توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    جنرالات الجزائر.. كيف يستغلون الشعب الجزائري كدرع بشري لحماية مصالحهم    لقجع لنجوم منتخب الشباب: الجماهير المغربية كانت تنتظر أداءً أكثر إقناعًا واستقرارًا    ناصر بوريطة: البعض يزايد باسم فلسطين دون أن يقدّم حتى كيس أرز    طقس الأربعاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من المناطق    الصويرة: وفود 15 بلدا إفريقيا يشاركون في الدورة ال11 للجنة التقنية للمؤتمر الوزاري الإفريقي للتعاونيات    إقرار مشروع قانون المسطرة الجنائية    المغاربة... أخلاق تُروى وجذور تضرب في عمق التاريخ    واقعة "هروب" حرفية مغربية في إسبانيا تُربك غرفة الصناعة التقليدية بطنجة    إيقاف دراجة نارية قادمة من القصر الكبير ومحجوزات خطيرة بالسد القضائي    سي إن إن: معلومات أمريكية تشير إلى تجهيز إسرائيل لضربة على منشآت نووية إيرانية    الحسيمة تحتضن مؤتمرا دوليا حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    باكستان تستعد لدخول عصر جديد من التفوق الجوي بحلول صيف 2026    طنجة المتوسط.. مجموعة سويدية تدشن وحدة صناعية جديدة متخصصة في المحامل المغناطيسية    الوداد يفسخ عقد موكوينا بالتراضي    لقجع يحث "الأشبال" على الجدية    الأغلبية بمجلس النواب تؤازر الوزير وهبي لإخراج مشروع المسطرة الجنائية    أداء إيجابي لبورصة الدار البيضاء    منح الترخيص لأول مقاولة للخدمات الطاقية بالمغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    العرائش تحتفي ب20 سنة من التنمية    متهم بالاختطاف والتعذيب وطلبة فدية.. استئنافية الحسيمة تدين "بزناس" ب20 سنة سجناً    مؤلم.. عشريني ينهي حياة والده بطعنة قاتلة    وفد من مركز الذاكرة المشتركة يزور الشيخة الشاعرة والمفكرة سعاد الصباح    السغروشني: مناظرة الذكاء الاصطناعي قادمة.. والأمازيغية تنال عناية الحكومة    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشكر الملك محمد السادس لدعمه القضية الفلسطينية والدفع نحو حل الدولتين    حديث الصمت    استثمار تاريخي بقيمة 15 مليار دولار ينطلق بالمغرب ويعد بتحول اقتصادي غير مسبوق    أخنوش: إصلاح التعليم خيار سيادي وأولوية وطنية    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    وزير العدل: كنت سأستغرب لو وقع نواب "الاتحاد الاشتراكي" مع المعارضة على ملتمس الرقابة    حموشي يستقبل حجاج أسرة الأمن الوطني    ثلاثة مراسيم على طاولة المجلس الحكومي    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    تلك الرائحة    منظمة الصحة تقر "اتفاقية الجوائح"    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون بمناسبة العيد الوطني لبلاده    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    بوريطة: لا رابح في الحرب وحل الدولتين هو المفتاح الوحيد لأمن المنطقة واستقرارها    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الحل الأمني وحده يكفي للدفاع عن مقومات المجتمع المغربي وثوابته؟
نشر في هسبريس يوم 06 - 04 - 2009

لقد تعددت القضايا والظواهر المنحرفة التي صارت تهدد المغاربة في عقر دارهم، في زمن ثورة المعلوميات التي غدا معها العالم قرية صغيرة يعرف من يعيش في أطرافها ما يقع في وسطها في الآن واللحظة نفسها، بيد أن تعامل الجهات المسؤولة عن حماية المغاربة ضد كل ما يشكل تهديدا لهم في امور دينهم ودنياهم لم يتغير البتة عن تلك الطريقة القديمة التي كانت تتصرف بها أيام االتلفزة والإذاعة الواحدة ،مع القضايا والمشاكل المؤرقة، حيث من خلالها كانت تحتكر الدولة المعلومة والخبر وتتصرف بهما كيفما تشاء وتوجههما لخدمة الغاية الواحدة المرتبطة بالأجهزة التي من مصلحتها احكام القبضة على الشعب من خلال القمع والضبط الأمني. ""
صحيح أنه في الزمن الذي ولى كان صراع الدولة المغربية منحصرا بالدرجة الأولى في محاربة أصحاب التوجهات والقوى الماركسية، طيلة العقود الموالية للاستقلال، التي كانت ترى في النظام الملكي بمثابة نظام رجعي ظلامي تسلطي لا يعبر عن رغبات القوى العمالية الكادحة، بحسب التعبير الماركسي ، وأن صراع تلك القوى ضد المخزن هو صراع من أجل مصلحة قوى الشعب الكادح. فكان تعامل المخزن معهم يقوم على مبدأ العصا والجزرة، وقد أتى فعلا هذا المبدأ النتائج المتوخاة منه، بحيث صار الذي لم يستجب للجرزة تقطف رأسه العصا المخزنية، وعليه استطاع المخزن كسب ذلك الصراع لصالحه في نهاية المطاف، صراع لم يجن منه المغرب غير استدامة التخلف بدياره نتيجة إهدار طاقات البلد المادية والبشرية خلال خمسين سنة هي عمر الاستقلال السياسي الذي حصل عليه المغرب، تخلف جعل صندوق البنك الدولي وغيره من المؤسسات المعنية بمراقبة التنمية في مختلف بلدان العالم يصنفان المغرب في صفوف الدول النامية المتأخرة وفق مؤشرات التنمية البشرية.
