وزارة النقل تطلق 7 خدمات جديدة عبر منصتها الإلكترونية    اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب.. جمعية حقوقية تكشف استمرار الانتهاكات وتطالب بالإفراج عن معتقلي الرأي    بن جلون مديرا للمركز السينمائي.. الحكومة تصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    صادرات الفوسفاط تحقق 27.7 مليار درهم بنهاية أبريل 2025    خامنئي: إسرائيل كادت تنهار تحت ضرباتنا.. وضرب القواعد الأمريكية قد يتكرر إذا تجدد العدوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تفكيك شبكة للهجرة السرية بالحسيمة.. توقيف 3 أشخاص وحجز زوارق ومعدات بحرية    رئاسة النيابة العامة تحث على تفعيل اختصاصاتها في مساطر معالجة صعوبات المقاولة    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    رسالة من بريتوريا.. خريطة المغرب كاملة في قمة دولية بجنوب إفريقيا (صور)    عمر زنيبر يبرز بجنيف أولويات العمل الدبلوماسي والوطني للمغرب في مجال الهجرة    الوداد يغادر مونديال الأندية خالي الوفاض بعد هزيمته أمام العين الإماراتي    برلمان أمريكا الوسطى يجدد تأكيد دعمه لمخطط الحكم الذاتي وللوحدة الترابية للمملكة    تعيين محمد رضا بنجلون مديرا للمركز السينمائي المغربي    مجلس الحكومة يُصادق على مشاريع مراسيم تهم مجموعة من القطاعات    وزارة الأوقاف تعلن مطلع العام الهجري الجديد    قضية "إسكوبار الصحراء".. تطورات جديدة واستدعاء شخصيات بارزة من بينها الفنانة لطيفة رأفت    اتصالات المغرب وإنوي تعلنان إنشاء شركتي "Uni Fiber" و"Uni Tower"    مشروع قانون أمريكي: الجبهة إرهابية    مقتل 44 فلسطينيا بقصف إسرائيلي    سانشيز: غزة تشهد "إبادة جماعية"    مشاريع استثمارية تبلغ 51 مليار درهم    الجزائر توظف ورقة النفط والغاز لعرقلة موقف أمريكا من الصحراء المغربية    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    كأس العالم للأندية: الوداد الرياضي ينهي مشاركته بهزيمة أمام العين الإماراتي    حفل جماهيري ضخم.. ديانا حداد تحقق رقمًا قياسيًا في الحضور بالمغرب    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    ادريس الروخ يشرع في تصوير مسلسل درامي جديد    الطالب الباحث عبد الفتاح موليم ينال شهادة الماستر في القانون العام بميزة مشرف جدا    الزيات يعلن ترشحه لرئاسة الرجاء ويعد بمرحلة جديدة مع تفعيل الشركة            الحسيمة.. تحويط حريق بغابة "ثاندا إفران" وجهود متواصلة لإخماده    في الأمم المتحدة.. المغرب يدعو لتحرك جماعي لحماية المدنيين من الفظائع    عواصف عنيفة تضرب فرنسا وتخلف قتلى ودمارا واسعا    المجلس الأعلى للحسابات يشارك بجوهانسبورغ في قمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لدول مجموعة العشرين    وفاة رجل أضرم النار في جسده وسط الشارع العام بطنجة إثر خلاف تجاري    مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    جمعيات تحذر الوزارة الوصية من "تفويت" 54 مركزا للشباب    أسعار الذهب ترتفع وسط تراجع الدولار الأمريكي    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    مغاربة العالم يعقدون ندوة حوارية بباريس حول الورش الملكي الخاص بالجالية    "الحسنية" تأذن بسفر المدرب الجديد    الرباط تحتضن دوري الراحل بوهلال    معرض يستحضر الأندلس في مرتيل    إدانة رابطة مغربية لتأخير رحلة Ryanair بمطار الرباط    الاحتيال يهدد زبائن تأجير السيارات    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلومينينسي يعبر إلى ثمن النهائي عقب تعادل سلبي أمام صنداونز    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في صعود الإسلام السياسي الشيعي
