لفتيت يعقد اجتماعين مع قادة الأحزاب واتفاق على تسليم مقترحاتها حول الإطار القانوني لتنظيم الانتخابات قبل نهاية غشت    عبد الحق عسال: لاعبو المنتخب المغربي على أهبة الاستعداد لمواجهة أنغولا    رسالة ترامب وتجديد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء: صفعة قوية من واشنطن للنظام الجزائري        مدريد تتجه لإسقاط السرية عن أرشيفها.. وتوقعات بالكشف عن ملفات تاريخية حساسة مع المغرب    رسالة من ترامب إلى الملك: "الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على الصحراء"    ميمون رفروع يطلق أغنيته الجديدة "ثبرات" ويعيد الروح للأغنية الريفية    نادي المحامين بالمغرب ينتقد "انتهاكات قانونية جسيمة" في متابعة حكيمي    الرجاء يفتتح عهدا جديدا بالتحول إلى شركة رياضية.. ولقجع: خطوة تاريخية    حادثة سير مروعة قرب سطات تخلف ثلاثة قتلى وطفلين مصابين    3 قتلى في حادث بالطريق السيار    مقتل 21 فلسطينيا بنيران جيش إسرائيل    "حماس" ترفض نزع سلاح المقاومة        بورصة الدار البيضاء تغلق الأسبوع على ارتفاع ب0,85% في مؤشر "مازي"        خريبكة تحتفي بمونية لمكيمل في الدورة العاشرة لمهرجان الرواد    مهدي فاضيلي يزيل الستار عن "ساريني"    بطولة العالم للألعاب المائية: السباحة الأمريكية وولش تحرز ذهبية 50 متر فراشة    الداخلية تُؤكد التزامها بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة            صادرات قطاع الطيران بالمغرب تتجاوز 14 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي: المغرب الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة    صحيفة صينية: المغرب نفّذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل بقيادة الملك محمد السادس    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    المغرب يعزز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة    فضيحة أخلاقية تهز جماعة أركمان والناظور بعد تداول فيديو صادم    بعد أشهر من الانتظار.. انطلاق أشغال الطريق المنهار بين الحسيمة وتطوان    شاطئ ميايمي ببني أنصار يلفظ جثة شاب كان يحاول العبور إلى مليلية    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    بوريل: قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون مع إبادة إسرائيل للفلسطينيين            كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا    المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك        دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عين تازروالت بين ضيعة الأميرة وسكان تاكزيرت
نشر في المساء يوم 27 - 08 - 2008

مياه العين منذ الحماية كانت مقسمة بين المعمرين والفلاحين بنظام لا يظلم فيه أحد، إذ تستفيد الأراضي بمعدل صبيب المياه عبر علامات ترقيم بين كل الأطراف، وبنظام تدبير عرفي استمرت معه العين في سقي الأراضي المحيطة بدير القصيبة، بجماعة تاكزيرت، حيث يؤكد أبناء تاكزيرت أن أزيد من 4000 هكتار من أشجار الزيتون والفواكه والفلاحات المتنوعة، كانت تستفيد من نصيب وافر، فيما كانت تستفيد ضيعة تازروالت بمساحة 800 هكتار بنصيب على قدر المساحة الإجمالي
