إنفانتينو: مونديال 2030 سيكون احتفالاً يوحّد العالم    ملعب طنجة الكبير خضع لإعادة تهيئة شاملة ليستجيب لدفتر تحملات "فيفا 2030" (مهندس معماري)    رامي عياش يسترجع ذكريات إعادة "صوت الحسن" وصداها العربي الكبير    ترامب: أعتقد أننا على وشك التوصل إلى اتفاق ما بشأن غزة    مباحثات مغربية إماراتية لتعزيز التعاون الأمني    مبيعات الإسمنت بالمغرب تقفز بأكثر من 10% في نهاية غشت 2025.    "الكاف" يؤجل إطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    ساركوزي بعد حكم بسجنه خمس سنوات: "سأنام في السجن ورأسي مرفوع"    الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    تأجيل إطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر "كان المغرب"    "فيفا" يكشف عن التمائم الرسمية لكأس العالم 2026    أسطول الصمود يرفض عرض لإسرائيل    بنيويورك، وزراء خارجية تحالف دول الساحل يشيدون بالمبادرة الأطلسية لجلالة الملك    في سياق اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، الحكومة الأمريكية تعلن أنها تشجع الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية                    بني ملال: توقيف شرطيين للاشتباه في تورطهما في قضية ابتزاز ورشوة            "مازي" يتراجع في بورصة الدار البيضاء    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر    انطلاق المرحلة الأولى لبيع تذاكر "كان المغرب 2025"    ميكرونيزيا تؤكد أن الصحراء كانت على الدوام جزءا لا يتجزأ من تراب المغرب    البيضاء على وشك ثورة في مجال النقل بعد قطارات القرب    زيدان يدعو إلى دعم المقاولات السياحية الصغرى وتطوير منتجات خضراء تنافسية        700 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة وفقا لجيش الاحتلال    مئوية بي بي كينغ… صوت الجموع الخاص    وسط تحذيرات من هجوم وشيك.. مشارك مغربي في "أسطول الصمود" يطالب وزارة الخارجية بالتدخل    وزير الخارجية الكيني: المبادرة المغربية للحكم الذاتي "تمهد الطريق" نحو تسوية قضية الصحراء    حكيمي يكسر صمته: "تهمة الاغتصاب أقوى شيء حدث لي.. لقد شوهوا صورتي واسمي"    خشية الاعتقال.. طائرة نتانياهو تتجنب أجواء دول أوروبية في رحلتها الى الولايات المتحدة    تراجع تزويج القاصرات ب65%.. ائتلاف يطالب بالإلغاء الكلي ويحذر من استمرار "زواج الفاتحة"    الذهب يرتفع وسط إقبال على الملاذ الآمن وترقب بيانات أمريكية    بيان حقيقة: ولاية أمن مراكش تنفي مزاعم منسوبة لعناصر الأمن الوطني بمطار مراكش المنارة تم نقلها على لسان مواطنة أجنبية    تنديد بفض وقفة احتجاجية لساكنة "كيش لوداية" بالقوة ومطالب بسراح الموقوفين وإنصاف المتضررين    "محطات الوقود" تقاطع بنعلي وتتهم الوزارة بالتغاضي عن العشوائية    طقس الخميس.. زخات رعدية فوق الريف وانخفاض في درجات الحرارة شمال المملكة    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لإبراز رؤية المغرب (أخنوش)    حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة        نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد    دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة الجديدة..بلا أفكار جديدة..
نشر في هسبريس يوم 06 - 01 - 2012

والمطلوب ..مواجهة مباشرة بين القصر والعدالة والتنمية..
كما كان متوقعا، استمر اللغط حول ادعاءات ب"خرق الدستور"، حتى بعد تعيين الحكومة، حيث أطلت بعض الأقلام والأصوات بتخريجات جديدة، تؤكد استمرار مسلسل العبث الذي خلاصته الوحيدة، أن الدستور تحول إلى خرقة بالية لا تملك أية قيمة فعلية أو رمزية..فالمؤسسة الملكية خرقت الدستور، والسلطة التشريعية كذلك، وعلى نفس النهج سارت السلطة التنفيذية، بما أن بعض "المجتهدين" أفتوا بأنه لا يجوز دستوريا تبادل السلط بين السابقين واللاحقين من الوزراء إلى حين حصول الحكومة الجديدة على ثقة مجلس النواب...
