سبق للتجديد أن أجرت استجوابا مع الأستاذ عباسي مدني، زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية، أكد من خلاله موقفه من مشكل الصحراء المغربية، الذي اعتبره مشكلا مفتعلا من طرف الاستعمار الجديد، غايته إطالة زمن الفرقة والخلاف بين الأشقاء. وكان عباسي مدني قد صرح للتجديد أن الصحراء مغربية منذ كانت. واليوم يعود زعيم الحركة الإسلامية الجزائرية ليؤكد بأعلى صوته أن الصحراء مغربية. وقد أكد مدني، في استجواب مع يومية أوجوردوي لوماروك، نشرته في عددها ليوم الجمعة الأخير فاتح رمضان المعظم، أن موقفه هذا ينطلق من نظرة كل جزائري لم يخضع للتضليل. وتعميما للفائدة على قراء اللغة العربية، نعيد نشر الحوار مترجما: متى تنوون إيقاف منفاكم الاختياري والعودة إلى الجزائر؟ في الحقيقة، عودتي متوقفة على تحسن الوضع الصحي للجزائر. فليس لدي أي مشكل خاص يمنعني من العودة إلى بلادي، إنني ابن الجزائر، دم أرضها يجري في عروقي وارتباطي ببلادي عميق جدا. ولكن العودة لن تكون في الآجل. إن الجزائر مريضة ولا أستطيع أن أنظر إلى مرضها عن قرب وأنا عاجز عن أن أفعل شيئا. وعليه فما دامت تعاني فسأبقى بعيدا. وبمجرد ما سألاحظ أن هناك مؤشرات تدل على رغبتها في الشفاء، سأكون أول الملتحقين بأرضها حتى أهنئها على ذلك. من المسؤول عن مرض الجزائر؟ المسؤول الأول هو الاستعمار، ولست في حاجة للتدليل على ذلك بأكثر من حالة التوترالمؤسف القائمة بين المغرب والجزائر، على الرغم مما يجمع ويوحد بين هذين البلدين. ومع ذلك سأبقى موقنا أن لا شيء يمكن أن يفسد الأخوة بين البلدين الشقيقين. إن تاريخهما المشترك أمر أكيد، والغيوم التي تلبد سماء مستقبلهما مجرد سحب عابرة. إن هذين البلدين أخوان وسيبقيان كذلك. وباسم تاريخنا فإن ماضينا واحد ومستقبلنا مشترك. مشكل الصحراء هو السبب الرئيس في التوتر القائم بين المغرب والجزائر، فما هو موقفكم في ما يخص هذا الملف؟ موقف يقوم على أساس التاريخ والفطرة السليمة. إنني لا أرى كيف يمكن للمملكة المغربية أن تتخلى عن شبر واحد من الصحراء! ولا أرى كيف يمكن انتزاع شبر واحد من الصحراء من المملكة المغربية! إن الصحراء مغربية، والتاريخ لن يرحم من لا ذاكرة لهم. وما يجري في الوقت الراهن ليس إلا مزايدات حول الموضوع، في مسعى لزرع بذور الحقد والكراهية بين الشعبين. وهذا ما لا نقبله ولن نقبله أبدا. إننا ندين بكل قوة أولائك الذين يُغَذون هذا المشكل المفتعل. إن حجج التاريخ ستبقى صامدة في وجه من يزرعون العداوة والبغضاء. كيف تفسرون أن الجزائر دخلت طرفا في هذا الملف؟ أعود وأكرر أن الأمر يتعلق بمشكل مفتعل. لقد تمت فبركته حتى نبقى على خلاف، في الوقت الذي كل ما فينا يدعونا إلى الأخوة والحب، إن الشعبين معا يتوقان إلى الوئام، ولا شيء يمكنه تبرير التوتر القائم حاليا. إنه توتر معاكس لوجودنا ولتطلعات شعبينا. بكل تأكيد هناك أطراف لها مصلحة في إدامة هذا المشكل المفتعل. من هي هذه الأطراف؟ إن الجزائر تقوم على أساس الإسلام وعلى قوة شعب فاضل كريم. فكيف يمكن لجزائري سليم الطوية أن يتبنى مواقف تسيء إلى أخيه المغربي، أو أن يطمع في أرض هي ملك لأخيه؟ ولكن لا بد أن ننتهي إلى الاعتقاد بأن هناك صحافة معينة قد نجحت في تضليل الرأي العام. والأطراف التي تغذي هذه الصحافة معروفة. إن يد المستعمر تبدو نازلة بثقلها هي الأخرى على هذا الملف. فالاستعمار له مصلحة في أن يدوم هذا المشكل المفتعل بدون حل. إن الرئيس الجزائري يضع نزاع الصحراء على رأس أولويات بلاده، فهو حيثما حل وارتحل يخوض حملة ضد مغربية الصحراء. كيف تفسرون هذا الأمر؟ إن أخي عبد العزيز بوتفليقة وطني أصيل، ليس له كراهية لا تجاه المغرب ولا تجاه أي بلد عربي آخر. وأنا أكن كل الاحترام له، وللنضال الذي خضناه معا ضد المستعمر. وأعتقد أنه يجب التفريق بين شخصية بوتفليقة وبين الظروف التي تجعله يتشبث بشكل غير مفهوم بملف الصحراء. من جهتي أعتقد أنه لا يتصرف بهذه الطريقة من تلقاء نفسه. لا بد أنه يقوم بذلك مدفوعا بإكراهات. إنه يخضع لضغوط. ومن السهل اتهامه أو تحميله مسؤولية تردي وضعية، اسيئت معالجتها منذ حوالي ربع قرن. من الذي يمارس ضغوطا على الرئيس بوتفليقة؟ لا أستطيع الدخول في تفاصيل قد تقودني إلى الخطإ، ليس عن خوف، ولكن خوفا من الوقوع في الخطإ. أنا أعرف أن هناك أطرافا لها مصلحة في استمرار هذا المشكل بدون حل، وأعرف كذلك أن قادتنا يستجيبون إلى الضغوط الأجنبية أكثر من الاستجابة إلى رغبة وإرادة شعوبهم. وباستثناء الفلسطينيين من هو الشعب العربي الآخر الذي يفرض الآن إرادته على قادته؟ أي حل تقترحونه لنزاع الصحراء؟ أن يتم التوقف عن خداع الرأي العام بمبادىء وهمية، ليتركوا الشعب الجزائري يقول كلمته في هذه القضية التي لا تهمه في شيء. ولكن الجميع يعلم أن الظلال متداخلة مع النور. وبمجرد زحزحة الحاجز الذي يرخي بالظلال ويتسبب فيها، سوف يظهر الضوء. أجرى الاستجواب ليومية أوجوردوي لوماروك عزيز داكي ترجمة: إبراهيم الخشباني