عبد الإله الوزاني التهامي فاز طيب أردوكان برآسية تركيا كما كان متوقعا تماما في و سياسي شديد القتامة ، على مستوى الساحة الداخلية و الخارجية سواء ، بسبب العداء المتنامي لشخصه نظير بروزه لرمز مخلص لتركيا مما كبل حريتها و تطورها لعقود خلت ، سواء دستوريا أو عمليا و في مجالات الحياة العامة . دخل أردوكان الانتخابات الرئاسية أمام منافسيه و كله أمل في الفوز ليسهل عليه تنفيذ برنامجه السياسي التكتيكي و الاستراتيجي ، الذي أرعب الغرب و العالم ، نظرا لتدينه أردوكان و التزامه التام و بشكل حداثي بالدين الغسلامي دون تحريف أو نقص ، التزام جر على أردوكان أعداء كثرا في الداخل و الخارج ، لأنهم رأوا فيه عناصر توقظ الأاسيس الدينية الإسلامية المبنية على الأنفة و العزة و النخوة . فالغرب المسيحي خاصة و معه بعض اليهود المتصهينين ، رأوا في خطوات أردوكان زعزعة لمصداقيتهم أمام العالم ، بالنظر إلى سلوكاته و واقفه المستقاة من الإسلام ، سواء في تعاطيه مع قضايا الداخل أو في تفاعله مع القضايا الإقليمية و الدولية ، خاصة و أن تركيا لم تعد فاعلا ضعيفا بل اصبحت فاعلا قويا يدلي بدلوه من موقع قوةندا للند مع الولاياتالمتحدة و روسيا و فرنسا و غيرها من القوى العظمى . و قوبل ترشح اردوكان في الرئاسيات الأخيرة من طرف الغعلام الغربي ، بحملات تشهيرية مغرضة ، كلها تشويه و تحريض و تشكيك و تنقيص ، من أردوكان كشخص و من حزبه و من تركيا برمتها ، في أسلوب الهدف منها خلخلة صورة أردوكان لدى الرأي العالم التركي و العالمي من أجل الإطاحة به مخافة وصوله إلى كرسي الرآسة من جديد . دوافع و خلفيات كثيرة تقف كسبب لعداء الغربيين لأردوكان ، منها على سبيل المثال مواقفه من إسرائيل و من نقل عاصمة الأخيرة إلى القدس ، و مواقفه من طريقة معالجة بؤرة سوريا و العراق و ملف التسلح النووي و غيرها من الملفات ، التي لا تخفي تركيا معارضتها فيها للمواقف الأمريكية و الأوروبية المعادية في الغالب لمصالح الدول العربية و الإسلامية . و أما على المستوى الداخلي ، فالغرب الحاقد على الطفرة التنموية الاقتصادية المتسارعة لتركياالجديدة ، يرى في البرنامج الاقتصادي التركي الجديد تحديا سافرا لأوروبا و الغرب عموما و خاصة في الصناعات التي لم تشهد تطورا يذكر في الدول الأكثر تصنيعا ، في حين قطعت فيها تركيا أشواطا مبهرة على مستوى الإبداع و الجودة و هي كثيرة . و في السياق ذاته فإن برنامج أردوكان الاستراتيجي المعلن عنه غير ما مرة يقذف الرعب في نفوس الغربيين ، لأنهم يرون فيه القاطرة المعاصرة الجديدة التي ستلفت إلى إنجازاتها أنظار العالم ، و بخطاب مغاير لما روج عن الثقافة و الحضارة الإسلاميين من قبل ، بحيث استطاع أردوكان تغيير الصورة النمطية للإسلام المتوغلة في أذهان الأوروبيين بشكل خاطئ و مغلوط . و إن كان أردوكان لا يظهر في خطاباته الكثيرة نزعة دينية متعصبة أو عنصرية ضد الديانات و الثقافات الأخرى ، فإن الغربيين بحكم تاريخهم المليئ بمظاهر استعباد الآخرين و احتلال اراضيهم و تسخيرهم و نهب ثرواتهم ، يشعرون أن خطاب تركيا سيفضهم و سيسحب البساط من تحت أقدامهم ، لهذا يحدم الصراع سرا و علانية في ساحات المشرق العربي الإسلامي ، مخافة تغلغل تركيا اقتصاديا في دولها و مخافة تطبيع شعوب المنطقة لعلاقاتها مع الشعب التركي . جرائد و منابر إعلامية مختلفة لا حصر لها ، باشرت حربا قذرة ضد أردوكان في الانتخابات الأخيرة ، لم يكن لها من هدف سوى توفير الدعم الكامل لخصم أردوكان في الانتخابات من أجل الإطاحة بهذا الأخير، لتطمئن عواصم الدول الغربية لسياساتها المستقبلية في المنطقة العربية و الإسلامية بدون وجود منافس شرس ، يتقاسم مع شعوب المنطقة المستهدفة نفس الانتماء و نفس الحضارة و نفس الهواجس . و في مقابل ذلك ، اشتغل أردوكان بطريقة عادية مدربا حملته الانتخابية بحكمة بالغة ، ممتنا علاقاته بشكل أكثر جدية مع كل الشرائح و الفصائل و المكونات الاجتماعية و السياسية بتركيا ، باسطا يديه لكل المختلفين معه على التعاون من أجل خدمة تركيا لا غير ، ما فوت بشكل لافت فرصة تأليب الرأي العام عليه ، الرأي العام الذي خبر جيدا طبيعة شخصية أردوكان و طبيعة فكر حزبه منذ سنين إلى الآن ، و هذا ما حول هواجس التركيين و تخوفاتهم إلى أمل و ثقة في رئيسهم أردوكان دون تصديق الحملة المغرضة ضده ، مفضلين مصلحة تركيا على غيرها من مصالح القوى الاستعمارية الحقودة .