تحويل المحطة الطرقية القديمة بالجديدة إلى مرأب للسيارات ضمن مشروع تصميم التهيئة الجديد    "الفن والإعلام في ترسيخ القيم الوطنية".. أمسية فنية وثقافية تُمتع الجمهور وتغني النقاش بطنجة    ثورة في عالم الطب .. علاج جديد يقضي على سرطان الدم تمامًا    أخنوش: ضاعفنا عدد أساتذة الأمازيغية 5 مرات وخصصنا للتعليم 17 مليار درهم    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025).. المنتخب المغربي يخوض غمار الجولة الثالثة بطموح الفوز على نظيره السعودي والتأهل للربع    كأس العرب تشهد إقصاء تونس وقطر    المغرب ضمن 30 دولة الأكثر سخاء في العالم    التنسيق النقابي يحمّل الوزارة مسؤولية تدهور أوضاع شغيلة التعليم الأولي ويدعو لوقفة وطنية بالرباط    12.8 مليار درهم تسيل لعاب «فراقشية» دعم الأعلاف .. مداهمات مجلس المنافسة تعيد إلى الواجهة تحذيرات «الاتحاد الاشتراكي» من ريع الدعم الموجه للأعلاف    الامن الوطني يحجز 25 رزمة من الحشيش داخل مقر جمعية لذوي الاحتياجات الخاصة    نتنياهو يجدد رفض الدولة الفلسطينية    ناصر بوريطة: الولايات المتحدة الأمريكية ستقود مفاوضات تنزيل الحكم الذاتي    بنكيران: أنا لا أعرف ما هي الدولة العميقة إلى اليوم    القافلة الوطنية لمناهضة العنف الرقمي ضد النساء والفتيات تحط الرحال بالدار البيضاء    تتالي الصفعات لنظام الكابرانات!    إعلان الحرب ضد التفاهة لتصحيح صورتنا الاجتماعية    التكنولوجيا وتحولات الفعل السياسي في المغرب: نحو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع    اختتام الدورة ال 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. تتويج فيلم «سماء بلا أرض» للمخرجة أريج السحيري بالنجمة الذهبية للمهرجان    إجماع دولي على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية    الصيد المستدام والبنية الصناعية يقودان المغرب لزعامة سوق السردين العالمي    مصرع شخص جراء حادثة تصادم بين شاحنة وسيارة بضواحي تطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    اعتقالات في بنين بعد محاولة انقلاب    السودان.. هجوم لقوات الدعم السريع بمسيّرة يخلف عشرات القتلى بينهم أطفال بجنوب كردفان    مسيرة حاشدة في طنجة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي وتضامنا مع غزة    رونالدو نازاريو: المغرب يلعب "كرة القدم بأسلوب مذهل" خلال السنوات الأخيرة    السكتيوي: مواجهة السعودية "صعبة"    إبراهيم أوشلح يستعيد في سيرته الذاتية ذاكرة جيلٍ عاش تحولات المغرب من زمن الاستعمار إلى سنوات الرصاص    الغفولي يعيد تقديم "شويخ من أرض مكناس" بأسلوب الجلسة الخليجية    المنتخب المغربي للفوتسال يعزز تركيبته بابن بني بوعياش رشيد أفلاح    "سي دي جي" تجهز 100 مليار درهم لضخها في مونديال 2030    الصحافة البرازيلية تعتبر مباراة المغرب والبرازيل في مونديال 2026 "قمة مبكرة"    الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقات التطبيع.. "جبهة دعم فلسطين" تعلن عن تنظيم يوم وطني احتجاجي    هايتي تعود إلى المونديال بعد 52 سنة    عناصر الدرك بمراكش تطيح بمتورطين في سرقة سائحتين وتخريب سيارات بتسلطانت    مطاردة هوليودية تنتهي بحجز سيارة محمّلة بنصف طن من المخدرات بسيدي علال التازي    المخرجة آن ماري جاسر: فيلم "فلسطين 36" يقدم أرشيفًا حيًا لمرحلة مفصلية في التاريخ    رد مكتب حقوق المؤلف على مغالطات نشرتها بعض المواقع الإلكترونية    بكين وموسكو تجريان مناورات عسكرية مشتركة مضادة للصواريخ على الأراضي الروسية    هرو برو: العناية البالغة للحكومة أنعشت جهة درعة تافيلالت ب17 مليار درهم من المشاريع    الأسود يدخلون المونديال بخيبة 1998 وفخر 2022 وطموح 2026    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر    حملة لتحرير الملك العمومي داخل ''مارشي للازهرة'' تقودها الملحقة الإدارية الخامسة    تجديد مكتب هيئة المهندسين التجمعيين بالجديدة وانتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة        المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجديدة تكرم محمد برادة ومصطفى النحال بمناسبة تتويجهما بجائزة كتارا
نشر في الجديدة 24 يوم 06 - 11 - 2017

احتضن فضاء المكتبة الوسائطية إدريس التاشفيني بمدينة الجديدة مساء يومه السبت 4 نونبر الجاري على الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، لقاء احتفائيا بالكاتبين محمد برادة ومصطفى النحال على خلفية تتويجهما المشرف بجائزة كتارا في دورتها الأخيرة، الأول في صنف الروايات المنشورة عن روايته (موت مختلف) والثاني في صنف الدراسات عن بحثه الموسوم ب(الخطاب الروائي وآليات التخييل)، وذلك بتنظيم مشترك من صالون مازغان للثقافة والفن، المكتبة الوسائطية التاشفيني، وجمعية أصدقائها، ومكتبة باريس، وبدعم من الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية. أدار النشاط الكاتب إبراهيم الحجري، بحضور جمهور كثيف من الكتاب والمبدعين والمهتمين؛ حل من جميع ضواحي الجديدة، لتهنئة الضيفين، والاستمتاع بحديثهما الآسر حول الأدب والثقافة والكتابة والرواية والجوائز والقراءة... وما له علاقة بهاته القضايا المترابطة.
