1. الرئيسية 2. المغرب محمد ولد الرشيد: المبادرة الأطلسية وأنبوب الغاز الإفريقي مشاريع ستمكن من تحسين ظروف العيش لأكثر من 95 مليون نسمة في القارة مراكش - خولة اجعيفري الجمعة 23 ماي 2025 - 13:50 تسيّدت أهمية المبادرات الإقليمية الاستراتيجية، التي أطلقها الملك محمد السادس الجلسة الافتتاحية لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، باعتبارها "تواصل ترسيخ موقع المملكة كجسر للتكامل بين فضاءات البحر الأبيض المتوسط والخليج وأعماق إفريقيا، وتفتح آفاقا جديدة أمام شراكات عادلة ومستدامة". وقال رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد، إن المبادرة الملكية الأطلسية، الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تندرج ضمن رؤية استراتيجية طموحة تروم "الاندماج الفعلي لهذه الدول في المنظومة التجارية العالمية، عبر إتاحة البنيات التحتية المغربية المتقدمة، من موانئ وطرق وسكك حديدية"، وهو ما سيمكن من "تنويع اقتصاداتها، وتعزيز القيمة المضافة المحلية، وتحسين ظروف العيش لأكثر من 95 مليون نسمة". وأشار رئيس مجلس المستشارين في كلمته الافتتاحية، إلى أن هذا المشروع يشكل "ربطا لوجستيًا غير مسبوق، إقليميا ودوليا"، من خلال ربط دول الساحل بميناء الداخلة الأطلسي، مما يجعل منه "محورا استراتيجيا يربط هذه الدول بالفضاء الاقتصادي الأطلسي، ويمتد عبر الشبكة المينائية المتكاملة من المحيط الأطلسي إلى البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي"، ما يتيح "فرصة تجارية غير مسبوقة، تعزز الاندماج الإقليمي، وتنمية سلاسل القيمة والتبادل التجاري بين هذه الأقاليم الحيوية". وبالتوازي، أبرز ولد الرشيد أهمية مشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، الذي تنفذه المملكة بتعاون وثيق مع نيجيريا، مؤكدا أنه "يروم تثمين المقدرات الطاقية للقارة، وتيسير ولوج دول غرب إفريقيا إلى مصادر الطاقة الضرورية لتحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية". ولم يغفل رئيس الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي الإشارة إلى البعد الاستراتيجي العابر للقارات لهذا المشروع، معتبرا أن "الأنبوب، بما يحمله من إمكانيات متعددة في نقل الغاز الطبيعي، ولاحقا الهيدروجين الأخضر، يمثل رافعة أساسية لضمان السيادة الطاقية على مستوى الفضاء الأورومتوسطي"، كما أضاف: "من المنتظر أن يشكل، عند اكتماله، أطول منصة لوجستية طاقية في العالم، مما يعزز مكانة إفريقيا كمزود طاقي استراتيجي على الصعيد العالمي". هكذا، وضع محمد ولد الرشيد هذه المبادرات في صلب "نموذج إقليمي متقدم للتحول الاقتصادي العادل والمنصف"، مؤكدا أن المغرب، الفاعل الأورومتوسطي والخليجي، يُعيد تشكيل معادلات التنمية والأمن عبر بوابة الأطلسي وأنبوب الغاز، بوعي عميق بالتحولات الجيو-اقتصادية وبإرادة راسخة لإفريقيا موصولة بالفرص. ونبّه المسؤول المغربي، إلى أن هذا المنتدى ينعقد في سياق إقليمي ودولي تطبعه تداعيات اقتصادية متواصلة ناجمة عن تأثير النزاعات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب تصاعد حالة اللا يقين الاقتصادي الناتجة عن التحولات الهيكلية التي تشهدها منظومة التجارة العالمية. كما يُفاقم هذا الوضع غياب توافق دولي حول نموذج تجاري عادل وفعال، قادر على تسريع وتيرة النمو، وتحقيق الإنصاف في التبادل التجاري بين الدول، وتعزيز آليات التعاون والتكامل ضمن سلاسل الإمداد والقيمة. وأشار، إلى أن العالم يشهد اليوم جملة من التحولات العميقة المرتبطة بالتغيرات المناخية وأهمية ملاءمة المنظومات الاقتصادية للحد منها، إلى جانب تحولات أخرى تهم بالأساس نماذج النمو الوطنية ودخول الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق(Deep learning) وتكنولوجيات التمويل(FinTech) كعاملين أساسيين في الابتكار والإنتاج والتمويل، وكذلك استمرار تشكيل سلاسل القيمة(Value Chain) الجديدة ذات الطابع الإقليمي والجهوي، وتَغَيُّرَات هيكلية على مستوى مسارات الإمداد العالمية. وتابع: "في كل ذلك فرصة تاريخية، تتيح لنا المساهمة في بلورة معالم "نظام اقتصادي عالمي جديد"، من خلال إرساء نمط جديد