إنصاف العالم القروي وتنميته من أسس الدولة الاجتماعية    عزيز أخنوش: الحكومة رصدت حوالي 90 مليار درهم لضمان استقرار أسعار المواد الأساسية    انخفاض جماعي للمؤشرات الرئيسية في افتتاح بورصة الدار البيضاء    ارتفاع أسعار النفط بدعم من انتعاش الطلب والبيانات الاقتصادية الأمريكية    بعد 40 عاما.. القضاء الفرنسي يأمر بالإفراج عن المناضل اللبناني جورج عبد الله    مسؤول فلسطيني يشيد بالدعم الدائم للمغرب بقيادة جلالة الملك للقضية الفلسطينية    لفضحها الإبادة.. منظمة مغربية تدعم ترشيح ألبانيز لجائزة نوبل للسلام    بينهم أطفال.. إسرائيل تقتل 17 فلسطينيا في غزة منذ فجر الخميس    رحيل الأسطورة أحمد فرس.. والملك محمد السادس ينعي "أحد النجوم الكبار" لكرة القدم المغربية    غرفة العمليات تؤجل عودة بيلينغهام والكلاسيكو هدف محتمل    "فيفا" يفتح باب التسجيل لقرعة تذاكر كأس العالم لسنة 2026    بين لهيب الداخل ورعد الأطلس .. طقس الخميس بتقلبات قوية    تحذيرات من تسونامي بعد زلزال قوي يضرب ألاسكا وزلزال متزامن يهز الفلبين    تدشين توسعة مصنع "ستيلانتيس" لصناعة السيارات بقيمة أزيد من مليار أورو بالقنيطرة        وفاة أربعيني غرقاً بشاطئ غير محروس نواحي الحسيمة    الشرع: لا نخشى الحرب مع إسرائيل    برشلونة يمنح القميص رقم 10 ليامال خلفا لميسي    إسبانيا بين مشروع سانشيز وتهديدات "فوكس" .. الهجرة في قلب المعركة    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    الجيش السوري ينسحب من السويداء    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    حادثة سير خطيرة قرب "بيت الصحافة" بطنجة تُخلّف إصابتين بليغتين    الشارع الإسباني يرفض خطاب الكراهية ويدعم التعايش مع الجالية المغربية    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    توقيف فرنسي مبحوث عنه دوليا في الدار البيضاء    النيابة العامة: معتصم خزان بني ملال لم يُبلغ سابقا عن شكوكه بوفاة والده    القضاء يدين قاتل معلمة أرفود بثلاثة عقود من السجن    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير        ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    خواطر وهمسات على أديم الفضاء الأزرق    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن    قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول المدرسي وشعار المدرسة المواطنة الدامجة :أية مقاربات ؟

عادت وزارة التربية الوطنية من خلال مقرر تنظيم السنة الدراسية الجديدة 2020/2019 لإعادة رفع شعار المدرسة المواطنة، وهو شعار إن كان يبدو خفيفا على اللسان، فهو يحمل حمولة تربوية ثقيلة في الميزان التربوي ، فهل أعدت الوزارة العدة التربوية والتدبيرية الكافية لإنجاح هذا الشعار أم اكتفت بتزيين لافتة الدخول المدرسي بشعار براق يجلب قلوب الناس لكنه يحتاج الى أدوات كثيرة واستراتيجية مدروسة لتفعيله .
إن تنزيل مشروع مدرسة مواطنة ليس بالأمر الهين ، فنجاح ترجمة هذا الشعار إلى إجراءات عملية يحتاج إلى فاعلين تربويين قادرين على أجرأته ويحتاج إلى مرتكزات قانونية وبيداغوجية تهدفإلى إعادة بناء مدرسة متجددة تحقق العدالة المدرسية والانصاف وتكافؤ الفرص بين التلاميذ والتلميذات الذين عبروا عن اندماج ناجح وسلوك مدني إيجابي من خلال مشاركات ناجحة تساهم بأشكال مختلفة في إنجاح مشاريع المؤسسة الثقافية والاعلامية والاجتماعية والعلمية .
وسأقتصر في هذا المقال على التذكير بأربعة مداخل أوردها الباحث السوسيولوجي الأستاذ Bruno Derbaix في كتابه المدرسة المواطنة ، كأسس ومبادئ لابد من الوعي بها واحترامها إذا كنا فعلانريد التأسيس لمدرسة مواطنة على الأرض وليس على الأوراق فحسب ،كما ذكرأيضا أن المدرسة كانت خلال فترة طويلة تعتمد مقاربة تفرض قواعدها التنظيمية من منطق فوقي دون إيلاء أدنى اهتمام للتلاميذ لاستشارتهم والأخذ برأيهم ، علما أن هذه المقاربة أصبحت متجاوزة،إذا ما كنا نرغب في تعليم أطفالنا روح المسؤولية واحترام القانون ، وهذا ما يستلزم إعادة النظر في النموذج التربوي السائد بصفة شاملة ، والبحث عن مبادئ المدرسة المواطنة والدامجة التي لا تقصي أحدا بهدف تحقيق العدالة التربوية والإنصاف ونبذ العنف المدرسي والتمييز وتثمين التعدد والإنصاتإلى معاناة التلاميذ ومساعدتهم على تخطي مشاكلهم النفسية و التعليمية والاجتماعية للشعور بالانتماء الجماعي إلى المدرسة والقبولبقوانينها وجعلها فضاء لتعلم العيش المشترك وتطوير الذكاء المتعدد والابداع .
ويمكن تلخيص المبادئ الأربعة في المحاور الآتية:
• القواعدles règles )):إن من أهم عناصر الاستراتيجية المواطنة هو صياغة قواعد العمل بإشراك التلاميذ ، لطرح الأسئلة وصياغة إطار ديناميكي للعمل.