ولا ندري أي وضع توجد فيه مؤسساتنا، إذا كان انتخاب رئيس مجلس النواب غير دستوري، وإذا كان استلام الوزراء حقائبهم غير دستوري كذلك..وقس على ذلك..
وكما كان متوقعا أيضا، لم تجد "المعارضة الجديدة" مدخلا لممارسة المعارضة، سوى بعض "الهوامش" التي تكشف حالة الهشاشة التي أصبح عليها العمل السياسي في المغرب، وخاصة تحت قبة البرلمان بغرفتيه، منذ أن غزته "الكائنات الانتخابية" التي تنافس مقاطعها المنشورة عبر مواقع الأنترنيت أكثر "مقالب" الكاميرا الخفية إثارة للضحك والسخرية.
ومن هذه "الهوامش"، مسألة تحجيم حضور المرأة في الحكومة.
لقد حاول البعض -وبسرعة قياسية- إلصاق تبعات هذه "الجريمة" بحزب العدالة والتنمية، مع أن الوزيرة الوحيدة في الحكومة محسوبة عليه، بينما الأحزاب الأخرى أكلت حق النساء في ما آل إليها من حقائب..دون أن يحاسبها أحد، بما فيها الحزب الذي كان وراء "خطة إدماج المرأة في التنمية"..
وقد بلغ الإسفاف بالبعض حد اعتبار وقوف السيدة بسيمة الحقاوي في الصف الثاني خلال التقاط الصورة الرسمية للحكومة بعد تعيينها، "إهانة" إضافية لها شخصياً، وللمرأة المغربية ككل، في الوقت الذي نعلم فيه أنه لو تم احترام الترتيب البروتوكولي بدقة لكانت السيدة الوزيرة في الصف الثالث بما أن ترتيبها هو 21، كما هو منصوص عليه في اللائحة الرسمية..
ويبدو أن الأمر اختلط على البعض، فاعتقدوا أن هذا النوع من الصور لا يخضع لأية مقاييس، وأنه لا فرق بين فريق حكومي وفريق رياضي عند أخذ صورة تذكارية مع ملك البلاد.
لكن هذا "الإسفاف"، يدفع إلى إثارة موضوع المشاركة السياسية للمرأة، بشكل أكثر صراحة وجدية.
فإذا كان عاديا أن تعمد بورصة القيم بين الحين والآخر لتصحيح أسعار الأسهم، فإن بورصة السياسة تلجأ هي الأخرى إلى نفس التقنية، ليس فقط لإظهار كل هيئة سياسية في حجمها الطبيعي، بل أيضا للفرز بين مكونات المجتمع وتحديد التراتبية التي يفرضها منطق الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
ولعل سبب تبخر الأحلام الكبرى للمرأة المغربية، أنها اعتمدت على "الكوطا"، بدل أن تناضل وتستعمل الأظافر والأنياب من أجل الحصول على موقع متقدم في المؤسسة التشريعية، ومنها إلى الحكومة.
لقد رأينا كيف أن الحرب استعرت بمجرد ما شعر "حريم الأحزاب" بتهديد مكاسبه عبر دمج الشباب مع المرأة في "كوطا واحدة"، بينما يدرك الجميع أن هذا الإجراء لا علاقة له بالديموقراطية من قريب ولا من بعيد، بل هو مجرد تضليل وإيهام بأن المرأة المغربية أصبحت فاعلا سياسياً حاضرا بقوة في المؤسسات، وهو ما ترجمته بعض التقويمات الدولية التي جعلت المغرب في مرتبة متقدمة على الصعيد العربي في ما يتعلق بمشاركة المرأة، بناء على "التمييز الإيجابي" وليس على تغيير فعلي في الثقافة "الذكورية" للمجتمع.
