كل انسان, ايا كان لونه او جنسه, وعلى مر العصور, يطمح الى تحقيق درجة من الشعور انه " ذو قيمة". ومن اجل هذا الاحساس يفعل الانسان المستحيل وقد يضحي بكل ما لديه من اجله. قد يسافر الى اقصى الدنيا ويعيش غريبا في وطن غريب عنه, ويذوق قساوة الحياة هناك. كل هذا من اجل اكتساب الشعورانه " ذو قيمة". وما غضبنا او تعصبنا الا شعور بالاحساس اننا بدون قيمة, لذلك نتعصب حتى نحافظ على قيمتنا. هذا الشعور متوقف على اقتناع الناس بالشخص. اي ان نجاح الشخص او فشله في الحصول على هذا الشعور هما اللذان يحددان نجاحه او فشله في اقناع الناس بذلك. ولهذا فان هذا الامر هو اولا واخيرا سلوك اجتماعي يجمع الفرد بالاخر, ويتطور ايجابا او سلبا حسب علاقة الفرد بهذا الاخر داخل المجتمع الواحد, قد تصل سلبيتها في بعض الاحيان الى حرب اهلية طاحنة. نعم, هكذا يتصرف الفرد حينما يحس انه مضطهد او مهدد في قيمته الاجتماعية. وحينما اتتبع الشان المحلي بالريف اجد تماما ما اقوله هنا عن هذا الشعور بالقيمة. فالانسان قد يصل الى درجة الكذب والنفاق السياسي والادعاءات الكاذبة عندما يكتشف انه فشل في اقناع الناس. فلا تستغرب مثلا ان يدعي البعض انهم وجدوا حرفا من حروف تفناغ منقوشا على الصخر في مكان ما, فيعمل جاهدا اثبات ما لا يمكن اثباته علميا. كما ان المطالبة بدسترة الامازيغية ماهي ايضا الا محاولة للفت الانظار واثارة الانتباه الى اننا هنا " ذوو قيمة" , وان كان الامازيغي او بالاحرى الريفي لا يعي تماما معنى دسترة الامازيغية, وماهي الاهداف المتوخاة من دسترتها. كما ان الامر قد يصل في بعض الاحيان الى درجة الهوس الحقيقي, فقط لان الانسان الفاشل يريد ان يحقق حاجته الماسة المتمثلة في الشعور بانه ذو قيمة, فهل يعقل مثلا ان يقدم شخص مع مجموعة من المراهقين ويقف عند النقطة الحدودية ببني نصار ليحرر مليلية؟ فاشل اخر بالشعور انه " ذو قيمة" نشرت له احدى الصحف الريفية مؤخرا كلاما اكثر ما يمكن ان يقال عنه انه كلام انشائي وبعيد كل البعد عن الواقعية, حينما حاول واطلق العنان لنفسه المحبطة والفاقدة للشعور بالقيمة ان يدعي كلاما من فكره المثقوب ان اللاعب الدولي الريفي افلاي حينما حمل الشعار الامازيغي فانه اراد من خلال ذلك ارسال رسالة الى العالم العربي بانه ليس عربيا ورسالة الى المغرب انه ليس مغربيا. الا يكون عربيا فهذا مما لا شك فيه, ولكن الا يكون مغربيا كما جاء في هذا الادعاء , فان هذا كلام باطل ويعاقب عليه القانون. فالجنون احيانا يكون وسيلة الانسان الوحيدة للحصول على هذا الشعور. فكلما احست الجماعة او الفرد انه لا قيمة له الا ولجا الى اساليب كاذبة وارتكاب كثير من الكبائر. بيد ان الظاهرة تبقى الى حد ما فردية, ولذلك تبقى بدون اهمية. الا ان الخطر هو حينما تتحول الظاهرة الفردية الى سلوك جماعي, وهذا هو المخيف والمقلق.