بنسعيد يقدم شروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعلن رفع تمثيلية "الناشرين"    أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز    "طفل بومية" لم يتعرض لاعتداء جنسي أو جسدي والوفاة ناتجة عن اختناق باستخدام حبل    بورصة البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأحمر    المغرب يستقبل الجميع بحفاوة والجزائر ترد بالتجاهل والمراهقة الدبلوماسية في كان السيدات    بقيادة حكيمي .. باريس سان جيرمان يقارع ريال مدريد في نصف نهائي مثير    نجل أنشيلوتي يتولى تدريب بوتافوغو البرازيلي    توحيد نظام التأمين الصحي يحصل على الضوء الأخضر من مجلس المستشارين بأغلبية الأصوات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بهبات رياح وتساقط البرد اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    وزير التجهيز والماء: أشغال سد الرتبة بتاونات بلغت 30 بالمائة من نسبة الإنجاز    إسرائيل تعلن اغتيال مسؤول عسكري في حزب الله جنوب لبنان    الصين تعتزم توسيع شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة لتصل إلى 50 ألف كيلومتر بنهاية 2025    تجدد الدعوات لمقاطعة المنتدى العالمي لعلم الاجتماع بالرباط بسبب مشاركة إسرائيل    بينهم أطفال.. مقتل 26 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على قطاع غزة    فتى يقتل طفلا ويصيب بجروح طفلة ومعلمة داخل مدرسة في البرازيل    سيرغي لافروف يزور كوريا الشمالية    المطارات المحلية الأمريكية تتخلص من خلع الأحذية أثناء التفتيش    علاقة الدولة بالمجتمع وسوء الفهم الكبير.. محاولة للفهم    أجندات انفصالية تُبعد ثلاثة إسبان موالين لجبهة البوليساريو من العيون    استثمار تجربة هيئة أخلاقيات الصحافة وحرية التعبير    سايس يعود إلى التداريب بعد غياب دام لأربعة أشهر بسبب الإصابة    رياض: "أبذل قصارى جهدي للعودة للميادين وهدفي هو المشاركة في "الكان"    أَسيرُ حرب: السَّرد الجريح    38,2 مليون حساب بنكي بنهاية 2024    أسعار النفط تتراجع وسط تقييم اقتصادي لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة    دراسة: التغير المناخي زاد وفيات الحر 3 مرات في المدن الأوروبية    ضبط أقراص مهلوسة بميناء الناظور    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    الجديدة: أزقة سيدي بوزيد تسائل جماعة مولاي عبد الله وعمالة الإقليم    الدوري الإنجليزي لكرة القدم.. سندرلاند يضم الظهير الأيسر رينيلدو ماندافا قادما من أتلتيكو مدريد الإسباني    مجلس المستشارين يصادق في قراءة ثانية على مشروع قانون المسطرة المدنية    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي (2-0)    كيوسك الأربعاء | إجراءات جديدة بميناء طنجة المتوسط لتسهيل عبور الجالية    فرص أكثر للشباب والنساء .. التشغيل يتصدر أجندة حكومة أخنوش    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    تحقيقات أمنية في حادث رشق بالحجارة بحي مغوغة تسفر عن استدعاء أطراف مشتبَه فيها    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا        أداء الثلاثاء إيجابي في بورصة البيضاء    مجلس ‬المنافسة ‬يكشف ‬عن ‬هوامش ‬الربح ‬في ‬المواد ‬الغذائية ‬وعن ‬الأسواق ‬المتحكمة ‬فيها    قطاع الإسمنت بالمغرب يسجّل أداء إيجابيا في النصف الأول من 2025    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا المغرب هكذا ؟ الإعاقة و"العياقة" !
نشر في هسبريس يوم 30 - 11 - 2014

ليس التراث هو الذي يُعرّف بالدولة كما يعتقد الكثيرون نتيجة السذاجة المتوارثة فمن المضحك أن يتم تعريف مصر انطلاقا من الفراعنة أو اليونان من خلال الإغريق : فهذه حضارات أُنتِجت بتلك المناطق خلال فترة زمنية معينة، أما الدولة فهي حضور سياسي/اجتماعي/اقتصادي يتم التعريف عنه انطلاقا من النخب. هذه الأخيرة هي السمات التي تُبرز المستوى الثقافي للشعب واهتماماته اليومية، وذلك في المجال السياسي، الفني، الثقافي.. بالتالي فالنخب هم الفنانون والكتاب والسياسيون، وخاصة السياسيون النخب الحاكمة.
نأتي للمغرب، وأقولها صراحة، بأن نخبه نخب معاقة : فقط فلننظر بتمعن للمجالات التي تم ذكرها، ونرى نوعية الشخصيات التي تتربع عليها ونوعية إنتاجها المُقدّم.. هل هناك من يفتخر بموضوع معين أي شخصية سواء في التمثيل أو المسرح أو الرسم أو الأدب أو الموسيقى أو السياسة (الأقرب لدينا للكوميديا المسرحية منها للعبة السياسية) وبمجملها تعيش على التقليد السطحي الهزيل.. إن إشكالية المغرب هي انعدام مساحة التنافس والعطاء : أي لا يتم تقديم فرص متساوية للجميع لفرز الأفضل، الأهم، الأقدر في مجال معين من المجالات، بل ما لدينا هو ثقافة الانتهاز : هذا يدفع هذا، وذاك يغطي ذاك فنضع المعاق (وليس هنا أي إشارة لذوي الاحتياجات الخاصة) مكان السوي، والإعاقة هنا إعاقة إنتاجية فالسائد لدينا هو الشخص الغير مناسب في المكان المناسب (لشخص آخر غيره هو). وحينما تحدث الكارثة : نقوم بإحضار الشخص المناسب للمكان المناسب وذلك في الوقت الغير مناسب.
