بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    اتحاد طنجة يفوز على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''بؤساء'' بأزيلال يطالبون بالإنصاف في نزاع حول آلاف الهكتارات خلفه الاستعمار
نشر في التجديد يوم 03 - 02 - 2011

الاستعمار لا يخلف النزاعات على الأرض بين الدول فقط بل حتى بين مواطني منطقة في الدولة الواحدة. هذا على الأقل ما يؤكده النزاع الدائر في أزيلال حول ملكية مئات الهكتارات من الأراضي. النزاع الذي دام عقودا بين عشرات من الأسر من جهة وورثة ''الحاج عاشور'' من جهة ثانية في ردهات المحاكم، انتقل في صبيحة العاشر من شهر يناير الماضي إلى شوارع مدينة أزيلال. وانطلقت مسيرة حاشدة من الشارع العام قاصدة مبنى المحكمة، رمز العدالة الذي يقول المحتجون أن قضيتهم افتقدته، ويسألون : ''لماذا كل قضايانا خاسرة ؟''. أما ''ورثة الحاج عاشور'' فيقولون إن ملكيتهم للأراضي سليمة وأنها تمت عن طريق شراء جدهم لها من أجداد المحتجين، ويؤكدون أن تركة الجد تقدر الآن ب 01 آلاف هكتار، وأن عدد شركائهم فيها ( في المحصول الزراعي وليس في العقار) يبلغ 3 آلاف فرد موزعين في مجموعة من الجماعات وداخل مركز أزيلال! قد تكون هذه أكبر قضية عقارات من نوعها في تاريخ المغرب تعرف نزاعا تضرب بجذورها في فترة الاستعمار حول ملكيتها. ولعل هذا ما جعل المحتجين يستوحون من كلمة ''الاستعمار'' بعض شعاراتهم!
الاستيناف إلى الشارع!
كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف من يوم الاثنين 10 يناير الجاري في أزيلال ذات الجو البارد ، عندما انطلقت مسيرة حاشدة من نساء ورجال واخترقت الشارع العام متوجهة نحو المحكمة. أهل المنطقة يقولون أنها سابقة من نوعها في المدينة. لكن موضوعها قد يجعلها سابقة في المغرب كله! المحتجون رفعوا شعارات تنادي باسم الملك و العدالة و الشفافية، و تنادي بتسريع وتيرة اصلاح القضاء وهم يحملون صور الملك ويلوحون بالأعلام الوطنية. اليافطات تلخص عناوين المعاناة التي دفعت ممثلي المتنازعين مع ''ورثة الحاج عاشور'' على ملكية آلاف الهكتارات من الأراضي لتنظيم هذه المسيرة من قبيل : ''لماذا لا تؤخذ حججنا وشهودنا بعين الاعتبار ''؟ ،''لماذا كل قضايانا خاسرة ''؟،''نطالب بمعالجة ملفاتنا و احالتها على محكمة أخرى'' ، ،'' نطالب بمحكمة تقيم الحجج و الأدلة لا محكمة تصنعها ''.
هل يفتح التفاوض ''أبواب'' الأمل؟
عناصر الأمن استبقت كعادتها الحدث وأقفلت بوابة المحكمة الخارجية. ورغم أن ''الإقفال'' هو الذي أخرج المسيرة إلى الشارع، إلا أن المحتجين تجاوبوا مع طلب عناصر الأمن بتشكيل لجنة لمحاورة وكيل الملك و رئيس المحكمة تتكون من أربعة او خمسة أفراد. لكن سرعان ما تحولت إلى مثنى مثنى، الشئ الذي أغضب المحتجين.
