التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    تطورات حريق عين لحصن.. النيران تلتهم 20 هكتارًا والرياح تعقّد جهود الإطفاء    مؤسسة بالياريا تقدّم في طنجة مختارات شعرية نسائية مغربية-إسبانية بعنوان "ماتريا"    وزير الداخلية يودّع شقيقته الكبرى بجنازة هادئة وبدون بروتكول ومتواريا عن الأنظار    العيون.. رئيس "سيماك": التجربة التنموية في الأقاليم الجنوبية للمغرب نموذج يحتذى على الصعيد القاري    كوت ديفوار تجدد تأكيد "دعمها الكامل" للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    انطلاق فعاليات النسخة الأولى من ملتقى التشغيل وريادة الأعمال بطنجة    ميسي يقود ميامي إلى هزم بورتو    مهرجان "كناوة وموسيقى العالم" يعيد إلى الصويرة نغمة المحبة والبركة    رئيس النيابة العامة يجري مباحثات مع وزيرة العدل بجمهورية الرأس الأخضر    حكومة أخنوش تصادق على إحداث "الوكالة الوطنية لحماية الطفولة" في إطار نفس إصلاحي هيكلي ومؤسساتي    "عائدتها قدرت بالملايير".. توقيف شبكة إجرامية تنشط في الهجرة السرية وتهريب المخدرات    البيت الأبيض: موقف دونالد ترامب من إيران "لا يجب أن يفاجئ أحداً"    تغييرات في حكامة "اتصالات المغرب"    بعيوي يكذب تصريحات "إسكوبار الصحراء"    ماركا: ياسين بونو "سيد" التصديات لركلات الجزاء بلا منازع    الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يستقبل وزيرة العدل بجمهورية الرأس الأخضر    إصدار أول سلسلة استثنائية من عشرة طوابع بريدية مخصصة لحرف تقليدية مغربية مهددة بالاندثار    أمن طنجة يتفاعل بسرعة مع فيديو السياقة الاستعراضية بشاطئ المريسات ويوقف المتورطين        الحرب الامبريالية على إيران    الحكومة تصادق على تقنين استخدام "التروتينت" ووسائل التنقل الفردي بقوانين صارمة    الأحمر يلازم تداولات بورصة البيضاء    المغرب والولايات المتحدة يعززان شراكتهما الأمنية عبر اتفاق جديد لتأمين الحاويات بموانئ طنجة المتوسط والدار البيضاء    نشرة إنذارية تحذر المواطنين من موجة حر شديدة ليومين متتاليين    "مجموعة العمل" تحشد لمسيرة الرباط تنديدا بتوسيع العدوان الإسرائيلي وتجويع الفلسطينيين    الإعلام الإنجليزي يشيد بأداء الوداد وحماس جماهيره في كأس العالم للأندية    الوداد الرياضي يتلقى هدفين نظيفين أمام مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    هل يعي عبد الإله بنكيران خطورة ما يتلفظ به؟    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    أخبار الساحة    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    تعدد الأصوات في رواية «ليلة مع رباب» (سيرة سيف الرواي) لفاتحة مرشيد    سؤال الهوية الشعرية في ديواني .. « سأعبر جسر القصيدة» و «حصتي من الإرث شجرة» للشاعرة سعاد بازي المرابط        الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب    طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ حسن الموس في خطبة منبرية: في رسالة المسجد والعناية به
نشر في التجديد يوم 15 - 05 - 2008


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا ولا نصيرا. أيها الإخوة المؤمنون، قال الله تعالى إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين قال ابن كثير رحمه الله: شهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد، كما قال الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان. قال تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر رواه الترمذي وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث عبدالله بن وهب به. وعن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما عمار المساجد هم أهل الله رواه الحافظ أبو بكر البزار. وقال الإمام أحمد عن معاذ بن جبل، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ذئب