سجّل المغرب حضورًا غير مسبوق في الدورة الحالية لمهرجان "كان" السينمائي، ليس فقط من حيث عدد المشاريع المشاركة، بل من حيث نوعية الرؤية المؤسساتية التي ترافقها. واستطاعت البعثة المغربية، تحت قيادة عبد العزيز البوجدايني، المدير بالنيابة للمركز السينمائي المغربي، أن تمنح السينما الوطنية موقعًا متقدّمًا في قلب التفاعلات المهنية والفنية. وشهد الجناح المغربي، أمس الأحد، تنظيم ورشة للإنتاج المشترك بين المغرب وفرنسا، بمشاركة خمسة مشاريع سينمائية واعدة اختارها المركز السينمائي المغربي عقب نداء وطني للمشاريع. وقد حظيت الورشة بدعم رمزي ومعنوي وازن، تمثّل في حضور وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، التي زارت الجناح المغربي وتفاعلت بشكل مباشر مع فريقَي فيلمين اثنين: "دار الملائكة" و"مالك"، في دلالة واضحة على الإرادة السياسية لتكريس شراكة ثقافية وإبداعية متقدمة بين البلدين. ويأتي هذا الحدث في سياق دينامية مؤسساتية متصاعدة، بدأت فعليًا يوم 18 ماي 2024 بتوقيع اتفاق غير مسبوق بين المركز السينمائي المغربي ونظيره الفرنسي (CNC)، وتعمّقت أكثر خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب في أكتوبر 2024، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات استراتيجية أمام الملك محمد السادس، شملت مجالات عدة، أبرزها التعاون الثقافي. المشاريع الخمسة المختارة في إطار الورشة- وهي "دار الملائكة" لجيهان جويبول، و"المسلك" لمحسن نذيف، و"المنسيات" لكنزة الطازي، و"الحقل" لمحمد بوهاري، و"مالك" لخالد نيت زلاي، تعبّر، وفق المركز السينمائي المغربي، عن جيل جديد من المخرجين والمخرجات الذين يحملون رؤى سينمائية طموحة. وقد استفاد أصحاب هذه المشاريع من لقاءات مهنية فردية مع منتجين فرنسيين معتمدين في سوق الفيلم الموازية للمهرجان، التي تُعدّ المنصة الأهم عالميًا لصناعة السينما. ويمثل الحضور المغربي لأول مرة بجناح وطني في سوق الفيلم لحظة مفصلية في تموقع السينما المغربية داخل المنظومة الدولية، مما أتاح للمشاريع الشابة فرصة ثمينة للعرض والترويج ضمن بيئة احترافية عالمية. وبالنسبة لهؤلاء المبدعين، تشكّل تجربة "كان 2025" منطلقًا حقيقيًا نحو آفاق أرحب، قد تضعهم قريبًا على خارطة المهرجانات العالمية الكبرى، بفضل دعم المركز السينمائي المغربي، الذي يعيد تأكيد دوره كمحرّك أساسي لإشعاع الفن السابع الوطني خارج الحدود.