27% من القضاة نساء.. لكن تمثيلهن في المناصب القيادية بالمحاكم لا يتجاوز 10%    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    المغرب يدين بشدة "الهجوم الصاروخي السافر" على سيادة قطر ومجالها الجوي    قطر تعلن وقف حركة الملاحة الجوية فوق أراضيها مؤقتا    رويترز عن مسؤول أمريكي: قد يأتي الرد الإيراني خلال يوم أو يومين    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    "عملية مرحبا"… استعدادات لنقل 7,5 ملايين مسافر و2 مليون سيارة عبر 13 خطا بحريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    العثور على رضيع متخلى عنه داخل مقبرة بطنجة    الرئيس السوري: لن يفلت مرتكبو تفجير كنيسة مار إلياس من العقاب    إيران تقصف قاعدة العديد الأمريكية بقطر    توقيع اتفاقية شراكة إطار بين وزارة الشباب والثقافة والتواصل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لتعزيز الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب    دعاية هزيلة.. بعد انكشاف مقتل ضباط جزائريين في طهران.. نظام العسكر يُروج وثيقة مزورة تزعم مقتل مغاربة في إسرائيل    الملك محمد السادس يهنئ دوقي لوكسمبورغ الكبرى بمناسبة العيد الوطني لبلادهما    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    شرطي يستعمل سلاحه الوظيفي بالقنيطرة لتوقيف شقيقين عرضا سلامة عناصر الشرطة والمواطنين لتهديد جدي    انطلاق أولى جلسات محاكمة المتهم في "حادثة الطفلة غيثة".. وهذه هي التهم الموجهة إليه    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    بوتين: لا مبررات قانونية أو أعذار للعدوان ضد إيران    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام        كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    19 جريحا في حادثة انقلاب سيارة لنقل العمال الزراعيين باشتوكة    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    خيي كاتبا جهويا ل "مصباح الشمال" ومريمة وبلقات يحجزان معقدا عن تطوان    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    بنك المغرب.. الأصول الاحتياطية ترتفع إلى 400,8 مليار درهم    العدالة والتنمية يدين الهجوم الأمريكي على إيران    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    إسبانيا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى "التحلي بالشجاعة" لمعاقبة إسرائيل        المغرب ‬يعيد ‬رسم ‬خريطة ‬الأمن ‬الغذائي ‬في ‬أوروبا ‬بمنتجاته ‬الفلاحية ‬    الناخب الوطني النسوي يعقد ندوة صحفية بعد غد الثلاثاء بسلا    الكركرات.. توقيف شاحنة محملة بالكوكايين القادم من الجنوب    ألونسو: من الأفضل أن تستقبل هدفًا على أن تخوض المباراة بلاعب أقل    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    معنى ‬أن ‬تصبح ‬العيون ‬نقطة ‬وصل ‬بين ‬شمال ‬أفريقيا ‬وعمقها ‬الجنوبي    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    طنجة.. تتويج فريق District Terrien B بلقب الدوري الدولي "طنجة الكبرى للميني باسكيط"    الأستاذ عبد الرحيم الساوي يغادر المسؤولية من الباب الكبير.. نموذج في الاستقامة والانتصار لروح القانون    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حماس" والذراع الأخرى لإيران
نشر في هسبريس يوم 12 - 10 - 2023

لم يعد خاف على أحد، إلا من أراد أن يتنكر للحقيقة، وهي أن إيران لها أجندتها الخاصة في كل من الشرق الأوسط والخليج العربي وبعض الدول العربية في شمال إفريقيا. وتنفيذا لمخططها الخطير، استقطبت وتستقطب بعض المنظمات الإرهابية؛ وفي مقدمتها حزب الله والحوثيون، ليزداد اهتمامها أكثر فأكثر بما يسمى اليوم بحركة المقاومة الإسلامية "حماس". أهداف إيران الأساسية تتمثل في زعزعة استقرار وأمن الأنظمة في المنطقة العربية، واستهداف شعوبها على النحو الذي يمكنها من بسط سيطرتها من خلال تغيير الأنظمة وجعلها مرهونة بطهران.
ما نعاينه، اليوم، من مشهد مرعب في منطقة الشرق الأوسط هو في حقيقة الأمر حرب يخوضها تنظيم حماس بالوكالة وبالنيابة عن دولة الملالي. ونحن، هنا، لا نفتري على أحد ولا نزايد أو نغلف الحقائق ولا نتستر عليها بالبهتان؛ إنما هناك معطيات على أرض الواقع أفادنا بها من هو في عين العاصفة. ومن واجبنا أن نمررها إلى الرأي العام المغربي بالدرجة الأولى كي لا يسقط في الدعاية الرخيصة القائمة على تهييج مشاعر المغاربة الذين يندفعون أحيانا ببراءتهم الملائكية تحت تأثير حملة مغرضة لأولئك الشياطين الذين لا هم لهم سوى الربح المادي، ولو على حساب دم الأبرياء من شعوبها. هذا جزء من المشهد الجاري، وينبغي على المغاربة أن يستحضروا خلفياته.
