كشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن احتضان المملكة المغربية لقمة أوروبية-متوسطية مرتقبة، وصفها ب"التاريخية"، هدفها إرساء أسس تعاون متجدد وأكثر تكاملًا بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط. هذه القمة، التي لا تزال التحضيرات جارية بشأن تفاصيلها، تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة المتوسطية تحديات متزايدة، تتعلق بالأمن الطاقي، والهجرة، والتغير المناخي، فضلًا عن الحاجة إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقرار السياسي في الجنوب المتوسطي. بحسب ما أعلنه بوريطة، فإن القمة ستسعى إلى اتخاذ خطوات عملية من أجل بناء فضاء "أوروميد" أكثر اندماجًا، يقوم على شراكات متوازنة وعادلة، بعيدًا عن منطق الإملاءات أو العلاقات غير المتكافئة. وتهدف هذه المبادرة إلى تجاوز النموذج التقليدي الذي طبع العلاقات الأوروبية المتوسطية لعقود، بالانتقال نحو نموذج جديد قائم على المصالح المتبادلة والتنمية المشتركة. المغرب، الذي لطالما لعب دورًا رياديًا في تقريب وجهات النظر بين ضفتي المتوسط، يسعى من خلال هذه القمة إلى تأكيد التزامه بدعم الحوار الإقليمي، وتعزيز شبكات الربط الاقتصادية والثقافية، وتحفيز الاستثمار في مجالات حيوية كالماء والطاقة المتجددة والبنية التحتية والرقمنة. تأتي هذه القمة في ظل تحولات كبرى يعيشها الفضاء المتوسطي، خاصة في أعقاب تداعيات جائحة كورونا، وارتفاع حدة التوترات الجيوسياسية، إضافة إلى انعكاسات الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي والطاقة في جنوب المتوسط. كما أن تحديات الهجرة غير النظامية، وتفاقم آثار التغير المناخي على بلدان الجنوب، تفرض ضرورة إعادة النظر في أُطر التعاون الحالية، وتحديث آليات الدعم والمواكبة الأوروبية لدول الجوار الجنوبي. مصادر دبلوماسية أوروبية أكدت أن عددًا من العواصم الأوروبية، من بينها باريس وروما ومدريد، أبدت دعمًا قويًا لعقد هذه القمة في المغرب، نظرًا لما يتمتع به من استقرار سياسي ودينامية اقتصادية، وموقع جغرافي يجعل منه شريكًا مثاليًا لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الأورومتوسطي. ومن المتوقع أن تشهد القمة حضور قادة ومسؤولين رفيعي المستوى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب بلدان جنوب المتوسط، ما يجعل منها محطة مفصلية لإعادة صياغة الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين الطرفين. اختيار المغرب لاحتضان هذه القمة ليس مجرد قرار تقني، بل هو اعتراف دولي بدوره المتنامي في تعزيز الحوار شمال-جنوب، وفي بناء جسور التعاون بين أوروبا وإفريقيا والعالم العربي. ويُرتقب أن تشكل القمة أيضًا فرصة سانحة لطرح ملفات كبرى على طاولة النقاش، مثل مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وأوروبا، وتمويل التحول الطاقي، وتوسيع نطاق برامج دعم الشباب والتعليم والتكوين المهني، باعتبارها رافعات أساسية للاستقرار والتنمية في المنطقة.