الخط : إستمع للمقال تُخلّد الشغيلة ببلادنا هذه السنة في أجواء مشحونة بالتذمر واليأس، عيد الشغل، فاتح ماي، وسط ظرفية اقتصادية خانقة، وغلاء متصاعد، وانكماش واضح في القدرة الشرائية، حيث تستعد نقابات العمال للخروج في مسيرات رمزية، اليوم الخميس الذي يصادف الفاتح من ماي، في عدد من مدن المملكة، في ظل الحضور المحتشم للنقابات في الساحة، وهي التي من المفترض فيها أن تدافع عن الشغيلة، حضور لا يعكس عمق الألم الاجتماعي الذي تعيشه فئات عريضة من المواطنين، بعد قرارات حكومية أثقلت كاهل الأسر وأجهزت على ما تبقى من صمود الطبقة المتوسطة. هذا اليوم، الذي يفترض أن يكون لحظة للاحتفاء بالعمال، تحوّل منذ مجيء حكومة أخنوش إلى طقس باهت، لا روح فيه، بعد أن فقدت شعارات النقابات بريقها، واصطدمت المطالب بواقع سياسي واقتصادي يُدار بعقلية التقشف على المواطن، والامتياز على المحظوظين. فكيف يُمكن الحديث عن "العدالة الاجتماعية" في ظل حكومة تُمعن في ضرب الفئات الهشة، وتمارس التجاهل الممنهج لصرخات المقهورين؟ لقد أصبح من الصعب اليوم التفريق بين خطاب الليبرالية المتوحشة وخطاب المسؤولين في هذه الحكومة، كل شيء يُبرر بالحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا والظرفية الدولية والإكراهات الاقتصادية...، بينما الحقيقة أن هناك قرارات حكومية سياسية تُتخذ بوعي كامل، تكون نتيجتها المباشرة هي سحق القدرة الشرائية، وتفكيك ما تبقى من شبكة الأمان الاجتماعي. الطبقة المتوسطة، التي لطالما كانت صمام أمان المجتمع، ومحرّكًا للاستهلاك الوطني، تعاني اليوم من الإقصاء الممنهج، لا دعم حقيقي، ولا إجراءات توازن بين القدرة على الصمود وبين متطلبات الإصلاح، هذا الإصلاح الذي تجسّده حكومة أخنوش في رفع الأسعار، وتحرير الأسواق، وترك المواطن يصارع هذه "الحرية" وحده، بلا حماية، ولا عدالة ضريبية، ولا أفق. أما النقابات، فقد تحوّل كثير منها إلى مجرد وسطاء صامتين، يكتفون بنشر البيانات الموسمية، وممارسة المعارضة "بلا ضجيج"، تحت يافطة الحوار الاجتماعي الذي أصبح بدوره مجرد بروتوكول فاقد للجدوى. عيد الشغل هذه السنة ليس احتفالا، بل سيكون مرة أخرى تذكير بأن الشغل في المغرب في عهد حكومة أخنوش لم يعد يُؤمِّن الكرامة، وأن هذه الحكومة حين تتخلى عن دورها في حماية الطبقة العاملة، فإنها تُغامر باستقرارها وتُقوّض السلم الاجتماعي. فأي حال عدت به يا فاتح ماي؟ عدتَ على وقع الغلاء، وجمود الأجور، وتآكل الطبقة المتوسطة... عدتَ لتجد أن من كان يُنشد الكرامة، بات يبحث عن الحد الأدنى من الحياة في عهد حكومة أتت على الأخضر واليابس. الوسوم أخنوش عزيز المغرب النقابات الإضراب العام الحكومة عيد الشغل فاتح ماي