وحسب مصادر من اللجنة اشتكى المفاوضون لوكيل الملك نفوذ عائلة كبيرة بأزيلال تتهم أناسا في هوامش المدينة بالترامي على أراضيها. ونقل المصدر عن المحاورين أنهم أكدوا لوكيل الملك أن هذه العائلة تنهج ما أسموه سياسة التهديد و الترهيب، كما تعتمد مسلسل ''التجرجير'' في دعاوى قضائية بمحكمة أزيلال معتمدة على عقود عرفية مجردة من الملك وثق أغلبها إبان فترة الاحتلال و لاعلاقة لها بموضوع النزاع (يقول المحتجون).إذ من الملاحظ حسب أقوالهم، أن هناك اختلافا واضحا بين مواصفات و حدود الأملاك المذكورة ، بين ما ورد في مذكرات ''أيت التوامي'' الطرف الثاني في النزاع الذي اتهمه المحتجون باستغلال النفوذ، وما هو موجود في الواقع. هذا بالإضافة إلى استعمال شهود الزور من تابعيهم و بعض ذوي السوابق العدلية و المشردين .
انتهى التفاوض وبقي سؤال كبير: هل تفتح ''أبواب'' الأمل المغلقة مند عقود؟
من ترامى على أرض من؟
يجمع الطرفان على أن جذور المنازعات في هذا الملف تعود إلى الفترة الاستعمارية. ويقدم كل طرف روايته مدعومة بشهود ووثائق. وكما هو الشأن في كل نزاع يتبادل الطرفان الاتهامات. (ورثة الحاج عاشور) يتهمون المحتجين بالترامي اليوم على أراضيهم والمحتجون يتهمون هؤلاء بأن أجدادهم هم من تراموا عليها.
تقول رواية المحتجين أن ''الحاج عاشور'' مدعوما بسلطات الاحتلال قام بالترامي دون موجب قانوني على أملاكهم عقاباً لهم على انخراطهم في صفوف الحركة الوطنية . وتضيف الرواية أنه بعد رحيل الاستعمار حاولوا استرجاع أراضيهم، فقاوم ''ورثة أيت التوامي'' المعروفين تضيف الرواية بجاههم ونفوذهم حيث عمدوا تارة إلى استعمال القوة والعنف لإفراغهم من مساكنهم وأراضيهم ورفع دعاوى قضائية تارة أخرى.
وتقول رواية ''ورثة أيت التوامي'' أن جدهم المتوفى سنة 1981 كان يقتني الأراضي في الفترة ما بين 1935 إلى 1979 وهي الآن لها مقابل من الرسوم والعقود . وتضيف الرواية أن عملية الشراء كانت كبيرة ومتتالية على طول هذه الفترة من الزمن لعدة ظروف (الجفاف والفقر) دفعت بعدد من الفلاحين في أزيلال وهوامشها إلى التقدم لدى ''الحاج عاشور'' طالبين بيع أرضهم له وفي كثير من الأحيان يتوسلون بعد بيعها البقاء فيها كشريك أو خماس أو ما شابه ذلك
الجميع يؤكد وجود حالة الترامي وعلى القضاء النزيه أن يحسم: من ترامى على أرض من؟
المحكمة أنصفت، المحكمة لم تنصف!
يقول المحتجون أن خصومهم يعتمدون شهود الزور والنفوذ وعقود مجردة من الملك. ويؤكدون في تصريحاتهم ل''التجديد'' أنهم حاولوا في مذكراتهم الجوابية المعززة بعقود ملكية صحيحة وشهود من السكان الأصليين الذين لهم دراية واسعة بمواصفات وحدود الأملاك موضوع النزاع وبدفوع في الشكل وأخرى في الموضوع أن يبينوا للمحكمة أن القانون في صفهم دون جدوى. وعبر هؤلاء عن تفاجئهم بصدور أحكام بإفراغ تلك الأملاك وتسليمها لخصومهم.
واستغربوا أن تأتي الأحكام في عشرات القضايا بنفس النتائج (الإفراغ)، وتساءلوا هل يعقل أن لايكون بينهم من يربح قضية واحدة؟
لا يعاني المحتجون مما أسموه الأحكام غير العادلة الصادرة في المحكمة فقط، بل يعانون خارج أسوار المحكمة مما أسموه ''حملات النيابة العامة ضدهم''. فحسب تصريحاتهم عملت النيابة العامة و لا تزال على شن حملة من الاعتقالات التهديد بالاعتقال في صفوفهم. والتهم حسب المحتجين ملفقة من خصومهم في النزاع، وذلك لحملهم على إفراغ أملاكهم خوفاً من السجن.
