اجتماع ‬اللجنة ‬الوزارية ‬لقيادة ‬إصلاح ‬منظومة ‬الحماية ‬الاجتماعية    دي ‬ميستورا ‬بالجزائر ‬قبل ‬التوجه ‬الى ‬باريس ‬بحثا ‬عن ‬مواقف ‬متقاطعة ‬    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    لماذا ‬رحبت ‬قمة ‬الدوحة ‬بقرار :‬            عمر العباس .. مرشح العصبة الجهوية لكرة القدم بالشمال    الجديدة تحتضن ندوة حول الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني    أبواب الملحقة الجامعية بمنطقة تاوريرت موصدة إلى إشعار آخر..    هذا ما يجب أن ينتبه له آباء تلاميذ المستوى التحضيري    العزيز: إقصاء فيدرالية اليسار من مشاورات الانتخابات يهدد نزاهة الاستحقاقات    تقرير: الفقر المطلق يتضاعف في المدن رغم احتفاظ القرى بثلث فقراء المغرب    النفط يتراجع وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وتخمة المعروض    بوسليم يقود مواجهة الوداد واتحاد يعقوب المنصور    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شمال جزيرة "سولاويزي" الإندونيسية    المنتخب المغربي يرتقي إلى المركز 11 عالميا ويحافظ على صدارته قاريا وعربيا    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يرفع مذكرة مفصلة حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة        الولايات المتحدة.. ترامب يعلن تصنيف حركة "أنتيفا" اليسارية المتطرفة منظمة إرهابية    حجز أزيد من 76 ألف قرص مهلوس بميناء الناظور وتوقيف خمسيني متورط    طقس الخميس: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    كيوسك الخميس | عدد المستفيدين من التأمين الإجباري عن المرض تجاوز 24 مليونا    ارتفاع نفقات سيارات الدولة يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق العمومي    محققة أممية تشبّه غزة برواندا وتتهم إسرائيل بارتكاب إبادة في غزة وإسبانيا تفتح تحقيقاً قضائياً في الانتهاكات    هيئة مدنية: وفيات الرضع والأطفال دون الخامسة ما زالت مرتفعة بالمغرب تتجاوز المعدلات العربية والأوروبية    مصادر: ميسي يمدد العقد مع ميامي    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين            الشابي: التعادل منطقي.. وسانتوس: كنا الأفضل    حرب الإبادة مستمرة | قصف مستشفيات وتفجير مدرعات مفخخة.. ونزوح جماعي نحو المجهول كأنه يوم القيامة    تخصيص أراضٍ جنوب المملكة لمشاريع الهيدروجين الأخضر بقيمة 319 مليار درهم    مراكش تعزز أسطولها ب158 حافلة صينية استعداداً ل"كان 2025"    تقرير: الأحزاب المغربية تفقد ثقة 91.5 في المائة من المغاربة وتُتهم بجعل المال والولاء طريقا للترقي داخلها    عمدة بينالمدينا الإسبانية يكرم شخصية مغربية تقديراً لنجاح مبادرات ثقافية    بورصة الدار البيضاء تغلق تداولات الأربعاء بانخفاض المؤشرات    ميناء المضيق يحقق ارتفاعا قياسيا في مفرغات الصيد        "حزب الكتاب" ينتقد أداء المستشفيات    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ    مهرجان الظاهرة الغيوانية في دورته الثالثة بالدار البيضاء    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": مخرجات القمة العربية الإسلامية شجعت إسرائيل على مواصلة العدوان    الموسيقى المغربية تتألق في حفل "أصوات من الديار" بواشنطن    هوليوود تودع أسطورة السينما روبرت ريدفورد عن عمر يناهز 89 عاما    التوفيق يكشف حصيلة تأهيل المساجد المتضررة من زلزال الحوز    "حين سقط القمر" رواية جديدة للكاتب والأديب المغربي محمد بوفتاس        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    إيران تؤكد إعدام "جاسوس لإسرائيل"    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    التغذية المدرسية.. بين إكراهات الإعداد المنزلي وتكاليف المطعمة    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال «ينقضون» على مدخول زوجاتهم الموظفات
نشر في التجديد يوم 22 - 05 - 2013

أضحت مسألة طريقة تدبير أموال الزوجة الموظفة، ظاهرة تحتاج إلى أكثر من وقفة علمية واجتماعية وشرعية، لأنها أخذت من الأسر مأخذها، إذ من الأزواج من أصبح يدور بين ردهات المحاكم لا لشيء سوى أن الزوجين وصلا إلى الباب المسدود في موضوع تدبير أموال الزوجين الموظفين، بل وإن مراكز الاستماع والإرشاد الأسري تعج بقضايا أسر أنهارت أو أوشكت على الانهيار أو على الأقل أصبحت في حالة قلق دائم وشجار طويل بسبب، أين صرفت ولماذا لم تصرفي؟
الزوجات يعتبرن أمر أجورهن أمرا حسمته المواقف الشرعية التي أقرت للمرأة حقها في ذمتها المالية مهما بلغ غناها وأن القوامة المالية على الأسرة إنما هي من واجب الزوج وأن الزوج إذا أعطت شيئا فإنما تكرما منها لبيتها وأبنائها وعشها الأسري.