الإنسان، كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية والناحية، فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد قال القرطبي رحمه الله: إنما يعمر مساجد الله دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة، لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها. وقد قال بعض السلف: إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فأحسنوا به الظن. أيها الإخوة المؤمنون، إن الأصل الذي ينبغي أن يكون هو صلاح واستقامة و إيمان عمار المساجد، لذا نجد العلامة الزمخشري يقول في تفسيره لهذه الآية: أي إنما تستقيم عمارة هؤلاء وتكون معتداً بها، والعمارة تتناول رم ما استرم منها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها للعبادة والذكر، ومن الذكر درس العلم بل هو أجله وأعظمه وصيانتها مما لم تبن له المساجد من أحاديث الدنيا فضلاً عن فضول الحديث. وقال الفخر الرازي رحمه الله: اعلم أنه تعالى قال: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله أي من كان موصوفا بهذه الصفات الأربعة و {إنما} تفيد الحصر، وفيه تنبيه على أن المسجد يجب صونه عن غير العبادة فيدخل فيه فضول الحديث وإصلاح مهمات الدنيا. وقوله ولم يخش إلا الله أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ...وكل عسى في القرآن فهي واجبة. وقال بعض المفسرين: لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ولا يخافون في الله لومة لائم، هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق. أيها الإخوة المؤمنون، يا من ترغبون في الأمن والأمان يوم العرض على الله، إن نبيكم يبشركم بالأمن إذ يفزع الناس، وباستحقاق أن تكونوا في ظل الله عز وجل يوم القيامة: روى الإمام مالك عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ. ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه معناه - والله أعلم - ينوي الرجوع إليه، ويرتقب وقت توجهه نحوه، فهذا مما يستديم الحسنات، لأن من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له عشرا. إن المسجد يا عباد الله رمز الحياة الإسلامية ومحور اهـتمام المسلمين، ومركز المدينة أو المحلة الإسلامية، وحوله يتجمع نشاط المسلمين بكل مظاهره وصوره، فمنه انبثقت أفكارهم وتطلعاتهم، إليه يعودون بعد ضربهم في الأرض، وخوضهم في كل المجالات والمسجد تجسيد لأهداف المسلم وغاياته في حياته، وهو الطريق لتحقيق هذه الأهداف والغايات فبناؤه يعد أول خطوة من أجل ذلك، وهدمه قضاء على هذه الأهداف والغايات في مهدها، ومحاولة قضاء على مجرد التفكير فيها أيضاً. لذا فقد كان أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة المنورة، هو بناء المسجد النبوي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَة، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا قَالُوا: لا وَاللَّهِ لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلا من اللَّهِ . أيها الإخوة المؤمنون، يجب على كل أصحاب النوايا الخيرة أن يبادرووا لتقديم كل ما يمكن تقديمه خدمة لبيوت الله عز وجل - فمن منا سيكون كتلك المرأة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدرها، وحرص على أن يصلى عليها، لأنها جعلت من تنظيف المسجد و إزالة القمامة عنه رسالتها و وظيفتها... إن تنظيف المسجد لا ينبغي أن يترك للقائمين عليه فقط، فهم لن يقووا على ذلك لوحدهم، وإنما الواجب وخاصة على الشباب، وكذلك بعض النساء المتفرغات أن يتعهدوا المسجد تفريشا وتنظيفا وتزيينا وتطهيرا. - ومن المسلمين من وسع الله عليه في الرزق، فهذا ينبغي أن يسعى ليكون ممن ينفقون على المسجد بناءا وإنارة وتفريشا وتجهيزا بما يحتاجه المسجد في أداء رسالته ، فمكبرات الصوت يجب أن تتعهد في كل مسجد وتكون في مستوى ما تبثه من كلام الله وسنة رسول الله في الصلوات والجمع والدروس، كما أن الإنارة يجب أن تكون في المستوى المطلوب، وكذلك يمكن