انعقد اللقاء الرابع عشر لوزراء الشؤون الخارجية لدول الحوار المتوسطي -الغربي خلال شهر يناير 2018 بالجزائر. وقد نوه الحاضرون بالمجهودات التي تقوم بها لجنة القدس التي يرأسها جلالة الملك، وأكدوا على الهوية المتعددة للقدس الشريف بدل الرؤية الأحادية التي تبنتها للأسف الإدارة الأمريكية، والتي نددوا بها كل من موقعه. وهذا الموقف السياسي المركزي لم يثنهم على مناقشة قضايا مصيرية نحو التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والشباب والتشغيل والهجرة. ومن أهم المحاور الاستراتيجية التي شغلت المؤتمرين، السلام ومحاربة العنف والتطرف. ونددوا بما يقع بليبيا في التعامل مع المهاجرين من قبل بعض القوى الظلامية، وبالوضعية في سوريا والعراق ومنطقة الساحل والشرق الأوسط. إنها وضعيات متأزمة تحتاج إلى حلول تشاركية، خاصة على مستوى هذا المؤتمر التشاوري الاستراتيجي الذي يضم كلا من المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا ومالطا والبرتغال. وهو ملتقى جهوي رأى النور بروما بإيطاليا سنة 1990، السنة التي عرفت بيروسترويكا عالميا. وهذا الملتقى تشاوري يستهدف التعاون الجهوي من أجل بناء الأمن والاستقرار الذي يشكل القاعدة الأساسية لكل بنية اقتصادية واجتماعية وبيئية. وقد كان الحضور المغربي متميزا عندما دعا إلى إخراج هذا الملتقى من الطابع الاستشاري إلى مستوى راق من الوضوح والانفتاح حينما طالب بأن يتبنى الملتقى حوارا هادفا وواضحا وحرا وصريحا. حوار يؤسس لقاعدة فكرية ومعلوماتية تبنى على أساسها مبادئ التعاون والتشاور الفعال المفضي إلى شراكات موضوعية أورو متوسطية، تتضمن اقتراحات عملية تهم السلم والبيئة والاقتصاد والبعد الاجتماعي والهجرة والحكامة والهوية. ويبقى الشباب في قلب الاهتمامات من حيث التكوين والتعليم والتشغيل والاهتمام الثقافي والإنساني، انطلاقا من سياسات عمومية مندمجة تتجاوز "الفيافي والجبال والبحار والقفار" في إطار التشاركية والالتقائية والتكاملية. ولذلك، اقترح المغرب على المجموعة لقاء بالمغرب خاصا بالشباب بغية إيجاد حلول موضوعية وعملية للتحديات التي يعيشونها. وأشار وزير الشؤون الخارجية المغربي إلى أن هناك فرقا بين الدول الغربية والمغاربية في ما يتعلق بالاندماج الاقتصادي؛ فالأول يقدر نسبته بحوالي 70 في المئة، أما الثاني فلا يتجاوز 5 في المئة. لذلك، اقترح المرجع نفسه تبني مقاربة متجددة، قوية، مندمجة ومستدامة على مستوى التنمية وتطوير التبادل، والاهتمام بالاستثمار والتشغيل، مشيرا إلى النتائج السلبية التي تعيق الاندماج الاقتصادي للجنوب، وأهمها إغلاق الحدود. وهذه إشكالية كبيرة يجب أن تحل بالتعقل والحكمة، وليس بتقديس الذات كما هو شأن النظام الجزائري. وهذا طريق مسدود تؤدي نتائجه دول شمال إفريقيا، خاصة النظام الجزائري الذي لم يع بعد التحولات الجيو استراتيجية العالمية. وفي هذا الإطار، قدم المغرب المقاربة الملكية الإنسانية التضامنية لموضوع الهجرة التي انطلقت منذ سنة 2013. وقد تمت تسوية وضعية آلاف من الأجانب المقيمين بالمغرب، خاصة الاصدقاء الأفارقة. وهذا ما جعل الاتحاد الافريقي ينوه بالمملكة المغربية التي يقودها جلالة الملك حفظه الله في هذا المجال. وكلف المغرب من قبل إخوانه الأفارقة بتقديم تجربته في هذا المجال في اللقاء المقبل للاتحاد الإفريقي بعد مشاورات متعددة مع الدول الإفريقية. ويمكن استحضار تعاون المملكة مع الشركاء التقليديين فرنسا والمغرب. وللإشارة فقد تم اختيار المغرب لاحتضان مؤتمر حكومي دولي أممي ينظر في ملف الهجرة؛ وذلك في شهر دجنبر 2018 من أجل رسم معالم هجرة حقيقية ومنظمة ومنتظمة. ومن التحديات الكبرى التي ناقشها الملتقى كذلك انتشار التطرف والعنف والإرهاب، خاصة على المستوى المتوسطي الذي يشكل مشتلا للجماعات المتطرفة نظرا للوضع المزري الذي تتخبط فيه. وهي فرصة للتشاور والتحضير لملتقى دجنبر 2018، باعتباره محطة جهوية فاعلة يتوحد فيها المتوسطي الغربي.