من التعاون القائم على تحرير الطاقات المشتركة، وخلق فرص عادلة للجميع، وبناء نموذج إقليمي متقدم للتحول الاقتصادي العادل والمنصف"، مضيفا: "ونحن على يقين بأن ما يزخر به منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي للمنطقة الأورو-متوسطية والخليج من تجارب اقتصادية وسياسية، وخبرات علمية غنية لدى المشاركين، سيمكننا من صياغة حلول مبتكرة، واقتراح توصيات عملية تسهم في دفع الدينامية التنموية في المنطقتين الخليجية والأورومتوسطية.. هاتان المنطقتان اللتان تمثلان معا قلبا نابضا للتجارة واللوجستيك العالمي، وتشكلان ركيزة استراتيجية وجيوسياسية مرجعية على مستوى المجتمع الدولي". وشدّد على أن تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين المنطقتين الخليجية والأورو-توسطية لن يتحقق إلا عبر بناء مسارات إنتاج مشتركة، تُعزز من السيادة الصناعية لدولنا، خاصة في المجالات الاستراتيجية كصناعة الرقائق الإلكترونية، والصناعات الفضائية، وأنظمة الأمن السيبراني والحوسبة السحابية وتخزين البيانات الكبرى، والصناعات المرتبطة بالطاقات الجديدة، وسبل تخزينها ونقلها. وزاد: "كما يظل الاستثمار في الرأسمال البشري، وتحسين آليات التمويل المشترك، ركيزتين أساسيتين في هذا المسار، وذلك من خلال الربط بين أسواق رؤوس الأموال الوطنية، وإنشاء بنوك وصناديق استثمار إقليمية تدعم هذه الرؤية، بجانب تعزيز التعاون بين المؤسسات الجامعية ومختبرات البحث العلمي وتطوير آليات مبتكرة لتبادل الممارسات الفضلى والتعاون الأكاديمي". واعتبر أن البرلمانات تمثل صوت شعوب المنطقة، وهي بالتالي مدعوة " للاضطلاع بدور محوري في الترافع من أجل تحقيق هذه الأهداف، والمساهمة في وضع التشريعات الملائمة التي من شأنها تسهيل مسارات التكامل والاندماج والتعاون المشترك". وفي هذا الإطار، نبه إلى أن أحد أبرز التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم يتمثل في إرساء حكامة فعالة للذكاء الاصطناعي، لما لهذا الموضوع من أثر بالغ على مستقبل الأجيال القادمة، موردا: "يقتضي كسب هذا التحدي اعتماد مقاربة جماعية قائمة على التعلم المتبادل، من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات المتوفرة في مختلف الأنظمة القانونية والتشريعية عبر العالم" وأردف: "ونحن، كبرلمانات في منطقتينا الأورومتوسطية والخليجية، معنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالانخراط في هذا الورش العالمي، من خلال المساهمة في إرساء أطر تشريعية وأخلاقية تضمن الاستخدام الآمن والعادل والمسؤول للذكاء الاصطناعي، بما يخدم التنمية المستدامة ويصون كرامة الإنسان". وتحتضن مراكش، تحت النسخة الثالثة من منتدى مراكش الاقتصادي البرلماني للمنطقة الأورومتوسطية والخليج، تحت شعار:"تحديات اقتصادية وتجارية وطاقية غير مسبوقة – استجابة البرلمانات الإقليمية والقطاع الخاص". ويهدف المنتدى في نسخته الثالثة إلى استكشاف أبرز التحديات والفرص التي تواجه الاقتصاد العالمي، وخاصة في منطقتي الأورومتوسط والخليج، مع تركيز خاص على العمل التشريعي ودور البرلمانيين في تحقيق التغيير المنشود، وذلك من خلال ثلاث جلسات موضوعاتية رئيسية، تتمثل في تطور مشهد التجارة الدولية والمالية في المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية، التكيف الطاقي في المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية – مقاربة متعددة الأبعاد لتحقيق التنمية المستدامة، والذكاء الاصطناعي وحكامته – تعزيز الرقابة البرلمانية من خلال تتبع تطوره، وتطبيقاته، وتنظيمه. تجدر الإشارة إلى أن هذا المنتدى يشكل إطارا مؤسساتيا متقدما للحوار والتعاون بين البرلمانيين والشركاء المؤسسيين للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، ويهدف إلى إشراك القادة السياسيين والاقتصاديين، والفاعلين في القطاعين العام والخاص، إلى جانب ممثلي الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، في تشخيص الإشكالات وبحث الحلول الملائمة والبدائل الممكنة لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، وتعزيز تدفق الاستثمارات بين دول المنطقتين الأورومتوسطية والخليجية.