1. الرئيسية 2. المغرب بعد ست سنوات من إقرار قانون الحق الدستوري في الحصول على المعلومة.. 33% فقط من المؤسسات الحكومية تستجيب الصحيفة - خولة اجعيفري السبت 10 ماي 2025 - 18:00 رغم مرور أكثر من ست سنوات على دخول القانون رقم 31.13، المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات حيز التنفيذ، لا تزال الممارسة الفعلية لهذا الحق تعاني من عراقيل مؤسساتية وممارسات إدارية تحدّ من نفاذه الفعلي، وتُفرغ في بعض الحالات هذا المكتسب الدستوري من مضمونه، وهو ما أبرزته نتائج تقرير حديث أعدته جمعية سمسم – مشاركة مواطنة، بشراكة مع جمعية رواد التغيير للتنمية والثقافة. التقرير، الذي اطلعت عليه "الصحيفة" كشف نسبة الاستجابة الفعلية للطلبات الإلكترونية المتعلقة بالحصول على المعلومات لم تتجاوز 33.33%، وهي نسبة تعكس محدودية التفاعل المؤسساتي مع هذا الحق الذي يُفترض أن يكون ركيزة من ركائز الشفافية في الأداء العمومي، أما من حيث المدة الزمنية للرد، فقد بلغت متوسط مدة الاستجابة 50.53 يوم عمل، أي أكثر من ضعفي المهلة القانونية المحددة ب20 يوما قابلة للتمديد مرة واحدة، ما يؤشر إلى إشكالية بنيوية في احترام الآجال القانوني. التقرير شمل تقديم 102 طلب إلكتروني رسمي إلى 60 هيئة ومؤسسة عمومية بمستوييها الوطني والمحلي، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 14 دجنبر 2023 و27 فبراير 2025، وبعد انتهاء الآجال القانونية، تبين أن فقط 34 مؤسسة تجاوبت مع الطلبات، مقابل عدم تفاعل 66 مؤسسة أخرى، وهو ما يمثل تحديا واضحا لتفعيل المقتضيات القانونية ذات الصلة. وإلى جانب تدني عدد الردود، كشف التقرير كذلك عن تفاوت كبير في مدد الاستجابة بين مؤسسة وأخرى، حيث تراوحت المدد ما بين يومي عمل فقط في أفضل الحالات و160 يوما في أسوأها، وهو ما يؤكد غياب معيارية واضحة في التعاطي مع الطلبات. ومن بين الردود التي تم التوصل بها، يشير التقرير إلى أن 9 أجوبة فقط وردت خلال أول 20 يوم عمل، وهي المدة القانونية الأساسية، و11 جوابا آخر توصل بها مقدمو الطلبات خلال فترة التمديد القانونية، بينما 14 جوابا تم التوصل بها بعد انقضاء المدة القانونية كليا، ما يثير تساؤلات جوهرية حول احترام المؤسسات للالتزامات القانونية، وحول فعالية آليات الرقابة على هذا الالتزام. وفي ما يخص مضمون الأجوبة، سجل التقرير أن فقط 11 جوابا من أصل 34 تميزت بالكمال والوضوح والجودة العالية، وتم توجيهها من طرف مؤسسات أبانت عن مهنية واضحة، وهي الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، جماعة تيزنيت، جماعة سيدي عبد الله، مجلس جهة الشرق، المديرية الجهوية للتخطيط، رئاسة النيابة العامة، جامعة محمد الأول، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وتبقى هذه الحالات المعزولة، وفق التقرير ذاته استثناءات إيجابية في بحر من الردود غير المكتملة، أو المتأخرة، أو الغائبة تماما، ما يعكس تفاوتا مؤسساتيا كبيرا، وغياب رؤية موحدة حول كيفية تنفيذ الحق في الوصول إلى المعلومة. ويؤكد التقرير ذاته، أن التجربة العملية كشفت عن عدد من العوائق البنيوية التي تُعطل تفعيل الحق في الحصول على المعلومات، في مقدمتها ضعف النشر الاستباقي للمعلومات، ما يضطر المواطنين إلى تقديم طلبات للحصول على بيانات من المفترض أن تكون متاحة بشكل تلقائي، هذا فضلا عن تدني جودة الأجوبة، سواء من حيث الشكل أو المضمون أو الصيغة القانونية، مع عدم احترام الآجال القانونية للرد، مما يُفرغ الحق من فاعليته، إلى جانب محدودية الوعي داخل الإدارات العمومية بالواجبات القانونية المنوطة بها** في هذا المجال. وأمام هذه المؤشرات، دعا التقرير إلى ضرورة مراجعة القانون رقم 31.13 مراجعة شاملة وجوهرية، بهدف معالجة أوجه القصور التي رصدتها التجربة، وتوفير ضمانات حقيقية لتفعيل هذا الحق، كما أكد على أهمية تعزيز النشر الاستباقي للمعلومات على المواقع الرسمية للمؤسسات العمومية، وتوفير تكوينات دورية للمكلفين بالمعلومات داخل الهيئات، مع توسيع الوعي المجتمعي والإداري بمركزية هذا الحق في تكريس الشفافية والحكامة الجيدة. وتتقاطع هذه التوصيات مع مواقف وتصريحات رسمية صادرة عن لجنة الحق في الحصول على المعلومات، والتي سبق أن دعت في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تطوير الإطار القانوني والتنظيمي، والاستجابة لمطالب المجتمع المدني، والعمل على ضمان انتقال فعلي من النص إلى التطبيق العملي. وفي خاتمة التقرير، تم التأكيد على أن الحق في الحصول على المعلومات ليس امتيازا بيروقراطيا، بل هو ركن أساسي من أركان الحكامة الديمقراطية والمشاركة المواطنة، وأن الارتقاء بمستوى تفعيله لن يتم إلا عبر إصلاحات قانونية، وإرادة مؤسساتية، ومساءلة فعلية.