طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملك يسائل التنميّة وقضايا الجاليَّة والتعليم في عيد العرش ال16
نشر في هسبريس يوم 30 - 07 - 2015

دعا الملك محمد السادس لوضع مخطط عمل مندمج، لتوفير وسائل تمويل مشاريع البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية سواء في مجال التعليم والصحة أو الماء والكهرباء والطرق القروية وغيرها ، بالجماعات التي تعاني من الخصاص وذلك بحسب المناطق والمجالات حسب الأسبقية.. وقال في الخطاب الذي وجهه الى الأمة، اليوم الخميس بمناسبة الذكرى 16 لاعتلائه العرش، "لضمان النجاح لهذا الورش الاجتماعي الطموح، فإننا ندعو الحكومة، لوضع مخطط عمل مندمج، يقوم على الشراكة بين مختلف القطاعات الوزارية، والمؤسسات المعنية، لتوفير وسائل تمويل المشاريع، وتحديد برمجة مضبوطة لإنجازها".
وذكر الملك أنه تعزيزا للمبادرات التي سبق إطلاقها، تم تكليف وزير الداخلية، بصفته الوصي على الجماعات الترابية، للقيام بدراسة ميدانية شاملة، لتحديد حاجيات كل دوار، وكل منطقة، من البنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية الأساسية، شملت كل جهات المملكة، حيث تم تحديد أزيد من 29 ألف دوار، في 1272 جماعة، تعاني من الخصاصº ثم وضع المناطق والمجالات حسب الأسبقية.. وتابع أنه تمت دراسة حوالي 800 20 مشروع، تستهدف أزيد من 12 مليون مواطن يقطنون بأكثر من 24 ألف دوار، وبميزانية إجمالية، تبلغ حوالي 50 مليار درهم.
وأضاف الملك: "لضمان النجاح لهذا الورش الاجتماعي الطموح، فإننا ندعو الحكومة، لوضع مخطط عمل مندمج، يقوم على الشراكة بين مختلف القطاعات الوزارية، والمؤسسات المعنية، لتوفير وسائل تمويل المشاريع، وتحديد برمجة مضبوطة لإنجازها".. وأبرز أن هذه المشاريع، يمكن إدماجها ضمن التوجه الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وفي إطار البرامج المقبلة، للمجالس الجهوية المحلية، لما أصبحت تتوفر عليه من موارد هامة، واختصاصات واسعة.. وأشار إلى أن "كل ما تم إنجازه، على أهميته، يبقى غير كاف لبلادنا، ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية، وتشعر بأنها مهمشة، رغم كل الجهود المبذولة"، مؤكدا حرصه على أن يستفيد جميع المواطنين، من خيرات الوطن.. وشدد على مواصلة العمل من أجل بلوغ هذه الغاية، وقال في هذا الصدد "فطموحنا من أجل إسعاد شعبنا، ليس له حدود. فكل ما تعيشونه يهمني: ما يصيبكم يمسني، وما يسركم يسعدني. وما يشغلكم ، أضعه دائما في مقدمة انشغالاتي".
ومن هذا المنطلق، يقول الملك: "لا بد من إجراء وقفة للتوصل إلى حلول جديدة، كفيلة بجعل هذه الفئة تلحق بالركب، وتندمج في الحياة الوطنية"، مبينا أنه جعل من صيانة كرامة المواطن، الهدف من كل الإصلاحات السياسية والاجتماعية، والمبادرات التنموية.. وأضاف:"إقامة المؤسسات، على أهميتها، ليست غاية في حد ذاتها. كما أن النمو الاقتصادي، لن يكون له أي معنى، إذا لم يؤثر في تحسين ظروف عيش المواطنين" ، مشددا على أنه رغم التطور الذي حققته بلادنا، "فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة ، التي يعيشها بعض المواطنين، في المناطق البعيدة والمعزولة وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل".
