"يستحق الإشادة والتنويه، إذ يكن حبا كبيرا لوطنه المغرب وتربطه به علاقة وطيدة"، يقول فؤاد مسكوت، رئيس الجامعة الملكية المغربية للمصارعات المماثلة، في تصريح ل"هسبورت"، عن المصارع المغربي زياد أيت أوكرام، الذي لبى نداء القلب واختار تمثيل موطن الوالدين، بعد أن حمل قميص بلد "النشأة" (تونس) خلال تظاهرات سابقة. لديه قصة "ملكية" مميزة عن حصوله على جواز السفر المغربي، كما يحتفظ بذكريات رائعة عن تعلقه بالعلم المغربي وارتباطه بألوانه.. يملك خبرة سنوات من الممارسة الرياضية عالية المستوى في تونس، جاء ليفيد بها المصارعة المغربية التي غابت عن دورة الألعاب الأولمبية لفترة 25 سنة. قبل أيام قليلة من أولمبياد "ريو 2016"، سيقود زياد أيت أوكرام منتخب المصارعة المغربية خلال المحفل العالمي، بمعية زميليه شكير الأنصاري والمهدي المسعودي..طموح كبير يحدو زياد وهو يتحدث مع هسبورت. - كيف يستعد زياد أيت أوكرام للألعاب الأولمبية ب"ريو"؟ انطلقت الاستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية خلال بداية السنة الجارية بمعسكر إعدادي دام أربعة أشهر في إيران، ثم اتجهنا إلى الجزائر للمشاركة في إقصائيات إفريقيا-أوقيانوسيا المؤهلة إلى "ريو 2016"، قبل أن نعود إلى إيران في معسكر تدريبي دام شهرا واحدا. بعد ذلك، تحصل المنتخب المغربي على المرتبة الخامسة في دوري دولي ببولندا، على هامش مشاركتنا في معسكر إعدادي من 15 يوما هناك؛ ثم انتقلنا إلى أذربيجان لخوض معسكر إعدادي لمدة 25 يوما، شكلت آخر محطة إعدادية لنا قبل الذهاب إلى ريو دي جانيرو. - حملت ألوان المنتخب التونسي في أولمبياد "لندن 2012".. ما سبب اختيارك تمثيل المغرب خلال الأولمبياد المقبل في ريو دي جانيرو؟ كما سبق لي أن صرحت، فقد شدني الحنين إلى الوطن ودقت ساعة اختياري الدفاع عن القميص المغربي، ما دفعني إلى الاتصال بالمسؤولين في الجامعة الملكية المغربية للمصارعة والوزارة الوصية، الذين رحبوا بي وقاموا بتسهيل مأمورية حصولي على جواز السفر المغربي، بحكم أن والدي من أصول مغربية. كان حلمي منذ الصغر اللعب براية المغرب، وأنا الطفل الذي كنت أتابع تألق الرياضيين المغاربة، كما كان الشأن بالنسبة لظهور المنتخب المغربي لكرة القدم في كأس العالم 1998، وتألق جيل صلاح الدين بصير، ومصطفى حجي ويوسف شيبو..وأيضا أتذكر مشاركة "الأسود" في كأس أمم إفريقيا 2004 بتونس. - على ذكر "كان 2004".. كيف عاش زياد الحدث الذي بلغ فيه المنتخب المغربي المباراة النهائية ليواجه منتخب البلد المضيف تونس؟ خلال تنظيم كأس إفريقيا سنة 2004 كان العلم المغربي يرفرف من شرفة منزلنا في تونس..مدرب حراس المنتخب الوطني المغربي آنذاك كان هو عبد اللطيف لعلو، وهو زوج خالتي، ومن الأشخاص الذين كنت على اتصال متواصل معهم لحضور المباراة النهائية في ملعب رادس.."مرضنا" بعد الهزيمة في المباراة، لكن أبناء الحي التونسيين يعلمون جيدا تعلقنا بالمغرب ويحترمون الانتماء دون تعصب. - تحتفظ أيضا بذكرى مميزة عن زيارة الملك محمد السادس إلى تونس سنة 2014.. حدثنا عن ذلك؟ رغم رغبتي في الانتقال إلى المغرب، إلا أنني كنت مشوش الذهن، ولم أكن أعرف إن كان اختياري تمثيل المصارعة المغربية سيكون صائبا، لاسيما أنني أملك مشوارا رياضيا مميزا في تونس (9 بطولات إفريقية، شهادة مدرب من الدرجة الثالثة، شهادة أستاذ رياضة..).. تخوفت حينها من "المجهول"، إذ كنت أجهل نوعية البرنامج الرياضي الذي سألتحق به، إضافة إلى طبيعة التحضيرات والامتيازات الرياضية التي سأحصل عليها. وجاءت زيارة الملك المغربي محمد السادس إلى تونس سنة 2014، تاركة أصداء طيبة سمعتها من مواطنين تونسيين أشادوا بتواضع وبساطة الملك، وتجوله على غرار عموم المواطنين في شارع الحبيب بورقيبة؛ ما زاد من تعلقي بوطني المغرب الذي أتشرف بانتمائي إليه أمام العالم، وعجلت بطلبي الحصول على الجنسية المغربية. - ما سبب تفوق الرياضة التونسية في بعض التخصصات على الصعيد العالمي مقارنة بالرياضة المغربية؟ لأظل صريحا معكم.. البنية التحتية الرياضية في تونس على مستوى عال، في مقابل إمكانيات مادية قليلة مرصودة للقطاع، قياسا بالميزانية الضخمة المرصودة في المغرب. في تونس، تم توفير مراكز لتكوين الأطفال، فتجد ثلاثة إلى أربعة مراكز في كل منطقة في البلد، ويتم الاعتماد على أبطال رياضيين سابقين للإشراف عليها، إضافة إلى اعتماد نظام "lycée-sportif"، الذي يفرض على الرياضي أن يتدرب مرتين في اليوم، بموازاة تكوينه الدراسي..هذا هو المنهج الذي منح تونس أبطالا أولمبيين، على غرار السباح أسامة الملولي والعداءة حبيبة الغريبي. وتعتمد الرياضة التونسية أيضا على توفير مؤطرين أجانب للنهوض ببعض الرياضات، إذ يتم التنقيب على المدارس الرائدة في كل رياضة، للاستفادة من تجربتها؛ ثم تحمل الأطر المحلية مشعل مواصلة العمل بعد الاستغناء عن خدمات الإطار الأجنبي. تملك الرياضة الوطنية خزانا من الأبطال، ما لا تتوفر عليه بلدان مثل تونس ومصر، وما يحتاجه هؤلاء هو المواكبة، والانضباط والمواظبة على العمل.. شخصيا، قضيت 14 سنة من التداريب في تونس، ولم أتغيب أبدا عن أي حصة..كنت مجبرا على اتباع هذا النهج إلى غاية وصولي إلى المستوى الحالي. - كيف ترى مستوى المصارعة المغربية حاليا؟ في تونس لا يصل حتى إلى نسبة 5 في المائة بالمقارنة بما هو عليه الحال بالمغرب.. أعتبر نفسي كنت ممارسا "هاويا" في السابق، قبل التحاقي بالمنتخب المغربي. لقد وفرت لنا الجامعة الملكية المغربي للمصارعة كل ظروف النجاح، مع استقدام بطل عالمي إيراني للإشراف على التدريب، وهو دكتور دولة ينتمي إلى دولة رائدة في المصارعة، سطر برنامج عمل على امتداد سنتين، يشمل كل التفاصيل المتعلقة بالعمل بجزئياتها البسيطة.. وذلك أتى بالنتائج المرجوة، إذ استطعنا في ظرف وجيز الحصول على بطل إفريقي في الكبار والشبان، إضافة إلى ضمان ثلاثة مقاعد أولمبية. لم يسبق لي أن رأيت مسؤولا يعمل بتفاني، كما يفعل فؤاد مسكوت، رئيس الجامعة الملكية المغربية للمصارعات المماثلة، وذلك بتنسيق مع اللجنة الأولمبية الوطنية والوزارة الوصية. أتخيل لو كان العمل المنجز نفسه قد انطلق قبل 10 سنوات من الآن، لكنا دون شك نلعب اليوم من أجل الحصول على لقب أولمبي وليس فقط البحث عن ميدالية. - في ظل استشراف الأفق، هل يرى زياد أيت أوكرام نفسه قادرا على الصعود إلى منصة التتويج الأولمبية يوم 14 غشت المقبل؟ نعيش في الظروف نفسها التي يستعد فيها الأبطال العالميون المشاركون في "ريو2016"، إضافة إلى أننا قارعنا كبار رياضة المصارعة في محافل دولية. يظل يوم المسابقة كفيلا بالإجابة عن تساؤلك، إذ يقف العشرون مصارعا على قدم المساواة فوق حلبة الصراع، ويبقى عاملا الحظ والجانب النفسي ما سيحدث الفارق على مستوى النتائج. لا أتكلم من فراغ، فالطموح مشروع لتحقيق ميدالية في أولمبياد "ريو"، بعدما وفرت لنا كل الظروف المواتية للوصول إلى المبتغى. - كلمة أخيرة محطة "ريو2016" تبقى إشعاعا لأولمبياد "طوكيو2020". "لا جات الميدالية في البرازيل مرحبا، لا ما جاتش راه غانواعدوا بها المغاربة في 2020". * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيّين زوروا Hesport.com