بوريطة يمثل المغرب في منتدى "استثمر في السنغال" بدكار    الركراكي يستدعي أنس باش لاعب الجيش الملكي لمباراتي البحرين والكونغو    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    بعد الجدل حول "خروقات التخرج".. إدارة ENCG طنجة ترد وتوضح    الهجوم على مركز للدرك بالعرائش.. إيداع 21 متهماً رهن الاعتقال بطنجة    وكر الذيب في عرضين جديدين بمكناس وتيفلت        جيل زد يؤكد أن الحوار مع الحكومة الحالية لا معنى له، والمناورات السياسية انتهت    تحفيز نسوة .. تعاون مغربي إسباني يمنح المرأة القروية مفاتيح الريادة الاقتصادية    بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يشارك ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الثلاثاء، بدكار في أشغال منتدى " إنفست إن سينغال ".    اتفاقية شراكة وتعاون بين الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وقطب الأمن الوطني و«الديستي»    «زد» (Z): الحرف الذي تحول إلى أعمال روائية وسينمائية ورمز عالمي للمقاومة والتعبير    مهرجان الإسكندرية السينمائي .. المخرج المغربي حكيم بلعباس ينشط ماستر كلاس حول الإخراج    نجوى كرم تشعل دبي أوبرا بحفل فني استثنائي    تربية المواشي تقرب بين المغرب وفرنسا    اعتراف بدور الاتحاد الإفريقي للشباب ‬    مجلس جهة الشرق يصادق على 80 نقطة لدعم مشاريع تنموية كبرى بمختلف أقاليم الجهة        استمرار اختطاف غالي وبن ضراوي يشعل موجة تضامن واسعة وتنديد بالصمت الرسمي المغربي    ائتلاف حقوقي يطالب بوريطة بتحمل المسؤولية في الإفراج عن النشطاء المغاربة المعتقلين لدى إسرائيل    اليماني: سعر المحروقات يبنغي ألا يتعدي 10 دراهم وتحرير القطاع لم ينعكس على الصحة والتعليم    بين نفي المصحات وإقرار الحكومة.. جدل دعم المستشفيات الخاصة يصل البرلمان    التغيير في المغرب.. غير ممكن !    الركراكي يهنئ لاعبي المنتخب المغربي على انجازاتهم الفردية رفقة أنديتهم    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية واسعة للتحسيس والكشف المبكر عن سرطاني الثدي وعنق الرحم    استئنافية الرباط تؤيد حبس الناشطة ابتسام لشگر سنتين ونصف    ماتيوس: بايرن هو الأفضل في أوروبا    مونديال كرة القدم لأقل من 20 سنة (ثمن النهائي).. نزالات قوية لتأكيد التفوق والعبور إلى دور الربع    بركة يتحدث بلسان الحقيقة والمسؤولية لجيل يبحث عن الثقة    "الجمعية" تعقد لقاء مع بوريطة بشأن استمرار احتجاز غالي وبن الضراوي في السجون الإسرائيلية    فيفا يطرح تذاكر مباريات كأس العالم ابتداء من 20 درهماً    بايتاس: مطالب "جيل زد" تحظى بمتابعة الحكومة والإصلاحات الاجتماعية مستمرة    النيابة الإسبانية تطالب ب50 سنة سجنا لمغربي متهم بتنفيذ هجوم إرهابي        أداء إيجابي في بورصة الدار البيضاء    وزارة النقل توضح موقفها من خدمات النقل عبر التطبيقات الذكية    محكمة تونسية تطلق سراح مواطن حُكم عليه بالإعدام بسبب انتقاده للرئيس    المفوضية الأوروبية تشيد بتوقيع الاتفاق الفلاحي المعدل مع المغرب    مولودية وجدة يحقق فوزه الأول وشباب المحمدية يتعثر    المغرب ‬وجهة ‬سادس ‬أكبر ‬ناقل ‬بحري ‬في ‬العالم ‬لفتح ‬خط ‬تجاري ‬جديد    67 قتيلا حصيلة انهيار المدرسة في إندونيسيا مع انتهاء عمليات البحث    تقرير غوتيريش يوصي بتمديد ولاية "المينورسو" ويكشف موافقة أممية على بناء ملاجئ عسكرية مغربية في الصحراء    من باريس إلى الرياض.. رواية "جزيرة القارئات" الفرنسية بحرف عربي عبر ترجمة مغربية    جدل بتطوان حول ميزانية 2026 بين الأغلبية والمعارضة    حركة "جيل زد" تلجأ إلى سلاح المقاطعة للضغط على أخنوش    انطلاق "دوري الملوك" في السعودية    مباحثات إسرائيل و"حماس" "إيجابية"    هذا الموريسكي .. سر المخطوط الناجي (2)    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    أهم نصائح التغذية لشهر أكتوبر    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحياء الأسرة: من الإسناد التشريعي إلى التجدَد السوسيو-ثقافي
نشر في التجديد يوم 25 - 06 - 2016

يقولون إن المناسبة شرط. فأما المناسبة، فهي مُصادقة البرلمان المغربي اليوم الثلاثاء 22 يونيو 2016 على مشروع قانون رقم 78.14 المُتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، بعد ثمانية أشهر من إحالته من قبل الحكومة، وبالضبط الجمعة 23 أكتوبر 2015.
وأما عن الشرط، فهو مطلب استثمار هذه اللحظة لإثارة نقاش عمومي حول الأسرة لبعث أدوارها الحيوية وتقوية حضورها المجتمعي، ومساعدتها على مواجهة ما يحيط بها من تحديات والتغلب على ما يحيق بها من تهديدات، بسبب تسارع وتيرة الحياة المدنية ونمط العيش الحديث.
الداعي إلى تدبيج هاته المقالة، بهذه المناسبة ولهذا الشرط، هو الرغبة في تكسير جمود السياسي وبرودة الإعلامي في التعاطي مع هذا الحدث التشريعي المهم، ليس فقط لأنه تنزيل لمقتضى دُستوري ينص على إحداث مجلس استشاري للأسرة والطفولة، ولكن لأن الأسرة لم تستأثر بنص قانوني واضح وخاص بها منذ 12 سنة مَضت، أي منذ نازلة تجديد النظر في نص مُدونة الأحوال الشخصية وإعادة استصداره مدونة للأسرة، تتويجاً لتعبئة مجتمعية شهدها النقاش السياسي والإيديولوجي حول ما سُمي آنذاك ب"مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية"، زمن حكومة التناوب التوافقي الأولى.
على أيٍّ، فإنه ليس للمرء أن يستغرب هذا البرود وهذا التغاضي في ظل سياق سياسي عام متأثر بنزعة حداثوية تعتني فقط بالمواثيق الحقوقية والمشاريع القانونية الخاصة بالحريات الفردية والحقوق الفئوية، في استنكاف عن المبادرات التشريعية والمجهودات العمومية التي تنكب على كل ما له دلالة جمعية أوتسعى إلى تحصين منظومة القيم وإحياء المدركات الجماعية للأمة التي من دونها يفقد أي مجتمع كيف ما كان، خصوصيته الثقافية وتميزه الحضاري.
إن تشريع قانون جديد للأسرة بعد عقد من الزمن ونيف، في أحد أبْعاده العميقة، لهو بمثابة خُطوة واعدة لضبط إيقاع وسرعة انخراط المجتمع المغربي في مسار الحداثة والعصرنة. كما أنه لحظة توقف نقدي لإثارة انتباه المغاربة، نخبا وسياسيين وحقوقيين وعموم المواطنات والمواطنين، إلى أنه مهما أقبلنا على العصر، إلا أن ذلك لا يجب أن يُنسينا مقومات هويتنا وأصول ديموغرافيتنا التاريخية ومؤسساتنا الاجتماعية والدينية والثقافية، والتي أسعفتنا على مر التاريخ لمواجهة إشكالات الواقع وتجاوز عقبات الزمان.