وبعد أن ذكر الملك بحجم الخصاص المتراكم، منذ عقود، بهذه المناطق، رغم كل المبادرات والمجهودات، قال: "لذا عاهدنا الله، منذ تحملنا أمانة قيادتك، شعبي العزيزº أن لا ندخر أي جهد، من أجل تحسين اوضاع سكان هذه المناطق ، والتخفيف من معاناتهم".. كما اعتبر أن الجهوية يجب أن تقوم على الاجتهاد، في إيجاد الحلول الملائمة لكل منطقة، حسب خصوصياتها ومواردها، وفرص الشغل التي يمكن ان توفرها، والصعوبات التنموية التي تواجهها.. وتابع أن الجهة يجب أن تشكل قطبا للتنمية المندمجة ، في إطار التوازن والتكامل بين مناطقها ، وبين مدنها وقراها، بما يساهم في الحد من الهجرة إلى المدن.. قبل أن يشدد على أن العناية بأوضاع المواطنين، لا تقتصر فقط على سكان العالم القروي، والمناطق الصعبة والبعيدة وإنما تشمل أيضا، النهوض بالمناطق الهامشية، والاحياء العشوائية، بضواحي المدن، موضحا في هذا الصدد أن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ركزت على التصدي لمظاهر العجز الاجتماعي بها.
ودعا الملك محمد السادس إلى ضرورة العمل بكل حزم لوضع حد للاختلالات، والمشاكل، التي تعرفها بعض قنصليات المملكة، مجددا جلالته حرصه السامي على حماية مصالح أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج.. وقال في خطابه: "نثير انتباه وزير الخارجية ، إلى ضرورة العمل، بكل حزم ، لوضع حد للاختلالات، والمشاكل، التي تعرفها بعض القنصليات".. وشدد على أن "اهتمامنا بأوضاع المواطنين في الداخل، لا يعادله إلا حرصنا على رعاية شؤون أبنائنا المقيمين بالخارج، وتوطيد تمسكهم بهويتهم، وتمكينهم من المساهمة في تنمية وطنهم".. كما ذكر الملك أنه وقف، خلال الزيارات التي يقوم بها إلى الخارج، وعندما يلتقي ببعض أفراد الجالية بأرض الوطن، على انشغالاتهم الحقيقية، وتطلعاتهم المشروعة.. وتابع:"وقد كنا نعتقد أنهم يواجهون بعض الصعوبات، داخل المغرب فقط. بل إن عددا منهم يشتكون أيضا ، من مجموعة من المشاكل ، في تعاملهم مع البعثات القنصلية المغربية بالخارج"، مبرزا أن بعض القناصلة ، "وليس الأغلبية، ولله الحمد، عوض القيام بعملهم، على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة".
الملك قال إن عددا من أبناء الجالية، عبروا له عن استيائهم، من سوء المعاملة، ببعض القنصليات، ومن ضعف مستوى الخدمات، التي تقدمها لهم، سواء من حيث الجودة، او احترام الآجال، أو بعض العراقيل الإدارية.. وفي هذا الصدد شدد الملك، من جهة، على إنهاء مهام كل من يثبت في حقه التقصير، او الاستخفاف بمصالح أفراد الجالية، أو سوء معاملتهم، ومن جهة أخرى الحرص على اختيار القناصلة الذين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والمسؤولية، والالتزام بخدمة أبنائنا بالخارج.. وأضاف: "مشاعر الغبن تزداد لديهم، عندما يقارنون بين مستوى الخدمات التي توفرها المصالح الإدارية والاجتماعية لدول الإقامة، وطريقة التعامل معهم، وبين تلك التي يتلقونها داخل البعثات الوطنية"، مبرزا أنه "إذا لم يتمكنوا من قضاء أغراضهم، فإنه يجب على الأقل، حسن استقبالهم، ومعاملتهم بأدب واحترام".. وخلص إلى أنه "رغم كل ما يواجهونه من صعوبات، فإننا نسجل، بارتياح، تزايد عدد الذين يعودون منهم، كل سنة، لزيارة بلدهم وأحبابهم. لذلك، ما فتئنا نعبر لهم عن اعتزازنا بحبهم لوطنهم، وحرصنا على حماية مصالحهم".
