دافع باحث مغربي عن الفقهاء المسلمين مؤكدا أنهم سقطوا ضحايا اجتثاتهم من الواقع من طرف السلطة المستبدة عبر التاريخ، وقال محمد أمزيان إن كثير من الباحثين يظلمون الفقهاء حين يقولون بأنهم فشلوا في إنتاج مؤسسات سياسية مثلما هو عليه الحال في الغرب. وقال أمزيان في لقاء علمي نظمه منتدى الحكمة بالرباط لعرض كتابه في الفقه السياسي بين النص والتاريخ في 15 ماي الجاري: «إن الفقيه قد ظل مبعدا في الحياة السياسية في مستوى تداول السلطة» مؤكدا أن الدولة الإسلامية عاشت تاريخيا إشكالية غياب الشرعية التي ظلت مرتهنة للعصبية والحكم العشائري وأضاف أمزيان: «كيف يمكن للفقه أن ينظر وهو مجثت من واقعه. وأكد الباحث أن هذه الوضعية قد حولت اجتهادات الفقهاء إلى فقه الطوارئ، وليس فقها يسند الواقع وينشد التطور، وقال: «لو قدر للتاريخ أن يكون له مسار آخر في اتجاه المشاركة الشورية لأنتج الفقه تنظيرا.وانتقد محمد أمزيان بشدة المفكرين المعاصرين الذين يتهمون الفقهاء المسلمين بأنهم كرسوا الاستبداد عبر مبدأ الطاعة قائلا: «هذا اتهام مجاني لا يستحضر الوقائع التاريخية، وقال أمزيان أنه لا يجوز وضع الفقهاء كلهم في سلة واحدة منتقدا من يصنف المذهب السني على أساس أنه مذهب الصبر في مقابل مذهب الشيعة «مذهب الخروج» (أي الخروج على الحاكم) مؤكدا أن من يعتمد على ما كتبه الماوردي لإصدار مثل هذه الأحكام ليس منصفا، وقال: «إن الفقه السياسي ليس هو الماوردي، فهناك العديد من كتب الطبقات ومن التراجم ما لم يحقق بعد» مستشهدا بتاريخ دمشق المكون من 400 مجلد، والذي لم يحقق بعد وقال أمزيان: «عندما نحقق ثراتنا ونخزنه معلوماتيا.. آنذاك يمكن أن نستقرأ». كما انتقد الباحث من يدعون بأن الفقه الإسلامي كان فقه شهوات ونزوات يستجيب من خلالها الفقيه لسلطة الأمراء مشددا على أنه كان فقها يستند للنص القرآني مستشهدا بما قاله ابن حزم: طاعة الجائر واجبة. وميز محمد أمزيان بين الولاء السياسي والولاء الديني، وقال إن الفقهاء قالوا بأن الولائين السياسي والديني لا يستحقه إلا الإمام العادل، أما الإمام الجائر فلا يستحق إلا الولاء السياسي.غوقال أمزيان إن الفقهاء دعوا إلى مناصرة الإمام العادل في محال تعرضه للاعتداء فيما قالوا أنه إذا تعرض الإمام الجائر للعدوان فندعه وشأنه، واستشهد بمقولة عبد الله بن عمر لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب. وفي تعقيب على عرض الدكتور أمزيان قال الدكتور سعيد الحسن أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس أن كتاب: في الفقه السياسي.. بين الفقه والتاريخ لا يتناول الفقه السياسي إنما يتناول موضوع فقه الخلاقة متحفظا على وصف الدراسة بكونها مقاربة تاريخية معتبرا أنها مقاربة موضوعية. وقال سعيد الحسن إن منظومة القيم السياسي هي أساس النظام السياسي الذي يتكون من ثلاث عناصر هي الراعية، وأهل الحل والعقد (الرعاة) والإمام (الراعي) حسب وصف المعقب. وأكد الحسن أن مفهوم العصبية التي تناولها الباحث أمزيان بشكل سلبي ليست دائما مرفوضة، وأن المرفوض فيها هو فقط العصبية الجاهلية وقال: لقد ذهبت عصبية القبائل كعماد للدولة وانتقلنا إلى عصبية مجتمعية. ووافق سعيد الحسن ما ذهب إليه أمزيان في أن جزءا كبيرا من التراث السياسي الإسلامي لم يحقق بعد مستشهدا بدراسة للباحث المصري نصر محمد عارف تحت عنوان: «مصادر التراث السياسي الإسلامي والتي خلص فيها إلى أن ما هو معروف من هذا الثرات السياسي لا يمثل سوى 4% من ما هو موجود وغير محقق. عبد الحق بلشكر