بقلم البوسعيدي .. كثيرا ما تستوقفني بعض التصرفات البلهاء والماجنة النابعة من ثدي الكفر والخيانة، ولا حرج إن قلنا من فصيلة الذئاب، لدى بعض المغاربة المحسوبين على خانة حاملي المسؤولية ورعاة المصلحة العامة، إلا أن الأمر مجرد ادعاء وبهتان مغزاه بالدرجة الأولى تحقيق المصلحة الذاتية والركوب على أكثر من دابة.. وهي فلسفة جل المغاربة إلا ما رحم ربك، إذ لم يعد مقبولا ذلك الإنسان الساذج والبسيط في تعاملاته، والصريح في جديته، فهو إن توفرت فيه هذه الصفات عاد مجرد أضحوكة يتجنبها الكل، بل كي تحقق لنفسك هوية حياة، وكي تعيش، وكي تتزوج، وكي تصنع حياتك، لا بأس لك من صفة داهية، حيث النفاق والكذب والبهتان، ومراوغة الناس كما الحيوانات، وهو القاموس الذي ألفته ثلة من البشر باختلاف مناصبهم وتوجهاتهم. وإن لم تفعل هذا عشت هامشيا بلا صديق ولا رفيق، أدركت معها نعمة العذاب لا غير، ذلك أن الإنسان المغربي الفقير ماديا قد يرى تأبين أحلامه، ليشعر بخواء طموحاته، غير مرغوب فيه، ومقزم حتى لو كانت أفكاره ذات منبع إصلاحي وصاحب خواطر قيمة، فهو هامشي، ومن عاش على الهامش مات بلا عنوان. للأسف ما يصدق في المجالات العامة بين دوي التفكير البسيط والتكوين العادي، حيث المفاضلة بين الطرشة مقابل صاحبة الأذنين، و تفضيل البكر عن الثيب، و المكتنزة عن النحيلة شأنه حتى عند سادتنا السياسيين، إذ اللص يدافع عن أصوله من اللصوص، والعاهر قد يحاضر في الشرف مذلة بصيغة العزة.. لترى بعض الخونة يظهرون حب الوطن بعد نهب المال والسطو على ممتلكات غيرهم، والعيش البذخ هم وأبنائهم على حساب الحقوق المهضومة و الجيوب الفارغة، داعين أنهم يدافعون عن الوطن ومقدسات الوطن. لا أحد يرعى أن حب الوطن معناه ممارسة الوطنية قصد مساعدة الآخرين وإنصاف المعوزين ونشر قيم الحق والعدل والابتعاد عن الظلم، معناه الإحساس بما يحصل لنا داخل المستشفيات أو ما يتعرض له بعض المظلومين داخل مخافر الشرطة.. ما قد نصادفه من معاناة داخل السوق الأسبوعي أو في الطريق.. معناه الحكم بالعدل على ذلك القائد أو الوزير الذي يتبول في الأماكن الخضراء بلا رقيب، معناه قطع الصلة مع فلسفة ابن فلان وأخ علان .. مفهوم الوطن لا يعني دوما نسبه إلى مغن شاذ أو عاهرة حققت عملية تجميلية بنجاح. وإنما نصرة جندي أمي قضى نصف عمره في الصحراء بلا لذة أكل ولا ملبس كما بلا زواج.. لا الوطن كما يدعي بعض المرتزقة والخونة هو ترسانة قوانين يتم صياغتها بغية تطبيقها على الضعاف وفاقدي الأفواه في الدفاع عن حقوقهم وواجباتهم .. وإنما الوطنية كرة غيرة تجري في أنفسنا تعلمنا التضامن تدفعنا إلى أن نثور عن ظالمي وجودنا .. إلى تساوي حقوق أبنائنا مع أبنائهم إلى تقدير نسائنا كما نسائهم .. إلى تأسيس مقبرة جماعية بلا تفرقة ولو أن ملاك الموت لا تفرقة عنده وتلك حكمة ربانية.. أ لا تتذكر أمره يوم قال انزلوا منها جميعا بعضكم لبعض عدوا. مفهوم الوطنية معناه ممارسة الصدق في المسؤولية من خلال نقاشاتنا وآرائنا وفلسفة مشاريعنا، لا فبركة كلام الزنادقة وممارسة كلام الموسيقى الرنان، معناه إظهار الوجوه كما هي لحما ودما في كل شيء .. لا جعل السياسة تخدع، والسلطة تردع، وتحويل المناصب إلى موروثات الكلام وفق المشيئة الفردية لا الجماعية.. كفاك يا زيد من ضربك عمرا. أفلا يمكنك تغيير أمثلتك، طبعا استفت قلبك. ومن معك. الاعتزاز إلى الوطن مفاده احترام الآخر وعدم مساسه لا في عرضه ولا في ماله، لا التطاول عليه أو جعله دسيسة ليس إلا أنه ممن يملكوا بصيص أمل من الوعي، أوله عدم العبودية وثانيه عدم قبول المذلة. أمة مازالت تمتهن النفاق عملة والمال غاية، والعبودية دينا. أمة مازالت تقدس الغني الخبيث، وتحتقر الفقير الشريف.. أقنعة مازالت تعرف الحقيقة وتشهد بضدها..أمية الرقيب والذعر تزداد يوما بعد يوم، ورحم الله الماغوط يوم قال: لقد ولدت مذعورا وسأموت مذعورا، طبعا وحدهم الكبار يعرفون حقائق الأمور. عناصر شعب ثقافتهم التحايل على من يملك مصباح شمس للحقيقة يحشو بها مساحة حقوقه كما غيره. ليصادف الفتاوي المكفرة والبغيضة تستهدف كسر فمه ولسانه. وقد تدخله بوابة السجون والمحاكم، أو قصور العدالة. ومن يدري لعل السر طيُّ المجهول. من منا ينسى يوم قال برنارد شو: "الوطن ليس هو فقط المكان الذي يعيش فيه الإنسان، بل هو المكان الذي تكفل فيه كرامته وتصان حقوقه".. وهو قانون قولة يضعنا أمام عراء حقيقتنا، ويُتم وضعنا. فكيف نكون وطنيين ونحن لسنا أحرارا، سامح الله هذا الوطن الذي أهملنا. فقليله لنا كثير، ولو برؤية ولقيا. عسى ذلك محبة على مر الزمان تعوض محنة أساطير الأقنعة.