ودعا الملك محمد السادس إلى تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بإدماج ممثلي مغاربة الخارج في المؤسسات الاستشارية، وهيآت الحكامة والديمقراطية التشاركية.. وزاد أنه "لتعزيز مشاركة مغاربة الخارج في الحياة الوطنية، ندعو لتفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بإدماج ممثليهم في المؤسسات الاستشارية، وهيآت الحكامة والديمقراطية التشاركية".. وجدد الدعوة لبلورة استراتيجية مندمجة تقوم على التفاعل والتنسيق بين المؤسسات الوطنية المختصة بقضايا الهجرة، وجعلها أكثر نجاعة في خدمة مصالح مغاربة الخارج.. كما شدد الخطاب على أهمية الاستفادة من التجربة والخبرة التي راكمها مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج من أجل إقامة مجلس يستجيب لتطلعات المغاربة بالخارج.. ودعا الملك، أيضا، إلى تحسين التواصل والتعامل مع أفراد الجالية بالخارج، وتقريب الخدمات منهم، وتبسيط وتحديث المساطر، واحترام كرامتهم وصيانة حقوقهم، مسجلا جلالته بارتياح تزايد عدد الذين يعودون من أفراد الجالية المغربية بالخارج كل سنة، لزيارة بلدهم وأحبابهم رغم كل ما يواجهونه من صعوبات.
وبذات الخطاب الموجه للأمة أكد الملك محمد السادس على ضرورة إصلاح جوهري لقطاع التعليم يعيد الاعتبار للمدرسة المغربية ويجعلها تقوم بدورها التربوي والتنموي المطلوب.. وشدد على أن إصلاح التعليم، هذا القطاع المصيري، يظل عماد تحقيق التنمية، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق.. ولهذه الغاية، يضيف الملك: " كلفنا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتقييم تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وبلورة منظور استراتيجي شامل لإصلاح المنظومة التربوية ببلادنا".
ولفهم ما ينبغي أن يكون عليه الإصلاح، يقول الملك: "نطرح السؤال : هل التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا اليوم، في المدارس العمومية، قادر على ضمان مستقبلهم؟ .. يجب التحلي بالجدية والواقعية، والتوجه للمغاربة بكل صراحة : لماذا يتسابق العديد منهم لتسجيل أبنائهم بمؤسسات البعثات الأجنبية والمدارس الخاصة، رغم تكاليفها الباهضة؟ .. الجواب واضح؛ لأنهم يبحثون عن تعليم جيد ومنفتح، يقوم على الحس النقدي، وتعلم اللغات، ويوفر لأبنائهم فرص الشغل والانخراط في الحياة العملية ".
وفي هذا السياق شدد الملك محمد السادس أنه، وخلافا لما يدعيه البعض، أن الانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى لن يمس بالهوية الوطنية، بل العكس سيساهم في إغنائها، " لأن الهوية المغربية، ولله الحمد، عريقة وراسخة، وتتميز بتنوع مكوناتها الممتدة من أوروبا إلى أعماق إفريقيا".. وشدد على أن الدستور الذي صادق عليه المغاربة، يدعو لتعلم وإتقان اللغات الأجنبية لأنها وسائل للتواصل، والانخراط في مجتمع المعرفة، والانفتاح على حضارة العصر، مبرزا أن الأجانب يعترفون بقدرة المغاربة وبراعتهم في إتقان مختلف اللغات.. "إصلاح التعليم يجب أن يظل بعيدا عن الأنانية، وعن أي حسابات سياسية ترهن مستقبل الأجيال الصاعدة، بدعوى الحفاظ على الهوية. فمستقبل المغرب كله يبقى رهينا بمستوى التعليم الذي نقدمه لأبنائنا " يورد الخطاب وهو يزيد: أن إصلاح التعليم يجب أن يهدف أولا إلى تمكين المتعلم من اكتساب المعارف والمهارات، وإتقان اللغات الوطنية والأجنبية، لاسيما في التخصصات العلمية والتقنية التي تفتح له أبواب لاندماج في المجتمع، كما أن الإصلاح المنشود لن يستقيم إلا بالتحرر من عقدة أن شهادة الباكالوريا هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للتلميذ وأسرته، وأن من لم يحصل عليها قد ضاع مستقبله.