هذا، وفي مقابل سعي المواثيق الدولية والعهود الحقوقية لإحلال منظومة قيمية حداثية ومعولمة قائمة على النزعة الفردية المتحللة من أسر الانتماء للأطر المجتمعية -المسماة زورا "تقليدية" تحقيرا واستصغارا، مع أنها في الحقيقة "أصيلة"-والتي تعمل على تأسيس مفهوم تعاقدي للعلاقات الاجتماعية؛ يأتي الحديث عن الأسرة كمحاولة لاسترداد ما استقر عليه نسق المدركات الجماعية للأمة من مفهوم قائم على حب الانتماء للجماعة ورد الاعتبار للقيم التراحمية التي أطرت سلوك الإنسان المغربي لقرون من الزمن. والتي، بالمناسبة، تستحضر مفهوما للإنسان والمجتمع، غير ما تُغرينا به أطروحات العولمة الحداثية الرامية إلى تنميط المجتمعات بتفكيكها وإعادة تشكيلها وفق مقررات المتون الأممية وأجندة الأسواق العالمية.
ولعلّ في تنامي الاهتمام المجتمعي بالأسرة، والذي ترجمه دستور 2011 ومشروع قانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، ما يشي بأن المغاربة معنيون بإبداع حداثة خاصة بهم، حداثة مقاومة لنزعة التفكيك ورغبات القطع مع موارد تراث المجتمع ومضان قيمه وخبرته الحضارية. فروح الأسرة، – قريبا مما يراه بيير بورديو حين حديثه عن روح الدولة في مقابل روح العائلة- لا زالت تحمل في تمثل المغاربة معاني التراحم والتآخي والبذل والعطاء دون مقابل، مقابل الحياة الحديثة التي لا تعترف إلا بلغة القانون والتعاقد، ومقاربتها للأسرة يقتصر على وصفها إطارا قانونيا يربط أفراده بموجب عقد قانوني، وكّأنهم مجرد وضعيات حقوقية بعضها في مقابل البعض، أوكأنهم أعضاء في بنية اقتصادية مرصودة للاستهلاك وتحصيل اللذة، أو مجرد وحدة إحصائية ومعطى رقمي.
وبحكم قيمها التراحمية والرسالية، فإن الأسرة المغربية، كما في باقي المجتمعات العربية/الإسلامية، لم تكن فضاءً للتربية والتنشئة الاجتماعية فقط، بل إنها شكلت مُكنة للمغاربة ما كان لهم من دونها أن يتغلبوا على العَديد من المشاكل الاجتماعية والضوائق الاقتصادية والاختلالات الثقافية، إذ قامت الأسرة بدور محوري في تأمين استقرار المجتمع وتغلّبه على تقلبات الزمن.
وأمام تنامي حجم التحديات التي باتت تواجهها الأسرة المغربية، فضلا عن تكالب خطابات تسعى، ضمنا أو بشكل مفضوح، إلى تفكيك بنيانها وتقويض فعالياتها، بتنا اليوم في حاجة إلى استثمار الزخم الهادئ الذي يستصحبه أمر استصدار قانون للأسرة والطفولة، من أجل العمل على بعث القيم والأدوار والوظائف الأسرية، واستعادة الأسرة كفضاء أصيل حاضن لأفراده ومكوناته، بعيدا عن النزعة الفردانية التي تغزو مجتمعنا وتهدده بالتفكك. وذلك من خلال العمل على إطلاق دينامية مجتمعية، تستند لهذا الاجتهاد التشريعي، لتجديد الوضعية السوسيو-ثقافية للأسرة المغربية. والحديث هنا عن تجديد إحياء الأسرة ليس بالضرورة من خلال استنساخ أشكالها التاريخية أوباستعادة أنماط ماضوية، وإنما ببعث الأسس القيمية والأطر المفاهيمية التي تأسست عليها الأسرة في واقع الخبرة التاريخية والحضارية المغربية، والعمل على إحياء هذه القيم بتسكينها في واقع الناس ومنحها دلالة في معاشهم اليومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.