هذا الإجراء الذي قيل في البداية إنه مؤقت، تحول إلى "حق مكتسب"، جنى في النهاية على المرأة المغربية، التي أصبح السبيل الوحيد أمامها لدخول البرلمان والمجالس المحلية هو الانحشار في"الكوطا"، لأنها لا تستطيع أن تقاتل من أجل المقعد..خاصة بعدما استغلت الأحزاب اللوائح الوطنية للارتقاء الاجتماعي فقط بالمحظوظات والمقربات، بدل تكون وسيلة لإحداث خرق في الحصار المضروب على الكفاءات النسوية في المغرب.
وها هي نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ما تزال ماثلة أمامنا، فهناك جيش عرمرم من الناجحات، يستحيل بكل المقاييس أن يلجن مجلس النواب عبر المسارات والممرات الطبيعية، وعبر مواجهة امتحان الاقتراع العام والمباشر، وهذا هو الذي جعل المرأة المغربية تخسر كثيرا، في مقابل الربح الشخصي الذي حققته بعض المحظوظات من "حريم الأحزاب"..ولا داعي هنا لذكر أسماء تحتل اليوم مقاعد في المؤسسة التشريعية، لا يمكنها أن تحصل حتى على أصوات قرابتها المقربة..
فهل حزب العدالة والتنمية هو المسؤول عن هذه الإخفاقات؟
الأكيد أن الذين جنوا فعلا على المرأة المغربية، هم أولئك الذين حاولوا استعجال جني ثمار "العهد الجديد" مبكرا، بدل تركها تنضج بطريقة طبيعية، وأظن أن الذين يحتجون اليوم على وجود وزيرة واحدة في الحكومة، عليهم أن يتوقعوا ما هو أسوأ في حالة ما إذا تم التخلي عن "الكوطا" في المستقبل، خاصة وأن الناجحات اعتدن الكسل والنجاح دون بذل أي مجهود يذكر، ومن لم "يحالفهن الحظ"، يستجمعن قواهن للنضال من أجل الحصول على موقع متقدم في اللائحة في المرة القادمة، فقط ليس إلا..أما اللواتي لا أمل لهن في "الكوطا" فما عليهن سوى التفرج من بعيد، مهما كانت مؤهلاتهن وقدراتهن..
وحبذا لو أن الذين تباكوا على موقع المرأة في الحكومة، أطلعونا على المواقع التي تحتلها نفس المرأة في أحزابهم وجمعياتهم...وكل منتدياتهم..
إن الإشكال أكبر بكثير وأخطر من مجرد اختزاله في عدد الوزيرات والنائبات والمديرات والسفيرات..
أما النقطة الثانية التي أريد التوقف عندها، في إطار معارضة "السفاسف" دائماً، فتتمثل في الحمولة التي ألقيت على ظهر حزب العدالة والتنمية وعلى عاتق رئيس الحكومة تحديداً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة.
بمنطق السياسة والتحليل الموضوعي، نحن أمام حزب كان مهدداً بالحل في أية لحظة، بل إن مداد بلاغات الحكومة السابقة، وداخليتها.. بما تضمنته من وعيد وتهديد صريحين، لم يجف بعد.
وبنفس هذا المنطق، ما الذي كان منتظرا من حزب هذا وضعه، غير الذي تحقق على أرض الواقع في النهاية، وهو انتصار بين للحزب على مناوئيه؟
فبغض النظر عن القراءات الموتورة لما جرى خلال المشاورات الماراطونية التي سبقت وواكبت تشكيل الحكومة، يلاحظ أن الحزب نجح في فرض مرشحه لرئاسة الحكومة، وبعده وزراءه العشرة، رغم ما راج من تحفظات حول وزير العدل... سرعان ما سحبت..كما أنه لم "يصبغ" وافداً جديدا بألوانه في آخر لحظة، لتسهيل دخوله إلى الحكومة، كما كان يحدث دائما..ومع جميع الأحزاب، ولم يتخط أحد من مناضليه الصفوف ليقفز إلى الواجهة كما اعتدنا في التشكيلات الحكومية السابقة..بل لم يسجل غضب أو تهديد بانشقاق من أي مناضل، لأن المنهجية الديموقراطية حسمت كل شيء، وهذا ما ينبغي أن يسجل لحزب العدالة والتنمية لأنه لم "يدخ" تحت تأثير نشوة "الاكتساح"..عكس السيد مزوار الذي بدأ يتصرف فعلاً كرئيس حكومة، حتى قبل أن يضمن مقعده البرلماني في مكناس..