تشير المعارك الجارية إلى أن الحرب التي شنت اليوم على إسرائيل تختلف تماما عن سابقاتها من المعارك أو الانتفاضات التي سجلت على مدى عقدين أو ثلاثة والتي كانت محدودة في الزمان والمكان؛ بل هي حرب حقيقية، كما وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وإذ الأمر كذلك فلا داعي لتنظيم حماس أن يجير لنفسه ما يجري على ساحة الوغى، فإن كان هناك من تحرك عسكري في العمق الإسرائيلي فالفضل فيه يعود إلى ضباط فيلق القدس الذين حوّلوا قطاع غزة إلى هيئة أركان إيرانية حيث بدؤوا العمل فيها وتأهيلها منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني، وازدادت وتيرة نشاطهم العسكري حينما انطلق مسلسل التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. إلى جانب ذلك، تفيد تلك المعطيات بأن هؤلاء الضباط هم الذين يتحكمون من داخل قطاع غزة في مجريات العمليات العسكرية الدائرة حاليا بين إسرائيل من جهة وثلة من الضباط الإيرانيين الذي يشكلون الخطوط الخلفية والغطاء الواقي لرجال تنظيم حماس.
الحضور الإيراني في هذه الحرب واضح للعيان على مستوى اللوجيستيك وعلى مستوى العتاد. إطلاق خمسة آلاف صاروخ في ليلة واحدة هو ضرب من الجنون يفوق قدرات الدول فبالأحرى أن يملكه تنظيم من مستوى "حماس". العتاد الذي يتزود به هذا التنظيم الفلسطيني جنوب غرب إسرائيل هو ذاته، كما ونوعا، يملكه حزب الله في الحدود المتاخمة لشمال إسرائيل. ومن هنا، تتأكد خطورة ضلوع إيران في الحرب الجارية؛ فليس من الصدفة أن يتزامن نشوب الحرب مع غزة انطلاق مناوشات عسكرية وإطلاق حزب الله صواريخ على مزارع شبعة، لو لم يكن هناك ناظم واحد على إيقاع هذه الحروب ألا وهو الطرف الإيراني.
واليوم، كما يبدو أن هذه الحرب قد بدأت بقرار مشترك بين فيلق القدس الإيراني وتنظيم حماس الفلسطيني، فإنهاؤها لم يعد ملكا لهما ومن دخلها لن يعرف متى وكيف سيخرج منها. وهي حرب ستطول، وستأتي على الأخضر واليابس، وأن الذي سيؤدي الثمن غاليا هم الأبرياء من الشعب الفلسطيني، أطفالا ونساء وشيوخا. أناس عزل لا حول ولا قوة لهم. أما المقاتلون كما يسمونهم فهم وذووهم في مأمن مدججين بالسلاح. بينما قيادتهم السياسية وذووهم فهم بعيدون كل البعد عن أزيز الرصاص وهدير المدافع وانفجارات الصواريخ؛ بل إنهم ينعمون، خارج قطاع غزة، في بحبوحة من العيش الرغيد في فنادق خارج التصنيف وعلى أرائك ذكرها الله في القرآن، فاستبقوا التنزيل في الدنيا قبل العقاب في الآخرة. ومن دون حياء وهم المجرمون في حق الشعب الفلسطيني قيل إنهم سجدوا سجدة الشكر لله ببدلات غربية من صنف "كريستيان ديور" وما جاوره من عطر يختلف تماما عن غبار غزة من هدم وردم فوق رؤوس الأبرياء.
إنها دورة عنف تسيل فيها الدماء من فترة إلى أخرى على الأقل، هكذا عودتنا قيادة "حماس"؛ فحينما يتناقص رصيدها البنكي أو لا يربو على ما هو عليه تسارع إلى تجديد دورة العنف لتقايض بعض الدول العربية وتبتزها للحصول على المال مقابل إيقاف الحرب والدخول في هدنة. هؤلاء لا يومنون بقضية على أنها عادلة أو غير ذلك، أو أنها قضية شعب برمته؛ بل يهمهم حال أنفسهم ليكونوا في مصاف أثرياء العالم كأولئك الذين يملكون أبراجا في بعض دول الخليج وشوارع على أكملها في باريس ولندن.