بالنسبة لورثة الحاج عاشور فالقضاء بأزيلال و بني ملال و المجلس الأعلى عادي جداً و نزيه أيضا. ويضيفون في تصريحاتهم ل''التجديد'' أنهم يقولون ذلك '' رغم أننا خسرنا عدة ملفات وتم السطو على مساحات كبيرة من ممتلكاتنا تقدر بعشرات الهكتارات ورؤوس من الماشية و مغروسات''. ويعتبر هؤلاء أن ''المسيرة التي نظمت ورفع خلالها شعار ضد أيت التوامي ما هي إلا حرب كلامية يراد بها باطل لإضفاء الشرعية على إدعاءاتهم''، ويضيفون أن الهدف من وراء تنظيم تلك المسيرة هو السطو على أراضي الغير.
''إمشركن'' أم ملاك؟
بموجب عقد شفوي في الغالب في السوق بأزيلال يبيع الفلاح ملكه من الأرض للحاج عاشور، وهذا الأخير يحفظ له حق استغلالها مقابل اقتسام المحصول الزراعي أو الماشية أو محصول المغروسات. تصبح العلاقة هي أن ملكية الأرض تنتقل للحاج عاشور الذي يعطي البذور في كل مستهل موسم فلاحي للفلاح الذي أصبح في وضعية ''أشريك''، وهذا الأخير يقوم بالحرث و مراقبة المنتوج حتى آخر مرحلة (الحصاد و الدرس و الجمع) ليقوم بعد ذلك باقتسام المحصول مع الحاج عاشور مناصفة، أما بالنسبة للماشية فالشريكان يقتسمان الأرباح فقط وبالنسبة للمغروسات فحق ''أشريك'' لا يتعدى الربع أو الخمس من المحصول.
هذه العلاقة هل تصدق على المحتجين كلهم أم على بعضهم فقط؟ هل هم ملاك ارتمى ''الحاج عاشور'' على أراضيهم إبان الاستعمار، كما يقولون، أم أنهم اكتسبوا صفة ''إمشركن'' بعد أن باعوا أملاكهم من الأراضي الفلاحية للحاج عاشور؟
بالنسبة لورثة الحاج عاشور ''آباء المحتجين باعوا الأرض لجدنا و أتى الأحفاد اليوم يطالبون بها في الوقت الذي يتوفر فيه ورثة الجد على الأوراق الثبوتية''. ويضيفون في تصريحاتهم ل''التجديد'' أنه ''من الواقع يمكن استياق مجموعة من النماذج حيث تربطنا علاقات جد طيبة مع العديد من الشركاء (إمشركن) مقابل المحصول و لا ملكية لهم .هذه العلاقة التي تربطنا بشركائنا، يقولون، عنوانها ''لكل ذي حق حقه'' ويمكن تقدير عدد شركائنا في 3آلاف فرد موزعين في مجموعة من الجماعات وداخل مركز أزيلال مع العلم أن تركة الجد الحاج عاشور، يضيف ورثته، تقدر الآن بما نتوفر عليه من وثائق ب 10 آلاف هكتار.
في ظل هذا التوضيح هل المحتجون ملاك أم ''إمشركن''؟ وهل تفتح المحكمة تحقيقا قضائيا في هذا الاتجاه أم أنها سوف تكتفي بالنظر فيما يعرض عليها من وثائق وشهادات؟
أين الحقيقة؟
بالنسبة لورثة الحاج عاشور فالقضاء أنصفهم وهم على حق. وبالنسبة للمحتجين فالقضاء لم ينصفهم. فلأنهم لم ينصفوا فالمحتجون رفعوا شعارات وسطروا مطالب. طالبوا بإجراء تحقيق محايد و تسريع طريقة تدبير ملفاتهم من طرف المحكمة. طالبوا بمراجعة ملفاتهم. طالبوا النيابة العامة بالكف عن حملة الاعتقالات والتهديدات. طالبوا بإعادة النظر في محاضر التنفيذ التي تشرف عليها هيئة الأعوان القضائيين والتي يقولون أن المعطيات الواردة فيها لا تتطابق مع مواصفات و حدود أملاكهم. طالبوا وزارة العدل بفتح تحقيق في النازلة. وأخيرا يقولون إنه كما شيدت بناية جديدة للمحكمة فهم يطالبون بهيئة قضائية جديدة.