إلا أن الواقع يقف حجرة أمام هؤلاء النساء ومن تم تنشأ النزاعات التي تفضي إلى ما لا تحمد عقباه. فهل يمكن الحديث عن أزواج يبتزون زوجاتهم؟ أم هل يمكن الحديث عن أزواج يبحثون عن حقوق ناتجة عن خروج المرأة من البيت؟ أسئلة وأخرى تحاول السطور القليلة الإجابة عن بعض ثناياها، وإلا فإن الموضوع يحتاج إلى دراسة معمقة وشاملة تتناول جميع أطراف القضية بالدرس والتحليل:
يعتبره حقاً مكتسباً
أقر الإسلام للمرأة ذمة مالية مستقلة، وفرض على الرجل الإنفاق على أسرته؛ زوجته وأولاده، ولم يحملها شيئًا من ذلك، إلا برضاها وبعد إذنها، وربط الشارع بين قوامة الرجل على المرأة والإنفاق عليها، وجعل خير الرجال أنفعهم لأهله، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» [صححه الألباني].
ولكن هناك بعض الأزواج يلتفون حول هذا الحد، ويحاول الانقضاض على مال الزوجة بطرق غير مباشرة، من خلال التهرب من التزاماته المادية، أو تجاهل بعض احتياجات الأسرة، أو عدم الإنفاق عليها (غذاء - كساء - دواء -...) حتى تضطر إلى أن تدفع هي من مالها الخاص؛ لقضاء مصالح الأسرة حتى لا تتعطل السفينة.
وقد يصل الابتزاز للحصول على راتب الزوجة أو مالها الخاص، لدرجة العقاب العاطفي والجسدي إذا لم تعطه ما يحتاجه من مال، ويرهن حقوقها على استجابتها لمطامعه وابتزازه.
وفي هذا يظهر الزوج في مظهر الرجل الذي لا يأخذ أموال زوجته إلا برضاها، ولكنه في الحقيقة يلتف بشكل غير مباشر لابتزازها.. بما يتعارض مع المودة والرحمة التي يجب أن تسود بين الزوجين، تمامًا كما أشار القرآن في موضوع مشابه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ...»، فكيف بمالها الخاص بعدما أقر الإسلام لها باستقلال مادي؟!.
تعالوا بنا نستمع إلى شكاوى بعض الزوجات، من غياب احترام بعض الأزواج لمالها الخاص، ونتعرف على حجم الأذى الذي لحق بهن من سوط الابتزاز والانتهازية...
نقمة العمل!
تخرج ليلى موظفة شحنة الغضب بداخلها؛ قائلة: «زوجي يستغل عدم احتمالي لنظرات الاحتياج في عيون أبنائي، ويستمر في استنزاف راتبي، ولكن: ما البديل؟.. هل أترك أبنائي يعانون قسوة الحرمان؛ لأن والدهم تملص من مسئولياته المادية تجاههم؟ أم أتخلى بدوري عن مسئولياتي وأذهب لأهلي، ربما تتحرك داخله نخوة الرجولة؛ بعد أن ماتت بداخله منذ أن نزلت للعمل؟».
وتستعيد ليلى بذاكرتها تفاصيل المشكلة، فتقول: «لم أعلم أن هذا سيحدث عندما جاءني خبر التعيين، فقد تخيلت أن حياتنا ستتحول، وسيفيض الخير علىَّ وعلى أولادي».
ولكن زوجي حوَّل هذه النعمة إلى نقمة، أستشعر مرارتها كل ساعة مع كل وجبة أجد نفسي مجبرة على توفيرها.. ومع كل مناسبة أتكفل بها ماديًّا وحدي.. هكذا اعتاد أن ينفض يده تمامًا عن أي متطلبات.
كنت أتغاضى عن إحساسي باستغلاله في البداية؛ لأنه لم يكن بهذه الصورة، ولكن مع مرور الوقت تطور الأمر.. حتى استقل بمصاريفه الشخصية عن أي نفقات تخص المنزل.. ولم يَعُد يرقّ لنظرات أبنائه وهم يشتهون ما يأتي به لنفسه من طعام، ولا يجدون أمامهم سوى ما أستطيع تدبيره براتبي البسيط.. فكرت كثيرًا في ترك العمل والعودة للمنزل.. ولكني على ثقة بأنه اعتاد الاستقلال بمطالبه.. ولن يتحمل مسئوليتنا».
جزاء
وفي السياق نفسه، تعبر «آمال» عن مأساة جديدة.. تؤكد أن فكرة العمل لم تطرق على ذهنها؛ بل لجأت إليها بعد ضيق الأحوال المادية لزوجها، فنزلت لتساعده وتقف بجانبه في الشدة.. وتعينه على ما صعب عليه توفيره. ولم تكن آمال تدري أنها ستلقى عكس ما كانت تنتظره، وتندم على اليوم الذي اتخذت فيه قرار الخروج للعمل من أجل مساعدة زوجها.