نشر في هسبريس يوم 31 - 03 - 2015

أصبح من الواضح أنه لا حدود للنفود الإيراني وتمدده، فبروز الإسلام السياسي الشيعي ممثلا في حزب الله اللبناني وأنصار الله في اليمن، والعديد من المتحولين إلى مربع الامتداد الإيراني بتاثير التشيع السياسي لم يفهم بعد بشكل جيد خارج إطار «الطائفية» و«الصفوية» وإلى آخر دفاعات الإسلاميين الضعيفة التي تزيد من تعقيد الموضوع وتركيبه، وبالتالي تفضي هذه الاصطفافات المذهبية الى نتائج عكسية تماما، فحالة التثوير لليمن بعد بروز تحركات الحوثيين، ثم توجه الإسلام السياسي والإخوان فيما بعد الى الانسلاخ الأبدي عن هيكل السلطة والرغبة في القفز من مراكبها إلى الثورة إلى الفراغ إلى تشجيع «التطرف» ليفعل أيضا فعله في بلد يضم أكبر مخزون سلاح في العالم .هذا المثال البسيط لنجاح التشيع السياسي وبروزه يطرح من الأسئلة أكثر مما يبغي الإجابة، فما السر إذن في هذا النجاح في دول يشكل فيها أتباع «الإسلام السياسي الشيعي» أقلية بالمعنيين العددي والإيديولوجي، إذا ما عرفنا الاختلافات الكبيرة بين المذهب الشيعي باعتباره مكوّنا متنوعا للمجال الديني العام في كثير من البلدان العربية والاسلامية وبين الإسلام السياسي الشيعي الذي، وباستثناء حزب الله - الدولة، ظلّ خلف الأضواء وفي المحاضن السرّية التي لم تصل أصلا الى حدود وهيمنة المعارضة السنيّة منذ أواخرسبعينات القرن الماضي
تحديد «سبب واحد وأساسي» في فهم هذا البروز هو من مظاهر أزمة التسطيح في التعاطي مع أزمات المنطقة، الإسلام السياسي السني وكثير من المسؤولين الموالين لتيار «السنة» باعتباره تيارا يعبر عن هويّة سياسية مهمشة يرجعون السبب الى تبني الولايات المتحدة والغرب عموما للإسلام السياسي الشيعي وتساهلهم معه، ويعللون هذا التفضيل بسبب عدم انجراره المباشر للعنف والارهاب، إضافة إلى توفر بنية هرمية صارمة فيما يخص التنظيمات والمرجعية الدينية والفكرية والولاء للخط العام في ايران، بحيث تصير كل الاختلافات مجرد فروق في الدرجة وليس النوع، آخرون يرون أن ضلوع الإسلام السياسي السني وتوجهه نحو التطرف منذ انشقاق وظهور «القاعدة» عن جسم التيارات الإسلامية كان عاملا رئيسيا وحاسما في التمييز بين الاتجاه العنفي والاتجاه السلمي في التغيير كما يقال والتي اظهر الربيع العربي أنه «مشروع انقلابي» ناعم وعنيف في نفس الحين و يهدف إلى امتلاك السلطة والاسئثار بها ولو من خلال آليات الديمقراطية وليس الحاكمية . والحقيقة أن كلا التعليلين يحملان بعضا من الصواب، لكنه الصواب الذي يخفي أعراضا أخرى لا يتم تشخيصها، وأهمها فصل موضوع السياسي من سياقه التاريخي والتكويني واعتباره طارئا جديدا على المنطقة، ولم يكن من إنتاجها ببطء وبمساهمة كل الأطراف لأسباب تبدلت الآن مع تبدل الباعث اليها سواء في توظيف السلطة للإسلام السياسي أو اختراق الأخير لبنية السلطة ومؤسساتها، وهو الاكثر تأثيرا من سابقه رغم وضوح ملامح المشروع الانقلابي، الذي انطلق مع تثوير «الحالة السلفية» ودفعها صوب الحركية.