تناول الكلمة بداية الدكتور محمد برادة الذي عبر عن سعادته بلقاء مثقفي الجديدة، واندهاشه للمستوى الرفيع للجمهور ومستوى التنظيم، شاكرا الجهات التي سهرت على تهييء هذا اللقاء الاحتفائي. واتخذت مداخلته، من موضوع القراءة منطلقا للخوض في نكوصية المثقف والقيم، وهو الرهان الذي حملته الرواية على عاتقها، ممثلا في إخراج الفرد من عزلته والدفع به للإفصاح عن همومه ومثبطاته، وانشغالاته العميقة، لذلك بات الرهان منعقدا عليها كجنس أدبي منفتح على الظاهرة الإنسانية في أبعادها المختلفة. وأبدى برادة المتوج بجائزة كتارا للرواية العربية، حماسا شديدا اتجاه حركة الوعي بالذات والهوية بالرغم من حالة النكوص التي يبدو عليها المثقف، حيث بدأنا نلمس أعمالا روائية مغربية وعربية تتلمس الجراح القصوى في الشخصية العربية في محاولة لتشخيص الداء، وعكسه في مرآة المجتمع ليراه الناس أجمعين بصورة مثالية، ولعمري إن هذا العمل هو بداية العلاج.
ويعرج صاحب لعبة النسيان بعدئذ، على قيمة التتويج بجائزة كتارا معتبرا أن الجوائز في حد ذاتها لا تهمه إلا في الجانب الاعتباري للكاتب كنوع من الاعتراف بمجهوداته الرمزية في زمن كئيب وغائم تتحلل فيه القيم والمثل والمبادئ وتندحر فيه الاعتبارات الإنسانية بالتدريج أمام هيمنة قيم العولمة والاقتصاد الحر وهيمنة قيم الريع والربح السريع، خصوصا أن الكاتب المغربي والعربي لا يعيش من الكتابة، ولا يعوض عما ينجزه، وهو بذلك، بضحي بوقته وصحته الثمينين، ويبذل عمره في سبيل التنوير والتوعية المجتمعية دون مقابل!
وفي غمرة حديثه عن مشروعه الروائي، الذي جاء إليه من الممارسة السياسية والمقالة الصحفية التحليلية (مقال الرأي)، يصرح برادة بأن أعماله تدخل ضمن نطاق مشروع منسجم له رؤية ومنظور نقدي وتصور للعالم، وكل رواية تكمل الأخرى، وإن كانت تجيب عن سؤال محدد يخص راهن الإنسان، ومستقبله في ظل المستجدات العالمية، وفي ظل هوية متحركة، ضمن سيرورة متواصلة التفاعل مع متغيرات الكون. وعليه، فإن رواية (موت مختلف) تأتي لتصور مصير الفرد المغترب الذي يشده، بعد عمر من الغياب والسفر، الحنين للبلد، وأم الرأس تحديدا، في زمن باتت تتقزم فيه الجغرافيات، وتتراجع فيه قيم الاطمئنان والاستقرار، أمام تفشي قيم العنف والتطرف والرفض والتصادم، والشك، واللايقين في المجتمع الدولي، لتبدأ مرحلة السفر في الذاكرة، وترميم البياضات، وإيجاد مبررات للصور النمطية التي تشوش عملية الاستذكار، وكأن مرحلة العودة سبيل لتصالح مع ذات مشروخة، مزقتها الغيابات، والبعد عن الثقافة الأصل، والتشبع بخصوصيات مجتمع آخر لم يستطع الاندماج فيه كلية!
وفي خضم تعقيباته على الحوار المفتوح مع الحضور المتنوع، أكد أن الروائي لا يمكن أن ينطلق من البياض والعدم، ولا يمكنه ألا يكون متشبعا بمفردات النقد وببعض الخصوصيات السردية، حتى لو ادعى ذلك، لأن الرواية عالم يتأسس ويبنى وفق تصور واضح ووعي عميق، لكن الدخول في العمل وتفصيلاته يضع أمام الكاتب أحيانا مسارات واختيارات ما كانت له على بال، ولم يفكر فيها سلفا، بحكم أن العمل السردي له هندسته الداخلية الخاصة به المطبوعة بالفجاءة ودخول عناصر جديدة تحتم على الرواية مراعاة مرونة متواصلة لمنطق الحذف والتعديل والإضافة والشطب وغير ذلك من قضايا التغذية والمراجعة الدائمتين.
