مراقبة المسافرين: حجز ما مجموعه 167 مليون درهم من العملات خلال سنة 2024    عثر عليه بحاوية أزبال.. مسدس "غير حقيقي" يستنفر أمن طنجة        مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يصدر تقريره السنوي لسنة 2025 حول الجغرافيا السياسية لإفريقيا    القوات المسلحة الملكية تعلن انطلاق عملية انتقاء وإدماج المجندين للخدمة العسكرية    "لوموند" والملكية المغربية    بولتون.. "صقر" يتحول إلى "غراب" في سماء السياسة الأمريكية    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    التفكير الشعري في الموت    وداعا أبا التهامي مول القلة..    هؤلاء يبيعون لك الوهم ..    جلالة الملك يعزي أسرة الإعلامي الراحل محمد حسن الوالي    الجمارك تحجز 167 مليون درهم من العملات الأجنبية في 2024    بلعامري الأفضل في مواجهة السنغال        فاس: وفاة شخص كان موضوعا رهن المراقبة الطبية لضرورة البحث في قضية جنحية    في حصيلة ثقيلة.. طرق المملكة تحصد 27 روحًا و2719 إصابة خلال أسبوع    مضامين لقاء برادة وجمعيات الأولياء    مباراة المنتخب.. 2 مليون سنتيم للتذكرة الواحدة وبيع 62 منها    إسرائيل تزعم أنها استهدفت "كاميرا حماس" في ضربتين قتلتا 5 صحافيين    محمد السادس... شمس لا يحجبها غيم لوموند    اليابان توجه صفعة قوية للبوليساريو وتؤكد عزلتها الدولية    بورصة الدار البيضاء تتدثر بالأخضر    25 دولة تعلق إرسال الطرود لأمريكا    الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي يؤكد على دور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس    ارتفاع ليالي المبيت السياحي بالحوز    ذكرى ميلاد سمو الأميرة للا مريم.. التزام راسخ من أجل النهوض بحقوق المرأة وحماية الطفولة    المغرب ‬‮:‬ ‬حملات ‬تقتضي ‬رفع ‬درجات ‬الحذر    ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا؟    شاطئ طرفاية يتحول الى لوحة فنية من إبداع علي سالم يارا    المترجي يعود إلى الوداد بعقد مدته ثلاث سنوات    غزة.. الحصار يرفع حصيلة المجاعة إلى 303 شهداء    الرباط.. مستجدات قضية "زنا المحارم"    الاحتقان يرافق الدخول الجامعي بالمغرب .. احتجاجات وإضرابات وطنية    بريطانيا تعزز مكافحة "جرائم الشرف"    القطيع الوطني للماشية: إحصاء أزيد من 32,8 مليون رأس (وزارة)    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    المغرب، فاعل رئيسي في صناعة السيارات العالمية (صحيفة إسبانية)    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    بعد غياب طويل .. 320 ألف متفرج يستقبلون سعد لمجرد        أسود الأطلس يواجهون السنغال وعينهم على النهائي    بطولة ألمانيا: دورتموند يمدد عقد مدربه كوفاتش إلى غاية 2027    شي جينبينغ يستقبل رئيس مجلس الدوما الروسي ويؤكد على عمق الشراكة الاستراتيجية بين بكين وموسكو    فرقة الراب "نيكاب" تلغي جولتها الأميركية بسبب محاكمة أحد أعضائها بتهمة دعم حزب الله    الصحافي والإعلامي علي حسن في ذمة الله                    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرزوقي: هذه صلاحيات برلمانية غير مرتبطة بالعمل الحكومي
نشر في هسبريس يوم 26 - 01 - 2017

إن فترة "العطالة"، التي يمر منها البرلمان، تدفع إلى التساؤل عن كيفية شروعه في ممارسة صلاحياته بعد انتخاب أجهزته وهياكله. وفي هذا الصدد، فإن الرجوع إلى النص الدستوري سيُبين لنا أن البرلمان يتوفر مع ذلك على صلاحيات لا علاقة لها بالحكومة؛ وهي صلاحيات يُمكنه الشروع في ممارستها دون انتظار تشكيل الحكومة.
لذا، فإنني أعرض في هذه المقالة بعضا من هذه الإمكانات قصد فتح نقاش دستوري عمومي، يكون الغرض منه أساسا مساهمة جماعية في إخراج مؤسسة وطنية مُنتخَبة من هذه الوضعية.
وباستقراء النص الدستوري، (وبعض مقتضيات النظام الداخلي) يتبين أن هناك صلاحيات ذات صلة بالعمل البرلماني "المستقل" والذي لا دخل للحكومة فيه، سواء تعلق الأمر بتعديل النظام الداخلي (أولا)، أو مراقبة العمل الحكومي (ثانيا)، أو استكمال هيكلة المجلس (ثالثا)..