هل نتكلم عن الشعب ؟ الشعب بحد ذاته كارثة ولنكن واقعيين 10 أشخاص يريديون التغيير و1000 تسخر منهم (رغم أن التغيير في مصلحتهم)، فقر في الوعي السياسي، وتبجّح بمستوى متدني من التفكير المنطقي، كل ما يهم هو التفوه بأي سخافة أو التصرف بشكل جنوني مخزي ثم تصويره لوضعه على قنوات موقع يوتوب Youtube أو صفحات الفيسبوك Facebook، حتى تتجمع حول كتلة من البطالة والملل، الذين (الكتلة) لا يجذبهم أي اهتمام سوى مشاهدة الأكثر إعاقة منهم : وما ينتج عن ذلك من شعور بالتفوق الزائف والأمان، على اعتبار : "الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به كثيرا من عباده". وطبعا الإعلام والمؤسسات الاستهلاكية تدعم وتبارك ذلك، في إطار عبادتها و"تَمسكُنها" للزبائن بتوضيف إعاقاتهم إعلانياً حتى تتمكّن من جعلهم عبيداً وخُدّاماً لمنتوجاتها.
إنا ما لا نسوعبه هو أن "هذه الحكومة من ذاك الشعب"، وهذا ما لا يجب أن ننساه أو نغفل عنه ! "الحكومات مخلوقات تنجبها الشعوب، كل على حسب جيناتها" ! فالحكومة العاجزة تكشف عن شعب : إما مغيّب بشكل تخذيري (نتيجة القابلية للسذاجة الإعلامية)، أو دون مستوى النضج الفكري السياسي !
كتب "بسايكو" (كأي مغربي يغرد على حسابه الفيسبوكي) : "الحياة صعبة ؟! إن النهوض من السرير ومواجهة مخلوقات تخالفك الرأي وتقاطعك الحديث وتفهم من مؤخرتها هو ما يجعل الحياة صعبة"، محللا معادلة العقلية التافهة العالمية السائدة، وخاصة بهذا البلد. فالمشكل ليس في العالم، وليس في البلد، المشكل في العلاقات.. وفي مقال عن هايدغر Heidegger وعلاقته بالنازية، علّق أحدهم عن المقال (بجريدة هسبريس Hespress) متسائلا إن كان بنكيران وماجاوره يعرفون هايدغر ويقرؤون له. طبعا لا يمكن لأحد أن يقرأ لهايدغر ويظل في الميتافيزيقا، أو بتعبير أوضح تظل الميتافيزيقا مسيطرة على مخيلته؛ غير أن سياستنا وثقافتنا واقتصادنا وحياتنا بالإجمال لاتزال ميتافيزيقية !
في إشارتي للنخب ببداية المقال، لم يكن الغرض من ذلك التأكيد عن الطبقية الثقافية كما يذهب في ذلك غالبا أتباع ماركس الذي يكتفون بمقولات لينينية منسوبة له كمخزون معرفي عن ماركس ! بل العكس، النخب هي المجموعة أو الفئة التي تجد مساحة من التعبير (بمجاله الواسع) بعد المتطلب الحياتي أو ضمنه : لذلك فنحن لسنا في القرون الوسطى أو بمرحلة ظهور المحركات الصناعية : حيث لم يكن يتاح للبروليتاريا والطبقات الفقيرة وقت وفرصة للتفنّن أي ممارسة السياسة والفلسفة والفن والشعر والموسيقى والرسم لذلك يجب توسيع المجال أمام الكل.. لا مجال للديناصورات (الأقدمية) ولا لماكندونالد (الزبونية) وفواكه المحسوبية، لأن ما تتسبب به نخب الانتهاز "الطبالون" و"أقوال العام الجميل" هو أن إنتاجها السطحي والفقير يصبح هو القاعدة الفنية أمام الجماهير : وهذا ما يخلق أجيالا ودفعات من الإعاقة.. "وزيادينها بالعياقة" !!
ف"الفن" هو ما ينهض بكل كيان، الفن هو وسيلة الهروب من الحاضر الضبابي نحو واقع أوضح لإحضاره، كما بقول بيكاسو : "نحن جميعا نعلم بأن الفن ليس حقيقة. الفن كذبة، كذبة تجعلنا ندرك الواقع، على الأقل الواقع كيف يجب أن يكون. لذلك يجب على الفنان أن يعرف الطريقة التي يقرّب بها الآخرين من مصداقية أكاذيبه".
حينما نمنح مساحة ونقدم فرصة : ندفع بواقعنا نحو أبعد حدوده، نخلصه من مئاسيه وقيوده، نخلصه من الإعاقة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.