مأساة إنسانية تتطلب التدخل عاجلا لم أكن أتخيل ان المأساة بهذا الحجم والفظاعة وتلك الخطورة والاستعصاء ، آمر لا يصدقه سامع إلا من رآها ومأساة يندى لها جبين أي إنسان على وجه هذه البسيطة ،ومهما وصفنا في هذه الأسطر فإننا لن نتقل إلا الجزء اليسير والغير معبر عن ما شاهدناه بأم عيننا في ذالك المكان الذي لايمكن وصفه إلا بالقبو الذي لايصلح لأي شئ ولا يصلح حتى للحيوان فما بالك بالإنسان الذي أكرمه الله عز وجل فمهما نقلنا من الكلمات والصور ولأوصاف فإننا نشدد على كل من يطالع هذه الأسطر ان يحذو حذونا ويشاهد بقلبه وعينه هذه الحالة الإنسانية التي تعد افضع من فصول البؤساء لعل وعسى ان يوجد أحدا بنقد مرضاها من موت سيكون محققا لا محالة . اكتشافنا لهذه الحالة الإنسانية لم يكن بمحض الصدفة ،بل بفضل بعض الفعاليات المحلية بازيلال الذين الحوا علينا بالزيارة وأقنعونا بالتنقل إلى هذا المكان قرب مقهى الجبل بشارع الحسن الثاني ببلدية ازيلال ،هناك وقفت على حجم المأساة نعم الكل مدعوا للاطلاع بعينيه ،وجوارحه لان الكلام لايكفي ولن يكفي لوصف حالة هذه المرأة التي تعيش في ظروف لا ترقى إلى ظروف عيش الحيوان "أكرمكم الله" فما كان علينا إلا ان ضبطنا موعدا وأخذنا آلة التصوير واتجهنا إلى هذا"القبو" والتقطنا صورا معبرا عن حجم المأساة ،لم نكن ندري ان ما وراء هذا الباب ادهى وأمر وما لا يخطر على بال ، وجدنا هذه المرأة التي تخطت الخمسة وستون عاما من عمرها عند الباب رحبت بنا ودعتنا إلى داخل "القبو" ، تبعناهما إلى داخل ذالك الإسطبل الذي لا يمكن لأي احد ان يصفه بمنزل ،أرضية من التراب والحجارة والأوساخ والقاذورات وروائح كريهة تنبعث من كل مكان وكل أنواع الحشرات وعلى رأسها الفئران والجردان تتعايش معه ،فقابلنا باب الغرفة التي تأوي المأساة الإنسانية في صمت .غرفة لا تتجاوز مساحتها الثلاثة أمتار طولا ومترين عرضا منذ ست سنوات المرأة العجوز أصبحت عاجزة عن الكفاح والصبر الذي لا يعادله سوى صبر أيوب . إسطبل من طين وأحجار وروائح كريهة لمأساة امراة فاقدة البصر والمعيل ،لم نجد حتى مكانا للجلوس بدأنا بتدوين هذه المأساة التي صنعها المرض والإعاقة والفقر والبؤس قبو بدائي عتيق بروائح التبول والنجاسة وسقفه من زنك تعتريه بعض من الثقوب مما يسمح بتسرب مياه الإمطار وجدران غير مبلطة أما الاثات فمن السهل جردها في سطر واحد لان كل ما يوجد هناك يقتصر على أواني صغيرة متسخة يعلوها الصدا وبعض الملاعق يغمرها الذباب والقذارة المنتشرة في كل مكان ،أما الافرشة فلا وجود لها وكل ما هناك غطاءا رثا متسخ على الأرض يعوض الفراش ولا وجود للأغطية . لا يمكن للمرء إلا ان يتأسف على هذه الأوضاع المؤلمة التي تلازم هذه الفئة من أبناء مجتمعنا ،لكن الأشد إيلاما هو لا مبالاة هذا المجتمع بهؤلاء المقصيين من كل شئ ،وغياب المبادرة من المسؤولين ، من سلطات أو منتخبين ،للتحرك لإنقاذهم والاخد بأيديهم إلى المؤسسات الاجتماعية لإيوائهم والاهتمام بهم وتتبع معيشتهم ، ونحن نعيش في شهر رمضان الابرك ، فهل ستتحرك نفوس وقلوب المسؤولين أو المحسنين ؟