مشروع قانون المالية لسنة 2026 ترسيخ للتنمية المنتجة والعدالة المجالية المتوازنة    الصحراء المغربية.. بولونيا تعتبر مخطط الحكم الذاتي بمثابة "الأساس الجاد والواقعي والبراغماتي من أجل تسوية دائمة"    الكلفة الإجمالية للحوار الاجتماعي بقطاع التعليم فاقت 17 مليار درهم    الحكومة توسع رهاناتها على "التمويل المبتكر" لتعبئة موارد الميزانية رغم تحذيرات سابقة من المخاطر طويلة الأمد    الملحمة الأوروبية تعود من جديد : ريال مدريد ويوفنتوس يشعلان المنافسة الأسطورية لعشّاق الكرة في المغرب    ريال مدريد "منبهر" بعثمان معما.. ويواصل متابعة موسمه مع واتفورد    تقرير برلماني يوصي بمراجعة شاملة لاستراتيجية محو الأمية بالمغرب    35 قتيلا و3444 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    وفاة الفنان المغربي الكبير عبد القادر مطاع عن عمر يناهز 85 سنة    وفاة الممثل عبد القادر مطاع عن 85 سنة    وفد اقتصادي فرنسي يستكشف الفرص الاستثمارية الواعدة بجهة الداخلة وادي الذهب    عبد اللطيف لوديي ومحمد بريظ يستقبلان قائد القيادة الأمريكية لإفريقيا «أفريكوم»    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالصويرة    ارتفاع حرارة الأرض يعيد تشكيل خريطة الأمطار في إفريقيا خلال العقود القادمة    أكد أنه سيواصل الكشف عن التحامل ضده .. نيكولا ساركوزي يدخل السجن في سابقة بفرنسا    أشادت بولونيا ب"الإصلاحات العديدة، الطموحة"، التي يتم تنفيذها في المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله    بعد تسجيل مستويات قياسية.. الذهب يشهد أسرع تراجع منذ سنوات    الأخضر يغلق تداولات بورصة البيضاء    ندوة تبرز الاحتفاء القرآني بالرسول    ترويج الكوكايين يطيح بشخصين في تطوان    "مالية 2026″… عجز متوقع ب48.7 مليار درهم    رئيس المخابرات المصرية يلتقي نتانياهو في القدس وبرنامج الأغذية العالمي يدعو إلى فتح كل المعابر ل"إنقاذ أرواح"    بين الأعلام والمطالب.. الجيل الذي انتصر في الملعب واتُّهم في الشارع    رابطة ترفض "إقصاء الفيلم الأمازيغي"    بين "أوتيستو" و"طريق السلامة" .. المهرجان الوطني للفيلم يستقبل الهامش    أبطال الجاليات العربية يخوضون نهائيات الدورة التاسعة من "تحدي القراءة"    رسالة ‬شكر ‬وامتنان ‬‮..‬ ‬إلى ‬كل ‬من ‬شاركنا ‬فرحتنا ‬الوطنية ‬الكبرى ‬في ‬المؤتمر ‬12    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    شباب المحمدية يستغل سقوط م. وجدة أمام "الماط" وينفرد بالصدارة    المغرب يرفع "ميزانية الدفاع" إلى 157 مليار درهم    إصلاح المستشفيات بدون منافسة.. التامني تتهم الحكومة بتجاوز مرسوم الصفقات العمومية    مشروع قانون المالية ل2026 ينص على إحداث 36 ألفا و895 منصبا ماليا جديدا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "لارام" تدشن خطا مباشرا بين الدار البيضاء وميونيخ    كنزة الغالي.. سفيرة بروح وطنية عالية تجسد الوجه المشرق للمغرب في الشيلي    الأمين العام لجامعة الدول العربية: فوز المغرب بكأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة إنجاز يستحق الإشادة والتقدير    بعد التتويج بكأس العالم.. هل خسر المغرب موهبة القرن أم ربح مشروعاً يصنع الأبطال؟    رياضي سابق يفارق الحياة في مقر أمني بأمريكا    إسرائيل تؤكد تسلم جثة ضابط صف    تاكايشي أول رئيسة للوزراء باليابان    المغاربة يترقبون ممراً شرفياً لكأس العالم للشباب في الرباط...    عاجل.. استقبال شعبي وملكي اليوم للمنتخب المغربي بعد إنجازه التاريخي في الشيلي    القصر الكبير : حجز أزيد من 30 كيلوغراما من مادة محظورة داخل مرايا معدة للتصدير    كيوسك الثلاثاء | مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن خطة الحكومة للتشغيل    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    تمديد آجال الترشيح للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    السكوري: نظام التكوين بالتدرج المهني مكن من توفير 39 ألف منصب شغل خلال شهري غشت وشتنبر    الصين تدعو الولايات المتحدة لحل الخلافات التجارية عبر الحوار    المعادن النادرة ورقة ضغط بخصائص صينية ...    عن أي سلام يتحدثون؟    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ الخطاب الامازيغي الحلقة الثانية