في الطريق إلى مدينة القصيبة ببني ملال وبجماعة تاكزيرت (20 كيلومترا عن بني ملال) يعتصم أزيد من 360 شخصا منذ 11 يوليوز الماضي، الاعتصام يعرف تناوب أبناء مشيخة آيت وودي ومشيخة آيت أحمد بجماعة تاكزيرت اللتين يبلغ تعداد سكانهما أزيد من 7.000 نسمة، وعلى بعد أمتار من الخيمتين كان أطفال صغار يسبحون في مجرى الماء غير مكترثين برجال الدرك المرابطين منذ انطلاق الاعتصام السلمي. يتدافع سكان المشيختين على توقيع العرائض ورسالات الاستعطاف والتدخل والتظلم أملا في أن يلفت اعتصامهم والرسائل العديدة انتباه من يهمهم الأمر إلى معاناتهم، لكن صباح الجمعة تطورت الأمور في منحى آخر بعد امتناع السكان عن تدبير الماء (مجارية الماء)، وانتقل الاعتصام من الخيمتين المنصوبتين إلى الحوض الذي يحدد نصيب طرفي النزاع، بعد قدوم السلطة المحلية وبعد التراجع عن اتفاقات رعتها ولاية جهة تادلة-أزيلال. كان اعتصام السكان مشوبا بحذر شديد، حيث اقتصدوا في الكلام عن خصمهم الذي ينازعونه والذي بسببه «أتلفت محاصيلنا وأتلفت فلاحتنا، واليوم نحن مهددون بالعطش»، يؤكد أحد أبناء الدوار في تصريح ل«المساء»، ويضيف: «قضينا أزيد من 42 يوما في اعتصامنا هذا ولا حل يبدو في الأفق لمشكلتنا مع الماء ومع مسير ضيعة تازروالت»، فيما يلخص محمد المنيوني، عضو المجلس القروي لتاكزيرت، المفارقة التي يعرفها تدبير ماء تازروالت بين الطرفين المستفيدين بكون «الجفاف لا يتضرر منه سوى الفلاح، أما ضيعة تازروالت فلا تعرف الجفاف أبدا، وتاريخها يشهد على ذلك والجميع يعرف هذا منذ عشرات السنين».
السكان لا يعرف أغلبهم المالك الحقيقي للضيعة، «ربما هي في ملك الأميرة لالة أمينة، كما أخبرنا مسير الضيعة في حضور السلطات الإقليمية والجهوية، وفي كل مرة يخبرنا فيها بأن الأميرة ستقوم بزيارة للضيعة وأنه يحتاج إلى تعاوننا، كنا نسارع إلى ذلك، ونسمح له بنصيب معين من صبيب العين إلى انتهاء زيارة الأميرة».
تاريخ العين
يعتصم بالخيمتين شيوخ عاينوا مسار العين منذ الاستقلال، الحاج آيت موحى واعلي شيخ جاوز الثمانين سنة أكد أن «مشكلا مشابها للذي نعيشه اليوم سبق وحدث في بداية الثمانينات عندما تدخل العامل العروسي آنذاك ولم يتمكن من حل المشكل، فيما كان تدخل القائد العلوي مولاي عبد الله رئيس دائرة القصيبة أكثر نجاعة حيث اقترح حلا أرضى طرفي النزاع حول ماء تازروالت، وأرجع الأمور إلى نصابها، والمشكل الثاني استدعى اعتصام السكان أمام القصر الملكي بالرباط قبل أن يتم طرد المعتصمين دون نتيجة».
عين «تازروالت» التي تتفرع عن وادي «أوشرح» بتاكزيرت في رأي الفلاحين المتضررين «تجسد تجسيدا كبيرا للحيف الذي يلحقنا دون تدخل من أي طرف لإنصافنا اليوم».
الدكتور أوجادر خلاف، أحد أبناء المنطقة وعضو لجنة الحوار، أكد ل«المساء» أن «مسلسل الحوار كشف أن السلطة تريد تطبيق سياسة لي الذراع للسكان بأخذ نصيب القبيلة وتسليمه للضيعة فتستفيد الضيعة من 32 سنتمترا من المياه مقابل استفادة القبيلة من 2 سنتمتر»، الدكتور خلاف يحذر من تكرار ما وقع بمنطقة بوعرفة من «نزوح السكان ورحيلهم عن ديارهم، لذلك على الجهات العليا التدخل لمنع وقوع كارثة إنسانية، قرار السلطة بالتراجع عن الاتفاق الأخير الذي رعته ولاية جهة تادلة-أزيلال سيقود إلى تجويع السكان وموتهم عطشا، هناك فرق كبير بين من يستفيد من مياه تازروالت للبقاء على قيد الحياة ومن يستفيد منها للربح من التجارة الخارجية والتصدير ومضاعفة الأرباح».
