بين الزفزافي وأويحيى: المغرب نموذج للرحمة الإنسانية والجزائر نموذج للقسوة    المغرب استقطب منذ 2020 ما يفوق 40 مليار دولار من الاستثمارات الصناعية    خط بحري جديد يربط المغرب ببريطانيا وشمال أوروبا يعزز صادرات الفواكه والخضر ويختصر زمن الشحن    "التقدم والاشتراكية" يرفض مشروع قانون التعليم العالي ويعتبره تراجعاً عن مكتسبات الجامعة العمومية    سكان الدول منخفضة الدخل أكثر عرضة للظواهر المناخية القصوى مقارنة بسكان الدول الغنية    إعلام عبري: 1923 إسرائيليا قتلوا خلال عامين بينهم 900 جندي وإصابة 29 ألفا و485 بينهم 6218 عسكري    ميسي يقود الأرجنتين لاكتساح فنزويلا    بالصور .. ملعب "الأمير مولاي عبد الله"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت        المحكمة الابتدائية بالحسيمة تدين مروج كوكايين بعقوبات مالية وسجنية ثقيلة    حينما يتحدث جاد المالح، ينثر الابتسامات، يؤجج العواطف، ويؤكد ارتباطه العميق بالمغرب    جلالة الملك يأمر المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة حول أحكام الزكاة    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    فرنسا تتصدر قائمة مداخيل السفر نحو المغرب في 2024    المغرب يعزز أسطوله الجوي ب10 مروحيات متطورة    10 مليارات درهم عمولات سنويّة.. "الأوليغوبول البنكي" قد يعرقل دخول بنك "رفولي" الرقمي بخدماته المجانية السوق المغربية    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مجلة ذي إيكونوميست .. المغرب بقيادة جلالة الملك يرسخ مكانته كقوة تجارية وصناعية    رضوان برحيل يعلن موعد إصدار جديده الفني        الولايات المتحدة: دونالد ترامب يريد تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب    إقصائيات مونديال 2026 'المغرب-النيجر': مجمع الأمير مولاي عبد الله يفتح أبوابه في الساعة الرابعة عصرا    ارتفاع أسعار الذهب    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين        ملعب الأمير مولاي عبد الله في حلته الجديدة يحتضن مباراة استثنائية لأسود الأطلس    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    كيوسك الجمعة | أكثر من 8 ملايين تلميذ يلتحقون بمدارسهم    شاب يلقى حتفه طعنا إثر خلاف حول نعجة    ليلة إنقاذ بطولية بحي إبوعجاجا بعد سقوط حصان في بئر        معتقلو حراك الريف بسجن طنجة يدينون رمي رجال الأمن بالحجارة.. إصابات واعتقالات        جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف    "زرع الأعضاء المطيلة للعمر والخلود"… موضوع محادثة بين شي وبوتين    غانا.. مواجهات وأعمال عنف قبلية تخلف 31 قتيلا وتهجر حوالي 48 ألف مواطن        غياب التدابير الاستعجالية لمواجهة أزمة العطش تجر بركة للمساءلة    كوريا والولايات المتحدة واليابان يجرون تدريبات عسكرية مشتركة في شتنبر الجاري    شي جين بينغ وكيم جونغ أون يؤكدان متانة التحالف الاستراتيجي بين الصين وكوريا الشمالية    الرباط تستقبل صحافيين وصناع محتوى    فضائح المال العام تُبعد المنتخبين عن سباق البرلمان القادم    اتحاد طنجة ينهي المرحلة الأولى من البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية بفوز عريض على مارتيل    دياز يوجه رسالة مؤثرة بعد لقائه محمد التيمومي    ملايين الأطفال مهددون بفقدان حقهم في التعلم بنهاية 2026    التصفيات الإفريقية.. مباراة النيجر حاسمة للتأهل إلى مونديال 2026 (لاعبون)    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    إصابات في صفوف رجال الأمن واعتقالات على خلفية أعمال شغب أعقبت جنازة الزفزافي    النباتات المعدلة وراثياً .. الحقيقة والخيال    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    «سحر الشرق وغوايته».. عز الدين بوركة يواصل البحث في فن الاستشراق بالشرق والمغرب    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طقوس المخزن تترنح
نشر في فبراير يوم 03 - 08 - 2012

المغاربة يسألون: هل تم إلغاء طقوس حفل الولاء هذه السنة أم لا؟ البعض يقول إن الطقوس التي أثارت جدلا سياسيا ودينيا قد تم تأجيلها فقط هذا العام لأن عيد العرش تزامن مع رمضان ومع ذكرى وفاة السلطان محمد الخامس. البعض الآخر قال إن حفل الركوع للملك في ساحات القصر وهو راكب فوق فرسه انتهى مع زوال القداسة من الدستور، وأن الملك أعطى الإشارة الأولى عن بداية نهاية الطقوس المخزنية المثيرة للجدل، ودليل هؤلاء أن بلاغ وزارة القصور والأوسمة سكت عن حفل الولاء هذا العام، ولم يقل لا بالتأجيل ولا بالإلغاء، وهذا له معنى واحد في العرف المغربي: طي صفحة هذا الطقس دون إعلان ذلك.