نشر في شعب بريس يوم 10 - 05 - 2012


لحسن أمقران
سنعرض لمفهوم و تاريخ الخطاب الامازيغي عبر أربع حلقات نخصص اولاها للتعريف بالخطاب الامازيغي فيما الثانية للخطاب الامازيغي في عهد الحماية الفرنسية و الثالة لفترة ما بعد الاستقلال إلى حدود التسعينيات من القرن الماضي على أن تخصص الحلقة الأخيرة لمرحلة ما بعد التسعينيات

الحلقة الثانية
بعد أن خصصنا الحلقة الاولى للتعريف بالخطاب الامازيغي سنعرض في هذه الحلقة (الثانية) للخطاب الامازيغي في عهد الحماية الفرنسية على أن نتطرق في الثالثة لفترة ما بعد الاستقلال الى حدود التسعينيات من القرن الماضي ،أما الحلقة الاخيرة فسنتناول فيها مرحلة ما بعد التسعينيات
منذ ظهور بوادرها و ارهاصاتها الاولية إلى اليوم، حققت الحركة الأمازيغية منجزات كثيرة وهامة لصالح الأمازيغية، خصوصا أنها استطاعت أن تفرض، بنضالها ومطالبها وخطابها الجديد، على السلطة الرسمية بالمغرب التعامل مع الأمازيغية كقضية جدية تضعها ضمن الملفات الساخنة. ان ما يميز الحركة الأمازيغية و خطابها أنها تسير في اتجاه تصاعدي متقدم بشكل مطرد على عكس ما نجده في حركات فكرية و أيديولوجية أخرى تكون موسمية وعابرة. فهي تستفيد من مراكمة الانجازات مما سيتضح خصوصا مع إلقاء نظرة على تاريخ الخطاب الامازيغي لدى هذه الحركة المجتمعية.
يعتبر الكثير من النشطاء الامازيغ معاهدة الحماية لسنة 1912 غطاءا شرعيا لتدمير البنيات الاجتماعية و الثقافية الأمازيغية، حيث أن المرحلة الأولى تميزت بسياسة إفقار الأمازيغ حيث جردوا من ممتلكاتهم الجماعية، في حين أنه في مرحلة موالية جاء دور الأمازيغية كهوية ولغة وثقافة.
تميزت مرحلة ما قبل الاستقلال أو عهد الحماية الفرنسية و التدمير العسكري للمعالم الامازيغية و سعى الاستعمار الفرنسي للنظم و القيم الأمازيغية. فمع توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، و إلى حدود 1933، تاريخ سقوط آخر معاقل المقاومة الشعبية المسلحة بالجنوب الشرقي وغرب الأطلس الصغير.
تم تدمير للبنيات السوسيوثقافية والاقتصادية والسياسية للقبائل الأمازيغية عسكريا، و على طول البلاد بدون استثناء، لأنها، اختارت مواجهة سلطات الحماية و لم تستسلم للاحتلال إلا بعد الهزائم العسكرية.
و على الرغم من كون القبائل الامازيغية منهكة عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا خلال تلك المرحلة، تشبث بمقوماتها الحضارية العريقة، وضع استغلته الأرستقراطية المدينية لتحقيق مكاسب سياسية ذات بعد استراتيجي بإيعاز من شخصيات سياسية أجنبية "شقيقة"، و قد كان إصدار الظهير الشريف ل 16 ماي 1930، المنظم لسير العدالة بالقبائل ذات الأعراف الأمازيغية، مناسبة للتخوين وللتلفيق هدفت بشكل مباشر أو غير مباشر إلى إقصاء الامازيغية بمفهومها الشامل من الحقل السياسي، وتكريس عزلتها عن الانخراط في دينامكية العالم المتحرك. لقد تعمدت، عن وعي، أن تقدم "البربر" في صورة المرتدين عن الإسلام لاعتناق المسيحية. ترددت أصداء تلك الحملة المضللة في أرجاء العالم الإسلامي، المحسوب عليه المغرب آنذاك، من الناحية الجيوستراتيجية، فلم يتأثر أحد لما كان يتعرض له "البربر" من التدمير والإبادة (ستمائة ألف شهيد). اشتد الحصار على القبائل الأمازيغية وانطوى الناس على أنفسهم، لا يجدون سندا يعولون عليه لفضح جرائم الاستعمار أمام الرأي العام الدولي(1). وفي ذات السياق، و في إطار النوايا السياسة الاستعمارية بخصوص تعليم "البربر"، أصدر روني أولوج، وهو واحد من منظري "السياسة البربرية الفرنسية"، في كتاب له بعنوان "آخر أبناء الظل"، "حذر فيه فرنسا، في معرض حديثه عن سكان الأطلس الكبير، من ارتكاب خطأ فادح إن هي حاولت تثقيف أبناء تلك المناطق، ناصحا إياها بالاكتفاء بمدهم بالنعال والمحاريث بدل منحهم الشهادات، معتبرا أن البربري بدائي وينبغي التعامل معه على أساس هذه الحقيقة والتحدث معه عن الغنم والشعير والسكر والشاي بدل التعليم، لأنه إذا تثقف سيصبح من الصعب إرجاعه إلى الأشغال الفلاحية أو حانوت أبيه(2).