يؤكد السكان أن مياه العين منذ الحماية كانت مقسمة بين المعمرين والفلاحين بنظام لا يظلم فيه أحد، إذ تستفيد الأراضي بمعدل صبيب المياه عبر علامات ترقيم بين كل الأطراف، وبنظام تدبير عرفي استمرت معه العين في سقي الأراضي المحيطة بدير القصيبة، بجماعة تاكزيرت، حيث يؤكد أبناء تاكزيرت أن أزيد من 4000 هكتار من أشجار الزيتون والفواكه والفلاحات المتنوعة، كانت تستفيد من نصيب وافر، فيما كانت تستفيد ضيعة تازروالت بمساحة 800 هكتار بنصيب على قدر المساحة الإجمالية.
تراجع السلطات
السلطة المحلية بتاكزيرت تبرمت من الجواب عن المالك الحقيقي للضيعة التي في اعتقادها «ليس ضروريا أن نعرف لمن تعود ملكية الضيعة، المهم أننا نعمل على حل مشكل الاختلاف حول الماء الذي حدث أخيرا، رغم أن الضيعة تابعة لنفوذ السلطة المحلية خاصة في تقاطع استفادتها من عين تازروالت، إلا أننا لا نعرف من هو المالك الحقيقي لها». المشكل، في نظر السلطة، مجرد اختلاف بسيط حول فترات الصيف والشتاء وحول تدبير عرفي بين المستفيدين، «وقد وقعنا في اجتماع بين الأطراف اتفاقية بين مسيري ضيعة تازروالت بين الفلاحين المستفيدين من مائها ممثلين ببعض المستشارين داخل المجلس الجماعي، اتفقت من خلالها الأطراف على حل رضائي بإعادة ثمانية سنتمترات من مجرى العين لمدة 14 يوما إلى غاية 14 غشت».
المعتصمون الذين رفضوا بنود ومضامين الاتفاق الذي وقع بالقيادة يقولون «إنه اتفاق لرفع الاعتصام وإسكاتنا والضحك علينا فهو غير قانوني، ما دخل المستشارين الجماعيين الذين حضروا بالصدفة الاجتماع المذكور دون ممثلي ذوي الحقوق؟»، يقول إبراهيمي الحسين، رئيس جمعية فتح الخير لمربي الأبقار والأغنام والماعز، «المشكل أكبر من ذلك، فمسير الضيعة اليوم تجاوز كل الحدود والعلامات التي تواضعنا عليها عرفا لم يعد يحترمها، وبسبب ذلك اليوم نضطر إلى بيع مواشينا، وفلاحتنا التي كانت تستفيد من نصيب ولو قليل من الماء دمرت وأصابها الجفاف، ولا نجد ما نؤدي به ديون القروض التي بذمتنا للبنوك».
بعد اعتصامات عديدة ومسيرات قام بها السكان، تم استقبالهم من طرف الكاتب العام لولاية الجهة، وتم «الاتفاق على تقسيم المياه حسب عدد الهكتارات، وتم تعيين لجنة مكونة من تقنيين من وكالة حوض أم الربيع، وتقنيين من مكتب الاستثمار الفلاحي وقائد المنطقة وممثل عن السكان، وتم قياس صبيب العين وقياس نصيب الضيعة، لكن مسير الضيعة والسلطة المحلية تراجعوا وقاموا باستدعائنا بعد زيارة الوالي للعين الأربعاء الماضي، لينقل إلينا رئيس الدائرة بعد ذلك موقف السلطة بالتراجع عن الاتفاق، وأنها ستعيد التفاوض من جديد في الموضوع وتلغي الاتفاق السابق الذي رغم إجحافه نعتبره منصفا مقارنة بجميع الأوضاع السابقة»، يصرح إبراهيمي الحسين.
