يحل فصل الشتاء بخيراته المطرية، وبقدر ما يستبشر الناس بالتساقطات المطرية التي تنبئ بحصاد فلاحي جيد، تراهم يتخوفون من أمراض الشتاء التي على رأسها أمراض الجهاز التنفسي مثل الزكام وجديري الماء والحصبة الألمانية سواء عند الكبار أو الصغار في البيوت كما في رياض الأطفال والمدارس ومقار العمل والشارع العام. وأمام تكاثر هذه الأمراض يختلف تعاطي الناس مع هذه الأمراض، فمن مسارع للحقن الوقائية إلى متخذ لأسباب الوقاية من الأمراض عبر تنظيم اللباس خاصة، وتناول بعض الأطعمة الخاصة إلى لاجئ إلى الأطباء من أجل التزود بسبل الوقاية وإن كانت أدوية. وتجد كثيرا من الناس يتعاطون لبعض الأعشاب الطبية وبعض الأغذية الخاصة بعيدا عن الإشراف الطبي، فما هو رأي الأطباء في التعاطي للأعشاب الطبية وغيرها من أسباب العلاج أو الوقاية من أمراض الشتاء؟ «التجديد» تحاول ملامسة بعض جوانب الموضوع وهذه التفاصيل: العسل وزيت الزيتون (س. ن) أم لطفلين أكبرهما عمره سنتان ونصف والأصغر لم يتجاوز بعد شهره الرابع، صرحت ل «التجديد»: «كلما حل فصل الشتاء أسارع إلى توفير العسل الحر وزيت الزيتون في البيت لأنهما زادي في فصل الشتاء الذي يقهر فيه الأطفال بالسعال وغيره من أعراض أمراض الشتاء، خصوصا الذين يقضون ساعات طوال في دور الحضانة بسبب عمل أمهاتهن، فما إن يأتي المساء ويحل وقت النوم حتى أعطي لابني الأكبر نصف ملعقة صغيرة من العسل ومثلها من زيت الزيتون حتى أتفادي إصابته بنوبة برد أضطر معها لأخذ عطلة اضطرارية من العمل. وليس العسل والزيت وحدهما زاد (س. ن) وإنما تجتهد في شراء الملابس القطنية وجمع الزرابي وكل ما يسبب الحساسية في البيت، حتى إن إحدى صديقاتها أوصتها باتخاذ سبيل الوقاية من انتشار فيروسات الشتاء في البيت بأخذ قليل من الزعتر ووضعه في «مجمر» به فحم وعمله مثل بخور في البيت، مراعاة لانتقال الفيروسات بين مرتادي البيت من أهله ومن الضيوف. الثوم والعسل صرح (ي. م) في الخمسين من عمره أنه يعتبر من خلال تجاربه مع أمراض الشتاء وخصوصا نوبة البرد (يعتبر) الثوم والعسل أحسن مضاد حيوي جربه في حياته إذ يقوم بقطع جزء قليل من الثوم قطعا صغيرة وسط نصف كأس من العسل الحر ويتركه لمدة ساعة وبعدها يصبخ الخليط جاهزا للعلاج من نوبة البرد. أعشاب أخرى ومواد أخرى يتجند الناس لاستعمالها في وجه أمراض الشتاء كي لا يطرقوا أبواب الأطباء والصيدليات. ويعتبر السعال أكبر مشوش على المواطنين في فصل الشتاء ويحاولون تفاديه بشتى الوسائل التقليدية ومنهم من يعضون على نصائح المختصين لتفادي بعض الأعراض لأمراض الشتاء السعال الذي يعتبر عرضاً وليس مرضاً فهو يحدث نتيجة التهابات الجهاز التنفسي أو قد يكون نوعاً من أنواع الحساسية كالربو. وقد يكون السعال جافاً أو مصاحباً لبلغم وهو وسيلة دفاعية للجسم لطرد الغبار وما شابه. وللمصاب دور في علاج نفسه بالإكثار من شرب السوائل الدافئة والماء، واستنشاق بخار الماء، والابتعاد عن الأدوية المهدئة للسعال دون استشارة الطبيب. «لالا زبيدة» «زبيدة» اسم معروف لدى أصحاب سيارات الأجرة، كما عند أصحاب المحلات التجارية المجاورة للمركز السينمائي بحي يعقوب المنصور بالرباط، ما إن تدخل بيتها حتى تجد طابورا من الكراسي تخال معه نفسك أنك في عيادة طبيب مختص في الأطفال، خصوصا مع أن كل كرسي تجلس عليه امرأة تحمل رضيعا يئن أو يسعل، كما تحمل معها منديلا للرأس ما دامت العملية عند «لا لا زبيدة تتطلب إحضار منديل الرأس الذي ستوضع فوقه خلطة من الأعشاب تعالج أمراض