هل استولى الحاج عاشور على أراضي الفلاحين إبان الاستعمار وحولهم إلى خدم ثاروا عليه بعد الاستقلال؟ أم أن أجداد المحتجين باعوا أراضيهم في ظروف وأراد أبناؤهم استعادتها في ظروف أخرى؟ ما قصة الوثائق التي يحتج بها كلا الطرفان وما الملابسات التي تكتنف تحريرها؟ هل تصلح وثائق ورثة الحاج عاشور للمحاججة بعد الاستقلال؟ وهل تمتلك وثائق المحتجين من القوة ما يفندها؟ هل الشهود الذين يستعين بها الطرفان حقيقية ولها مصداقية أم أن الأمر يتعلق بمجرد مأجورين أو متعاطفين؟
مجرد تساؤلات مطروحة على ورش إصلاح القضاء...
****
تناقضات مريبة
محمد والشهود
قال محمد، وهو أحد المتنازعين مع ورثة ''أيت التوامي''، وهو يحكي قصة التحقيق الذي أفضى به إلى الاعتقال، ل''التجديد''، '' تلقيت مكالمة هاتفية من مساعد الدرك الملكي (ب ت) يدعوني عبرها للحضور إلى منزلي لغرض اصطحابي لمركز الدرك قصد إصلاح عطب كهربائي هناك''. ويضيف محمد ''لبيت الدعوة في الحين إذ تركت الأشغال التي كنت منهمكاً فيها''. ويعبر محمد عن صدمة كبيرة حين اكتشف أن مسألة العطب الكهربائي ليست إلا فخا للإيقاع به. وأضاف ''لما بلغت منزلي طلب مني الدركي مصاحبته رفقة زوجتي إلى مركز الدرك لغرض غير الذي استدعيت من أجله، حيث تفاجأت بفتح بحث معي في تهم ملفقة من أحد أفراد العائلة النافذة تتعلق بالهجوم على مسكن الغير و السرقة و إلحاق خسائر مادية بملك الغير وانتزاع حيازة عقار و إلحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير، وذلك وفق فصول المتابعة 441 - 505 - 570 -924 من القانون الجنائي.
وقد تم حبسي -يقول محمد- في إطار الحراسة النظرية 48 ساعة ليتم تقديمي يوم الأحد 12 أكتوبر للنيابة العامة التي أمرت بتمديد الحراسة النظرية 24 ساعة إضافية بعد الاستنطاق .
ويحكي محمد قصة وضعه تحت الحراسة النظرية وكيف كاد أن يفقد نظره وصحته بسبب الظروف التي عاشها في زنزانته. ''كنت أبيت في غرفة مساحتها التقريبية 6 أمتار مربعة تحت نور مصباح لاينطفئ ليل نهار، وذلك ما تسبب لي في مشاكل، حيث انتفخت عيناي. لم أغسل وجهي، يقول محمد، طوال الأيام التي كنت معتقلا فيها لانعدام الماء في المخفر. و كنت أقضي حاجتي في كيس بلاستيكي و أتبول في قنينة بلاستيكية من تلك التي يأتيني بها الزوار!
هكذا لخص محمد معاناته وهو ''تحت الحراسة النظرية'' التي تجعل الفقرة الأخيرة من المادة 66 من القانون2201 المتعلق بالمسطرة الجنائية مسؤولية مراقبة ظروف الموضوعين تحتها للنيابة العامة.