السلطة المحلية بتاكزيرت تتهم السكان ب«قطع الماء من المنبع، وهذه فوضى لا نقبل بها، لقد كان هناك بالفعل اجتماع بالولاية لكن ليس هناك من محضر يؤكد الاتفاق، وحتى وإن سلمنا بالاتفاق فإن الوضع يتطلب مفاوضات أخرى لضمان حقوق الجميع، سواء من الفلاحين أو من الضيعة، نحن هنا لحماية مصالح الجميع وعليهم بالمفاوضات من جديد، وإرجاع المياه إلى ما قبل الاعتصام والقدوم كمتضررين قصد إبلاغ صوتهم».
تهديدات واعتقالات
الجمعة الماضية كان السكان يرددون الصلاة على رسول الله دون شعارات أخرى، ويؤكد مصطفى أن السكان «جاؤوا لاستنكار محاولة السلطة تجريدهم من المياه بصفة نهائية والقضاء على ما تبقى لهم من أمل في العيش»، يرابط اليوم، بعد اعتصام أبناء مشيختي آيت وودي وآيت محمد، رجال الدرك بالقرب من العين، كما يرابط حارسان تابعان للضيعة منذ سنوات في غرفة بجانب العين، ويمنعان أي شخص من الاقتراب من العين، وهما أول من يعتقله قبل تسليمه للسلطات أو لرجال الدرك الملكي، «كل من يتكلم لابد أن يتدخل الدرك لاعتقاله»، يؤكد إبراهيمي الحسين أوقسو موحى، الرجل السبعيني «مجاري القبيلة» كما يعرفه المعتصمون، ويحكي ل«المساء» قصة اعتقاله قبل ثماني سنوات قائلا: «كنت مجاري القبيلة (من يسهر على تدبير الماء وتقسيمه بين ذوي الحقوق ومراقبة نصيب ضيعة تازروالت)، وذات يوم وجدت الماء قد تجاوز ما هو متفق عليه عرفا بيننا وبين الضيعة، وخفت أن يتم تحميلي مسؤولية سرقة مسيري الضيعة لماء القبيلة، فقمت بإعادة الأمور إلى نصابها، ولم يدم الأمر طويلا قبل أن يتم احتجازي بالقيادة وتهديدي من طرف مسير سابق للضيعة، ومن طرف السلطات آنذاك، وأخذوا مني تعهدا شفويا بعدم العودة والتدخل في شأن مياه الضيعة أو نصيب القبيلة».
بين العرف والإقطاع
أوقسو موحى يشرح ل«المساء» نظام «مجارية الماء» قائلا: «من يملك الماء أصليا هو الذي له الحق في مجارته، ولا حق لمن يكتري أو يستفيد عن طريق التبادل في تنظيم عملية السقي، ويعوض المجاري بمنحه نصيب سقي مجاني مقابل مجهوداته»، فيما يؤكد سليمان أن المجاري يتكلف بالتسيير بمساعدة مستخدمين وعمال. «منذ 56 سنة نشغل 12 شخصا كل 24 ساعة مقابل 150 درهما للشخص الواحد، مما يكلفنا يوميا 1800 درهم كمعدل نؤديه من الصندوق الجماعي للمستفيدين من المياه لمن يجاري الماء، لا تدفع منها الضيعة أي درهم مقابل استفادتها من أغلب المياه»، يقول إبراهيمي الحسين، وعن تاريخ تقسيم الماء بين ضيعة تازروالت وبين المستفيدين من الفلاحين قال موحى أوقسو إن «العلامات الموضوعة في الحوض هي المقياس المتفق عليه بيننا وبين المعمرين في الاستعمار».