وقال الملك: "إن بعض المواطنين لا يريدون التوجه للتكوين المهني لأنه في نظرهم ينقص من قيمتهم، وأنه لا يصلح إلا للمهن الصغيرة، بل يعتبرونه ملجأ لمن لم ينجحوا في دراستهم" مؤكدا على ضرورة التوجه إلى هؤلاء المواطنين من أجل تغيير هذه النظرة السلبية، "ونوضح لهم بأن الإنسان يمكن أن يرتقي وينجح في حياته، دون الحصول على شهادة الباكالوريا". كما شدد الملك على ضرورة العمل بكل واقعية من أجل إدماجهم في الدينامية التي يعرفها هذا القطاع.
وفي السياق ذاته، أكد الملك محمد السادس على ضرورة الانتقال من التعليم الأكاديمي التقليدي إلى تكوين مزدوج يضمن للشباب الحصول على عمل، على اعتبار أن التكوين المهني قد أصبح اليوم هو قطب الرحى في كل القطاعات التنموية.. وفي هذا الإطار، دعا إلى تعزيز معاهد التكوين في مختلف التخصصات، في التكنولوجيات الحديثة، وصناعة السيارات والطائرات، وفي المهن الطبية، والفلاحة والسياحة والبناء وغيرها، وتوفير تكوين مهني متجدد وعالي الجودة، ولا سيما في التخصصات التي تتطلب دراسات عليا.. وأعرب عن ارتياحه للمستوى المشرف الذي وصل إليه المغاربة في مختلف التخصصات المهنية، "وهو ما جعل بلادنا تتوفر على يد عاملة ذات كفاءات عالية، مؤهلة للعمل في مختلف المقاولات العالمية، خاصة منها التي تختار المغرب لتوسيع استثماراتها وزيادة إشعاعها" وفق تعبيره الذي زاد أنه لضمان النجاح للمنظور الاستراتيجي للإصلاح ينبغي أن يتملك الجميع هذا المنظور، والانخراط الجاد في تنفيذه، داعيا إلى صياغة هذا الإصلاح، في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون إطار، يحدد الرؤية على المدى البعيد، ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح، إلى ما لا نهاية.
ومن جهة أخرى أردف الملك محمد السادس أن المغرب لن يسمح أبدا بالتطاول على سيادته ووحدته الترابية.. وقال إن المغرب لن يسمح أبدا بالتطاول على سيادته ووحدته الترابية ونموذجه المجتمعي ، كما لن يقبل ، بأي محاولة للمس بمؤسساته أو كرامة مواطنيه.. مشددا على أن التطورات التي عرفتها قضية الصحراء أبانت عن صواب موقف المغرب على المستوى الأممي.
الملك ذكر هذا الصدد: "لقد أبانت التطورات التي عرفتها هذه القضية، صواب موقفنا على المستوى الأممي، وصدق توجهاتنا على الصعيد الوطني، حيث سيتم، بعون الله وتوفيقه، الانطلاق في تطبيق الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمملكة". غير أن هذا ، يضيف الملك ، لا يعني أننا طوينا هذا الملف. بل على الجميع مواصلة اليقظة والتعبئة، من أجل التصدي لمناورات الخصوم ولأي انحراف قد يعرفه مسار التسوية الأممي، مذكرا بأن جلالته سبق أن حدد في الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء،" بطريقة واضحة وصريحة، مبادئ ومرجعيات التعامل مع ملف الصحراء المغربية، على الصعيدين الداخلي والدولي".