شهوة المال تفسد العلاقة الزوجية
وتشير آمال إلى جزاء لم تكن تتوقعه: «مع الوقت بدأ وضع زوجي المادي يختلف، وتتحسن أحواله، وأصبحنا فعلاً في وضع لم نكن نتخيله، وانتظرت الجزاء من زوجي الذي اعتاد أن يأخذ راتبي أول كل شهر، وكانت المفاجأة أن الوضع لم يتغير..!
بل والأسوأ أنه أصبح يطالبني بما هو أكثر من راتبي، ولا يصدق أنني أتقاضى هذا المبلغ، وهنا حدثت مشكلة كبيرة تدخل فيها أهلي، وقرروا ألا يأخذ مني درهما واحداً طالما أنه مقتدر».
وتشير آمال إلى أن هذا الحل كان بمثابة الفخ الذي نُصب لها ولم تنتبه، حيث قرر زوجها تحديد نفقاته التي لا تتخطى متطلباته الشخصية، ورفع يده عن مصاريف الأبناء والبيت.. معلقة: «ليس أمامي سوى الرضوخ أو الانفصال.. هكذا تستمر بيننا الحياة يعتليها الرماد الذي يكمن تحته ثورات خامدة من بركان القهر..».
وحول رؤية ومبررات الطرف الآخر، يقول أحمد - محاسب: «إن الوقت الذي تقضيه زوجتي في عملها، هو من حقي وحق أولادها، فإذا كانت تتقاضى عليه أجرًا فلا بد أن يدخل معظمه لنا؛ لأني من سمحت لها بالنزول من البداية، ثم إنها تدعي أنها تخرج للعمل من أجل أبنائها، فلماذا تتضرر إذا طلب منها أن تلبي احتياجاتهم».
شرط باطل
وعن أخلاقيات تعامل الرجل مع راتب زوجته؛ يقول د. عطية -أستاذ الشريعة-: «على الزوج عدم اشتراط مساهمة زوجته في نفقة البيت، هذا شرط باطل عند جمهور العلماء، فقط إذا أرادت الزوجة عن رغبة وطواعية منها، أن تساهم في منزلها بالمال».
قال تعالى: «وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا».. فالآية الكريمة وإن كانت بشأن المهر إلا أن حكمها يمتد إلى كل ما كان ملكًا خاصًّا بالزوجة.
وقال الخرس : «إن المرأة لا يلزمها أن تنسج لزوجها، ولا أن تغزل له، ولا أن تخيط؛ لأن هذه الأشياء ليست من أنواع الخدمة، ولكنها من أنواع التكسب، وليس عليها أن تتكسب له، إلا أن تتطوع بذلك».
الإنفاق أمر مكلف به الرجل، حتى لو كانت المرأة ثرية، وهناك بعض الآراء للفقهاء تقول؛ بإمكانية إقراض المرأة للرجل قرضًا حسنًا إذا كان الرجل في عسرة مالية، على أن يرده وقت اليسر.
شراسة الاستغلالويوضح الدكتور إلهامي عبد العزيز -أستاذ علم النفس - فيقول: «المشاركة المادية للزوجة، إذا كانت مجرد محاولة من الزوج لإفلاسها تؤثر عليها سلبًا، وتشعرها بالدونية، وبكونها ضحية على طول الخط، وقد يبرر بعض الرجال لأنفسهم هذا السلوك على أنهم سيوفرون هذا المال لأولادهم، بدلاً من أن تنفقه الزوجة على عائلتها.
وهذا يجعل درجة من درجات الريبة والشك في تصرف الطرف الآخر، ولكن تأثير هذا التصرف يمتد إلى الأبناء الذين لا يرون في الأب سوى شخصية البخيل المستغل الذي لا يمكن أن يصبح قدوة لهم؛ لأن من يدعمهم ماديًّا هي الأم التي بدورها تمثل نموذجًا سلبيًّا؛ لأنها لا تقوم بالدفاع عن حقها».
وعن شكل العلاقة التي تحكم هذه الأسرة، يقول إلهامي: «مكيانزم إدارة العلاقة في هذه الأسر غير أخلاقي؛ لأن الأصل في العلاقات الأسرية، هو الحب والتفاهم، والتضحية، وهذا الاستغلال لا يسمح بقيام أي درجة من درجات التفاهم، وبالتالي لا يوجد تضحية، فكلاهما يضحي بالآخر، وينجم عن ذلك أن نبتة الحب تبدأ في الاضمحلال، وتنتهي بالتفكك في العلاقة التي بدورها قد تؤثر على دينامية العلاقة مع الآخرين.
وهنا أنصح المرأة فأقول لها: إياك أن تلعبي دور الضحية، سواء على المستوى المادي، أو النفسي، أو تقبلي الإهانات؛ لأنها تجعل الطرف الآخر، أكثر شراسة في استغلاله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.