اللجنة التي كلفت بقياس صبيب العين توصلت حسب أحد أعضائها في اتصال هاتفي ب»المساء» إلى أن «الصبيب الكامل للعين من المنبع هو 343 لترا/الثانية، أما بخصوص العلامات التي في الحوض المقسم بين السكان والضيعة فهو كالتالي: 12 سنتمترا بمعدل 75 لترا/الثانية، و18 سنتمترا بمعدل 126لترا/الثانية، و24 سنتمترا أي 175 لترا/الثانية، فيما لم نتمكن من قياس 32 سنتمترا نظرا للجفاف الحاصل الآن».
العلامات الأربع في الحوض، الذي لا أحد يتذكر تاريخ بنائه الفعلي، تدلل على أربعة فصول، وكل علامة مخصصة لتحديد نصيب كل طرف في الفصل المعين فالعلامة العليا (ومقياسها 32 سنتمترا وهي النصيب الأكبر) كانت مخصصة للضيعة في فصل الشتاء لكثرة منسوب العين في هذا الفصل، والعلامة الثانية من الأعلى (بمقياس 24 سنتمترا) مخصصة للربيع، فيما العلامة الثالثة (مقياسها 18 سنتمترا) مخصصة لفصل الخريف، والعلامة السفلى (بمقياس 12 سنتمترا) مخصصة للضيعة في فصل الصيف نظرا للجفاف وقلة منسوب العين، «الغريب أن الضيعة كانت تستفيد من أقل نصيب نظرا لمساحتها (800 هكتار) مقارنة بنصيب الفلاحين (4000 هكتار) الحقيقية و2050 هكتارا حسب ما هو مصرح به في مكتب الاستثمار الفلاحي، أما اليوم فالعكس هو الذي يحدث، حيث تستفيد الضيعة من أربعة أخماس الماء فيما نستفيد نحن من الخمس في أحسن الحالات، واليوم لا نستفيد سوى أقل من ذلك دون حماية لنا من الدولة من تجاوز مسير الضيعة»، يؤكد زايد الروم رئيس جمعية مستعملي مياه السقي بآيت وودي، «العين كانت تعرف نظاما تدبيريا بيننا وبين الضيعة منذ ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي عندما كانت الضيعة تابعة للمعمرين»، ومنذ الاستقلال لم يكن بيننا أي مشكل، قبل بداية الثمانينات من القرن الماضي، تدخل قائد القصيبة وتم حل المشكل، وسرعان ما بدأ المسيرون المتعاقبون على الضيعة يستحوذون على مياه العين وكل مرة يأخذون سنتمترات من الحوض تعدل مئات الأمتار المكعبة في اليوم»، الوردي يخلف يؤكد أن الأزمة الأخيرة بين مسير الضيعة وبين المستفيدين من عين تازروالت «انفجرت بعدما رفض منحنا نصيبنا من الماء رغم قلته بحجة زيارة الأميرة، لأننا نعيش أزمة خانقة في الفلاحة بفعل الجفاف، لكن الأمر لم يعجب مسير الضيعة وقام بانتزاع الماء منا عنوة».
البحث عن حل
صباح الجمعة الماضي كان الوضع ينذر بتطور الأوضاع بين السلطات المحلية وبين السكان المعتصمين، بعد تهديدات رئيس دائرة القصيبة بإرجاع الأمور إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق بين السلطة ومسير الضيعة والسكان، وحاولت السلطة المحلية التي كانت ممثلة في قائد تاكزيرت وبعض الأفراد من القوات المساعدة الوصول إلى حل توافقي بإطلاق المياه إلى حين إجراء مفاوضات ثانية، فيما كان السكان يتشبثون بموقفهم وبتنفيذ اتفاق السبت 16 غشت الجاري قبل أن تتراجع السلطات الجهوية عن تنفيذه «لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في السلطة». اقترح القائد على السكان تكليف مسيري الضيعة بإعادة المياه من المنبع ورفضوا لكونه طرفا في النزاع، و»الضيعة اليوم ستذوق لأول مرة في تاريخها انقطاع المياه عنها لبعض الساعات فيما نقاسي نحن منذ 42 يوما، فقدنا خلالها مواشينا وغلة أشجارنا المثمرة وتضاعفت معاناتنا ولا أحد استمع إلى مطالبنا»، يؤكد أحد أبناء الدوار. الدكتور خلاف يرى أن عجز السلطات الجهوية عن تنفيذ اتفاق التزمت به أمام السكان يستدعي تدخل «الجهات العليا، ومادمنا رعايا للملك فحاشا أن يترك الملك رعاياه يموتون عطشا».