وفي رد على ملاحظة أحد المتدخلين بصدد تمسك برادة بالميتاروائي والتجريب في الكتاب، واستحضار الوعي النقدي، ومفردات التخطيب داخل المتن، أكد صاحب (موت مختلف) أن كل الروائيين يفكرون بالضرورة في هاته العناصر لأنها من صميم فعل الكتابة، وإلا كيف يمكن لروائي أن يبدأ بحدث أو يؤخر حدث آخر، ويقحم شخصية، ويخرج أخرى دون التفكير في هندسة خاصة للنص تنطلق من تصور نقدي، مبديا الفرق في كونه يفكر فيما يفكر فيه الآخرون همسا، بصوت مرتفع لإشراك المتلقي في لعبة الكتابة، وكشف مطبخها أمامه كنوع من التعاقد على القراءة والتأويل والتشييد، مشددا على أنه لا عيب في ذلك إن كان يخدم السياق، ويتناغم مع المشروع العام للعمل وأهدافه.
ومن جهته، أثنى الدكتور مصطفى النحال الفائز بجائزة كتارا للدراسات النقدية، على مبادرة اللقاء، لما فيها من التفات لذاكرتنا الرمزية، وتكريس لقيمة الاعتراف والعرفان والتكريم والاختفاء بالشخصيات الأدبية التي تشرف الوطن والإنسان المغربي والعربي، ليعرج بعد ذلك، على قضية بات يروج لها كثيرا وهي تميز الفكر النقدي المغربي على نظيره المشرقي عكس الإبداع، مؤكدا على أن مسألة التميز هاته ليست وليدة اليوم، بل هي ممتدة الجذور، كما أنه ليست خاصة بالنقد، بل باتت تطول كذلك الإبداع الروائي، والدليل على ذلك، حضور الروائيين المغاربة شبابا ومكرسين في مختلف المحتفلات العربية، ويمثلون المغرب في كل الجوائز العربية، وتطبع لهم أغلب دور النشر الرائدة، ولهم الحظوة في المنابر والمنتديات والمهرجانات! وأشار صاحب (طيف سليمان) إلى أن مسألة التصنيف هاته ليست صحية، وأنه في المشرق مثلما في المغرب أصوات متميزة في كل حقول الإبداع والمعرفة، وأن التعصب للانتماء والحدود الجغرافية بات لاغيا في زمن صار فيه العالم قرية صغيرة.
وفي إطار حديثه عن كتابه المتوج بالجائزة القطرية، أفصح النحال عن انشغاله بقضايا المتخيل في الرواية العربية، لكونه مبحثا مهما في سبيل تسليط الضوء على عمق الفرد وارتباطه بشبكة المفاهيم المجتمعية التي تستغل في الغياب، موسعا مدونته التي اشتغل بها، لتشمل الرواية المكتوبة بالعربية والمكتوبة بلغات أخرى، وبين رواية التخييل الذاتي، ورواية الأطروحة، وبين الرواية التاريخية، ورواية الواقع الاجتماعي، كما أنه انشغل كذلك، بظواهر تخص أسئلة الكتابة ومتغيرات الجنس الأدبي، وبالأخص ظاهرة نزوح الشعراء إلى عالم الكتابة الروائية ونجاحهم فيها.
وفي خضم رده على تعقيبات الحضور، اعتبر النحال أن مسألة هيمنة الكتابة الذاتية على الرواية المغربية بخلاف الرواية المشرقية، لها وجهان؛ الأول كونها إيهاما بالتصاق الشخصية الروائية أو الراوي بشخصية الكاتب، وهو وهم يجتهد المغاربة خصوصا للنجاح فيه، لكونه الأقرب إلى تصوير القضايا المجتمعية ذات اللبوسات النفسية والفيسيولوجية والاجتماعية المعقدة، التي يصعب التعبير عنها بضمير الغيبة أو بمنظور التبئير الخارجي، والثاني كونها تعكس الاعتداد بقيمة الهوية والأنوية في التفكير الإبداعي، ذاك الدماغ، وهو يبدع، يظل موصولا بالإحساس المفرط بالذات وارتباطاتها النسقية مع المنظومة الاجتماعية والثقافية في عمل متواصل من الهدم والبناء لخلق قيم جديدة تقطع مع القيم البالية وتسعى للتحرر والانعتاق منها، ولو عبر خلف أفق تخييلي لكتابة الذات!
واختتم اللقاء باحتفاء خاص من الفنان عبد الكريم الأزهر بالضيفين، عبر إهدائهما لوحتين من إبداعه الشخصي، وبتوقيع عملي الكاتبين (موت مختلف) و(القدسي والدنيوي في السرد العربي).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.