سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضمن مداخلات منتدي مراكش البرلماني الاقتصادي.. انتقاد حاد للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين ودعوة لنظام دولي عادل يحترم استقرار الدول وسيادتها على أراضيها
1. الرئيسية 2. المغرب ضمن مداخلات منتدي مراكش البرلماني الاقتصادي.. انتقاد حاد للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين ودعوة لنظام دولي عادل يحترم استقرار الدول وسيادتها على أراضيها مراكش - خولة اجعيفري الجمعة 23 ماي 2025 - 17:02 عرفت انطلاقة الدورة الثالثة من منتدى مراكش البرلماني الاقتصادي، وبحضورٍ كثيف لقادة برلمانات المنطقة الأورومتوسطية والعربية والخليجية، هيمنة النبرة الغاضبة من تصاعد التوترات العالمية على الجلسة الافتتاحية مع إدانة جماعية للعدوان الإسرائيلي المستمر على فلسطين، وسط إجماع واضح على وصف ما يجري في غزة بأنه "حرب إبادة ممنهجة"، تقوم على التهجير القسري والتنكيل الجماعي، وتُهدد بشكل صارخ القيم الإنسانية والقانون الدولي: وأكد المتدخلون أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم يُفاقم المأساة، ويُضعف مصداقية المنظومة الحقوقية العالمية. وشدد رؤساء البرلمانات على أن الاستقرار السياسي لا يمكن أن يتحقق دون احترام سيادة الدول على أراضيها، وفي مقدمتها المغرب ووحدته الترابية، مؤكدين أن التعاون البرلماني الدولي لم يعد خيارا، بل ضرورة ملحة لمواجهة التحديات المتصاعدة، من الحروب والصراعات إلى أزمات المناخ والطاقة، وأجمعوا على أن لا أمن ولا تنمية ولا استقرار عالمي دون شراكة حقيقية بين برلمانات الشعوب، تضع العدالة والسلام على رأس أولوياتها. وفي كلمته خلال الدورة الثالثة لمنتدى مراكش البرلماني الاقتصادي، عبّر جوليو شيلتميرو، رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط، عن اعتزازه بما أسماه "تحقيق رقم قياسي في عدد المشاركين في نسخة هذا العام"، مؤكدا أن ذلك يعكس المكانة المتزايدة التي بات يحتلها المنتدى على الساحة الدولية، ليس فقط في مجال الدبلوماسية البرلمانية، بل في إطار أوسع يشمل دبلوماسية المحيطات، وحوار القوى الحية حول التحديات الكونية. وقال شيلتميرو: "نعيش اليوم في عالم يواجه تحديات غير مسبوقة من الحرب في أوكرانيا إلى المأساة الإنسانية في غزة، ومن إعادة هيكلة سلاسل التجارة العالمية إلى التحولات المناخية العنيفة، وصولا إلى ثورة صناعية رابعة تقودها طفرة الذكاء الاصطناعي"، مضيفا: "نحاول، جنبا إلى جنب مع مجلس الأمن، بلورة نموذج حوكمة متين يواجه مخاطر الاستخدام السيء للأخبار الزائفة، ويضمن أن يُسخّر الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية وتقدمها، لا لتعميق التخلف والانقسام". ودعا رئيس برلمان البحر الأبيض المتوسط إلى احترام القانون الإنساني الدولي، مطالبًا بإطلاق سراح الرهائن في غزة وضمان حماية المدنيين الأبرياء، ضمن مقاربة قائمة على كرامة الإنسان وحقوقه، مستنكرا ما يحدث في المنطقة من تجويع وحرب إبادة وتقتيل تستهدف كافة الفئات من المدنيين. وأكد شيلتميرو أن منتدى مراكش يمثل "منصة فريدة لتكريس الدبلوماسية البرلمانية كآلية لتعزيز التكامل السلمي بين الشعوب"، مشيدا بالجهود الدبلوماسية