التنافس في مد المسجد بالمصاحف وكتب التفسير والحديث والسيرة النبوية بالتنسيق مع قيمي المسجد ليجد كل جالس في بيت الله ما يحقق ضالته العلمية... وإن من فضل الله أن يتنبه المحسنون والقائمون على الشأن الديني في بلادنا إلى أهمية جعل المسجد مؤسسة جامعة كما كان في عهد أسلافنا، يضم قاعات لتعليم القرآن وأخرى لطلب العلم. إن البخاري رحمه الله تعالى جعل آية التوبة التي جعلناها محور خطبتنا اليوم، أصلا في التعاون على بناء المساجد فقد بوب في جامعه الصحيح: بَاب التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، قال تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ. وبوب أيضا: بَاب الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ وَالْمَسْجِدِ - كما أن التسابق إلى دعم بناء المساجد يعتبر من أوجب الواجبات فكل مسجد جديد يبنى يساوي تحصين للكثير من الشباب من الضياع والانحراف، لأن الفراغ وقلة ذات اليد وعدم تيسر أسباب العيش الكريم، إذا لم يواكبه إيمان يجعل صاحبه يتحلى بالصبر والثبات، أقول إن ذلك قد يؤذي للكثير من الأزمات النفسية... فما أحوج المواطن إلى عمارة المسجد ليجد فيه الطمأنينة النفسية و السكينة: روى أبو داوود في سننه عن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاة، قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ، قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ: إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي. - والمسجد يجب أن يقام في كل تجمع بشري، تيسيرا للناس على حضور الصلوات في وقتها ومع الجماعة فكتب السيرة تخبرنا كيف كان الصحابة رضي الله عنهم، يسارعون إلى بناء المساجد القريبة التي تنوب عن المسجد الجامع في حال البعد والمطر، بل من الصحابة من دعا النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي له في مكان من البيت يجعله مسجدا له و لأهل بيته، وهذا يمكن مقارنته بما يمكن أن يكون من مساجد في بعض العمارات والمجمعات السكنية أو الوظيفية وكذلك الثانويات والإعداديات. فمن غير المقبول أن يتواجد أبناؤنا طيلة اليوم في مؤسساتهم التعليمية ولا يجدون قاعة للصلاة، وهذا العبء يقع على عاتق جمعيات الآباء و المحسنون الذين يمكن أن يساعدوا في بناء و إيجاد هذه القاعات. روى البخاري عن عُثْمَان بْن عَفَّانَ أنع قال - عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ. لقد وعى الصحابة رضي الله عنهم رسالة المسجد فكانوا يحرصون على عمارته، و لا يتركوا الجماعة حتى ولو كانوا في جهد و مرض شديدين: روى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ، قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعًا - كما أنه لكي يقوم المسجد برسالته كاملة لابد من التأدب بآدابه وتجنب كل ما يشوش عن طمأنينة رواد المساجد فمما تصان عنه المسجد الروائح الكريهة والأقوال السيئة وغير ذلك. وقد صح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غَزْوة تَبُوك: من أكل من هذه الشجرة ـ يعني الثُّوم ـ فلا يأتِيَنّ المساجد (الدخان و غيره) .. روى الترمذِيّ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة. - وفي الحديث: روى بن ماجه عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ. - قال أبو عمر بن عبد البر: وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام رحمه الله أفتى في رجل شكاه جيرانه واتفقوا عليه أنه يؤذيهم في المسجد بلسانه ويده فشُووِر فيه؛ فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده عنه، وألا يشاهد معهم الصلاة؛ إذ لا سبيل مع جنونه واستطالته إلى السلامة منه، فذاكرته يوماً أمره وطالبته بالدليل فيما أفتى به من ذلك وراجعته فيه القول؛ فاستدل بحديث الثُّوم، وقال: هو عندي أكثر أذًى من أكل الثوم، وصاحبه يُمنع من شهود الجماعة في المسجد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.