الأطفال، وأمراض الشتاء منها خاصة. سألت «التجديد» السيدة «زبيدة» عن المواد التي تستعملها فأجابت أن على رأسها زيت الزيتون التي لا تفارقها وتكتفي بمهارة يديها للقيام بعملية الترويض للأطفال الذين يعانون من الربو. نساء مثل «زبيدة» كثر منتشرات في عدة مدن وقرى يلجأ إليهن الناس بكثرة خصوصا في فصل الشتاء، منهن السيدة «رقية» التي قالت عنها ابنتها إنها لا تستعمل غير زيت الزيتون والعسل الحر ومسحوق القرنفل لعلاج أمراض الصدر لدى الأطفال في فصل الشتاء ويكون تدخلها ناجعا بعد تكرار العملية لثلاثة أيام متتالية. خطورة العدوى تنتقل الأمراض مباشرة من المريض إلى السليم من خلال استنشاق الشخص السليم للرذاذ المتطاير والمحمل بالميكروبات من فم المريض عند السعال أو العطاس أو الكلام أو الضحك أو طريق غير مباشر إذ تتم العدوى عند استعمال أدوات المريض الشخصية من أدوات للطعام أو الشراب أو الأدوات المدرسية أو عند المصافحة. فتنتقل الفيروسات من أدوات المريض ومنها إلى الشخص الآخر. وتعود أسباب معظم أمراض الشتاء، حسب المختصين، إلى فيروسات أي أنه لابد أن تأخذ وقتها دون الحاجة إلى المضادات الحيوية التي كثيراً ما يخطئ بعض الناس ويعمد إلى استعمالها دون استشارة الطبيب في الوقت الذي لا يحتاج لها بل قد تضره شخصياً وتضر المجتمع ككل. رأي الطبيب صرح البروفيسور جمال الدين البورقادي اختصاصي في الأمراض التنفسية بكلية الطب والصيدلة بالرباط ل «التجديد» أنه لا بأس من اللجوء لبعض الوسائل الشعبية للوقاية أو مقاومة أمراض الشتاء في حدود معقولة مثل اللجوء إلى الزعتر وزيت الزيتون والعسل والزنجبيل وبعض السلوكات اليومية التي تقي أو تعالج من أمراض الشتاء الناتجة عن انتقال الميكروبات. وعن النساء اللواتي يعالجن الأطفال بالوسائل التقليدية أيضا قال البورقادي: «لا بأس بذلك إذا كان الاستعمال يقتصر على بعض الأعشاب النافعة وكانت الوسائل أيضا غير ضارة بالأطفال»؟ إجراءات الوقاية يرى الدكتور جمال الدين البورقادي للوقاية أهمية كبرى في مقاومة أمراض الشتاء ومن هذه الإجراءات: - الحرص على تطعيم الأطفال ضد أمراض الطفولة حسب المواعيد المقررة من قبل وزارة الصحة. - الحرص على النظافة الشخصية ونظافة السكن وعدم المشاركة في استخدام الأدوات الشخصية مع الآخرين. - التغذية السليمة والحرص على تناول وجبة الفطور وتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن كالخضروات الطازجة والفواكه. - الابتعاد عن مخالطة المرضى واستعمال أدواتهم. - عدم التعرض للتيارات الهوائية خاصة بشكل مفاجئ. - ممارسة الرياضة البدنية بانتظام لأنها تقاوم الضغوط النفسية التي تُضعف من مقاومة الجسم. - أخذ قسط كافٍ من الراحة والنوم وعدم السهر. - عدم التدخين بكافة أنواعه أو التعرض لدخان المدخنين وهو ما يسمى بالتدخين السلبي أو التدخين بالإكراه. - تعزيز الصحة النفسية فلقد ثبت علمياً بأنها تزيد من مقاومة الشخص ومناعته ضد الأمراض المعدية. العلاج أما العلاج من منظور الطبيب فهو علاج لتخفيف الأعراض فقط مثل الأدوية الخافضة للحرارة أو المضادة للاحتقان وبعض الوصفات المنزلية مثل: - الإكثار من شرب السوائل الدافئة كالشوربة والزنجبيل والشاي الأخضر وأعشاب البابونج وغيرها وبالطبع الماء الذي لا يمكن الاستغناء عنه صيفاً أو شتاءً. - استنشاق بخار الماء. - الغرغرة بالماء الدافئ والملح. وشدد البورقادي على أهمية استشارة الطبيب في حالة استمرار أعراض الأمراض عند تناول بعض الأعشاب التقليدية حتى لا تتضاعف الإصابة.