطائرات، وتخطط لإكمال الصفقة رسمياً بحلول الربع الثالث من سنة 2025. وفي موازاة الصفقة مع إيرباص، تتحرك "بوينغ" الأمريكية لاستعادة باقي أنشطة "سبيريت إيروسييستمز"، التي كانت قد باعتها سنة 2005.، وينتظر أن تتم هذه العملية عبر مبادلة أسهم بقيمة 37,25 دولار للسهم الواحد، ما يرفع قيمة الشركة إلى 4,7 مليار دولار، ومع احتساب الديون يصل تقييم الصفقة إلى نحو 8,3 مليار دولار. وأوضحت إيرين إستيفيس، النائبة التنفيذية لرئيس "سبيريت"، أن إنهاء الاتفاق مع إيرباص يمثل مرحلة أساسية قبل استكمال عملية الاستحواذ الشامل من طرف بوينغ، في وقت تعيش فيه "سبيريت" صعوبات كبيرة تتعلق بالجودة والإنتاج. وعلاقة بالمغرب، فإن استحواذ إيرباص على مصنع الدارالبيضاء يؤكد مرة أخرى الثقة الدولية في القدرات الصناعية للمغرب، الذي أصبح اليوم وجهة محورية لصناعة الطيران بفضل بنيته التحتية المتطورة، وكفاءاته البشرية المؤهلة، وقربه الجغرافي من أوروبا، وهذا التطور يحمل في طياته انعكاسات إيجابية متعددة على الاقتصاد الوطني، خاصة في مجالات التشغيل، التكوين، والتكامل الصناعي. ويتوقع أن يفتح هذا الانتقال نحو ملكية مباشرة من طرف "إيرباص" آفاقاً جديدة لتعزيز القيمة المضافة للمنتجات المغربية الموجهة لسلاسل الإمداد العالمية في قطاع الطيران، مما يعزز مكانة المغرب كفاعل رئيسي في هذه الصناعة الاستراتيجية. ويُوظِّف قطاع صناعة الطيران في المغرب حاليا حوالي 20,000 شخص، مع نسبة تمثيل نسائية تصل إلى 42%، وهي من أعلى النسب عالميًا في هذا القطاع، فيما من المتوقع أن يؤدي انتقال ملكية المصنع إلى "إيرباص" إلى تعزيز استقرار الوظائف الحالية وفتح آفاق جديدة للتوظيف، خاصة في ظل التوسع المتوقع في الإنتاج لتلبية الطلب العالمي المتزايد على طائرات A220 وA321. بالإضافة إلى ذلك، تُعزِّز هذه الخطوة من أهمية معهد مهن الطيران (IMA) في الدارالبيضاء، الذي يُعَدُّ مركزا رائدا في تكوين الكفاءات المغربية في مجالات التصميم، التجميع، والصيانة، مما يسهم في رفع جودة الإنتاج المحلي وتلبية معايير "إيرباص" الصارمة. وشهدت صادرات قطاع الطيران المغربي نموا ملحوظا، حيث ارتفعت بنسبة 17.3% لتصل إلى 21.86 مليار درهم (حوالي 2.1 مليار دولار) في عام 2024 فيما من المتوقع أن يُسهم استحواذ "إيرباص" على المصنع في تعزيز هذه الأرقام، من خلال زيادة الإنتاج وتوسيع قاعدة الزبائن العالميين، مما يعزز من مكانة المغرب كمصدر موثوق لمكونات الطائرات. والمغرب حاليا هو موطن لأكثر من 140 شركة عاملة في قطاع الطيران، بما في ذلك شركات عالمية مثل "بوينغ"، "سافران"، و"إيرباص"، ويُسهم استحواذ الاخيرة على المصنع في تعزيز التكامل الصناعي المحلي، حيث يُتوقَّع أن يُؤدِّي إلى نقل مزيد من التكنولوجيا والمعرفة، مما يُعزِّز من قدرات المغرب التنافسية على الصعيد الدولي. ومع تزايد الطلب العالمي على الطائرات، خاصة من طراز A220 وA321، يُتوقَّع أن يُسهم المصنع في تلبية هذا الطلب، مما يُعزِّز من دوره كمركز إنتاجي رئيسي في شبكة "إيرباص" العالمية، وهذا يُتيح للمملكة فرصة لتعزيز موقعها كمركز إقليمي لصناعة الطيران في إفريقيا والشرق الأوسط.