الفلاحون المستفيدون من عين تازروالت سعوا إلى إسماع صوتهم للجهات المعنية، وينتظرون تدخلا من أعلى الجهات لضمان استمرار فلاحتهم ومواشيهم وضمان توزيع يراعي وجودهم أمام صراع غير متكافئ، لأنهم يعتقدون أن لا «أحد سيجرؤ من المسؤولين المحليين بجهة تادلة-أزيلال ويطلب من مسير ضيعة الأميرة التراجع عن استيلائه على ماء عين تازروالت وحرماننا من الماء، بل نلاحظ كيف تراجعوا عن الاتفاق الذي اقترحوه علينا ويريدون منا اليوم أن نقوم بأحداث شغب ليتم صرف النظر عن مشكلنا الحقيقي، لكننا لن نمنحهم الفرصة لاستفزازنا وتكرار ما جرى في سيدي افني»، يؤكد مصطفى الطالب المجاز من أبناء الدوار.
مسير ضيعة الأميرة يعتبر الاحتجاج حملة انتخابية
رشيد فهمي، مسير ضيعة الأميرة، أكد، في اتصال هاتفي ب»المساء»، أن «تدبير الماء بين سكان مشيختي آيت وودي وآيت إحمد يخضع لظهير 1912 المتعلق بملكية المياه، والذي يؤكد ملكية كل من يستفيد من المياه ما قبل سنة 1912»، وأوضح رشيد فهمي أن «المشكل لا يتعلق بمياه تازروالت بل هناك حملة انتخابية وتنافس بين بعض المنتمين للمشيختين بقصد جمع التأييد الشعبي والحصول على ثقة السكان كزعماء للمشيختين»، وأوضح رشيد فهمي أن السكان «يقومون ببيع الماء وكرائه ولا يستفيدون منه مباشرة في فلاحتهم التي يدعون أنها تضررت»، وحول الاتفاق الأخير بمقر الولاية، أكد مسير الضيعة أنه «لم نتفق على أي حل وإنما اتفقنا على قياس صبيب العين، إنهم على عكس ما يدعون يستفيدون ثلاث مرات ضعف استفادة الضيعة من المياه، والضيعة تستفيد فقط من 80 لترا في الثانية لا يصل منها سوى أقل من النصف، نظرا لكون مجرى المياه الذي يمتد على مسافة 4 كيلومترات يمر بدواوير تستفيد من الماء في الاستعمال المنزلي وفي سقي المواشي، كما نتعرض أحيانا لسرقة المياه من البعض، إذ لا يمكننا مراقبة 4 كيلومترات كاملة»، وأوضح رشيد فهمي أن «تضرر الضيعة من نضوب الماء أو قلته في فصل الصيف لا يقل عن تضرر المستفيدين من مياه العين من الفلاحين، إن لم تكن الضيعة أكثر تضررا، فالجفاف يصيب الجميع»، وعن تحديد نوع الأضرار التي قد تكون لحقت الضيعة، أكد رشيد فهمي أن «أزيد من 400 عامل في الضيعة اليوم حرموا من مصدر رزقهم وتم تسريحهم، نظرا للحالة التي تعيشها الضيعة بعد قطع الماء عنا من السكان، كما أن هناك زراعات تضررت بالكامل، ورغم أننا نقوم بزراعات تساهم في التنمية كالشمندر السكري والقمح في مساحة تبلغ 800 هكتار».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.