أولا: تعديل النظام الداخلي
وفقا للفصل ال69 من الدستور، "يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، إلا أنه لا يجوز العمل به إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقته لأحكام هذا الدستور".
وقد حدد الفصل بعض المجالات التي ينبغي أن يتضمنها هذا النظام الداخلي. لذا، فإن حالة الفراغ الحالية تمنح مجلس النواب وقتا مهما للمزيد من إصلاح النظام الداخلي. وقد سبق لمجلس المستشارين الحالي، مباشرة بعد انتخاب الرئيس، أن قام بمشاورات متعددة أسفرت عن تعديل بعض مقتضيات النظام الداخلي وعرضها على المجلس الدستوري قبل استكمال تشكيل أجهزة المجلس.
وفي هذا الصدد، فإنه من بين المواضيع التي ما زالت تحتاج التدقيق "قواعد تأليف وتسيير الفرق والمجموعات البرلمانية والانتساب إليها، والحقوق الخاصة المعترف بها لفرق المعارضة"، وكذا المقتضيات ذات الصلة بتمثيلية النساء البرلمانيات.
وأعتقد أن أهم إنجاز يُمكن أن يقوم به مجلس النواب الحالي هو إعادة نظر شاملة في مفهوم "التمثيل النسبي". فوفقا للنص الدستوري، ليس هناك من إشارة إلى هذا المبدأ بالنسبة إلى مجلس النواب إلا في الفصل ال62 عند الحديث عن انتخاب أعضاء المكتب: "يُنتخب أعضاء المكتب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق" (يُقابله الفصل ال63 بالنسبة إلى مجلس المستشارين)؛ وهو ما يُستنتج منه أن تطبيق هذا المبدأ ناتج عن نص صريح. إلا أنه بالنسبة إلى باقي الهياكل والأجهزة ليس هناك ما يُلزم بتطبيقه، وبالتالي فإن الأصل يًصبح هو المساواة. وأستثني من ذلك العضوية في اللجان (وليس المسؤولية)، باعتبار أن تصويت اللجنة يجب أن يعكس التصويت المقبل في الجلسة العامة بخصوص النصوص المعروضة للتداول.
ومن بين المواضيع الأخرى التي يلزمها التدقيق أشير كذلك إلى مكانة المعارضة، وعلاقة المجلس بمختلف مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، إضافة للمؤسسات الأخرى من قبيل المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي....
ثانيا: مراقبة العمل الحكومي
إن المقصود هنا ليس هو مراقبة العمل الحكومي المتعلق بتدبير القطاعات الحكومية، فالوضعية الآن لا تسمح فعلا بذلك؛ لكن هذه فرصة لتصحيح نظرتنا إلى بعض أشكال مراقبة العمل الحكومي.
إن نقطة الانطلاق تتمثل في أن مجلس المستشارين يعيش بدوره فترة "فراغ"؛ لكن اللجنة الوحيدة التي تشتغل بانتظام هي لجنة تقصي الحقائق حول صناديق التقاعد. وقد حضر اجتماعاتها للإجابة عن تساؤلات أعضائها مجموعة من المسؤولين والوزراء ورئيس الحكومة نفسه. وبالرجوع إلى التجارب الدولية، نلاحظ أن مفهوم لجنة تقصي الحقائق تقوم بعملها في إطار الاطلاع على السير العادي لمختلف مرافق الدولة.
أما التجربة المغربية المتبعة إلى حد الآن، فتتمثل في الربط الوثيق بين لجان تقصي الحقائق وبين وقوع "فضيحة" ما في الدولة أو المجتمع؛ فمثلا بالنسبة إلى مجلس النواب يتعلق الأمر بتسرب مواضيع امتحانات الباكالوريا (1979)، أحداث فاس على إثر الإضراب العام (1991)، موضوع المخدرات (1995)، مؤسسة القرض العقاري والسياحي (2000)، أحداث سيدي إفني (2008)، أحداث إكديم إيزيك ومدينة العيون (2011). لقد حان الوقت لفك الارتباط بين الموضوعين، لأن لجان تقصي الحقائق وفق الفصل ال67 من الدستور يُمكن أن يتم إحداثها "... بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب..."، كما أن مهمتها تنحصر في "جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها".
فهل تحتاج عملية "جمع المعلومات" إلى وجود حكومة قائمة؟ وهل ستؤثر على مفاوضات تشكيل الحكومة؟ لا أعتقد ذلك، فالشرط الوحيد والأساسي هو أنه "لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية".