هذه هي الحقائق التي ينبغي أن يستحضرها الشعب المغربي؛ بل أكثر من ذلك يجب على الجميع أن يدرك أن تداعيات هذه الحرب قد يتجاوز مداها حدود الأطراف المتنازعة لحسابات واعتبارات استراتيجية كما تفهمها وتريدها إيران. قراءة طهران للتحركات الدبلوماسية في المنطقة العربية تثير لديها مخاوف من أن تتغير الموازين بشكل قد يؤثر سلبا على مصالحها في المنطقة. وما يؤكد ذلك أن التوقيت الذي شنت فيه هذه الحرب يفسر هواجس إيران من عمليات التطبيع الجارية على قدم وساق بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
وبكل تأكيد، أن ما حدا بطهران أن تحرك أذرعها في المنطقة هو التقارب الإسرائيلي السعودي برعاية وضمانات أمريكية. وعندئذ، ازدادت قناعة إيران باتجاه التحرك والقيام بعمل ما من أجل وأد هذا التقارب وإرسال رسائل في إشارات خطيرة إلى الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل. هذا المخطط الشيطاني قد عبر عنه إسماعيل هنية، القائد السياسي لتنظيم "حماس"، حينما أعلن بعد سجدة الشكر متوجها إلى الدول العربية قائلا: "نقول لكل الدول العربية إن هذا الكيان، الذي لا يستطيع حماية نفسه أمام هؤلاء المقاومين، لا يمكن أن يوفر لكم أية حماية". وأضاف: "كل اتفاقيات التطبيع التي وقعتموها معه لا يمكن أن تحسم هذا الصراع". إسماعيل هنية يريد أن يقول لنا إن التقارب مع إسرائيل هدفه حماية الأنظمة العربية. حمايتها من ماذا؟ هل من خطر يعلمه هنية ولا نعلمه نحن؟ إنها رسالة مشفرة تنطوي على تهديد كل من تسول له نفسه أن يطبع مع إسرائيل. وهذا التهديد يكمن في خروج دائرة الحرب الجارية عن نطاقها الحالي في اتجاه انزلاق خطير ينذر بإطلاق عمليات إرهابية وإرسال انتحاريين ضد الدول المطبعة ما دامت هذه الحرب قد انطلقت شرارتها بسبب التقارب الإسرائيلي السعودي.
هذه هي رسالة إسماعيل هنية، وهكذا يجب أن نفهمها كذلك نحن المغاربة. ولنا في ذلك ما يؤكد هذا العداء. فصائل فلسطينية، من قبيل القيادة العامة لأحمد جبريل والجبهة الشعبية على عهد جورج حبش، جميعها كانت تخطط لزعزعة استقرار المغرب بتدريب الانفصاليين بمخيمات تيندوف بتواطؤ مع النظام الجزائري. ولا يمكن أن نستثني، اليوم، تنظيم "حماس" من هذه التوجهات العدائية وقد أبانت عن ذلك في العديد من المحطات. ومن الوارد جدا، وبإيعاز من إيران، أن يسخر رجال هذا التنظيم خبرتهم الميدانية في الاختراقات عبر الأنفاق من تيندوف وغيرها بإغراءات مالية يضعها النظام الجزائري رهن إشارتهم. ومن هنا، وجب أخذ الحيطة والحذر من جميع المغاربة أن أبعاد هذه الحرب لا تقف عند حدود التأييد أو عدم التأييد؛ بل يجب الانتباه إلى تداعياتها وألا ننجر وراء الأهواء والمشاعر التي يحاول بعض القومجيين والإسلامويين أن يغرروا بها بعضا من الرأي العام المغربي.
أما بخصوص الدرس الذي ينبغي استخلاصه من هذه الحرب، وهو أن العودة إلى المسار التفاوضي بات يفرض نفسه على الجميع وبات ضروريا للخروج من دوامات العنف والعنف المضاد. فاليوم، إسرائيل مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى الجلوس مع القيادة الشرعية الفلسطينية المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية. وغير ذلك، ستزداد شوكة المتطرفين على حساب المعتدلين من أبناء الشعب الفلسطيني الذين سئموا هذا الوضع وتضرروا كثيرا من المتاجرين بقضيتهم. وفي هذا الصدد، لا بد من الدبلوماسية المغربية أن تتحرك في اتجاه إسرائيل بالخصوص، والعمل كل ما يمكن أن يعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات. فالسلام العادل هو وحده القادر على أن يقطع الطريق عن المتطرفين، وعن أمراء وسماسرة الحرب. الفرصة سانحة بعد هذه الهزة، ولا ينبغي التفريط فيها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.