كلما ذكرت اسم "طبيب أو طبيبة" من كلا القطاعين العام أو الخاص لأي مواطن،إلا وتهيج وانتفخت أوداجه وشرع في سب هذه الفصيلة وشجرة عائلاتها منذ آدم إلى اليوم.وكلما ذكرت كلمة"المستشفى' سواء أكان عموميا أو مصحة لأي مريض إلا وارتفع ضغط دمه وسكره وأدرينالينه وكورتزليه(نسبة إلى الكورتزول والأدرينالين في الدم) والسبب واضح ووجيه،أمام المآسي والمجازر اليومية التي يعاني منها المواطنون أمام المستشفيات والمصحات والعيادات،وحكايات مأساوية أطول من حكايات الف ليلة وليلة يشيب لها رؤوس الصبيان.وقصص أطول من حكايات السندباد البحري،ولعله آن الآوان أن تجرى دراسات ميدانية نفسية لبعض الأطباء مذكرهم ومؤنثهم وإخضاعهم لجلسات نفسية سريرية لعل بعض البحوث تنجز لنا خلاصات ،ونتائج عن هذا الجنس الذي لايمت للإنسان بصلة،لأن بعض المزاولين لمهنة الطب لايمتلكون تصورا عاما حول هذه المهنة النبيلة،يل يتم شحنهم بمعرفة ميكانيكية وآلية خالية من الشعور والإحساس والعاطفة،ولاتكاد معرفتهم بالطب تتجاوز ثقافة علاجية تقنية ،ولعل الوازع الذي يحكمهم هو التشبع بثقافة "وجود خاسرين من المرضى ورابحين من الأطباء" كما هو متعارف عليه في عيادات الجحيم،ومصحات السعير،ولأن المنتمين لمهنة الطب يمثلون طبقة مغلقة اجتماعيا، ليس من السهل اختراقها لأنها تمتلك منظورا خاصا لجمع الثروة،وتتمتع بحماية خاصة ،وليذهب المرضى إلى سقر. إن الطبيب الذي يتفاوض على ربح أكبر يخرج من المجال الشريف إلى مجال بربري بتعبير كارل ماركس،فالآلة الطبية بتعبير كارل بوبر لاتنتج غير المآسي، ولابد للقارئ الواقعي بتعبير جاب لنتفلت أن يؤسس لقناعة سوسيولوجية،كون صحة المواطن في كف عفريت، للاعتبارات السالفة الذكر التي تحكم ذهنية الطبيب،وهي اعتبارات برغماتية تطورت لدى البعض منهم، لتصبح ذات حمولات سياسية.بإمكان كل الأطباء أن تكون لهم قناعات ،ولكن ليس لكل الأطباء أخذها بعين الاعتبارمحمل الجد.لنتذكر أن الجرم في مهنة الطب لا يأتي من محتوى السلوك العدواني تجاه المريض سواء أكان عنفا رمزيا أو جسديا،وإنما من ماديته المحسوسة. إن الروح البشرية عندما يجري تصنيفها تصبح في نظريات الطب بضاعة للاستهلاك فهي لن تعود تخضع للصحة والشفاء وإنما تباع وتشترى.والصحة في نظر بعض سماسرة الطب لها ثمن يجب أن يدفع،فالفردنة القصوى تقتضي هذا الإجراء،ادفع لتؤجل موتك،أولا تدفع وجهز قبرك إن كان لك قبر.تذكرت قول الشاعر المجاطي( وبقيت ملقى بلا قبرولاقيامه). إن تفوق الغرب على الشرق في المجال الطبي ليس في تقدم الآلات وتحديثها بل في اعتبار "إنسانية الانسان" هي العقيدة الراسخة والمبدأ الثابت الذي لايختلف حوله طبيبان.وهو اختيار الدولة قبل كل شيء.ولعل أفضل طريقة ينهجها بعض أطباء المفاوضات "هو تدبير الكائن كونه غيرممكن في العملية".