• العدالة (la justice): تعتبر المؤسسة المدرسية أول وسيط بين الدولة والشباب، وعليه يتعين توفير أجواء العدالة والإنصاف وتمكين الأفراد الذين تعرضوا للحيف والظلم والإقصاء من تعويض ضررهم وتصحيح أخطاء مرتكبيها بمختلف الأشكال الممكنة وتفعيل خلية الاستماع بالمؤسسة بشكل قوي يلبي الحاجيات الحقيقية لفئة عريضة من التلاميذ، وقد أكد مقرر السنة الدراسية الجديد في مادته الثالثة على ضرورة إحداث وتجديد خلايا اليقظة و خلايا الإنصات والوساطة وهو أمر في غاية الأهمية لإنجاح عوامل التربية على المواطنة في المدرسة .
• التثمين (la valorisation):إن الفعل التربوي لا يقتصر على تنظيمالتعلمات فحسب، بل يتجاوزها إلى تكوين سلوكات ايجابية تساهم في إنجاح العيش المشترك من خلال المشاركة في أوراش المدرسة بمختلف أشكالها (كحملات النظافة ، المسرح، الأنشطة الثقافية ، الدعم التربوي، احترام الوقت الخ ...)إن تثمين السلوك المدني مغيب في مدارسنا، ويتعين على ادارة المؤسسة أن تبرز للجميع كل أشكال المبادرات الإيجابية التي شارك فيها التلاميذ والتلميذات ومنحهم تشجيعات رمزية قدوة للآخرين.
• الصالح العام ( le bien commun): ان تنمية الصالح العام هو الهدف الأساسي لكل مقاربة مواطنة وهذا الأمر يستدعي الاهتمام بالأنشطة الثقافية و الإعلام المدرسي والتواصل داخل المؤسسة ومع محيطها الاجتماعي والاقتصادي والاهتمام بموضوع التمثيلية كما جاء في مقرر السنة الدراسية في المادة 3 التي تؤكد على ضرورة "تجديد المجلس التلاميذي وتفعيلأدواره" الذي يعتبر مدخلا للتربية على الديمقراطية باعتباره برلمانا للطفل يساهم في النقاش المدرسي ويبدي رأيه في المشاريع التربوية التي تهم التلاميذ وكذلك يقترح افكار تدعم الانضباط واحترام قواعد التعامل داخل المؤسسة كما يمكن ان يكون منبرا لإيصال بعض القضايا التي تهم هموم وانشغالات التلاميذ .وقد أكدت المادة 10 من المقرر على أهمية انخراط التلاميذ في الأندية التربوية التي تعتبر الخلايا الحقيقية لتعلم العمل الجماعي وروح التعاون.
إن التربية علىالمواطنة مشروع ضخم يتطلب رؤية شمولية لمبادئ التربية الحقوقية عكس النموذج التقليدي الذي أبان عن محدوديته والذي اشتغلت عليه المدرسة العمومية لما يزيد عن نصف قرن والذي برهن عن فشل فضيع نظرا لحجم الهدر المدرسي وضعف التكوين وقلة الجودة وذلك ما أكدته جميع التقارير الدولية والوطنية .
إن الوصول الى بناء المدرسة المواطنة والدامجة مشروع أساسي وضروري وشرط لا غنى عنه لتساهم المدرسة العمومية في تأهيل الأجيال الصاعدة لمختلف التحديات التي فرضتها العولمة الاقتصادية بشكل خاص، ونظرا للطفرة الحضارية التي دشنتها الثورة التكنولوجية التي فرضت السرعة القصوى في التطور المجتمعي وجعلت المدرسة أمام تحديات غير مسبوقة في التاريخ ، لذلك فإن إعادة بناء المدرسة المغربية الجديدة يجب أن يقوم على أسس العدالة المدرسية والمواطنة الفاعلة التي تراعي هموم وانشغالات المتعلمين الذين ظلوا على الهامش لعقود لتجعل منهم المدرسة جيشا من المعطلين فاقدين للمبادرة وعاجزين عن الاندماج في واقع يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى كفاءات متعددة و بناء شخصية مؤهلةللتكيف ورفع التحديات .
لذلك فإن بناء مشروع المدرسة المواطنة يتطلب رؤية متجددة تدمج التلاميذ في قرارات المؤسسة بشكل أكبر حيث يمكن دعم الاجتماعات التي تنص عليه المادة 12 المتعلقة بتنظيم الاجتماعات ، باجتماعات موازية يشارك فيها مجلس المواطنة المتكون من ممثلي التلاميذ و ممثلي المؤسسة والاباء والأمهات لإعطاء نفس جديد لتربية متجددة تقترب أكثر من حاجات المتعلمين وتعمل على تنمية تربية جديدة متجددة قادرة على تنشئة التلاميذ تنشئة سليمة وشاملة في إطار مشروع المؤسسة يستجيب للحاجات الفعلية للمتعلمين .
إن نجاح تنزيل مشروع المدرسة المواطنة لا يمكن أن ينجح بالاعتماد على مقاربة تقنية محضة يتسم بها مقرر تنظيم السنة الدراسية، بل يجب على هيئة الادارة التربوية إضفاء روح جديدة لتوجيهات المقرر، وذلك بتبني مبادرات محلية ،تقوم على أساس خلق مجلس المواطنة(المجلس التلاميذي) الذي يتكون من ممثلي التلاميذ واقحامهم في التخطيط والتنفيذ لمشاريع المؤسسة في أبعادها المختلفة بهدف تغيير ثقافة الفاعلين التربويين ومواقف التلاميذ كذلك.
عبد اللطيف امحمد خطابي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.