من أجل تحسين جودة عمل الإدارة التربوية بمنظومتنا التعليمية ، ركز الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الإستعجالي - في العديد من مشاريعه - على الارتقاء بالدور الريادي الذي تقوم به إدارات المؤسسات التعليمية ، من خلال تأهيل أطرها لانتهاج المقاربات الحديثة في التدبير والتسيير وذلك باستخدام الأسلوب التشاركي و التدبير المتمركز على النتائج ، لضمان انخراط واسع و تواصل استراتيجي فعال بين مختلف الفاعلين والشركاء ، من أجل خدمة المدرسة وتحسين جودة التعلمات. لهذا بات لزاما على مدير المؤسسة أن يتقن المهارات الإنسانية و الإدراكية و الفنية الأساسية اللازمة لإنجاح عمله الإداري ، وأن يتحرر من النظرة التقليدية في التسيير ويعمل على انفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي ، ويعتمد الشفافية في تدبير الموارد المادية والمالية ، ويعمل على تفعيل الأدوار المنوطة بمجالس المؤسسة ليضمن بذلك تحسين مردودية العمل التربوي والإداري ، ويحفز الجميع للتشبث بدورهم الوظيفي ، وزيادة رضاهم وولائهم وانتمائهم للمؤسسة التي يعملون فيها ، وتنظيم جهودهم واهتمامهم بالناشئة التي ترتكز عليها العملية التربوية عموما. و من أجل تحسين التدبير المادي والمالي للمؤسسة، نقترح مجموعة من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها :
- استعمال أساسيات التدبير المالي واعتماد التسيير الشفاف و التشاركي ، من خلال إشراك مجلس التدبير في إقتراح الأشكال المناسبة للإستعمال المعقلن والرشيد للموارد المادية والمالية ، وضبط حاجيات المؤسسة من وسائل العمل الضرورية وتوفيرها. - البحث عن الموارد وإمكانات الدعم في إطار اتفاقيات الشراكة. - اتخاذ التدابير الملائمة لصيانة المؤسسة ، وضمان المحافظة على مواردها وممتلكاتها . - ضبط سجلات ووثائق التدبير المالي للمؤسسة. - التحكم في النفقات مع مراعاة الأولويات. - تحري الدقة الكاملة في الحسابات ومراقبتها بشكل مستمر. - انجاز تقارير شاملة للوضعية المالية والمادية وعرضها دوريا على مجلس التدبير. و من بين النظريات المتداولة في علم الإدارة، نجد نظرية تحديد التدبير (الإدارة) باعتباره مجموعة من الوظائف والعمليات المتفاعلة فيما بينها لتحقيق أهداف المؤسسة. وقد كان لسيرز "Sears" أثر كبير في محاولة تطبيق مبادئ الإدارة في الميادين الأخرى على الإدارة التعليميةبحكم اشتغاله في ميدان التربية، وأوضح في كتابه "طبيعة عملية الإدارة وإدارة المدرسة العمومية بصفة خاصة، أن أهم وظائف العمل الإداري تشمل التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، والتنسيق، والمراقبة. - التخطيط: إعداد قبلي لاتخاذ القرار بخصوص موضوع أو مشكلة معينة لتحديد ما سيتم إنجازه حتى لا يكون التدبير عشوائيا. ويختلف الإعداد في صعوبته وأهميته حسب الموضوع أو المشكلة. - التنظيم: تحديد كيفية إنجاز العمل واستعمال الموارد وتوزيع المهام لتنفيذ القرارات المتخذة بكيفية فعالة. - التوجيه: عملية مركبة تشمل استعمال القيادة والسلطة والتواصل والتنشيط والحفز لتوجيه العملية التربوية والعاملين بالمؤسسة في الاتجاه المطلوب. - التنسيق: إقامة الانسجام والتكامل بين مختلف العناصر والمكونات التي يشملها تدبير المؤسسة، فهناك مكونات التدبير التربوي والبيداغوجي، ومكونات التدبير الإداري، ومكونات التدبير المادي والمالي، وتدبير علاقات المؤسسة مع الشركاء والمحيط. وهو ما يتطلب تنسيق الجهود وتضافرها لتصب في تحيق أهداف العملية ا لتربوية. - المراقبة: عملية تقويم للموارد المستثمرة والنتائج المحصل عليها. وهي تهدف إلى إدخال التعديلات الضرورية حتى يتم التيقن من أن أهداف المؤسسة والخطط الموضوعة لتحقيقها سيتم احترامها.
هذا، و لا يمكن الحديث عن أي إصلاح حقيقي أو جودة فعالة ناجعة في مجال التربية والتعليم إلا إذا كان الاهتمام منصبا على التفكير في التدبير المادي والمالي، لأنه لبنة أساسية في كل تغيير وتسيير وتنظيم إداري أو تربوي مركزيا أو جهويا أو إقليميا أو مؤسساتيا، و وهو كذلك تفعيل ميداني لكل المشاريع والحاجيات قصد إنجاح سير العملية الديداكتيكية والبيداغوجية في أحسن الظروف الممكنة والمتاحة. كما أن الجانب المادي والمالي هو الذي يشكل البنية التحتية والمعطى البرجماتي لكل فعل تربوي وتدبير إداري.