وقد سمعت من المواطنين حكايات مؤلمة عاشها ذويهم في مصحات خاصة ،لتشخص العملية البسيطة حول"الدودة الزائدة" أو"المرارة" والبروستات" كونها لها علاقة بالقلب وأن مجرد إهمال أو تردد في الدفع سيدفع بالمريض نحو الهلاك والموت. وهل هناك فظاعة كبرى،أكثر فاشية ونازية أن تتوسل إلى طبيب في قسم المستعجلات أن يحقن ابنتك الصغيرة بإبرة من المسكنات مؤقتا ريثما تستقر حالتها وتشتري لها الدواء،فيشرع في الصراخ في وجهك أمام ابنتك وهي باكية وتطلب منك الخروج من مستشفى أشبه بكوميسارية أو سجن أو قلعة للتعذيب.ولعل بكاء طفلة لاتتجاوز الخامسة من عمرها أمام طبيب بالمستعجلات ،ومطالبة أبيها بالأداء هو أكبر جريمة في تاريخ الطب بالمغرب. ما لا يعرفه المواطنون أن هناك فصلا في القانون الجنائي يتابع فيه الطبيب ومن في مثل مهنته"بعدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر" وقد تدوولت ملفات كثيرة في ردهات المحاكم" انتهت بالانتصار لرافع الدعوى. وهل هناك فظاعة أخطر من أن يتقدم الطبيب في المصحة ليقول للأب العجوز الراقد في سرير الموت وبدون وازع أخلاقي" إنك أبناءك يرفضون منح المبلغ المتفق عليه وأنك ستموت إن لم يسددون المال في الحال" لو كان هذا الطبيب في دولة ديموقراطية لحكم عليه بالإعدام وهي أخف عقوبة" وهل هناك فظاعة أن تجد بالمستشفيات العمومية أطباء يرفضون "الراميد" ويطلبون منك الذهاب إلى "المركز الصحي" بالحومة ،هذا الأخير الذي ينعق فيه البوم والغراب. إن هؤلاء الأطباء الذين ذكرت لايقرأون شيئا،والكتاب المفضل لديهم هو"كيف تصبح طبيبا ثريا في سبعة أيام" منذ تولي الملك محمد السادس عرش أسلافه لم يتردد في أكثر من خطاب لكل المسؤولين بتبني المقاربة الاجتماعية مع المواطنين بدل المقاربة الزجرية التي انتهى عهدها إلى غير رجعة،ونسي بعض الأطباء الكومبرادور أو"المعمرون الجدد" بتعبير ميشيل فوكو أنه"ليس هناك مواطن مريض بل هناك أطباء مرضى" وقد نسي أحد الأطباء استعمل أقراصه الخاصة "بالصرع" فانتابته الحالة وهو في المستشفى ولولا الألطاف الإلهية لوقع ما لايحمد عقباه. من هو المريض أيها الطبيب ؟ ألم تنشر بياتات ومقالات حول أطباء ينكحون مرضاهم،وعلى رأسهم مدير المستشفى نفسه. يتاجرون في صحتنا ويطمعون في نكاح زوجانتا وأخواتنا وبناتنا."هذا هو الطب ولا فلا" ومن تعاويد با خليفة كما تقول العامة" أن لكل مرض حسب أطباء الكومبرادور لها ارتباط بالقلب" وهي نظرية رعب أكثرذعرا من رواية"الدكتور جيكل والمسار هايد" ليأخذ أطباؤنا القدوة من "أطباء بلاحدود" ليعرفوا كم من محبة عطف وتآزر وتضامن وتضحية يمنحها ملائكة الرحمة للمواطنين بلاحدود. لم يعد مجديا اليوم الحديث عن قسم أبو قراط بعدما لم يعد بعض هؤلاء الأطباء يهمه أن تذكرها بالبعث والعقاب وعذاب القبر،ألم تحت الصحافة عن أطباء يضحكون فوق جثث ضحايا انقلبت بهم حافلة. وطبيبة برهوشة ترسل رسائل الكترونية لحبيبه أمام امرآة تتوجع من عسر المخاض .ولمن تحكي زابورك يامواطن.