عن "منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير"، صدر كتاب لمؤلفه الدكتور عاهد ازحيمي حمل عنوان "تصور النخبة المثقفة بمنطقة الحماية الإسبانية لمشروع النهضة 1913-1936 م"، حاول من خلاله الكاتب إبراز ملامح التطور الفكري والمعرفي الذي شهده شمال المغرب إبان فترة الحماية الإسبانية، مع إظهار أهم التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية الكبرى التي أخذت نتائجها وتجلياتها تلوح في الأفق منذ مطلع ثلاثينيات القرن العشرين. وقال الدكتور عاهد ازحيمي، في تصريح لكاب 24 تيفي، "إن مؤلفه هذا الذي هو في الأصل أطروحة الدكتوراه ، تمت مناقشتها سنة 2019، والتي حازت على توصية بالنشر، جاء نتيجة بحث سابق خلال سنوات الماستر في إشكالية حول الظروف التي ساعدت على ظهور جيل الحركة الوطنية بتلك القوة وذلك الوعي رغم حداثة سنهم، عندما كنت أبحث في تاريخ الحركة الوطنية"، مؤكدا "أن أهمية عنوان هذا الكتاب تتجلى في كونه يعالج موضوع راهني يتعلق بمصير المغاربة الذين ما زالوا ينشدون نفس الأمل (أمل الوعي المجتمعي والتقدم) ويتجرعون نفس الألم (ألم الجهل والتخلف)، كما أن معظم المشاريع والتصورات التي وضعتها النخبة المثقفة في النصف الأول من القرن العشرين ما يزال أغلبها صالحاً حتى يومنها هذا". وركز الزحيمي في عمله البحثي على النخبة المثقفة بشمال المغرب، محاولا اقتفاء أصولها ومسار تكوينها الثقافي والوقوف عند مرجعيتها الفكرية وموقفها من المستعمر وتصورها للإصلاح والنهضة وتوجهاتها ومبادراتها الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي كانت تتوخى منها تحديث الدولة المغربية، وبناء نهضة وطنية تقوم على تكوين جيل جديد من الشباب الوطني الواعي والمثقف، والمتعبئ بحماس لإعلاء صروح مغرب حر مستقل وقادر على إثبات ذاته في المنتظم الدولى إلى جانب البلدان المتقدمة. وسعى الكاتب أيضا من خلال هذا المؤلف إلى إظهار مدى شعور النخبة المثقفة بشمال المغرب وقناعتها بأن تفوق أوروبا وتقدمها يعود بالأساس إلى تطورها العلمي والتقني. لذلك، فإنها لم تجد حرجا في استلهام مشروعها الحداثي من التجربة الأوربية، والمرجعيات الفكرية والنظريات التي يتأسس عليها المشروع النهضوي، وهي التي آمنت بأن الدين الإسلامي لا يتنافى مع مَدَنية الغرب القائمة على إعمال العلم والعقل والحس النقدي وتحليل الواقع. وتساءل الباحث في حديثه مع كاب24 تيفي، عن السبب الذي جعل زعماء الحركة الوطنية يتمتعون بذلك النشاط الوطني السياسي والثقافي والاجتماعي وحماسهم النضالي الكبير، رغم ما كانوا يتعرضون لهم من قمع وتنكيل، ومحاولة فك شفراتها من خلال البحث عن كل الظروف التي أحاطت بنشأة جيل الحركة الوطنية المغربي. وأوضح مؤلف هذا الكتاب أن هذا الجيل سهر على تكوينه جيل آخر مخضرم عاش قبل الاستعمار وخلاله، وهو الذي أطلق بدوره النخبة المثقفة، مؤكدا أن هذه النخبة كانت تنشد مغربا جديدا ناهضا راقيا متطورا حديثا، وفي نفس الوقت متشبثا بهويته الإسلامية وثقافته المغربية، الأمر الذي مكن هذه النخبة من وضع مشروع نهضوي يهدف لخلق جيل وطني من الشباب متعلم وواعي بماضيه وحاضره ومتطلع لمستقبل مشرق. للإشارة فإن هذا الكتاب التاريخي معروض لدى شسيع المداخيل بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أو لدى نياباتها الجهوية والإقليمية ومكاتبها المحلية وفضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير عبر التراب الوطني. (Visited 13 times, 13 visits today)