على الجهة الأخرى كانت التراتبية الصارمة والمنظمة التي يعرفها المذهب الشيعي التقليدي قد شملت أيضا الإسلام السياسي الشيعي الأكثر تنظيما ونضجا على مستوى آليات الحركة، وتحديد الأدوار بين الميليشيات وغيرها من التنظيمات الدينية، فالإطارات العسكرية لا تعتبر نفسها ندّا للتنظيمات المذهبية أو جمعيات التمدد الناعم بوسائله الدعوية والشرعية، فالكل يتكامل في خدمة المشروع العام، بينما حالة التنافس والتنازع تعم التنظيمات السنية إلى درجة الخصومة والاقتتال منذ البداية وليس كما يقال عقب الربيع العربي ومواجهة الأنظمة، هناك سوابق وإرث ضخم جدا من التنافر الذي يبدأ بالردود العنيفة وقد تصل إلى حد التكفير والحكم بالردة وهدر الدم. كما أن جل تنظيمات الإسلام السياسي السنّي مناهضة بشكل أو آخر للدول «السنّية» العربية، وهذا على خلاف واقع العلاقة بين إيران والتنظيمات الشيعية. بل إن وصف السنّية لا ينطبق في الحقيقة على جل الدول العربية، وهي بالمناسبة دول لم ينتهي تشكلها السياسي والقانوني بشكل كامل. إنها عبارة عن مشاريع دول بأغلبية سنّية. لا يعني هذا طبعاً انعدام الشعور بالانتماء المذهبي، لكنه في معظم الاحوال انتماء ثقافي فقط ، وله تأثيرات وانعكاسات سياسية واجتماعية، وأبرز سمات هيمنة هذا البعد الثقافي أنه لم يجد مكانه في نصوص دساتيرهذه الدول. من جهتها ترسخ إيران انتماءها المذهبي في نصوص عدة من دستورها، وهي بهذا الدولة الإسلامية الوحيدة التي تعين هويتها المذهبية بمواد دستورية محددة تجتمع في تكريس بُعدها الآخر.
الإسلام السياسي الشيعي يتعاطى السياسة بالسياسة وليس بخطابات دينية فوق مجتمعية ليصيروا لاحقا نخبا سياسية بقاعدة شعبية تم استقطابها بشعارات دينية، ومن هنا سقط الإسلام السياسي السني في مأزق الاستئثار بشرعية خاصة عن غيره من المكونات الدينية. ومن جهة ثانية نازع التيار السلفي الواسع ثم احتضنه عبر تثويره سياسيا لينقسم لاحقا مع صعود موجات العنف والارهاب . الآن قد يستوعب الإسلام السياسي ممثلا في الإخوان المسلمين هذه المسالة، وتدل مساعي الانحياز إلى تركيا إلى ليس فقط رغبة الجماعة في تعميم النموذج التركي ، لأن هذا أمر متعذر جدا، لكن الأساسي أن المزاج الديني العام في تركيا غير مهيّئ للتعايش من جديد مع فكرة الإسلام السياسي؛ ففي الأخير إردوغان يحاول تجاوز الكمالية عبر تخطي القانون والاصطدام بالمكونات الاجتماعية المتشبعة بالحياة العلمانية المدنية التي لا يمكن للأتراك التنازل عنها.
نجحت «إيران» في تصدير ثورتها مع التحكم فيها، بينما عجز العرب والمسلمون السنة في وضع صيغة مقبولة لعلاقة الديني بالسياسي، إيران تظهر نفسها مع أتباعها وأنصارها السياسيين في المنطقة ككتلة واحدة وازنة بامكانيات قوية للتفاوض. كل ذلك تحقق برافعة مذهبية طائفية من خلال تصديرالثورة عبر بوابة التشيع السياسي، وهو الأمر الذي قد يستحيل تحقيقه بتأسيس تحالف سني سياسي، ليس فقط بسبب عدم وضوح المفهوم السني بمعناه السياسي التنظيمي، ولكن أيضا لأن تكتلا كهذا، قد يرتد إلى انقسامات داخلية حادة بسبب ما قد يحمله من إنهاء محتم لمفهوم المواطنة الذي يعيش أكثر فتراته حرجا وصعوبة.
ما الذي يعنيه هذا المشهد؟ يعني أن فترة السماح التي أجازها التاريخ لتأخر إتمام الدولة واكتمالها انتهت، وأن الانقياد خلف إغراء هذا السماح هو الذي أوجد النزاع على الشكل الذي هو عليه الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.