لم يكن المشتكي بمحمد سوى أحد العائلة المتنازع معها حول الأرض. المشتكي، حسب رواية محمد، صرح في محضر الدرك الملكي رقم 1973 بتاريخ 9 أكتوبر 2010 أنه لا يتوفر على أي شاهد في الموضوع. لكن يقول محمد، فوجئت بخصمي يحضر الشهود في جلسة البحث التي أجرتها المحكمة بشأن التهم الموجهة لي. وتساءل محمد : لماذا لم تنتبه المحكمة الى تناقض تصريحات المشتكي بين ما ورد في محضر الدرك و ما يقع أمام هيئتها؟ وأضاف أنه حينها أدرك أنه سيكون ضحية شهود.
وزاد من ألمه رفض المحكمة إحضار شهود يثبتون أنه كان يعمل في يوم و ساعة وقوع النزاع كعادته في أحد المحلات. لكن هل ستستدرك هيئة المحكمة الأمر بإحضار الشهود؟
زايد والانقلاب على أحكام نهائية
زايد من المحتجين الذين شاركوا في المسيرة أمام المحكمة الابتدائية. قال ل''التجديد'' في لقاء معه، إنه دخل في نزاع مع الحاج عاشور سنة ,1972 حيث اتهم في الملف الجنحي العادي رقم 5373 بجنحة انتزاع عقار في ملك الغير طبقاً للفصل 570 من القانون الجنائي و حكم عليه بشهر حبساً نافذاً أمضى منها 12 يوماً و أطلق سراحه بعد الحكم عليه بالبراءة في الاستئناف حكم ابتدائي 349/72 بتاريخ 12/12/.1972
استأنفت النيابة العامة القرار الاستئنافي الذي صدر لصالح زايد أمام المجلس الأعلى الذي صرح بدوره بسقوط الطلب و بالتالي تأييد الحكم الاستئنافي الصادر بالبراءة .
لم يطل فرح زايد كثيرا ببراءته وبقانونية حيازته لملكه. فخصمه لم يستسلم، إذ ما لبثت المحكمة الابتدائية بأزيلال أن فتحت ملفاً مدنياً له تحت عدد 422/75 وصدر فيه حكم عدد 322/.75 ويقضي هذا الحكم من جديد باستحقاق زايد موضوع النزاع وهو الحكم الذي أيدته استئنافية سطات بالقرار رقم 274 بتاريخ 14 أبريل 1977 .
لم يقف الأمر عند هذا الحد إذ فتحت ملفات ضد زايد منها على سبيل المثال : ملف جنحي عدد 84/1414 ضد زايد بتهمة الترامي على ملك الغير على نفس العقار الذي برئ فيه من المجلس الأعلى و ذلك بالحكم عدد 735/87 . زايد ربح الملف الجنحي عدد 457/86 والملف عدد 2764/89 وحكم استئنافي رقم 4288/88 بتاريخ 07/09/1989 ،ملف مدني عدد 89/08 بتاريخ 24/09/,,.1990ملف رقم 62/92 وهو عقار صدر فيه حكم رقم 47/95 حيث حكمت المحكمة برفض طلب المدعين (أيت التوامي ).
(ملف مدني رقم 52/09/06 بتاريخ 25/05/2010 )، هذا الملف فجر غضب زايد وجعله يطرح أسئلة كثيرة حول نزاهة و نباهة المحكمة وتساءل كيف يمكن لهيئة قضائية تلقت تكويناً قانونياً وكسبت خبرة واسعة في خبايا مختلف النزاعات القضائية أن تغفل كل الأحكام و القرارات القضائية الباتة وغير القابلة لأي طريق من طرق الطعن ، أن تأتي سنة 2010 وتحكم على زايد بإفراغ ذلك العقار الذي ''جرجر'' من أجله كل هذه المدة وكذلك تلك المنازل التي بناها من عرق جبينه هو وعائلته التي تبلغ 26 فرداً .
يتساءل زايد بمرارة، كيف يمكن لمحكمة ان تصدر حكماً قضائياً باتاً في مرحلة معينة و لاتعيره أهمية في مرحلة أخرى، ويتساءل عن أهمية الأحكام القضائية إذا كانت لا تطبق وكيف نطلب من المتقاضي أن يحترم الاحكام و القرارات القضائية ،في الوقت الذي لاتحترم فيه المحكمة ما يصدر عنها من أحكام أو قرارات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.