التي بُذلت لإنجاح هذا اللقاء، ولافتا إلى أن التحديات الراهنة، بما فيها تداعيات جائحة كوفيد-19، أعادت تشكيل أولويات العالم وأربكت الهياكل الاقتصادية والسياسية التي كانت قائمة، مضيفا: "لقد لمسنا، من خلال شراكتنا مع البنك الدولي، أن من أبرز الاختلالات التي فاقمت الأزمات هو غياب التنسيق الفعال بين القطاعين العام والخاص، وهو ما يجب معالجته عاجلًا". وأشار إلى ضرورة تجاوز ثقافة وصم الفشل، قائلاً: "حتى إذا لم تنجح المبادرات، فإن النهوض بعدها واجب، والفشل يجب أن يكون لحظة للتعلم لا مبررًا للتقاعس" كما اعتبر أن الذكاء الاصطناعي "يضع البشرية أمام مفترق طرق، غير أن الحقيقة الأهم هي أن الإنسان وليس الآلة هو من يقرر كيف تُستخدم هذه التكنولوجيا". وختم شيلتميرو بالقول: "ينبغي أن نُشيد باجتماعنا اليوم هنا في مراكش، وغدا في أبوظبي، بروحٍ من المسؤولية الجماعية، لأن السلام في منطقتنا لا يأتي بالشعارات، بل من خلال شراكات قوية، وخاصة بين القطاعين العام والخاص". من جهته، أكّد شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن العالم واجه خلال السنوات الأخيرة أزمات صحية وجيوسياسية متواترة عمقت هشاشة النظام العالمي، وبيّنت الحاجة الملحة إلى إعادة بناء توازنات إقليمية جديدة قوامها التكامل والتعاون. وقال لعلج: "أثبتت التجارب أن التكامل الإقليمي ليس خيارا ثانويا، بل رافعة مركزية للتنمية، ووسيلة لتحويل المحن إلى فرص، من خلال تعميق التنسيق وتعزيز الاستثمار المشترك، وخاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والمناخ". وأضاف أن الرهانات المناخية والتحولات الطاقية والتكنولوجية تفرض تنسيقا أكثر إحكاما، داعيا إلى تعبئة الاستثمارات الخاصة وتوجيهها نحو مشاريع تحقق التآزر الاقتصادي وتواجه التحديات المناخية في إطار تنمية شاملة ومستدامة. ولفت إلى أن المغرب اعتمد مبكرا خيار الطاقات المتجددة، وحقق تقدما لافتا في هذا المجال، مؤكدا أن البرلمان له دور محوري في مواكبة هذا التحول، كما أن تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحة. وختم لعلج مداخلته بالإشارة إلى أن تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 يشكل فرصة استراتيجية لتعبئة الاستثمارات في البنية التحتية والرقمنة، وفق مقاربة ترتكز على شراكات بناءة ذات أثر اجتماعي واقتصادي مستدام، قائلًا: "نحن في لحظة مفصلية تتطلب منّا حسًا عاليًا بالمسؤولية، وتنسيقًا غير مسبوق بين كل الفاعلين لتأمين مستقبل مشترك أكثر عدلاً واستقرارًا". وفي مداخلته، دعا عبد الله بناصر، رئيس الوفد القطري لدى برلمان البحر الابيض المتوسط، إلى إطلاق صناديق استثمار برلمانية مشتركة بين الدول المشاركة، تكون رافعة للتعاون الاقتصادي العابر للحدود وتعزيز التنمية الإقليمية، كما اقترح إبرام معاهدة دولية خاصة باستخدامات الذكاء الاصطناعي، على غرار اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار، تُؤطر الاستعمالات الأخلاقية لهذه التكنولوجيا وتضع ضوابط قانونية ملزمة عبر هيئة رقابية دولية تُعنى بمتابعة مدى الامتثال. وأكد بناصر أن السياسة الخارجية الناجعة تقوم على "الحوار، والتعاون الوثيق، والانفتاح على التجارة الدولية"، مضيفا أن من أولويات المرحلة