وفي السياق نفسه، فإن النظام الداخلي لمجلس النواب خصص عدة مقتضيات تخص الدور الاستطلاعي للجان الدائمة. واللجان الاستطلاعية هنا أيضا تقوم بدور لا علاقة له بالحكومة، لأن مهمتها تتمثل في "مهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي مُعين، أو موضوع يهم المجتمع، أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية" (المادة ال63)؛ فضمن كل هذه الصلاحيات المتعددة ليس هناك إلا مجال واحد يهم الحكومة، فلماذا لا يتم الاهتمام بالمواضيع المتبقية؟
لماذا لا تهتم مجلس النواب بكيفية تطبيق النصوص القانونية التي يُصادق عليها؟ هناك عشرات النصوص التي يؤدي تطبيقها إلى مشاكل لا حصر لها من قبيل التحفيظ العقاري، والضرائب، والتعمير، والمسطرة المدنية والجنائية... والأكثر من كل هذا، فإن الخطاب الملكي لافتتاح أشغال البرلمان كان مركزا حول مشاكل الإدارة، فلماذا لا يُسهم مجلس النواب، وفي إطار صلاحياته الذاتية بكل ما يتعلق بأنشطة الإدارة؟ كنا أنه تقع أحداث كثيرة في المجتمع لا تجد لها أي صدى بالبرلمان... فلماذا تم منح اللجان الدائمة هذا الدور الاستطلاعي إذا لم تقم به؟
إن هذه الصلاحيات المهمة هي التي ستربط البرلمان بالمجتمع وتُخرجه من دائرة العمل "داخل المقر" إلى العمل داخل المجتمع. كما أن فتح نقاش داخل اللجنة، وعرض تقريرها على الجلسة العامة لا يُمكن إلا أن يلقى الترحاب، ويُحسن من صورة البرلمان أمام الرأي العام.
وأخيرا، ما الذي يمنع من تشكيل مجموعات العمل الموضوعاتية التي تقوم "بتدارس موضوع معين يستأثر باهتمام النائبات والنواب". أليس هناك أي موضوع يهم النائبات والنواب ويريدون تعميق النقاش حوله؟ وفي هذه المسألة بالذات نلاحظ أن عمل هذه المجموعات يكون مؤقتا، وأنه يتم إحداثها بقرار من المكتب "بناء على طلب من رئيس فريق أو مجموعة نيابية". فلماذا لا يقوم هؤلاء الرؤساء بمبادرات في هذا الاتجاه؟
ثالثا: استكمال هيكلة مجلس النواب
إن المرحلة التي يعيشها المغرب، على مستوى علاقاته الخارجية، تفرض عليه أن يمنح الأسبقية للدبلوماسية البرلمانية، وأن يُسارع بهيكلتها حتى تتمكن من القيام بالأدوار المنوطة بها بصفة استعجالية، خاصة أن 64% من أعضاء مجلس النواب هم أعضاء جدد.
فمن ناحية أولى هناك "الشُعَب الوطنية الدائمة" التي تُمثل المجلس لدى المنظمات البرلمانية الدولية والجهوية التي هو عضو فيها، ومن ناحية ثانية هناك "مجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية" التي ينبغي أن يتم تأسيسها وفق النظام الداخلي للمجلس في "بداية الفترة التشريعية"، وعليها أن تضع برنامج عملها السنوي.
وللتوضيح، فإن مجلس النواب يتوفر على 13 شُعبة وطنية، و134 مجموعة أخوة وصداقة.
وتتمثل الشُعَب الوطنية فيما يلي:
- الشعبة الوطنية في البرلمان العربي؛
- الشعبة الوطنية في الاتحاد البرلماني العربي؛
- الشعبة الوطنية في اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي؛
- الشعبة الوطنية في الاتحاد البرلماني الإفريقي؛
- الشعبة الوطنية في مجلس الشورى المغاربي؛
- الشعبة الوطنية في الاتحاد البرلماني الدولي؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا؛
- الشعبة الوطنية في الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي؛
- الشعبة الوطنية في اللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمان المغربي والبرلمان الأوروبي؛
لذا، فإن دعم الجهود الملكية في القارة الإفريقية في هذه اللحظات بالذات ينبغي أن يكون من خلال هيكلة الشعبة الوطنية في الاتحاد البرلماني الإفريقي.
أما بخصوص مجموعات الأخوة والصداقة، فإن ما يهم القارة الإفريقية ينبغي أن تكون له الأولية.
خاتمة
هذه قراءة في النص الدستوري وبعض مقتضيات النظام الداخلي، لتحديد الصلاحيات المستقلة لمجلس النواب، والتي ليس لها أي علاقة بالحكومة. أتمنى أن تنال النقاش اللازم لدفع النواب إلى الاشتغال على هذه الجوانب... أو حتى اتخاذ المبادرة لتعديل بعض مقتضيات الدستور لمعالجة أسباب هذا "البلوكاج".. وهذا موضوع آخر.
*أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية/ وجدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.