الطقوس والرموز والبرتوكولات المحيطة بالحكم كانت ومازالت وستبقى جزءا من السلطة.. أي سلطة، أكانت حديثة أم عتيقة، الفرق يكمن في نوع حضور هذا البرتوكول وما إذا كان خفيفا أم ثقيلا ومدى انسجامه مع تطور المجتمعات وثقافتها أم اتجاهه ضد مجرى النهر.

منذ مدة وأصوات عديدة في المغرب تدعو إلى خضوع «البرتوكول المخزني» المتوارث عبر قرون وقرون لنوع من الحمية القاسية لكنها صحية، حتى تنسجم هذه الطقوس مع الصورة التي أراد الجالس على العرش أن يعطيها عن نفسه وعن عهده وعن أسلوبه في الحكم. منذ أن سمح الملك بنشر صوره وهو في البحر، ونشر صور الأميرة زوجته، وتكليفها بمهام إنسانية واجتماعية، كان من الضروري أن تواكب صورة الملك الشاب البسيط القريب من الشعب تغييرات هامة في «التقاليد المرعية»، مثل حفل الركوع أمام الملك وتجديد البيعة وتقبيل اليد... خاصة وأن هذه «التقاليد» وهذه «الرموز» لم تكن خالية من إرث وحمولات سلطوية ما قبل الدولة الحديثة، التي أرست قيم الحكم الديمقراطي النابع من إرادة الأمم والشعوب...

ربما كان الملك الراحل الحسن الثاني بحاجة إلى هذه الأعراف المرعية، وتكليف جنرال قاس، مثل مولاي حفيظ العلوي، بتقعيد هذه الأعراف وحراستها، وإلزام الناس، بالقوة والإهانة، باحترامها، وذلك بالنظر إلى مناخ الصراع حول السلطة الذي طبع جل فترات حكم الملك الراحل، وخاصة مع المعارضة اليسارية. فكان الملك يستعين بالدين وطقوس المخزن وأعراف الأجداد لمواجهة الإيديولوجيات اليسارية التي كانت قوية في الستينات والسبعينات والثمانينات، وكانت تهدد أقوى الأنظمة التقليدية في العالم العربي والعالم الثالث، أما اليوم فإن الملك محمد السادس ليس في حاجة إلى هذه «الترسانة» الرمزية من الطقوس والأعراف، حيث تم إرساء توافق واسع حول النظام الملكي، وحتى التيارات الصغيرة التي تتطلع إلى نموذج حكم آخر لا تجرؤ على قول ذلك علنيا. لقد رأينا أن حركة 20 فبراير، وعلى مدار سنة كاملة من التظاهر والاحتجاج والاحتكاكات التي لم تخل من عنف، لم تطالب بأكثر من ملكية برلمانية، وبقي احترامها للعاهل المغربي خطا أحمر، باستثناءات قليلة جدا تؤكد القاعدة أكثر من أي شيء آخر.
الحسن الثاني، رحمه الله، كان بحاجة إلى أدوات حكم المخزن، ومنها «الطقوس والأعراف»، لأنه كان في حرب مفتوحة ودائمة ضد خصومه وأعدائه. وفي الحرب يلجأ الإنسان إلى كل الأسلحة، أما محمد السادس فقد تحولت تلك «الترسانة» في عهده إلى عبء وليس إلى أسلحة. إنها أسلحة صارت بلا مفعول من زمن مضى، وحملها يشكل عبئا لا لزوم له في زمن يحتاج من الحكام إلى أن يتخففوا من الأثقال حتى يستطيعوا أن يتكيفوا مع ضرورات العصر وواجبات التطور...
لكل زمن أناسه، ولكل حكم رجاله ونساؤه، ولكل عهد طقوسه وأعرافه. المحافظون القدامى والجدد الذين يخشون اليوم على طقوس المخزن البالية لا ينتبهون إلى أن العهد الجديد صارت له طقوسه الجديدة، وأعرافه المستحدثة التي تفوق في تأثيرها الإيجابي الطقوس القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.