1. الرئيسية 2. المغرب الكبير صنصال يختار عدم الطعن في حكم سجنه 5 سنوات.. إعلان صريح لانعدام الأمل ومأزق جديد للعلاقات الفرنسية الجزائرية الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 7 يوليوز 2025 - 13:15 قرر الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال عدم الطعن في الحكم الصادر ضده بالسجن خمس سنوات، بتهمة "المساس بسلامة وحدة الوطن" في الجزائر، في خطوة وُصفت بأنها إعلان صريح ب"انعدام الأمل" في إنصافه ضمن المساطر القضائية الوطنية. القرار، الذي يأتي بعد أقل من أسبوع على تثبيت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي بما يجعل الإدانة نهائية، يفتح الباب أمام تعقيدات إضافية في العلاقة المتوترة أصلا بين الجزائروباريس. نويل لونوار، الوزيرة الفرنسية السابقة ورئيسة لجنة الدعم الدولي لصنصال، أوضحت في تصريح لإذاعة "فرانس إنتر" أن الكاتب، الذي بلغ الثمانين من عمره ويعاني من مرض السرطان، لن يتوجه إلى محكمة النقض للطعن في القرار، موردة "بحسب معلوماتنا، لن يلجأ إلى هذه المحكمة، وهذا يعني أن الحكم أصبح نهائيًا". وأضافت المسؤولة الحكومية الفرنسية السابقة بنبرة أسى "بالنظر إلى طبيعة النظام القضائي في الجزائر، فإن احتمال إعادة تصنيف التهم أو نقض الإدانة معدوم تقريبا". هذه التصريحات تعكس قناعة متزايدة داخل الدوائر الحقوقية الفرنسية والدولية بأن القضية خرجت منذ زمن من إطارها القضائي، لتدخل مربع الحسابات السياسية والرسائل السيادية المتبادلة. ووفق المصدر نفسه، فقد أكّد أحد المقربين من صنصال، في وقت لاحق، أن الروائي الجزائري الفرنسي "تنازل رسميا عن حقه في الطعن"، ما يُسقط فعليا آخر إمكانية قانونية لإعادة النظر في قضيته داخل النظام القضائي الجزائري. وفي الوقت الذي تواصل فيه المنظمات الحقوقية والمثقفون في فرنسا الضغط من أجل إطلاق سراحه، التزم محاميه الفرنسي بيار كورنو جنتي الصمت، رافضا التعليق على قرار موكله. وكانت محكمة الاستئناف الجزائرية قد ثبتت، يوم الثلاثاء الماضي، الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 27 مارس الماضي، القاضي بسجن صنصال خمس سنوات، إثر اتهامه بالإساءة إلى وحدة البلاد، استنادا إلى تصريحات أدلى بها في أكتوبر 2023، خلال حوار مع وسيلة إعلام فرنسية يمينية تُدعى "فرونتيير"، حيث أكد أن أجزاء من أراضي المملكة المغربية تم اقتطاعها خلال الحقبة الاستعمارية وضُمّت إلى الجزائر. هذا الموقف، الذي يُنظر إليه في الجزائر باعتباره "خطا أحمر"، سرعان ما وُظف في سياق التوتر القائم بين الجزائر والمغرب من جهة، والجزائروفرنسا من جهة أخرى، خاصة بعد اعتراف باريس الرسمي في يوليوز 2024 بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ما اعتبرته الجزائر استفزازا مباشرا لمواقفها السيادية. غير أن محاكمة صنصال لم تقتصر على تهمة واحدة، بل شملت لائحة ثقيلة من التهم السياسية والأمنية، من بينها "إهانة هيئة نظامية، والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة منشورات وفيديوهات تهدد الأمن والاستقرار الداخلي"، وهي تهم صيغت ضمن قانون العقوبات الجزائري بطريقة تمنح للقضاء هامشا واسعا لتجريم التعبير النقدي، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات رمزية من طينة صنصال. اللافت في هذا الملف أن كل المؤشرات تشير إلى أنه جرى التعامل مع الكاتب بصفته خصما سياسيا أكثر منه فاعلا ثقافيا، وهو ما يتجلى في الطابع المتعدد للتهم، والتشدد القضائي في العقوبة، وغياب أي مؤشر على نية مراجعة الحكم أو الاستجابة لمناشدات حقوقية أو إنسانية. كما أن سن الكاتب ووضعه الصحي لم يشفعا له في نظر المؤسسة القضائية، التي أبدت تشددا لافتا تجاهه، في وقت لا تزال فيه الجزائر تشهد تراجعا في مؤشرات الحريات العامة، وفق تقارير عدة منظمات دولية. وفيما تُخلي خطوة صنصال الساحةَ أمام تثبيت الحكم نهائيا، فإنها في الآن ذاته تضع الجزائر أمام اختبار أخلاقي وقانوني جديد، فكاتب مريض يبلغ من العمر ثمانين عاما. وتداعيات هذا الملف مرشحة للتصاعد، خاصة مع استمراره في التفاعل داخل الإعلام الفرنسي والدوائر السياسية في باريس، التي تجد نفسها مضطرة للموازنة بين المصالح الاستراتيجية والعلاقات الثنائية المتوترة من جهة، والضغوط الحقوقية والأخلاقية من جهة أخرى.