المقبلة التوسع في مشاريع الطاقات المتجددة، ضمن رؤية ترتكز على تقاسم التجارب بين بلدان الجنوب. وفي حديثه عن الوضع في غزة، عبّر بناصر عن استنكار عميق لما وصفه بجريمة الإبادة الجماعية المرتكبة من قبل إسرائيل، والتي تستهدف المدنيين العزل من شيوخ ونساء وأطفال، ودمّرت المدارس والمساجد، وصولا إلى "جريمة التجويع"، متسائلا عن عجز المجتمع الدولي أمام هذه الفظائع رغم الجهود التي تبذلها قطر ومصر وعدد من الدول العربية، كما اعتبر أن الحكومة الإسرائيلية "تتمادى في انتهاكاتها بدوافع انتخابية وسياسية ضيقة". وجدّد رئيس الوفد القطري التأكيد على دعم بلاده لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967، باعتباره "الخيار الوحيد لتحقيق سلام عادل وضمان الأمن والاستقرار الدوليين". من جهته، ثمّن غوستافو باتشيكو، رئيس اتحاد برلمانات أمريكا اللاتينية، تنظيم المنتدى في مراكش، وعبّر عن امتنانه للملك محمد السادس على "رؤية استراتيجية جعلت من المغرب مركزا عالميا للدبلوماسية البرلمانية"، إذ قال: "نحن في أمريكا اللاتينية نشعر اليوم بأن العلاقات مع العالم العربي وخصوصا، ومع إفريقيا وفي مقدمتها المغرب، تتعزز أكثر فأكثر، وهذه المبادرات تقرّبنا إنسانيا وسياسيا". وأضاف باتشيكو أنه قبل أسابيع فقط، تم تعيين بابا جديد للفاتيكان "ذو قلب معلّق بأمريكا اللاتينية"، في إشارة رمزية إلى فرصة جديدة لتعزيز قيم السلام والتعاون جنوب-جنوب. وأشار إلى أن أمريكا اللاتينية تضم أربع برلمانات جهوية، وستلتئم قريبا في بونيو، عاصمة بيرو، خلال اجتماع برلماني كبير سيحضره رئيس مجلس المستشارين المغربي محمد ولد الرشيد، مؤكدا أن الأمانة العامة لاتحاد البرلمانات اللاتينية ستتكلف بإرسال الدعوات الرسمية لهذا الحدث البارز، كما شدّد باتشيكو على أن هذه الآليات البرلمانية "تمثل سلاحا سياسيا ناعما في مواجهة الجوع، والنزاعات، وغياب الحوكمة"، مضيفا: "إذا أراد بلد إعلان الحرب، فعليه أن يمر عبر هذه البرلمانات". وفي لمسة شخصية، استحضر باتشيكو لقاءه التاريخي مع الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1968، قائلا: "لقد وشّحني جلالة الملك الحسن الثاني، ثم الملك محمد السادس، وأتابع بإعجاب كيف تطور المغرب.. نحن نجتمع اليوم بفضل رؤية متدرجة، وآمل أن نحضر معا نهائيات كأس العالم التي سينظمها المغرب، لتكون حفلة كبرى تجسد روح التقارب بين شعوبنا". أما كارلوس رينيه، رئيس برلمان أمريكا الوسطى، فقد ثمّن بشدة الدور الريادي للمغرب في مشاريع الطاقات المتجددة، معتبرا أن المملكة "تواكب التحولات العالمية من موقع الشريك والفاعل"، وكشف عن إعلان قريب مشترك مع رئيس برلمان الأنديز بشأن تعزيز التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، مشيرا إلى أن هذا المسار "يعكس التزام المنطقة ببناء فضاء اقتصادي دائم مع المغرب، في إطار منتدى اقتصادي جنوب-جنوب". وأعرب رينيه عن دعمه الكامل لاحترام سيادة الدول، وعلى رأسها المغرب، مؤكدا على "الاعتراف الكامل بسيادة المملكة على كامل أراضيها"، ومعلنا أن شهر يونيو المقبل سيشهد انعقاد الجمعية العامة والمنتدى الاقتصادي لأمريكا اللاتينية، وأضاف: "سيكون من دواعي سروري أن أستضيف الوفد المغربي معنا في العاصمة ليما".