فجرت برمجة لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، بمجلس النواب، لتقديم محمد مبدع وزير الوظيفة العمومية، مشروع قانون الحكومة حول الحق في الوصول للمعلومة، جدلا واسعا داخل المؤسسة التشريعية، وذلك بسبب تقديم البرلمان لمقترح قانون مماثل. وانسحبت فرق المعارضة، عشية اليوم الثلاثاء، من اللجنة، احتجاجا هلى ما اعتبرته مصادرة من الحكومة للمبادرة البرلمانية في التشريع، معلنة تضامنها مع نواب الفريق الاشتراكي الذين احتجوا على استمرار ما وصفوه تهميش الحكومة للمبادرة النيابية، على اعتبار أنهم كانوا سباقين لوضع مقترح القانون المذكور. وقبل انسحاب فرق المعارضة سجل أعضاء منها نقط نظام تؤكد تمسك المؤسسة البرلمانية بحقها في التشريع، والذي تحاول الحكومة ومعها أغلبيتها مصادرته لها، لصالح مشاريع القوانين التي تأتي عبر المجلس الحكومي. واعتبر البرلماني عن الفريق الاشتراكي حسن طارق، أن "هذا القانون عنوان للموقف الحكومي المحتقر للمبادرة التشريعية من جهة"، مشيرا إلى ما وصفه "بالارتباك الحكومي في تنزيل حق دستوري". وأورد طارق في مداخلته أنه "لدينا لحد الآن ثلاث صيغ، في القانون كل صيغة تعتبر أكثر تراجعا من سابقتها، وجميعها تذهب في اتجاه يبتعد عن روح الدستور، عن مطالب الجمعيات الحقوقية، وعن المرجعية المعيارية الدولية، بل وحتى عن توصيات مناظرة الحكومة نفسها. وأكد البرلماني الاشتراكي أن فريقه جاء بالمقترح منذ 2006 ثم أعاد طرحه في 2009، ثم قام بتحيينه على ضوء الدستور في 2012، مشيرا أن الحكومة حاولت القفز على كل ذلك ومصادرة حق المبادرة البرلمانية. مقابل ذلك اعتبرت البرلمانية أمنة ماء العينين، عن فريق العدالة والتنمية، أن "ما حدث في اللجنة غير معقول، لأنها انعقدت وفق مقتضيات النظام الداخلي، وبجدول أعمال محدد"، مشيرة أن "رفع الجلسة دون مناقشة جدول أعمالها الذي تم بموافقة أعضاء مكتبها أمر لا يستقيم". وبعدما نبهت البرلمانية عن الأغلبية، أن أعضاء اللجنة حضروا ولم يطلب أي فريق تأجيل اللجنة، أوضحت أن "رفع رئيس اللجنة الجلسة بمجرد انسحاب المعارضة أمر يجب أن يتحمل فيه مسؤوليته لأنه مسؤول حتى لو كان ينتمي للمعارضة"، مضيفة أن "الذي وقع يحملنا كبرلمينيين مسؤولية الهدر الذي يتعرض له الزمن التشريعي ما بين عرقلة أشغال اللجنة وطلبات التأجيل وتمديد أجال إيداع التعديلات". "أدعو إلى تحمل المسؤولية أغلبية ومعارضة، لأن التشريع مرتبط بمصالح المواطنين وتنزيل الدستور ولا يجب أن يخضع للمزايدات"، تقول ماء العنين التي أكدت، أن فرق الأغلبية داخل اللجنة دائمي الانتصار لحق البرلمان في المبادرة التشريعية، وحق النواب في تقديم ومناقشة مقترحاتهم ولم نلمس من الحكومة أي عرقلة في هذا الاتجاه". كلام ماء العينين هو ما أكد عليه البرلماني عن فريق التجمع الوطني للاحرار محمد حنين، الذي أشار أنه "لا يمكن تحميل الحكومة المسؤولية"، مبرزا أن "هذا شأن برلماني محض ولم يسبق لرئيس اللجنة أن اتصل بوزير ولم يحضر لمناقشة مقترح قانون برلماني". ورفض حنين حديث المعارضة عن مصادرة الحكومة لحق البرلمان في المبادرة التشريعية، مسجلا أن "هناك تقصيرا واضحا في تدبير مقترحات قوانين البرلمان من طرف رئاسة اللجنة"، ليخلص أن "هذه وضعية صعبة وتحتاج تدبيرا سليما وخاصة أمام تمسك الفريق الاشتراكي بمقترحه". هذا وينص مشروع القانون الخاص بالحق في الوصول للمعلومة على حق المواطنين في الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام. ووسع مشروع القانون من الاستثناءات، والتي حصرها الدستور، في "كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة"، لتضيف العديد من الاستثناءات في عملية يرى فيها العديد من المراقبين نوعا من تضييق واسع الدستور. وفي هذا الاتجاه منع المشروع الكشف عن جميع المعلومات التي تمس حقوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ، وكذا السياسة النقذية والاقتصادية والمالية للدولة، بالإضافة لحقوق الملكية الفكرية والصناعية. من جهة ثانية هدد المشروع كل من كشف عن المعلومات المستثناة في القانون، متوعدة إياه بتعرضه لعقوبة جريمة إفشاء السر المهني وذلك مالم يتم تكييف الفعل بعقوبة أشد، استنادا لما ينص عليه القانون الجنائي المغربي. ويدخل ضمن الاستثناءات التي فرض المشروع السرية التامة عنها أشغال المجلس الوزاري والمجلس الحكومي حيث لم تعد أشغالهما سرية فقط أثناء مناقشتهما للقضايا الأمنية والدفاعية والحريات والحقوق الأساسية، بل جميع أشغالها، وكذا سرية الأبحاث الإدارية، بالإضافة لمبادئ المنافسة الحرة وحماية مصادر المعلومات. ويضمن المشروع للمغاربة الحق في الاطلاع على منشورات الإدارات العمومية بشكل استباقي وفي مقدمتها المعلومات المتعلقة بالميزانيات الجماعات الترابية، وحسابات التسيير المتعلقة بها، وشروط منح التراخيص والمأذونيات ورخص الاستغلال المقالع والمناجم.