و هكذا خصصت سلطات الحماية، في الثلاثينيات، إعدادية واحدة بآزرو لكل الأطفال الأمازيغ، في حين تمت إقامة ثانويات في عدد من المدن المغربية و إن كانت ساكنتها لا تتجاوز عشر السكان. سياسة عنصرية إقصائية تمت بشكل جلي بناء على أساس الموقف من معاهدة الحماية. فقد كان أول فوج اجتاز البكالوريا في فاس سنة 1926، بينما كان أول تلميذ أمازيغي وحيد، حصل على البكالوريا سنة 1949، بفاس، بعد طرده من إعدادية آزرو، عقابا له على التحريض على إضراب التلاميذ سنة 1944. وقد تأكدت نتائج هذه السياسة العنصرية سنة 1956 ، حيث تم إحصاء 500 (خمسمائة) خريج من الجامعة بالمدن، مقابل 6 (ستة) أمازيغ فقط.
لم تكن المعرفة العلمية وحدها السلاح الوحيد للاستعمار الفرنسي بل كان التدمير العسكري الاستعماري، كانت حصيلة 22 سنة من حرب للإمكانات الاقتصادية والمؤهلات البشرية للقبائل، إذ تم تجريدها من السيادة على مواردها الطبيعية، و استولت السلطات الاستعمارية على أفضل الأراضي والمياه و باقي الثروات، و أسست لمصطلح "المغرب غير النافع" عبر تهميش هذه المناطق وعزلها داخل بنيات بدائية.
بعد القضاء إذا على النظم الامازيغية، آن الأوان لنظام جديد أن يحل محلها، نظام يتجاذبه خطاب أوروبي حداثي من جهة، "يسعى" إلى ترقية البربر حضاريا، و آخر عروبي مشرقي، يريد "تخليص" عقيدة البربر من بقايا الوثنية وحمايتها من التبشير المسيحي. بينما نجد الخطابين يشتركان في السعي إلى اجتثاث جذور الأمازيغية المترسخة في ضمير و أذهان أهلها.
بعد مرحلة المقاومة المسلحة للاستعمار الفرنسي، و في الشق السياسي، توج أبناء الأسر الأرستقراطية معاهدة الحماية بشغل الفراغ السياسي الذي خلفه تدمير النظم و القبائل الأمازيغية وتنحيتها بشكل نهائي من الحياة السياسية، و عرفت سنة 1934 تأسيس أول حزب مغربي "راسل" سلطات الحماية بخصوص إصلاحات، في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والإداري والثقافي.
ففي المجال الثقافي الذي يهمنا أكثر من غيره، هنا، ألح هذا التنظيم على ضرورة احترام الوحدة الوطنية المغربية التي تم اختزالها في الهوية الثقافية العربية الإسلامية، في أبشع صور تجاهل و إقصاء الأمازيغية. لكن نظام الحماية فقد غطاء الشرعية بعد الانقسام داخل الجسم المغربي حيث انقسم الشعب و النخب المغربية مما أدى إلى نفي السلطان و فتح أبواب المقاومة المسلحة من جديد أمام الشعب المغربي.
في سنة 1955، و بعد ورود تقارير حول عزم القبائل العودة إلى حمل السلاح فتحت السلطات الفرنسية، ما بين 22 و27 غشت 1955 مفاوضات مع ممثلي الحزب الذي أسس سنة 1934 رغم انقسامه الداخلي قصد قولبة المستقبل السياسي للمغرب في غياب السلطان المغربي المنفي. مفاوضات تم على إثرها الانتقال من نظام الحماية حيث كانت الرسمية من نصيب اللغة الفرنسية والحضارة من نصيب ثقافتها، إلى نظام يربط الوحدة الوطنية المغربية بالهوية الثقافية العربية الإسلامية و اللغة العربية لتسجل بذلك أولى لبنات الإقصاء الرسمي للأمازيغية لما بعد الحماية.

(1) ارضية الاختيار الأمازيغي طبعة المعارف الجديدة 2007.ص 9


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.