لقد أفرز لنا واقع الثورة المعلوماتية وما صاحبها من سرعة انتقال الأفكار والإيديولوجيات، أنماط تعامل جديدة للأفراد والجماعات مع ما تتلقاه من معلومات في جو من الحرية والاستقلالية، بعيدا عن الرقابة الأمنية للأجهزة الرسمية، بحيث يمكن القول أننا صرنا أمام واقع تراجع سلطة الأنظمة الحاكمة خاصة في بلدان العالم النامي، على الفكرة والمعلومات، عكس ما كانت عليه من قبل كما، هذا إن لم تختف بالمرة تلك السلطة امام وفرة القنوات غير الرسمية وقدرتها على إيصال الأفكار والمعلومات بعيدا عن رقابة الجهات الرسمية.
في هذا السياق نجد ان المجتمع المغربي توافدت عليه أفكارا وسلوكيات يجمع كل مهتم بالشان الوطني عن قرب أنها وافدة ودخيلة عليه، وبالتالي يمكن فعلا أن تحدث خرقا داخل النسيج المجتمعي المغربي يصعب فيما بعد رتقه إن لم تتبن الجهات المعنية مقاربات متعددت الوسائل والمنهاج من أجل معالجتها والحد من تأثيراتها السلبية، في أفق تهميشها وجعلها في زاوايا ضيقة لا يكون لها أي تأثير يذكر داخل النسق المجتمعي المغربي.
ظواهر مثل التنصير والتشيع الفارسي والشذوذ، وغيرها من الانحرافات التي اخترقت المجتمع المغربي نتيجة عوامل عدة، ليس هذا مجال التفصيل في ذكرها، لا يقول عاقل أنه يمكن القضاء عليها نهائيا عن طريق الضبط الأمني، في ظل واقع عالمي يشهد انتقالا سريعا ومكثفا للأفكار والمعتقدات متخطية بذلك كل الحدود. بيد اننا نجد من هو مكلف بتأمين المجتمع المغربي من مثل تلك الانحرافات العقدية والسلوكية لا يزال يراهن على معالجتها وفق مقاربة أحادية البعد، تغلب الجانب الأمني الصرف على المقاربة ذات الأبعاد المتعددة القائمة على اعتماد منهجية تمزج بين اسلوب المحاججة الفكرية والعلمية وأسلوب المنهجية التربوية السلوكية بغية تقويم الفهم والسلوك للأفراد والجماعات التي وقعت تحت تأثيرات أفكار وسلوكيات وافدة، وهو ما يتطلب بالضرورة سحب البساط من تحت أقدام الجهات الأمنية ولايجعل لها الأولوية إن لم نقل الانفراد وحدها بمعالجة مثل تلك القضايا التي تهم كل المغاربة، مما يعني أنه ينبغي ان تعبأ كل القوى والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية وإشراكها في تدبيرها ومعالجتها بدءا بالمدرسة بمختلف مستوياتها مرورا بالإعلام الرسمي وغير الرسمي المرئي والمسموع وصولا إلى دور المؤسسات الدينية التي نرى أن الأدوات والهياكل والمؤسسات التي في حوزتها يراد لها أن تلعب دورا ثانويا في وقت نسمع فيه الكثير والكثير عن إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب.
هيكلة الحقل الديني لاتكون عن طريق تفويت الاختصاصات، تفويت مهام واختصاصات المؤسسات الدينية الاسلامية لصالح الجهات الأمنية وذلك في سياق يذكرنا بعهد كان يتم فيه تضخيم دور الأجهزة الأمنية في التعامل مع كل الملفات على غيرها من الأجهزة الرسمية الأخرى ذات الصلة، مما يعطي انطباعا لدى المتتبع للشأن المغربي، أن المغرب يفتقد القدرة المؤسساتية في التعامل بطريقة أكثر علمية و عقلانية مع مشاكله المجتمعية.
إن ما نراه ونسمعه في الأونة الأخيرة، في بعض القنوات التلفزية الوطنية التي يأكل أصحابها من مال دافعي الضرائب ، وصفحات بعض الجرائد المغربية التي تروم الاكثار من مبيعاتها عبر الترويج، وإن كان أحيانا غير مقصود، من ظواهر وسلوكيات غريبة و مستحدثة بشكل لم يسبق له مثيل في مجتمعنا المغربي، وما يوظف من أليات ووسائل عصرية في التسويق لها، يتطلب من الجهات المعنية فعلا تطوير أليات المواجهة والتصدي عن طريق انتهاج وسائل وآليات ترقى إلى مستوى التحديات التي تفرضها تلك الظواهر والسلوكيات على المجتمع المغربي، بعيدا عن النظرة الأمنية الضيقة التي تختزل كل شيء في الهاجس الأمني الظرفي.
وعليه فإن معالجة ظواهر مثل التشيع الفارسي والتنصير الصليبي والسلوكيات المرضية الشاذة يستلزم مقاربة أكثر شمولية يندمج فيها التعليمي مع التربوية والتوجيه الديني والإعلامي عبر مؤسسات وأجهزة مخول لها، بنص القانون المنشئ لها، القيام بمهام تكوين وتنشئة الشخصية المغربية وفق مقومات ومبادئ الاسلام وسلوكياته المستمدة من القرآن الكريم والسنة الصحيحة المطهرة، مع مراعاة متطلبات العصر الحديثة بعيدا عن كل تطرف و شذوذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.