الملك تشارلز يعلن تطورا لافتا في علاجه من السرطان    الطريق بين تطوان والمضيق تنقطع بسبب الأمطار الغزيرة    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يجددان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    تفاقم عجز السيولة البنكية ب 5,93 في المائة ما بين 4 و11 دجنبر    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    القلب الكبير ينبض في جهة الشرق: قافلة طبية توزع آلاف أجهزة قياس السكر وتوعي أكثر من 1500 شخص    الإمارات إلى نصف نهائي كأس العرب لمواجهة المغرب الإثنين المقبل    اجتماع لفتيت والولاة ورؤساء الجهات يدفع ببرامج التنمية الترابية نحو مرحلة متقدمة    طنجة.. حادثة سير خطيرة بطريق تطوان تُخلّف وفاة شاب وإصابة ثلاثة آخرين في حالة حرجة    عاصفة شتوية تصرع 16 شخصا بغزة    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    درك أرفود يفكك لغز جريمة قتل    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانًا رعدية مرتقبة بطنجة هذه الليلة        يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    اتحاد طنجة لكرة اليد (إناث) يستنكر حرمانه من الحصص التدريبية قبيل تصفيات كأس العرش    سمو الأميرة للا أسماء تترأس بالرباط افتتاح المؤتمر الإفريقي الأول لزراعة قوقعة الأذن للأطفال    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    "خلف أشجار النخيل" يتوج بنمبارك    بتمويل أوروبي ب150 مليون أورو.. مشروع "سايس 3" يهدف لتأمين الري ل20 ألف هكتار وحماية المياه الجوفية            بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    أسعار تذاكر كأس العالم تثير الغضب    أخنوش من مراكش: المغرب ملتزم بتعزيز التبادل الحر والاندماج الاقتصادي المستدام في إفريقيا    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    نورس موكادور الكاتب حسن الرموتي في ذمة الله    صادرات الصناعة التقليدية تحقق نموا    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    "الفوتسال" المغربي السادس عالميا    باللهجة المصرية.. محمد الرفاعي يصدر جديده "روقان"    وثيقة سرية مسربة تفضح رغبة أمريكا استبعاد 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    حوادث النَّشْر في العلن والسِّرْ !    محاكمات "جيل زد".. ابتدائية مراكش تصدر أحكاما حبسية في حق مجموعة من القاصريين    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    وليد الركراكي يوضح معايير اختيار لائحة "كان 2025"    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    باحثون يستعرضون دينامية الاعتراف الدولي بالطرح المغربي في ندوة وطنية بجامعة ابن طفيل    إفريقيا توحّد موقفها التجاري قبل مؤتمر منظمة التجارة العالمية القادم    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريتشارد بينيل.. المؤرخ البريطاني الذي فهم ثورة عبد الكريم ومشروعه التحرري والاجتماعي
نشر في شبكة دليل الريف يوم 06 - 07 - 2024

من المختصين في تاريخ الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، نكشف بإيجاز في هذا النص عن المؤرخ البريطاني ريتشارد بينيل Richard Pennell الذي ولد سنة 1953 بمدينة يورك، والذي يشتغل حاليا بجامعة ملبورن الأسترالية.
حصل على الإجازة في العربية والإسبانية، والدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة ليدس المرموقة Leeds ببريطانيا. سبق له أن عمل لمدة تسع سنوات على فترات متقطعة في الجامعة الوطنية في سنغافورة، قبل الانتقال إلى أستراليا. قام بالتدريس كذلك في نهاية الثمانينيات في جامعة نيروبي في كينيا. وقام بالتدريس أيضا في جامعة قاريونس في بنغازي بليبيا، وفي جامعة بوكازيسي Bogazici في إسطنبول بتركيا. وفي الفصل الثاني من سنة 2003 كان باحثا زائرا بجامعة الأخوين في إفران بالأطلس المغربي.
ويقدم ريتشارد بينيل نفسه بأنه خبير بتاريخ وقضايا المغرب وليبيا، ومهتم أيضا بالشرق الأوسط الحديث، وبضحايا القمع وقضايا الهجرة واللاجئين والقرصنة... ويشرف على الكثير من الدراسات والبحوث الأكاديمية في مجال هذه التخصصات.
نشر ريتشارد بينيل مقالات عديدة حول تاريخ أفريقيا الشمالية، مثل مقال: "كيف ولماذا يجب التذكير بحرب الريف (1921 – 2021) ". ونشر سنة 2011 مقالا حول "منع الكتب الإسلامية في أستراليا"، بعد إجراء بحث طويل عن المحاكمات القضائية الثقافية وعن منع حرية التعبير بدعوى التهديدات الإرهابية. وللباحث مؤلفات في التاريخ نذكر منها: "المغرب منذ 1830" لندن 2000، 442 صفحة، و"المغرب: من الامبراطورية إلى الاستقلال" اكسفورد 2003.
كما صدر له سنة 1986 كتاب آخر في التاريخ المغربي معنون ب " بلد بحكومة وراية. حرب الريف بالمغرب 1921 – 1926"، وهو البحث المرموق الذي نخصص له وقفة سريعة في هذا المقال.
