"كان الناس يشاهدون الموسيقار الراحل سعيد الشرايبي، وهو يحمل بين يديه عوده يعزف على أوتاره مقطوعاته الموسيقية التي أطربت الملايين داخل وخارج البلاد، لكن لا يعلم الكثيرون أن الفقيد أفنى جزءا كبيرا من حياته الفنية والمهنية في محاولة تطوير صناعة العود بالمغرب".. هكذا لخص الفنان عمر المتيوي، الفنان والباحث الموسيقي، وقائد مجموعة "روافد موسيقية" بطنجة، في تصريحات لجريدة هسبريس، أبرز البصمات الفنية التي لا يعرفها الجمهور الواسع عن زميله الراحل، الملقب بملك العود، سعيد الشرايبي، الذي ساهم بشكل كبير في تطوير صناعة آلة العود بالمغرب. وقال المتيوي إن الشرايبي كان قيد حياته مولعا بالأبحاث التي كانت تستند على أسس علمية في مجال صناعة العود، إذ كانت أغلب أوقاته مخصصة للبحث والاتصال بصانعي العود في مختلف مناطق البلاد، من أجل تطوير هذه الآلة التي يسميها البعض "الآلة الحكيمة" أو "سلطان الآلات" قديما. وتابع المتحدث بالقول إنه بفضل هذه الأبحاث والمجهودات التي بصم عليها الشرايبي، طيلة سنوات خلت، أصبح المغرب نموذجا في صناعة هذه الآلة الموسيقية، حتى باتت عيدان المملكة مطلوبة بشكل كبير من طرف مصر، التي تعرف بإشعاع الفنون الموسيقية فيها، وأيضا من بلدان الخليج. وأكمل رئيس جمعية "روافد موسيقية" بأن الشرايبي ساهم بشكل وافر في حركية صناعة العود في المغرب، حتى إنه برزت من بين تلامذته أسماء لامعة في سماء صناعة العود، من قبيل خالد بلهيبة، وهو الحاصل على شهادات علمية من فرنسا، والمتخصص في صناعة العود العربي ذي الأوتار الأربعة. وقال المتيوي إن آلة العود هي أكثر الآلات الموسيقية توثيقا، وتمتلك تاريخا خاصا بها، إذ إن جميع الحضارات والثقافات الإنسانية عرفت استخدامها بشكل أو بآخر، وهو ما جعل من هذه الآلة الحكيمة حاضرة في مختلف أنواع الموسيقى في حضارات إنسانية مختلفة. وتذكر المتيوي يوم قام الشرايبي بإهداء آلة عود قديمة اشتراها من الصويرة، في تظاهرة "سنة المغرب"، التي أقيمت بفرنسا عام 1999، ل"كريستيان"، أحد أشهر صناع العود في العالم، والذي قام بدوره بإصلاح هذه الآلة الموسيقية، وقدمها في حلتها الجديدة في ملتقى صناع الآلات الموسيقية سنة 2001 بمراكش. وفيما يعود الفضل في إحياء العود المغربي إلى الفنان عمر المتيوي مع الفنانين الأسبان، يدين العود المشرقي بالولاء إلى الموسيقار الراحل الشرايبي، وبين العودين فوارق يؤكد الباحث التونسي محمود قطاط أنها تتمثل في كون العود المغربي بنيته قوية، وأوتاره تعطي صوتا قويا وجهيرا، في حين يصلح العود المشرقي بصنعه الرقيق وأوتاره المرتخية للعزف المنفرد..