ولنا أن نتصور لو أن السيناريو الذي كان مرسوما قبل 25 نوفمبر نجح، وتشكل ائتلاف حكومي من أي نوع، هل هناك حزب واحد -بما في ذلك الاستقلال والاتحاد الاشتراكي- قادر على تحديد هوية رئيس الحكومة، دون الاسترشاد بالتوجيهات والتعليمات والإيحاءات؟
بل لو نجح مشروع "جي 8"، هل كانت هناك قوة قادرة على منع التيكنوقراط (المرقطين) من غزو المواقع الحكومية تحت ألوان أي الأحزاب الثمانية، دون أن يجرأ أحد على مجرد التأفف؟
من هذه الزاوية فقط ينبغي النظر إلى أول تجربة حكومية لحزب العدالة والتنمية، إذا كان الهدف هو التقويم العلمي الموضوعي، أما إذا كانت الغاية هي التحامل المجاني والمبدئي، فأظن أنه علينا فقط أن نتصور الوضع الذي كانت الأحزاب القديمة والجديدة ستجد نفسها فيه، لو أنه طلب منها "التفاوض" مع القصر لتحديد ملامح الحكومة الجديدة، وحجم الانحناء والانبطاح الذي كنا سنشاهده، ومشاهد الزحف على البطون التي أوصلت المغرب إلى أعلى معدلات التملق وأسوإ المراتب في مجال التتنمية البشرية والشفافية والديموقراطية.
لقد كتبت قبل بضعة أسابيع في هذه الزاوية المتواضعة، أن المشكلة الحقيقية في المغرب تكمن في تعدد الشرعيات، ولهذا عايشنا وضعا نشازا خلال الشهر الأخير تحديداً، عندما كان البعض يطالب حزب العدالة والتنمية ب"تنزيل الدستور" عبر الدخول في مواجهة مع القصر، تحت عنوان "تقاسم السلطة"، والحال أن هذا التعبير لا مكان له في الدول الديموقراطية، لأن السلطة الفعلية بيد الشعب، وباقي المؤسسات لها فقط دور وظيفي محدد في الزمان والمكان.
لم يكن مطلوبا من حزب العدالة والتنمية في المرحلة الراهنة أكثر مما حققه، وسيكون من الهرطقة محاسبته مثلاً على "التفريط" في وزارات السيادة التي فقدت هذه الصفة نظرياً في الدستور الجديد.
فالحزب أعطى إشارات مشجعة للمستقبل، بمعنى أنه لو حصل على الأغلبية المطلقة في انتخابات تشريعية قادمة، سيدير "المفاوضات" من موقع أكثر قوة -عكس ما عليه الحال اليوم حيث علينا ألا ننسى أنه مقيد بتحالف حكومي هجين-..ودون أن يعني ذلك الدخول الحتمي في مواجهة صريحة مع المؤسسة الملكية حول حدود الاختصاصات والصلاحيات..
وأظن أن الأوان قد حان للاقتناع بأن المهم والأهم هو خدمة الوطن والمواطن، وأن منطق "أنا أو لا أحد" لم يعد له مكان في ظل الربيع العربي الذي ما تزال نيرانه مستعرة تحت الرماد..وأن الرهان على صدام جديد بين المؤسسة الملكية والتيار السياسي الأكثر تمثيلية في الوقت الراهن، لن يؤدي بالضرورة إلى تكرار سيناريو صراع القصر مع اليسار وجزء من الحركة الوطنية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي..بل على مهندسي المرحلة الانتباه جيدا إلى المتغيرات التي عرفها ويعرفها المغرب والعالم العربي..حيث لا مجال لتكرار تزمامارت ولا ل"شهداء كوميرة"...ولا لتقسيمات من قبيل "من مع الملك ومن ضد الملك"..
ويكفي هنا أن أذكر بما قاله القيادي التجمعي رشيد الطالبي في ضيافة مولاي مصطفى عندما أكد أن حزب العدالة ضد المشروع الملكي..فهل نقول اليوم إن الأغلبية التي منحت هذا الحزب المتربة الأولى هي أيضا ضد المشروع الملكي؟
*رئيس تحرير جريدة "أصداء"
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.