نستهل هذا المقال بطرح تساؤلات جوهرية وإشكاليات استعصت على فهم الرأي العام المحلي والوطني. هل لدى السلطات الوصية والمنتخبة مشكل مباشر مع احتياجات المواطنين البيولوجية ؟ ولماذا تغيب المراحيض العمومية عن مختلف مشاريع التهيئة التي تقوم بها ؟. تساؤلات تحيلنا على النبش في مشروع تهيئة واد مرتيل الذي يندرج في إطار البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والحضرية لمدينة تطوان (2014-2018) ورصدت له ميزانية بملايين الدراهم لجعله واجهة سياحية مشرقة تمتد من مدخل تطوان إلى غاية مدينة مرتيل. وشرعت الشركة المكلفة بإنجاز وتهيئة ضفتي الوادي في إقامة الكورنيش عبر مقاطع بداية بشطر بالقرب من مدخل المدينة عند فندق "بالوما" ومؤخرا شطر آخر يمتد من الرمانة اتجاه المحطة الطرقية على أن تتبعه مقاطع أخرى. والملاحظ على أن الشركة حرصت على تهيئة الأشطر الأولى بجميع احتياجات المواطنين من كراسي للجلوس ومناطق خضراء وإنارة وملاعب قرب وألعاب رياضية للأطفال. ومكّن ذلك من جعل الكورنيش فضاء للترويح عن النفس وتخفيف الضغط على وسط المدينة. إلا انه في زحمة هذه المكتسبات التي يستحق المواطن أن تمنح له، يتم حرمانه من أهم مطلب في حياته اليومية والتي تجيزها جميع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمتعلقة بقضاء حاجاته البيولوجية، والتي تعتبر فطرية، وعفوية وهي مشتركة بين كل الناس. ولا يمكن لأي كان أن يستغني عنها. تلك الحوائج التي من المفروض أن توفر لها أماكن خاصة لقضائها داخل المنزل وخارجه. لكن يبدو أن الاحتياجات البيولوجية غير مضمنة ضمن دفتر تحملات مشاريع التنمية ولا بقاموس السلطات المحلية لإجبار شركة التهيئة على تخصيص مراحيض عمومية بعين المكان لتجنيب المواطنين وأطفالهم حرج قضاء حاجتهم في الهواء الطلق وبالفضاء العام مما سيتسبب في انتشار الروائح الكريهة والأمراض، خاصة في ظل عدم وجود مقاهي أو فضاءات خاصة قد يلجأ إليها المواطنين عند "التزيار". وقال الناشط المدني "أسامة العمراني" بصفحته الخاصة بالفايسبوك "من بين مسببات أمراض النبولة والبروسطاط والكلاوي هي الإنسان كيحصر البولة، فلهذا كنطلبو من المسؤولين على المدينة يعملولنا المراحيض العمومية فتطوان " وسبق لعدد من المواطنين عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو من خلال مقالات صحفية أن نبهت السلطات العمومية والمنتخبة بتطوان إلى الآثار الوخيمة لغياب هذه المرافق على الوضع السياحي للمدينة، إذا علمنا ايضا غياب المراحيض بوسطها وبالمدينة العتيقة حيث يضطر أغلب السياح لقضاء احتياجاتهم البيولوجية بالمقاهي. وتفيد دراسة أجراها طلبة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالقنيطرة سنة 2017 أن النساء بالمغرب في حاجة إلى مراحيض عمومية وآمنة، إضافة إلى أن ضُعف عدد المراحيض العمومية في المغرب راجع أساساً إلى الثقافة المغربية التي تعتبر هذا الموضوع من الطابوهات، وفي المقابل الثاني يرتبط ذلك بغياب سياسة عمومية وعدم اهتمام المنتخبين محلياً بهذا الموضوع. واليوم باتت تطوان وكغيرها من مدن المغرب في حاجة ملحة وعاجلة لإصلاح قطاع المراحيض وتأسيس ثقافة الذهاب إلى "المرحاض العمومي "عوض الذهاب إلى الخلاء.".