قالت أسماء المرابط، رئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام، التابع للرابطة المحمدية للعلماء في المغرب، أمس الجمعة خلال مناقشة لكتاب "ميراث النساء"، إن "إعطاء حصة متساوية للمرأة في الإرث في عمق مقاصد الإسلام، وليس ضده". وأضافت في كلمتها في النقاش الذي نظمته الجامعة الدولية بالرباط في "معرض عبلة عبابو"، أنه يمكن حل مشكل الإرث "بإنشاء لجنة ملكية يتناقش فيها الكل، كما تم الأمر بالنسبة لمدونة الأسرة". وتحدثت المرابط عن الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أن "الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية"، ووصفته بالفصل الذي يعرف "ضبابا تشريعيا"، موضحة أن "الفصل 19 ربط مساواة المرأة بالإسلام الوسطي"، متسائلة: "عن أي إسلام وسطي نتحدث؟"، لتجيب: "لا أعرف". وأوردت المرابط أن موضوع إرث المرأة في الإسلام يستعمل بطريقة "تبريرية" تسببت في "إفراغه من معناه". وأضافت قائلة: "في السياق القَبَلي ما قبل الإسلام، كان يُحرم كل من ليست له القدرة على المحاربة، ورغم عدم مشاركة المرأة في أي من هذه الأنشطة، أعطاها الإسلام حقها في الإرث"، ونفت أن يكون ذلك مستمرا حتى اليوم بقولها: "هناك نساء يهتممن بأُسر بأكملها الآن، بينما إخوانهن عاطلون". وأضافت المتحدثة أن "عمق المشكل هو أن نفقة الرجل تساوي طاعة المرأة له"، واعتبرت أن هذا هو "عمق القراءة الأبوية للقوامة التي ترى الرجل متفوقا على المرأة، مما يبرر كل شيء آخر، بما فيه تعدد الرجل، بينما القوامة في الأصل ليست إلا رعاية اقتصادية". واسترسلت الطبيبة المغربية في حديثها عن القراءات السابقة للإرث موضحة أن الرجوع إلى العمق الأخلاقي للإسلام ومقاصده، "يجب أن يبطل التعصيب كقانون تمييزي ضد المرأة"، موردة أن آية "وللنساء نصيب مفروض" قاعدة للمساواة "أغفلتها القراءات الأبوية". ووسمت الكاتبة المغربية النقاش حول الإرث بالمغرب ب"النخبوي"، مضيفة أن "وجود مقاومة للناس حول هذا الموضوع، ترجع إلى كوننا لم نعطهم بديلا أو قراءة أخرى". وعبرت المرابط عن أملها في إمكانية تغير الوضع قائلة: "رغم أننا أقلية، لدي أمل"، ووضعت رهانها على التعليم والنظام التعليمي لأنه "لا يمكن أن نستمر بهذا الجهل الذي يفرض علينا قدسية إلهية، ويتحدث باسم الله ولو لم يكن الأمر إلهيا". وفي السياق نفسه، قالت سهام بنشقرون، طبيبة وكاتبة، إن الأمر الذي دفعها إلى التساؤل حول المساواة عندما كانت طفلة هو كون "المستوى الاجتماعي للمرأة يرجع إلى طبيعة أعضائها الإنتاجية، فولادتها كامرأة يعني أنها ليست لديها الحقوق نفسها كالرجل"، وأضافت أن عمق المشكل يكمن في الإجابة على تساؤلات الأطفال حول هذه المواضيع؛ ف"عندما لم أفهم كطفلة لِمَ وضعيتي ليست مبنية على ما أحققه، بل على طبيعتي البيولوجية، كان الجواب بأن معاملة الفتاة ليست هي معاملة الذكور". وقارنت بنشقرون تبرير التمييز بين المرأة والرجل بالطبيعة البيولوجية ب"العنصرية بين الأشخاص التي كانت تنبني على الفكرة التمييزية نفسها". وأضافت في مداخلتها حول موضوع اللقاء أن "موضوع الإرث يتجاوز الإرث نفسه، وحقوق المرأة، وتقسيم الثروة، ويطرح فكرة هل ننظم مجتمعنا ومشروعنا المجتمعي على فكرة المواطنة؟". ووصفت الكاتبة المغربية اعتناء الرجل بالمرأة ب"الأسطورة"، و"الإنكار للواقع"، واستعرضت حالاتٍ يعتمد فيها الآباء على مدخول بناتهن، وحالات تمول فيها النساء دراسة إخوانهن، كما ذكرت حالات "يعتمد فيها الأخ الأكبر على أخته في مصاريف قهوته وخمره". وأوردت بنشقرون أن "السؤال الذي يطرح نفسه في مواجهة عدم المساواة هو: إذا لم يكن الرجال مستعدين للتنازل عن امتيازاتهم، فهل النساء مستعدات للمطالبة بحقوقهن؟"، مضيفة أنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة "بدون حوار مع الناس، وفهم من أين أتوا؟ والتجارب التي مروا بها، ودون الابتعاد عن كبرياء المثقفين". أما محمد موقت، أستاذ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فقال إن سؤال الإرث "هو سؤال المرأة في الحقيقة"، وأضاف أنه "ليس هناك الإرث فقط في موضوع الإرث، بل أيضا سؤال علاقة السياسي بالديني، وسؤال إلى أي حد يمكن المساواة بين الرجل والمرأة؟"، وربط هذين السؤالين ب"سؤال الحداثة، وكيف نكون حديثين؟". وتحدث أستاذ العلوم السياسية عن الإصلاح الديني، ووصفه بأنه "يصل إلى حدود ويقف". وأرجع "سبب الوقوف" هذا إلى "تهديدات مثل حكم الردة"، وأعطى مثالا بعلال الفاسي وما لقيه من ردود بعد تصريحه بموقفه المعارض لتعدد الزوجات. ووصف مُوقت سلوك المغاربة ب"النفاق"؛ لأن "المغاربة يرفضون الإصلاح، ولكن يمكن أن يقبلوه فيما بعد، كما حدث مع مدونة الأسرة". بينما أشاد باحتجاجات النساء السلاليات "ضد العرف الذي فضل دائما الرجل، فالنسوة أخذن الكلمة، واحتججن ضد إقصائهن". تجدر الإشارة إلى أن هذه الجلسة النقاشية تناولت كتاب "ميراث النساء" الذي صدر بثلاث لغات، وشاركت فيها 12 متخصصة، و11 متخصصا، تناولوا موضوع الإرث من مرجعيات دينية، وسياسية-قانونية، واجتماعية. *صحافي متدرب