لطالما اعتبر منتزه تاغبالوت المتنفس الوحيد لساكنة القصيبة و نواحيها، هذه المدينة المسكينة التي لا تتوفر على أبسط شروط الحياة الكريمة ولا تتصف بأية صفة من صفات التمدن والتحضر نظرا لتعاقب مجموعة من المجالس البلدية التي لا يمكن أن توصف سوى بالفساد ونهب المال العام، ناهيك عن مجتمع ألِف الخنوع تحت وطأة الاستبداد وتشبع بثقافة الرعب والخوف من كل من له علاقة بالسلطات من قريب أو بعيد ..... إلا أن هذا المجتمع اجتهد في التواطؤ مع السلطات للاستثمار في ما يسمونه منتزه تاغبالوت السياحي و ضرب عرض الحائط كل ما يمكن أن ينجم عن مثل هذه المراكز اللا أخلاقية من تبعات أبرزها انحراف الشباب و إدمانهم على الرذيلة وما يصاحبها من مخدرات و كحول و أدناها جلب الخزي والعار للمدينة و تحويلها على الصعيد الوطني إلى رمز للعهر و الفساد، فكل من سولت له نفسه شرا في المنطقة لن يجد أحسن من تاغبالوت، ولم لا وقد أصبحت محجًا و قِبلةٌ للعاهرات ... و الغريب في الأمر أن معظمهن من بنات القصيبة ولا يجدن حرجا في التسكع في شارع المدينة الوحيد بلباسهن الفاضح بُغية البحث عن الزبناء، ولست أدري في هذه الحالة ما محل الآباء و أولياء الأمور من الإعراب ناهيك عن دور السلطات الذي عهدناه مغيبا تماما في كل شؤون المدينة . وعلى ذكر السلطات فانه لا يختلف اثنان على كونها داعمة لما يجري في تاغبالوت، فهم الذين يرخصون للسهرات الماجنة و يؤمِنون الملجأ للفاسدين و يسهرون على راحة الحاضرين، وطبعا سيكون لهم نصيب من العائدات في النهاية ،غير أنهم أهملوا قول رسول الله (ص) : المال الذي ينبت من السحت أي الحرام فالنار أولى به . فلست أدري إلى متى سيستمر الوضع على هذا الحال، وفي انتظار زوال هذا العار لا يسعنا سوى التحسر على مجتمعنا الامازيغي الذي كان في الماضي القريب ضربا في الحشمة والوقار.