تم نشر الكتاب ببريطانيا وأمريكا سنة 1986. قام بترجمته من الإنجليزية الأستاذ الباحث بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، الدكتور جواد رضواني المتخصص في الدراسات الثقافية والهوية. وصدرت الترجمة في 336 صفحة عن دار النشر "أفريقيا الشرق" سنة 2022 تحت عنوان: "حرب الريف بالمغرب 1921 – 1926، وجهة نظر إنجلترا للأحداث".
وبالفعل، هي وجهة نظر مختلفة بما يزخر به الكتاب من أحداث وما يقدمه من تفاصيل دقيقة عن المقاومة وأطوارها وشخوصها. نجد مثلا كيف أن الكثير من المعارضين خلقوا صعوبات لبن عبد الكريم في تنظيم الثورة وتقويتها ورص صفوفها، الشيء الذي جعله يعتقد بأن الهزيمة كانت نتيجة لهذه العرقلة الداخلية وهذا الخذلان. ويورد بينيل هؤلاء المتصلبين الذين تحركهم مصالحهم الشخصية وامتيازاتهم لزعامتهم القبلية مثل عمار بن حميدو في مرنيسة، والحاج بلقيش في كزناية، وعبد الرحمان الدرقاوي في بني زروال، وعبد القادر بن الحاج الطيب في بني شيكر، وغيرهم. ويورد من جهة أخرى الأدوار الكبيرة التي لعبتها في المقاومة شخصيات بارزة من قبيل محمد بن علي بولحيا في كل المراحل، ومحمد بن عمر العمراني في ورغة، والقايد اخريرو في غمارة، والخمليشي في صنهاجة، وغيرهم.
بيد أن السبب الحقيقي في الهزيمة قد يتضح من خلال الأرقام التي يقدمها بينيل في الصفحة 267 من المؤلف، إذ يقول: وبحلول منتصف أبريل 1926، لم تكن هناك فرصة كبيرة للقبائل الفردية، أو لمجموعة من القوات الريفية، لنجاحهم في مقاومة الفرنسيين والإسبان. وكان الحلفاء قد جمعوا ضدهم جيشين كبيرين: 28.000 رجل في منطقة أجدير، و12.000 في بني توزين ومطالسة، و3.000 في بني سعيد على الجبهة الشرقية؛ وإلى الجنوب، 40.000 رجل في كزناية، 40.000 آخرين في صنهاجة وبني زروال – أي مامجموعه 123 ألف رجل كانت تساعدهم 150 طائرة حربية.
يتناول الكتاب أحداث المقاومة بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي، الزعيم الفذ الذي أبهر العالم بمبادئه وشهامته وقراراته وذكائه وإنسانيته. بن عبد الكريم لم يكن لديه حريم ولم يكن سفاكا للدماء أو حاقدا على أحد لا في الداخل ولا في الخارج، بل كان أول عمل قام به بعد أن تم اختياره قائدا للثورة هو إنشاء المحاكم للتعبير عن نزعته نحو إقامة العدل. بعد ذلك شيد طرقا وأسس شبكة الهاتف ووضع حدا للنزاعات القبلية وأصلح الدين بنبذ البدع والشعوذة والزوايا التي اعتبر شيوخها "يعبثون بكتاب الله"، ومنع استهلاك المخدرات، ووحد صفوف الجيش النظامي إلى غير ذلك من الإصلاحات.
عن محمد بن عبد الكريم الخطابي وحرب الريف، ألفت مئات الكتب والبحوث، وآلاف المقالات في الجرائد والمجلات، لكن كتاب ريتشارد بينيل له نكهة خاصة لأنه فهم ثورة عبد الكريم ومشروعه التحرري والاجتماعي فهما موضوعيا وأنصف الرجل، وأنصف قضيته.
اعتمد بينيل في بحثه هذا، والذي بالمناسبة كان أطروحة لنيل الدكتوراه في جامعة ليدس عام 1979، اعتمد على مصادر ووثائق مسهبة. بحث في مكتبات وأرشيف سبتة ومليلية، وفي أرشيف التاريخ العسكري الاسباني في مدريد، وأرشيف التاريخ العسكري الفرنسي بفانسين، ووزارتي الخارجية لكل من اسبانيا وفرنسا، وفي المكتبة الوطنية بالرباط، ومراسلات القنصلية البريطانية، وأرشيف جريدة التايمز اللندنية (كان والتر هاريس مراسلا لها بطنجة)، كما أجرى حوارات مع سعيد الخطابي نجل الأمير، وحوارات ولقاءات مع دافيد هارت الذي نعته بينيل ب"موسوعة الريف المتنقلة". هذا بالإضافة إلى اطلاعه طبعا على العديد من المراجع والمؤلفات والرصينة.
حرب الريف كادت أن تقضي على حلم الحماية الإسبانية في الشمال، كما هزت أركان الوصاية الفرنسية على بقية المغرب. هي أهم حرب تحريرية في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية، وكانت من الأسباب غير المباشرة لاندلاع الحرب الأهلية الاسبانية، كما حفزت ميلاد الحركة الوطنية بالمغرب، وحفزت حركات المقاومة في العديد من البلدان المستعمرة.
ومرة أخرى نقدم الشكر والتقدير لبينيل الذي حركه دافع البحث الأكاديمي الموضوعي، وللمترجم الذي نقل هذا البحث/المعلمة إلى قراء العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.