الخطاب الملكي في ذكرى عيد العرش ال16 ورد به أن المغرب يعتمد توجها دبلوماسيا استراتيجيا يهدف إلى ترسيخ التضامن وتعاون جنوب جنوب فعال، خاصة مع الدول الإفريقية الشقيقة.. حيث قال الملك:"مكنتنا الزيارات، التي قمنا بها لعدد من بلدان القارة، من تطوير نموذج للتعاون الاقتصادي، يقوم على تحقيق النفع المتبادل، وعلى النهوض بأوضاع المواطن الإفريقي".. وأضاف أن المملكة ، ووفاء لانتمائها العربي والإسلامي، "انخرطت في التحالفات العربية، لمكافحة الإرهاب، ومن أجل إعادة الشرعية باليمن، التي دعا إليها أخونا الأعز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وكذا دعم أشقائنا وشركائنا الاستراتيجيين العرب".
وفي هذا السياق، أكد العاهل على أهمية إيجاد حلول للأوضاع بكل من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، على أساس الحوار، وإشراك كل مكونات شعوبها ، واحترام سيادتها ووحدتها الترابية.. وبخصوص القضية الفلسطينية قال إنه رغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، بفعل تنامي عصابات التطرف والإرهاب، فإن القضية الفلسطينية تظل هي جوهر السلام، بمنطقة الشرق الأوسط "وهنا نؤكد، بصفتنا ملك المغرب ورئيس لجنة القدس، دعمنا الموصول، لأشقائنا الفلسطينيين، قادة وشعبا، من أجل استرجاع حقوقهم المشروعة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
أما المصداقية في عملنا الدبلوماسي، يضيف الملك محمد السادس ، فتجسدها علاقات الشراكة التي تجمع المغرب بعدد من التجمعات والدول الصديقة، بحيث يواصل المغرب ،في إطار انخراطه في فضائه الأورو متوسطي، العمل على تطوير الشراكات التي تجمعه بدول الاتحاد الأوروبي.. واسترسل: "نحرص على تعزيز الشراكة الاستثنائية مع فرنسا، بتعاون مع الرئيس فرانسوا هولند، كما نعمل على استثمار روابط الصداقة مع الملك فيليبي السادس، لتوطيد علاقات التعاون وحسن الجوار مع إسبانيا، فضلا عن التزامنا بتطوير علاقات تعاون مثمر مع باقي الدول الأوروبية".. وأوضح أن المغرب، باعتباره شريكا استراتيجيا لأوروبا، فإنه يطالب بإقامة شراكة متوازنة ومنصفة، تتجاوز المصالح الظرفية الضيقة.
كما أكد الملك حرص المغرب على تطوير الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، والمبنية على القيم والمبادئ، التي يتقاسم شعباهما الصديقان الإيمان بها، مشددا جلالته على ضرورة تعميق وإغناء الشراكة التي تجمع المملكة بكل من روسيا والصين، علاوة على فتح آفاق أوسع، أمام علاقات التعاون مع دول أمريكا اللاتينية، ومع الدول الآسيوية.. "تتجلى مصداقية بلادنا أيضا في انخراطها الإيجابي، في مختلف الإشكالات والقضايا التي تشغل المجتمع الدولي.. فاحتضان المغرب لعدد من المنتديات العالمية تهم حقوق الإنسان، والهجرة، وريادة الأعمال، ومحاربة الإرهاب، والتغيرات المناخية، كلها تظاهرات تبرز الثقة والمصداقية التي يحظى بهما عالميا. كما أن الإجابات، التي تقدمها بلادنا، لمعالجة هذه القضايا الكونية تشكل مساهمة نوعية، في الجهود الدولية، لإيجاد حلول موضوعية لها" يورد الملك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.